لا تستفزوا دارفور أكثر من هذا و إلا لقام إستفتاء في العاصمة نفسها

بسم الله الرحمن الرحيم

  لا تستفزوا دارفور أكثر من هذا و إلا لقام إستفتاء في العاصمة نفسها!!!

      اً قليلة معدودة هي التي تفصل بيننا والإستفتاء الذي سيقود إلي قيام دولة جديدة في جنوب السودان و رغم أنني لا أود للجنوب أن ينفصل إلا أنني كذلك لا أخفي فرحي و سروري بما أسميه تحرير أرض الجنوب و إنسانه من قبضة العصبة الشمالية التي ساقت الجنوب نحو هذا المصير بسياساتها العنصرية الإستعلائية تارة بإسم العروبة و تارة بإسم الإسلام الذي نحمد الله أننا لم نتلقاه منهم.
       كما أنني لا أخفي إعجابي الشديد بما أسفر عنه إلحاح الإخوة في الجنوب و إصرارهم على فرض الحل الذي يرونه مناسباً لتحقيق حلم الشعب الجنوبي في الإنعتاق و التحرر من ربقة العصابة الشمالية التي لا يعلم إلا الله ما جرموا في حق الشعب السوداني كافة و ما دعواتهم بالجهاد و القتال “في سبيل الله” إلا كمن يدعوا أبكم و أصم و لو كانوا صادقين في هذا لما إنتصرت على السودان كله ثلاثة قبائل  الدينكا و النوير و الشلك” و قبائل أخرى شاركتها في هذا الصراع الحق وبحكم نشأتي الإسلامية لطالما تساءلت عن سبب “خذلان الله للمؤمننين” و عندما تقدمت قليلاً في العمر, أدركت أن حربنا هذه إنما حرب خاسرة سيما و أن الحروب التي خاضها بعض الناس بإسم الإسلام  وهم كاذبون كلها أدت إلي خسائر و إنبطاحات وإنسحابات و أسر وهي غير خافية على أحد.
 نفصل الجنوب بعد ولكن بعض الذين يحسبون أنفسهم “عرباً” في بلادنا بدأو منذ الآن الحديث عن أن الإنفصال خير و أن الإنفصال لا يزيد السودان إلا “وضوحاً ” و أن البلاد ستتخلص من ملايين الذين “يشوهون” وجه البلد “العربي”  و أن الدستور و اللغة في البلاد سوف تتم معالجتها بحيث يكون “عربيا و إسلامياً” و هكذا بل هناك الذين يدعون لقيام مملكة “؟؟؟؟” العربية و إعادة أمجاد الآباء و الأجداد و الكثير من الأمور التي “تفقع المرارة” ولهؤلاء أقول هل جلستم في دار آبائكم و أجدادكم لتقيموا هذه الممالك ولتعيدوا هذه الأمجاد و تفعلون ما تريدون؟
 ثم أن غلاة العنصريين و الإقصائيين شكلوا لجنة للنظر في إسم جديد لبلاد السودان بعد التاسع من يناير يريدون أن يكون هذا الإسم   “معبرا” عن البلاد و لغتها و دينها و نقاء عناصرها و خلوها من السواد لا في الألوان فقط و لكن في الدماء و الأعراق!!! ونحن في دارفور في سبات عميق يتقاذف كرة حظنا السياسيون الإنتهازيون الذين يريدون قطف ثمار الثورة التي لم يقدموا لها شيئاً و بين السياسيين الآخرين الساعين لتكريس و إعلاء المصالح القبلية و العشائرية على مصالح أمة دارفور.
   ثم أنني و بحكم إنتمائي لمنطقة دارفور , فإن
هذه التجربة جداً مثيرة بالنسبة لي , أني لست من دعاة الإنفصال لإقليمي دارفور و لست من دعاة التفاوض لأنها كمن يفاوض لصاً لإسترداد ممتلكاته بعد دفع الفدية, لو كانت دارفور و شعوبها موحدة لسعى النظام القائم على البحث عن
السلام و لو بالتنازل عن السلطة!!!
  دني تجربة الإستفتاء هذه إيماناً و يقيناً و إصراراً على أن لا أيئس من رحمة الله في تحرير و إنقاذ شعبنا الذي يسكن أركان السودان الأربع في دارفور و شرق السودان ووسطه و شماله و جنوبه و شعبنا هذا الذي هو قوام الإقتصاد في السودان بمساهمته في الزراعة (كل المشاريع الزراعية لا قيمة لها في بلادنا لولا سواعد أهلي من دارفور) و في الصناعة و التجارة التي يسعى الإنقاذيون في التضييق علي أبناء شعبنا من دارفور تارة بالجبايات و الضرائب العالية و تارة بالمصادرة والمضايقات و إغراق السوق بالسلع الرخيصة التي يملك مفاتيحها أبناء شعبنا من دارفور وذلك لدفعهم  إلى الإفلاس!!! و كذلك نحن قوام الجيش و الشرطة التي عجزنا عن الإمساك برسن القيادة فيهما!! و نحن عمال البناء و الصنايعية و قوام قطاع النقل و الكثير من مناحي الحياة التي لا تستقيم بدوننا و مساهماتنا في إقتصاد
البلاد.
  ا و أريد أن تعي العصابة الحاكمة الأمور على حقيقتها ؛ مطالب الثوار و أهل الإقليم مطالب بسيطة لا تتعدي المشاركة في السلطة وإقتسام الثروة التي تجمع أغلبها بعرق الدارفوريين و إحقاق الحقوق و الأمن , إنها لحكومة فاشلة تلك التي يفر منها شعبها للإحتماء بالمتمرديين و دول الجوار و إنها لقيادة “خصية” تلك التي لا يتفقد فيها الرئيس معسكراً و احداً من معسكرات النزوح طيلة السبع سنوات الماضية , أقول أن لا يستفزوا دارفور أكثر من هذا و تحولو هذه المطالب التي يمكن تحقيقها إلى مطالب تتعداها لتطال الهوية و الإستفتاء و هي إن قامت فلن تقوم في دارفور فقط و لكنها ستكون إستفتائات كثيرة على ما سيتبقى من السودان بعد التاسع من يناير و لعلها ستبدأ بالعاصمة الخرطوم التي يتعدى أبناء شعبنا فيه أكثر من النصف و هي التي “صنعوها” منذ أن كانت تراباً و شجراً و جبالاً.
  أقول هذا و أوجه الدعوة لرؤساء و قيادي الحركات المسلحة و الإدارات الأهلية و الأعيان و الطلاب و أدعوهم أن يستشعرو ا الخطر و أن تقوم مقاربة جديدة و تحديد معالم و نقاط أساسية تنبني عليها أسس تخاطب فعلاً جذور و إشكالات الصراع مع المركز و هي الأرض و الحكم و الهوية بدل هذا الخطاب المبهم الذي يدور من خمسة أعوام و ما يزال لغياب الأجندة الواضحة و اللف والدوران في مسائل هي مصيرية تعود بنا إلى أسباب قيام الثورة التي بدأت بداية موفقة و لكن إنجرار القائميين عليها خلف القيادات التي إلتفت حول الثورة خوفاً من إنتصارها هي التي أطالت عمر الحرب و المعاناة.
     يقول المثل إن أردت إفشال ثورة فكن أحد
قادتها !!!!
عبالعزيز عبدالله
كورك    آيرلندا
    
  
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *