حقوق الإنسان بين الاستدامة والاستثناء

بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الإنسان بين الاستدامة والاستثناء
علي أبو زيد علي

اكتسبت الدورة (11) لمجلس حقوق الإنسان بجنيف أهمية كبيرة لما احتوت عليه في أجندتها المطروحة بأوضاع حقوق الإنسان في السودان وهو الموضوع الذي ظل يطرح أمام المجلس بصورة راتبة منذ تطور اللجنة الدولية لحقوق الإنسان التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة إلى مجلس باختصاصات وسلطات يجد الاهتمام من كل دول العالم ويتم استعراض مواقف حقوق الإنسان في عدد من الدول التي يرى المراقبون أنها تمارس ممارسات ضد حقوق الإنسان .
اكتسب السودان وضعاً مأزوماً في مجلس حقوق الإنسان بجنيف من خلال تدخلات مجلس الأمن الدولي في تدويل قضية دارفور وتمت إحالة عدد من الموضوعات إلى المجلس واللجان المتخصصة مثل موضوعات انتهاكات الإنسان في السودان وفي دارفور بصورة خاصة وموضوعات الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية.
فيما يتعلق بمجلس حقوق الإنسان فقد أقدم المجلس على تعيين مقرر خاص وموفد خاص من الأمين العام للأمم المتحدة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المأزومة في السودان وخاصة دارفور والأقاليم الجنوبية وامتدت التقارير التي يقوم بها المقرر الخاص من خلال المعلومات التي يجمعها من بعض المنظمات الدولية العاملة في السودان والمنظمات السودانية بالخارج وبعض المنظمات الوطنية وفروعها ومن خلال التعاون الوثيق مع منظمات دولية لها صيت وخبرات واسعة في مجالات حقوق الإنسان في العالم مثل منظمة هيومن رايت ووتش وأخرى لها وسائلها في الرصد وتقديم التقارير مثل مركز القاهرة لحقوق الإنسان .
ظل موقف حقوق الإنسان في السودان إحدى الأجندات الثابتة في اجتماعات المجلس الدورية والاجتماعات التمهيدية حيث يتم تقديم التقارير التي تشير إلى تردي الأوضاع في هذه الفترة أيضاً تم تعيين ستة مقررين خاصين لرفع التقارير للمجلس عن الأوضاع الإنسانية في ولايات دارفور وتم إنهاء ولايتهم في مطلع العام 2008م وتم الإبقاء على المقرر الخاص سيما سمر.
تجاوبت الأجهزة السودانية المختصة مع مبعوثي المجلس وقدمت الدفوعات التي تؤكد عدم صحة بعض المعلومات وأن التقارير المرفوعة للمجلس بشأن أوضاع حقوق الإنسان تقارير سياسية وبعيدة عن التخصص والمهنية وهي تصب في اتجاه الاستهداف والحصار للسودان.
وتعاونت الأجهزة في مجالات حقوق الإنسان في السودان نتيجة الحوارات مع مبعوثي مجلس حقوق الإنسان في السودان وقامت بإنجاز عدد من المشروعات التي تحقق التقدم في مجالات حقوق الإنسان مثل الدورات التدريبية للأجهزة الأمنية والعدلية والمنظمات الوطنية في موضوعات حقوق الإنسان والقانون الدولي والتي نفذها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والقانون الدولي التابع لوزارة العدل.
أيضاً توجه السودان نحو التشريعات وتعديلها واستحداثها لتحسين حالات حقوق الإنسان وتنميتها على المستوى الاتحادي والولائي فقد قامت الأجهزة التشريعية بصياغة عدد من القوانين وإجازة عدد من مشروعات القوانين في مجالات الحريات العامة وحرية الصحافة وحرية التجمع وتكوين الأحزاب السياسية وحرية التعبير والإيفاء بتكوين مفوضية حقوق الإنسان التي نصت عليها اتفاقية سلام الشمال والجنوب بنيفاشا .
إن الجهد الذي تم بذله على المستوى الرسمي والأهلي لترقية حقوق الإنسان والتي ظهرت بصورة جلية في المحاكمات التي تمت في دارفور وطالت عدد من منسوبي القوات النظامية والأجهزة الأمنية والإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها رغم ظروف الحرب الدائرة في تلك المنطقة هذه المجهودات أثمرت فيما بعد إلى إنهاء مهمة وولاية المقررين الستة في نهاية العام الماضي والإبقاء على الموفد الخاص لحقوق الإنسان بالسودان سيما سمر .
وباعتراف واضح من المقررين والموفد بتقدم وتحسن حالة حقوق الإنسان في السودان ونتاج للجهد الكبير الذي بذلته الأجهزة التابعة لوزارة العدل في إيصال الانجازات الكبيرة التي تمت خلال الفترة الماضية تم تمديد مهمة المبعوث الخاص سيما سمر لمدة ستة أشهر لإنهاء ولايتها على السودان.
كان من المقرر إخراج السودان من دائرة الخصوصية لمجلس حقوق الإنسان في دورة المجلس والذي انعقد في الفترة من 12 – 24 يونيو الماضي وقد حشدت الأجهزة الرسمية والبعثة السودانية والمنظمات الطوعية كل طاقاتها لإنهاء الحال الاستثنائية التي لازمت السودان طيلة الستة سنوات الماضية والعودة إلى المؤسسات والأجهزة الداخلية الوطنية والأممية لمراقبة حقوق الإنسان وتم إبداع المقترح للمجلس بدعم قوى من المجموعة الأفريقية والعربية والإسلامية غير أن المجموعة الأوروبية رأت الإبقاء على ” الخصوصية ” باستبدال المقرر الخاص بالخبير المستقل في مجالات حقوق الإنسان ورغم أن الحكومة أعلنت على لسان وكيل وزارة العدل رفضها للخبير المستقل المبعوث من المجلس والذي تم تعيينه تحت البند العاشر من ميثاق الأمم المتحدة بدلاً من المبعوث سيما سمر والمقررين الستة والتي كانت تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة يعتبر انتصاراً وتقدماً يحيط بالمواطنين السودانيين في مجالات حقوق الإنسان والتوافق مع المجتمع الدولي في القانون الإنساني الدولي .
ولله الحمد ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *