شوارع العاصمة..أسفلت مغشوش..إدارة الطرق والجسور : مواصفات الطرق ليست عالمية

?? إنتظمت البلاد حركة دؤوبة في مجال إنشاء الطرق وتأهيلها داخل ولاية الخرطوم وأخرى قومية ربطت العاصمة بكل ولايات السودان… والحركة النشطة في هذا الجانب جعلت طرق الخرطوم كلها ترصف حتى اننا لا نجد طريقاً فرعياً أو رئيسياً حتى طالته يد الإصلاح والسفلتة .. ولكن هذا الإنجاز الذي وصفه البعض بالإعجاز لما شهدته الخرطوم من طفرة في هذا المجال.. صاحبته بعض السلبيات والإخفاقات حتى أظهرت بعض الطرق بأنها شيدت دون مطابقة للمواصفات وظهرت الكثير من العيون خاصة تلك التي تتعرض لحبس المياه بها لفترات طويلة فتتناثر حبات «الخرسانة» وتتآكل قطع الأسفلت وتبدو أقرب للردميات الترابية وكأنها لم تطلها أعمال السفلتة .. فهل شيدت هذه الطرق على عجل؟ أم أن الجهات المنفذة لم تعتمد المواصفة المطلوبة؟ أم أن الأمر كله يرتبط بضعف الإمكانات وضيق ذات اليد.. أم ترتيب الأولويات بحسب توافر الموارد؟
———————————————————————
أين الخلل؟
بعض الخبراء في الجانب الهندسي أقر بأن الأمر يتعلق بعدم مطابقة المواصفات التي يجب آن تنفذ بها الطرق فالكثير منها نفذت بغرض سفلتة الشارع فقط دون اعتبار للمواصفة الجيدة، وقالوا ربما ذلك يرجع بأن الإمكانات المتاحة لا تمكن من إنشاء طرق تتحمل جرف المياه أو تصريفها بطريقة جيدة لأن هذا النوع من الطرق يحتاج لنوع معين من الأسفلت قد لا يتوافر بالسودان، كما أن التشييد يحتاج لمواصفة معينة تنفذ بطريقة محددة ودقيقة.
وأفادنا الباشمهندس صلاح محمد عثمان – الخبير الهندسي – بأن الطرق التي تتعرض للتآكل نتيجة احتباس المياه غالباً تكون رصفت بمواد أسفلتية وخرسانية لا تتحمل المياه لفترات طويلة وأن مثل هذه الطرق يجب ان ترصف بمواد أسفلت ذات مواصفات محددة قد لا تتوافر بالسودان وتحتاج الى موارد مالية كبيرة.
وفي ذات الإتجاه تحدث الاستشاري الهندسي «أسامة عبدالسميع» واعتبر أن تجربة الخرطوم في مجال الطرق جيدة وأن إدارة الطرق بالتخطيط العمراني لديها مجموعة من الخبراء يعملون بمواصفات أمريكية جيدة، ولكن العمل لا يخلو من بعض الهنات أو الإخفاقات وقد لا تتعدى النسبة «5%» أظهرت بعض النواقص في جانب خدمة تصريف المياه واحتباسها عبر الطرق لأن هذا النوع يحتاج لإمكانيات وموارد مالية كبيرة، لذا فالعمل يتم بحسب ترتيب الأولويات برصف الطرق كأولوية أولى بما تتيحه المقدرة المالية لأن الرصف يخدم كل الناس ويعتبر من الاستخدامات التي يستفيد منها المواطن طوال العام.. ومن ثم تأتي أولوية تصريف المياه وتحمل الطرق لاحتباس المياه ورغم أنها أصبحت حاجة ماسة إلا أن الإمكانيات قد تقف عائقاً أمامها.. وأكد أن إدارة الطرق تعمل بواسطة استشاريين ولديها «1500» مواصفة تطبق بالمعايير المطلوبة وقد يكون الخلل في التنفيذ والذي لا يتعدى الـ«5%».
أخطاء هندسية
البروفيسور «أنور الهادي» الاستشاري والخبير الهندسي تحدث برؤية مغايرة وأكثر مهنية وينظر للقضية من زوايا مختلفة تصب في مجملها في أهمية ان تحدد الأدوار في الجانب الهندسي والتنفيذي والإشرافي، وعدم تداخل الأدوار حتى نصل لنتائج جيدة غير قابلة للإخفاقات، واقترح ان تكون لجنة مراقبة لمزاولة العمل الهندسي مهمتها الرقابة ودراسة كل ما يخص الخدمات بما فيها الطرق وأن تهتدي بالخريطة الكنتورية المجازة أخيراً.
وألمح إلى وجود أخطاء هندسية وفنية صاحبت بعض مشاريع الطرق والأنفاق وقال: حتى نمنع مثل هذه الأخطاء علينا أن نتبع بعض الإجراءات المتفق عليها هندسياً، والاستشاري الهندسي للمشروع يجب ان يكون مؤهلاً ومسجلاً في مجلس أعمال بيوت الخبرة.. وهو مجلس بدأ يباشر أعماله منذ خمس سنوات وله صفته الاعتبارية، لذا فإي مكتب استشاري هندسي لابد ان يؤهل عبر هذا المجلس.
أيضاً لتفادي الأخطاء الفنية والهندسية لابد من وجود مقاول مؤهل معترف به من قبل مجلس تنظيم المقاولات الهندسية الذي سعى المجلس الهندسي لتكوينه بغرض ضبط وجودة العمل الهندسي والفني.
وأن يكون المقاول مسجلاً ومصنفاً بحسب مقدرته للعمل المعني.. ويجب ان يكون المهندسون العاملون مع الاستشاري أو العاملون مع صاحب المشروع في مستوى تأهيل المجلس الهندسي.
وبتوافر هذه الاحتياطات نستطيع ان نضمن عملاً هندسياً جيداً، خاصة إذا تم تدريب المهندسين في مجال هندسة البلديات وأن يؤهلوا حسب تخصصاتهم ولابد أن يمضي المهندس الفترة التدريبية التي أقرها المجلس الهندسي وألزم بها المهندسين بحسب لوائحه.
وأعطى بعض الإشارات التي يمكن ان تدفع بالعمل الهندسي نحو الجودة والإتقان.. وأجملها في أن تلتزم الوزارة المعنية بأن يكون المديرون العاملون بها في مستوى المهندس المستشار.. والعاملون الآخرون بحسب التدرج وفق ما تتطلبه الوظيفة على أن لا تتدخل الولاية في النواحي الفنية للمشروع ويترك هذا الأمر للمختصين والاستشاريين، وأهم ما يمكن ان يدفع العمل إلى الامام أن تلتزم الولاية بدفع التكاليف وحسب التوقيت.
إدارة الطرق
أزهري محمد السنوسي مدير إدارة الطرق والجسور واجهناه ببعض التساؤلات: هل فعلاً الطرق لا تنفذ بالمواصفة المطلوبة؟
وما حقيقة الخامات الأسفلتية المستوردة غير المطابقة للمواصفة الجيدة؟ وكيف يمكن اكتشاف السيىء منها حتى لا يستخدم في رصف الطرق؟ وكيف تكون آليات المتابعة حتى لا تحدث إخفاقات في الجانبين الفني والهندسي؟.. وما هي ضمانات عمل الشركات المنفذة بحسب عقد الإتفاق.. والشروط المتفق عليها؟.
وفي رده على تساؤلاتنا أقر بأن المواصفة التي تطبق في الطرق ليست عالمية ولكن تعتبر جيدة، إذ أن المواصفة العالمية عالية التكلفة ولا نستطيع تطبيقها لشح الإمكانيات وأن الطبقات بالطرق لا يتجاوز سمكها الـ «5 – 7» سم بينما المواصفة العالمية تصل الى «15» سم، فالفارق كبير، ولكن نعتبرها جيدة وضعف الإمكانات والموارد تجعلنا نعمل بالحد الأدنى، إذ أن تكلفة الاستيراد عالية للخامات الأسفلتية والبترول السوداني بحسب طبيعته لا ينتج هذا النوع الذي يستخدم في رصف الطرق، كما أن تجهيزه وترحيله يحتاج لموارد كبيرة.
وأضاف بأن الأسفلت أحياناً نكتشف أنه مغشوش أثناء اختبار العينة بالمعامل التي خصصت لذلك وهذه الإجراءات تستغرق وقتاً طويلاً، لذلك أحياناً مشاريع الطرق لا تُنجز بحسب الزمن المحدد في الإتفاق.
وقال: لأننا نحرص على الجودة نقوم أيضاً بفحص الخلطة الأسفلتية التي يجب ان تكون متجانسة من كل المكونات بنسب معينة من الحجر المتدرج والمواد الناعمة وخاصة الأسفلت فإن حدث خلل في هذه النسب يؤثر على جودة العمل.. وهذه الأشياء تحتاج الى متابعة وإشراف دقيق فطريقة المعالجة قد تأتي بنتائج غير جيدة.
وفي جانب الشركات المنفذة للعمل قال إن الإدارة تحرص ان تقوم هذه الشركات بعمل جيد وتنجزه بالتكلفة المطلوبة، لذا نحرص على اختيار المقاول المؤهل والاستشاري المقتدر والمهندس الجيد ثم المتابعة والمراقبة، وقد اكتشفنا الكثير من الجهات التي لم تلتزم بالمواصفة.. وبعضها وقع في أخطاء فنية وهندسية.. ولكن بعض المشكلات متعلقة بطبيعة الطريق الذي يصمم لإستخدام محدد ثم تستخدمه الشاحنات والعربات ذات الحمولة الثقيلة مما يؤثر على الطريق فيتآكل وتتناثر أجزاؤه.

تحقيق: سامية علي
الرأي العام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *