قصة ابطال التسلق على جبل الجليد

قصة ابطال التسلق على جبل الجليد
حكاية عزل مناوي.. سيناريو بايخ.!

خالد تارس

التعليق الموضوعي على البيان الذي ((طبخه)) بعض الإخوة بمناسبة عزل المقاتل مني مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان ليس فية شماتة بقدر ماتظل هذه الخطوات تمثل ضربا من ضروب الإستهبال على الصحافة . ما كان لهذه الدعاية أن تجد رواجاً لولا أنها نشرت في شكل إعلان سياسي مدفوع الثمن.! حكاية الجماعة ديل ظلت تذكرني بسذاجة سلطان الداجو الذي انتهى به المطاف على ظهر ((تيتل)).. ذلك السلطان المتهور غادر ملكه الغاشم بدهاء إمراة مسكينة كانت غاضبة على ضحايا الإنهيارات الصخرية في ((ام كردوس)) وحزن قلبها على الإبن الوحيد الذي استنفره مزاج رجلٍ متسلط  للموت تحت انقاض جبلٍ أشم .! فلو صحيح ان غرض البيان المنشور على الجرائد هو مغازلة مشاعر المؤتمر الوطني كما يقول عامة الناس ، فإن مداعبة الوطني لاتستدعي عزل السيد مناوي تحت قائمة من اسماء اعضاء حركتة.. حتى الذين وردت اسمائهم بليل جاءوا في الصباح الباكر واصفين مايجري بأنه عملٍ غير موفق.! العجيب ان غالبية من رشحت أسماؤهم في البيان شخصيات ظلت تقود مؤسسات حركة التحرير طيلة هذة الفترة ((المأزومة)). وتقلدو بموجب ذلك مناصب رفيعة من خلال المشاركة في السلطة. و اذا كانت نوايا هؤلاء العباقرة تنتهي في حدود الإصلاح المؤسسي والتنظيمي للحركة فإن نظرية الإصلاح لاتتم خبط  عشواء ولاتقتضي بالضرورة عزل رئيسها إلا اذا كان منهج الإصلاح نفسة تصميم ((انتحاري)) على طريقة سلطان الداجو الذي وضع نفسه على ظهر تيتل بدين.! ولايموت مفهوم الإصلاح على مسارٍ واحد فينتهي بإنتاج ازمة تعصف بالجميع. إلا اذا كان مقصود الإصلاح في نظر القائمين بأمره مجرد إصدار بيان يعزل الرئيس.؟ المدهش ان هؤلاء القيادات اكتفوا ببيان عزل مناوي ثم صمتوا يبتلعون ريق الإنتظار، لان الإنتظار يُفسح مجال المراقبة لحكومة الوطني ان تحرق بخور الإستجابة في رابعة النهار.! والحكومة التي يخاطبها الجماعة ديل عبر بيانٍ ((يتيم)) لاتقبل التحريض في مثل هذه الظروف لأنها تدرك جيداً  وزن المعزول ووزن العازلين.. وبالتالي تصمت قليلا وتبتسم حتى أذنيها ففي البيان تشكيك يُنذر بأن مناوي ارتد عن السلام الذي كتبه وتحول الي رجل حربٍ لعين.. والحكومة تستمع الي هذا العرض الباهت ثم تمارس ((التطنيش)) في نفس الوقت،. سلوك الجماعة ديل يخاطب مزاج الحكومة بشكل جديد ينحصر في الترتيبات الامنية والسلام الذي ينتهي بسلطة.. و الحكومة التي وقعت مع هذا الرجل اتفاق سلام في  2006  تدري كيف وقعت هذا الاتفاق وبالتالي لا يعجبها سياق البيانات ، ويفوت على فطنة هؤلاء الاذكياء ان الحكومة تمتلك استخبارات ترصد الخبيث من الطيب .. اصحاب البيان المغلوط  تعمدو لفت نظر المؤتمر الوطني ببيانهم  ولكن الوطني يعلم يقيناً ان اتفاق السلام المبرم في ابوجا يساوي صفر بدون مني اركوي و لايحتمل مدلول سياسي لقناعات المجتمع الدولي.. ومناوي المعزول على بيان طبع بليل لو ظل لوحده لايملك إلا علبة سجاير ((البينسون)).. في النهاية هو المقاتل الشهير الذي وقع مع الحكومة اتفاق سلام ابوجا لوقف الحرب في دارفور ..  والحكومة بدلاً من ان تُجازي مناوي جزاءً حسُن اخذت تلتف على الوقت بإنتظار ميلاد بيان عديم الجدوى.! والبيان الذي لا يغير الاحوال يعبر في هدؤ عن خطايا تحتمل معكوس النتائج.. ولو حصرنا جملة الدسائس في البيان الذي صدر من بعد تنصل غالبية مؤيدية يعكس للمشاهد انتهاء الفلم قبل بدايتة.! ولكن عبقرية انتاج الأفلام ظلت مسطولة لدرجة فقدان سيناريو الإيمان بنتائج عزل رئيس حركة تحرير السودان إلا على بيان يحمل الإشارة (-).. وتسير التدابير على هذه الشاكلة وتروح تحمل نفس النتيجة من تراجيديا الفشل المزمن.؟ ولم يكن البيان الصادر في اكتوبر الجاري هو أول بيان إنقلابي ضد السيد مني مناوي فقد سبق وان صدر بيان يحمل نفس الصراخات حدد  اللياقة الكافية لعزل هذا الرجل المتواضع المهذب وهو يومئذٍ في الميدان بين جنوده ثم رجع نفس الذين كتبوا ذلك البيان الي قيادة ((مناوي)) مرت اخرى يطأطئون رؤوسهم و اليوم هم اول الرافضين لعملية تكرار اصدار البيانات.!

الأفضل للذين وزعوا إعلان عزل رئيس حركة تحرير السودان الاخير ان ((يجوا عايدين)).. فحكاية العودة الطوعية للبيت السياسي ليس فيها شماتة بقدر فرضيات العزلة من ذلك المسرح ، فمعظم الذين وردت اسماؤهم كذبوا الدعاية وتبرأوا منها ، حتى رئيس مجلس التحرير الثوري عيسي بحر الدين الذي تصدر اسمه قائمة الانقلابيين تفوه بان شخصة لم يكن جزءً من ذلك الفلم المدبلج ..من الذي تبقى.؟ فكرة عزل القيادات على بيانات مكتوبة ظلت فكرة ملازمة للفشل لاتحتمل مدلول نجاح استراتيجي ولايستقر سلوكها على ممن يراقبون نظرية تقويم الأشياء. و هكذا تظل القراءة بسيطة لتصرفات مجموعة كتبت بيان طائش على انه مجرد استهبال سياسي ينطوي على منفعة شخصية واشواق غالباً ماتموت دون ملامسة أحلامها . هكذا يقول أي انسان عادي من عامة الجماهير التي خاطبها البيان بمثالية رائعة .. وكأنما على الامر سيل يتسلل من بين عينات عريضة لايستطيعون الصبر على الشدائد حتى يتم إصلاح عجز مؤسسي لمواجهة نوايا الفعل الباطل ،  وبالتالي قد يجتمع الناس على فكرة ((الجن القديم)) .. فلو حسبنا مقدار مايحصل من واقعة البيان الظريف نظل نغيب ونختبئ خلف الحكاوي كأنها قد حصلت فعلاً و في النهاية يظل الأمر مجرد تمرد جزئي عجز عن الخروج من صفوف حركة التحرير لأسباب غير موضوعية ، والموضوع لايحسب برمتة على هذا المسمي لظرافة التاكتيك ذاتة. فالتشظي الطبيعي دائماً مايتم داخل مؤتمر استثنائي محشود القيم مما يؤسس لإدارة قادرة على تصنيع القرارات الفورية كما حصل في حزب الامة والاتحادي وحتى الحركة الاسلامية فيستجيب الراي العام لمقابلة رد الفعل.. ولكن ظاهرة عزل مناوي في جوهرها المؤسسي لاتتم تحت هذا الوصف حتى ولو حُسبت انشقاق  او انقلاب او تمرد خرج في وقت استثنائي مؤثر لاستقطاب قناعة الغالبية عبر برنامج مشوق او سلطة جاذبة للمشاركين، فيبيت  ويمسي على انه بديل يصعب توصيفه بفعل سياسي خالي من المؤامرات .
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *