مقاربات بين ضربة كلينتون مصنع الشفاء السوداني في 1998 وضربة ترامب قاعدة الشعيرات السورية في 2017 ؟

ثروت قاسم

1- التاريخ يعيد نفسه .

في يوم قال ماركس ( التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة ، وفي الثانية كمهزلة ) .

دعنا نرى في اي صورة اعاد التاريخ نفسه مع المآسي والمهازل التي يرتكبها النظام الامريكي في حق الشعوب ، بداية من اباداته الجماعية للهنود الحمر ، وقنبلته الذرية في اليابان ، وحرقه بالنابالم لشعوب كوريا وفيتنام ، وقتله لاكثر من مليوني افغاني وعراقي ، وتدخله الحالي لتصفية القضية الفلسطيني

ة .

نحاول في النقاط التالية عقد بعض البعض من المقاربات بين ضربة كلينتون مصنع الشفاء السوداني في 1998 وضربة ترامب قاعدة الشعيرات السورية 2017 ؟
اولاً :
في عام 1998 هزت فضيحة مونيكا لوينسكي (Monicagate) امريكا ومعها العالم .

حدد مجلس النواب الامريكي يوم السبت 19 ديسمبر 1998 لمحاكمة الرئيس كلينتون بتهمة الكذب (عرقلة سير العدالة وشهادة الزور) ، وليس ممارسة الجنس عن طريق الفم مع المتدربة في البيت الابيض وقتها مونيكا لوينسكي . صار الرئيس كلينتون من ( الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت ، وضاقت عليهم انفسهم … ) حسب ما جاءت به الآية 118 في سورة التوبة .

فكر الرئيس كلينتون في الخروج من ازمته الداخلية الخانقة قبل يوم محاكمته

Impeachment

في يوم السبت 19 ديسمبر 1998 ، بإفتعال ازمة خارجية ، تُلهى الناس ، وتنسيهم (Monicagate) . وكما جاء في رواية جورج اورويل الاشهر ( 1984 ) قرر كلينتون خلق عدو خارجي ليستنفر الشعب الامريكي ضد العدو الخارجي ، ويبعد الرياح الصرصر من امام بابه .

لم يجد كلينتون وقتها كعدو خارجي غير الرئيس البشير والملا عمر زعيم طالبان .

ثانياً :

في يوم الخميس 6 اغسطس 1998 ، سحب كلينتون سفيره المعتمد في الخرطوم تيم كارني ، تمهيداً لضربة مصنع الشفاء .

في هذا السياق ، لا يزال الموقع شاغراً 19 سنة بعد الحدث ، بسبب سياسات نظام البشير الارهابية والابادية ضد شعبه .

في يوم الخميس 20 اغسطس 1998 ، قصف كلينتون مصنع الشفاء للادوية في الخرطوم ، بصواريخ كروز توماهوك ، التي تم إطلاقها من بارجة في البحر الاحمر ، وهي نفس الصواريخ التي اطلقها ترامب من بارجتين حربيتين في البحر الابيض المتوسط ضد قاعدة الشعيرات العسكرية السورية فجر الجمعة 7 ابريل 2017 . برر كلينتون قصفه لمصنع الشفاء ، ضمن تبريرات اخرى ، بتورط المصنع في تصنيع غاز الاعصاب الكيماوي :

VX

تماماً كما برر ترامب قصفه لقاعدة الشعيرات ، بإستعمال النظام السوري غاز الاعصاب الكيماوي ضد الشعب السوري .

ثالثاً :

بعد ضربة مصنع الشفاء في اغسطس 1998 ، قال الرئيس بوش الابن للرئيس البشير :

إما أن تكون معنا او مع الإرهاب.

انبرش الرئيس البشير ارضاً ، وارسل صلاح قوش في طائرة خاصة تابعة لوكالة الاستخبارات الامريكية ، وهو يتأبط ملفات جميع الاسلاميين الذين إستجاروا بالسودان ، ومثلهم معهم كثيرين آخرين .

في هذا السياق ، قالت جنداي فريزر ، مساعد وزير الخارجية الامريكية وقتها :

صلاح قوش هو رجل أمريكا فى السودان .

ورغم الإنبراشة البشيرية ، وتوصية وكالة الاستخبارات الامريكية الغليظة برفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب ، كانت اللوبيات الامريكية هي الاقوى والاعلى صوتاً ، وإستمر سودان البشير على القائمة الامريكية الإرهابية إلى يوم الدين هذا … بسبب سجله الأسود ؟

في المقابل ، لم ينبرش الملأ عمر زعيم الطالبان امام الرئيس بوش الابن كما إنبرش الرئيس البشير ، فكانت الضربات الامريكية المتتالية ضد افغانستان … وكانت النتيجة غزوة ناين الفن في عام 2001 ، وما تعرف ، يا حبيب من توابع يشيب لها الولدان ، إن في العراق ، أو ليبيا أو سوريا ، أو في اليمن ؟

رابعاً :

كما الرئيس كلينتون في عام 1998 ، احاطت المشاكل بالرئيس ترامب من كل جانب ، ولم ينهي ال 100 يوم الاولى من ولايته .

قلتم آنى هذا ؟ قل هو من عند ترامب .

طالب كثيرون بمحاكمة

Impeachment

ترامب بواسطة الكونغرس الامريكي ، لانتهاكاته المتكررة للدستور الامريكي .

كما كلينتون قبله ، صار ترامب من ( الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت ، وضاقت عليهم انفسهم … ) حسب ما جاءت به الآية 118 في سورة التوبة .

كما كلينتون قبله ، فكر ترامب في التحرك الخارجي حسب نظرية اورويل 1984 ، للهروب من الضغوط الداخلية المتزايدة ، التي ربما قادت إلى

Impeachment

محاكمته بواسطة الكونغرس ، كما ينادي كثير من اهل النظر في امريكا وخارجها .

اتهمت الوسائط الاعلامية ترامب وحاشيته بالتواطؤ مع روسيا للتأثير في الانتخابات الامريكية الرئاسية 2016 لمصلحة ترامب ، وضد هيلاري كلينتون . طالب نواب في الكونغرس باجراء تحقيق بواسطة مدعي عام مستقل لتحديد المسؤولية . بدأ رجال ترامب في التساقط جراء ( روسياقيت ) ، ومنهم الجنرال مايك فلين ، مستشار الامن القومي السابق ، وتجري التحقيقات حالياً داخل بيت ترامب مع صهره زوج ابنته ايفانكا الصهيوني جارد كوشنر ، حول تورطه ، بمعرفة ومباركة ترامب ، مع الروس وضد المصالح الحيوية الامريكية .

يعرف ترامب ان روسيا متورطة في سوريا بكثافة ، وتدعم بشار الاسد عسكرياً ومالياً ودبلوماسياً . فكر ترامب ان سوريا ربما كانت طوق النجاة ، الذي ينقذه من ورطته الداخلية ، إذا اشتبك مع بشار الاسد ، ليظهر بأنه يواجه روسيا ، ويصطدم بسياساتها ووجودها المكثف في سوريا . وبالتالي يبعد عنه تهمة التواطؤ مع روسيا اثناء حملته الرئاسية الانتخابية .

يحتاج ترامب لمبرر قوي ليتدخل ضد روسيا في سوريا .

اعطى بشار الاسد هذه المبرر لترامب بقصفه خان شيخون بالاسلحة الكيماوية يوم الثلاثاء 4 ابريل 2017 . لا يهتم ترامب بالاطفال السوريين الذين ماتوا في القصف الكيماوي ، وإلا لما اصدر امراً تنفيذياً بحظر دخولهم إلى الولايات المتحدة .

ولكن ترامب استغل ، لمآربه الخاصة ، القصف الكيماوي السوري لخان شيخون ، وامر بالضربة الصاروخية لقاعدة الشعيرات العسكرية الجوية فجر الجمعة 7 ابريل 2017 .

دمرت 59 من صواريخ توماهوك المنطلقة من بارجتين امريكيتين في البحر الابيض المتوسط مدرج مطار الشعيرات العسكري السوري ، ومستودعات للوقود ، وقتلت 12 من العسكريين والمدنيين ، بينهم خمسة اطفال ، من الذين يتباكى عليهم ترامب بدموع التماسيح .

نعم … رغبة ترامب نفي الاتهام بتواطؤه مع روسيا وإنسياقه وراء رئيسها بوتين ، كان السبب الاساسي في الضربة الصاروخية لمطار الشعيرات السوري . اراد ترامب ان يؤكد للجميع ، خصوصاً في الكونغرس الامريكي حيث تجري مشاورات حول محاكمته بسبب علاقاته المشبوهة مع بوتين ، إنه في مواجهة مع بوتين ، ويضرب مصالحه في سوريا .

وهكذا لعبة الامم كما شرحها

Miles Copeland

في كتابه الاشهر الذي صدر عام 1969 .

وبعد … هل نجحنا فن ان نبرهن ان التاريخ يعيد نفسه ، وإن ضربة مطار الشعيرات السوري ، كما ضربة مصنع الشفاء السوداني ، محاولة للهروب من المأزق الداخلي بتجسيد اورويل 1984 ، والعدو الخارجي المزعوم ؟

2- صواريخ توما هوك ؟

تم استعمال صاروخ التوماهوك في ضربة مصنع الشفاء في اغسطس عام 1998 وفي ضربة مطار الشعيرات في ابريل 2017 ، فما هو هذا الصاروخ العجيب ؟

يزن الصاروخ 1315 كيلوجرام ، وطوله 5 امتار و56 سنتمتر ، ومداه يتجاوز الفين كيلومتر من البحر حيث يتم اطلاقه الى هدفه في الارض . ويطير الصاروخ بسرعة 880 كيلومتر في الساعة ، على ارتفاعات واطية لتجنب رصده برادارات العدو ، وتدميره .

وقد تم استعماله لاول مرة في حرب الخليج الاولى في عام 1991 . سعره حوالي مليونان دولار .

Facebook page :

file:///C:/Users/hp/Desktop/1SkpgUir.htm

Email:

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *