دارفور .. الحقيقة والوهمّ للحركات الإسفيرية في الميدان…/حامد حجر ـ الميدان*

المكان  جبل مون ، قرية قدح الفيئ ،  إنفض إجتماع هيئة أركان جيش حركة العدل والمساواة السودانية للتو ، وأهّم القرارات بالطبع هو ، أمر عمليات المرقم 3مارس|7ج|2010 ، منوط بالتنفيذ العاجل ، وحسب توجيه القائد الأعلي لقوات الحركة الدكتور خليل إبراهيم ، بكتابٍ معطوفٍ علي مكتب السيد القائد العام الفريق سليمان صندل حقار ، بدرجة سري وشخصي ، فإنه سيُصار إلي إنتقال جيش حركة العدل والمساواة السودانية ، إلي كردفان وجنوب وشرق دارفور بغسق يوم ( ياء ) ، أي يوم بداية العمليات العسكرية الفعلية .

كنت كغيري من المشفقين علي ثورة الهامش في بيروت ، وخاصة لجهة توالد الحركات ، ليست في أرض الواقع إنما في الفاكووم الإسفيري الأنترنت ، لذلك وددت وبرغبة شديدة في أن أكون مع طلائع جحافل جيش حركة العدل والمساواة ، التي سوف تطرق أبواب شمال دارفور الثلاث ، والتي سوف تنفذ إلي جنوبها وخاصة بوابة الدبة ( توقا ) ، تمنيت أن أقف بنفسي علي صحة وجود حركات الإنترنت أم لا . مضي الوقت بطيئاً مع أنشطة الإستحضارات للمعركة خاصة الوقود والإمداد والعتاد ، وعند ساعة الصفر من يوم ياء أعلاه ، دلف الجنرال شؤون بعربته تجاه سريتي المتجحفلة مع الفرقة الثانية ، وهو بالطبع  مستشاراً لركن العمليات ، طلب إلينا بأدب جّم ضرورة التحرك رغم أن الهلال في تربيعه الأول والضوء يبدو خافتاً الليلة بعض الشيئ .

أسرعت جهاز الإستخبارات ، في حركة العدل والمساواة السودانية للقيام بواجباتها في إعداد خلاصة الإستخبارات التي تنص بخلو البوابة المزكورة من أي قوة لنظام الإبادة في الخرطوم ، وتنبهت العَسس ومواطني الفرقان والرعاة إلي أهمية المعلومة الصحيحة ، فجيش الحركة يعتمد علي جماهير شعبنا في السودان الكبير ، كعمق بشري إستراتيجي لتصميم معركة بعيدة الأمد ، تفضي إلي النصر الأكيد ، عندما ينتهي العمر الإفتراضي للنظام ، وذلك بتراكم أخطائه السياسية ، وفقدان روح المبادءة في ميدان المعركة ، ولسبب واحد هو عدم توفر المسّوق النفسي والأخلاقي للجندي في الجيش الحكومي للقتال ضد الشعب في الهامش . إن مُسوحات الإستخبارات تتضمن بالطبع ، موقفاً بقوات العدو وأخري من المفترض بأنها صديقة ، وأقصد هنا موضوع عنوان المقال ، سألت الجنرال حماد شطة رابح عن تجاهل الخلاصة لحركات ربما صديقة ، يُقسِم الجنرال بأن لا أحد علي الإطلاق ، ويقول مازحاً : لماذا أنت في عجلة من أمرك ، تستطيع التأكُد بنفسك ، نحن ماضون إلي هناك كل تراب دارفور وكردفان.

البداية لجيش العدل والمساواة  كانت من أقصي شمال دارفور ومن الحدود المصرية  حيث تنقب النفط  هناك ، مروراً بملتقي الواديين العظيمين ، هما وادي هور ووادي المجرور ( الحارة ) في منطقة الرَاهب ، لا توجد قوات حتي للعدو هناك إلا من سرية مرتبكة تستعصم بخنادق العطرون ، علي مدي المئات من الأميال وعلي طول وعرض ديار أهلنا الميدوب توجد قوة صغيرة أشبه بالمدنية لأن لا عربات لديها تقودها المناضل ( سليمان مرجان ) ، ينتمي لجناح عبدالواحد ، في أول لقاء به كان الرجل في مشهد الحائر ، لعطل عربته في الطريق بين أم عشر وجبل عيسي ، حيث سارع جنود العدل والمساواة إلي تصليح العطب في الحال وتعاملوا معه بدماثة خلق ، يتوجبه العرف في حال مرجان اليوم وهو ممسكٌ ببندقيته رغم عوزه الشديد إلي مركبات وجنود ، وقد وعد القائد العام لجيش العدل بتقاسم غنائم المعركة القادمة المرتقبة مع الحكومة في دارميدوب.

عندما إقتربت متحركات العدل والمساواة من مناطق بئر مزة ، فوراوية ، وبريديك التي كان للأخ ( عبدالله يحي ) بعض النفر من الشباب ، ألتقينا بهم في وضح النهار في وادٍ بالقرب من منطقة ( بريديك ) وكانت لديهم عربتين لانكروز مسلحتان بـ( دوسَيت) طبعا هذا تسليحٌ خفيف ، وتم تطمينهم من جانب حركة العدل والمساواة بأن الحركة لا تستهدفهم بأي حالٍ من الأحوال ، وأبدي الجنرال حماد شطة ركن الأستخبارات في حركة العدل ، أبدي تفهمه لعدم إرتياح هؤلاء العسكر لمواقف السيد عبدالله يحي التي يجعلهم في حالة إنتظار دائم للتوحد مع بقية الرفاق في العدل والمساواة ، وفي اليوم التالي كانت هنالك مجموعة من الشباب قد إنضموا للعدل والمساواة خصماً علي الأخ الكبير عبدالله يحي ، لأنه رجل كثير التردد في إتخاذ القرار التاريخي بالوحدة ، بدلاً من التأسي بإنضمام شيخ المناضلين سليمان جاموس.

أما الجنرال المزعور  محمدين ( ورقاجور ) فقد  أطلق ساقيه للريح  عندما علم بأقتراب  جيش العدل من كفلِ جبال ( شقيق كارو ) ،  وصل في وقت قياسي إلي الفاشر قبل أن يبرق إلي سيده أركو مناوي في الخرطوم معلناً السقوط التلقائي لقيادته في حصن ( أجبي ) ، وبئر مزة معقل السيد مني أركو مناوي ، هكذا هو الحال في كل شمال دارفور وغربها لا توجد حركات مسلحة بين قوسين ، وكل البيانات الأثيرية التي تصدر من هنا وهناك ، فإنني أهيب بمن يكتبها أن يقف علي الحقيقة بنفسه إذا كانت شهادتنا مجروحة لإنتمائنا للعدل والمساواة ، لكن هي الحقيقة تمشي علي قدمين ، ولكنت أسعد الناس في عواتيل دارفور، إذا كانت هنالك حركات حقيقية علي الأرض كما في الإسفير والإنترنت.

في  دار قمِر ( كلبس ) وحليلات  وأوستاني ، لا توجد حركة أسفيرية هناك ، فأهل كُلبس أما عدل ومساواة أما مؤتمر وطني مع مرشحها المعين السلطان هاشم ، بعد مقتل الجنجويدي ( النعمان ) في معركة ضد جيش العدل في صليعا . أما في غربي بئر ( قرجي قرجي ) فقد تم تسليم أسري البني حسين للناظر الجدّي ، وهو رجل حكيم لم يكن يرضي بأن يتجيش أبناء نظارته جنجويداً ، وقد تبرأ مما يفعله بعض المنسوبين علي حزب المؤتمر الوطني ( مقدم الهادي ) في التغرير بالسذج والعواطلية لتجعل منهم جنجويداً مقابل أقل من خمسون دولاراً ، أما وادي باري وكبكابية فقد أرحنا أهلنا في تلك الديار من جور زعيم الجنجويد ( أبو عشرين ) الذي قتلته قوات حركة العدل والمساواة في معركة جلجلك ، حينما أعاد أبوعشرين الكرة بعد معركة قرجي قرجي الأولي ، للثأر من الحركة لقتله والد زوجته الذي جاء إلي أرض المعركة جنجويداً يركب حصاناً قبل أن يفصل مدفع الـ( فانتروه ) ، رأسه عن جسده ، لتتدحرج عدة مرات ، أكد لنا البعض من الأسري بأن أبي عشرين ما كان يُود مواجهة جيش العدل لأنه سبق وأن عرف بأسها ، لكن زوجته والحكامات طلبن منه الثأر من مقتل الرجل المفصول الرأس ، وأخذن ينظمن الأغاني ويهجونه لأنه فر وترك الرجال وراءه ليقتلوا ، فأصبح حديث الناس في الكبكابية ودامرة المستريحة ، فكان لزاماً عليه الخروج رغم أنه يعرف مصيره المحتوم .

من  المُهم جداً هنا ذكر الموقف النبيل لناظر البنوحسين العم الجدّي ، حينما شكّت جهاز الأمن والمخابرات في ولائه وعدم حماسته لمحاربة القبائل المجاورة من مسيرية جبل ، إرنقا وزغاوة ، تم إعتقاله إلي الجنينة وفي مكتب جهاز الأمن سُئل عن وجهه الحقيقي ، فأجاب ببرود : ( أنا ما معاكم ولا مع الحركات ، أنا مع الله ) ، عندها ما علي الأمنجية إلا وأن أطلقوا سراحه ، لأنه غلبهم بحكمته . إذن لا أثر لحركة إسفيرية في ولاية غرب دارفور الآن.

أما في جنوب دارفور بعد  تكامل متحركات العدل والمساواة في جبال عدولة وشمال الضعين ، أرسلت طلائعها إلي كردفان بقيادة كل من الجنرال ( بترول ) ، قائد متحرك كردفان والأمين ود البليل ، وأخري إلي حدود أم دافوق ، قريضة أم ضل ، ودار الهبانية وتلس دار فلاته ، معسكر كلما ، معسكر الحميدية ، وشرق الجبل وغربها حيث توجد أصلاً قوات للعدل والمساواة في معسكرات ( سندو ) منذ اكثر من عامين ، في شرق الجبل شاهدت توافقات بين العسكريين في حركة العدل وحركة تحرير عبدالواحد ، لم تكتمل إلي المستوي السياسي ، ولربما يتم فهم الحجز علي القائد الميداني كرجاكولا والنميري وصلاح جوك لدي العدل والمساواة في هذا السياق للحفاظ علي قصة الثورة وتقليل نسبة الخراب السياسي علي الأقل ، وربما كان الحجز بإيعاز من القائد الميداني ( طرادة ) وهو معروف يتبع لحركة تحرير السودان ـ عبدالواحد .

هناك  تواجد فقط لمشاة راجلة فوق الجبل للأخ عبدالواحد بقيادة ( قدورة ) وأخري في شرقها للشهيد الزبيدي تقبله الباري في عليائه ، كنا قد تمنينا بأن يصار الوحدة حتي نستطيع التنسيق العسكري لجهة رفع الجهد العسكري الحكومي عن مناطق دربات وشرق الجبل ، فجيش العدل والمساواة تستطيع أن تفعل ذلك في غضون ساعات قليلة لأنها قوات محمولة براً علي ( مقيصيصة ) من طراز التايوتا التي تمت تطويعها في حرب غوريلا الصحراء ، لتلبي حاجات المهمشين ، هذه القوات قادرة علي أن تحضر إلي جبل مرة في لمح البصر ، ولقد رأيت بأم عيني كيف أن عربات العدالة لا مصابيح لها وهي تمخر عباب الصحراء ونياسم كردفان ليلاً ، كما عجبت كيف لهذه القوات أن تصبر للجوع أثناء المعارك ولعدة أيام إلا من عصير دارفوري خاص يسمونه ( قضية دارفور ) وهو مزيجٌ من ماء ودقيق الذرة وسكر ، يشرب المقاتلون أنخاب هذا العصير بعد إنتهائهم من كل معركة ، وهم يتبادلون التهاني ويعلنون النصر الحاسم ، بشراكي جيش الهامش العظيم.

نحن كعسكريين كنا ولا نزال نتمني أن تتوحد إمكانيات حركة العدل والمساواة العسكرية مع جهود السيد عبدالواحد النور ، ليكون لنا الخلاص الحقيقي من قوات الحكومة ومليشيات الجانجويد في جبل مرة ، فبالتنسيق يمكن للعمل العسكري أن ينجح لأنه مبدأ من مبادئ الحرب العشرة المعروفة ، وعلي السيد عبدالواحد أن يعلم بأن جيش العدل ليست مليشيا راديكالية متدينة ، إنهم أناس عاديين تواثقوا من اجل برنامج المهمشين ، ولا أيدولوجيا في العقيدة العسكرية للعدل والمساواة غير الإيمان بقضية المهمشين ، بل أن كاتب السطور كان بعثياً ، وهناك شيوعيون بيننا ، وناصريون ، وكذلك أسلاميون ، لكن كلنا مقتنعون بأن قد أنتهي عصر الإيدولوجيا ، مع الفيلسوف فوكاياما ونهاية التأريخ.

هنا يجب أن نؤكد بأن  مناطق الضعين وعلي طول الحدود مع كردفان لا توجد حركة مسلحة  إلا حركة العدل  ، والإدارة الأهلية  لنظارة الرزيقات والمعاليا  يعرفون هذه الحقيقة  ، وقد قامت حركة العدل والمساواة بتسليم أسري قبيلة الرزيقات بعد معركة عزبان دوما الثانية إليها ، وكان علي رأس وفد حركة العدل للتسليم أبنهم الجنرال علي الوافي الناطق الرسمي بإسم جيش العدل والمساواة السودانية ، وقد توافقت قيادات الرزيقات في مؤتمرهم في يونيو الماضي بأنها كإدارة أهلية تقف علي الحياد ولا تجيش ضد حركة العدل والمساواة أو تعاديها.

أما حركة ( التحرير والعدالة ) ، التي تمت إستيلادها  سفاحاً سياسياً في الدوحة ، فإن لا وجود لقوات لها  ، رغم المائة مليون فرانك سيفا ، التي تمت إستلامها من قبل المهرولين إلي الدوحة ، من دولة إفريقية معروفة بعدائها لحركة العدل والمساواة السودانية. فقد أوعز رئيس تلك الدولة إلي السيد تيجاني سيسي في زيارته الأخيرة إلي عاصمتها والتي قوبل فيه ببرود غير إعتيادي ، لأن السيد سيسي لا وزن عسكري له ، ورئيس هذه الدولة أول من يعلم بأن السيد سيسي مجرد مفعولٌ به ، وإنه مجرد دمية ، فأقترح عليه تعيين الهمباتي ( ج ، ت ) قائداً عاماً لقواته ، هذا إذا تمكن من جمع عدد معتبر بالمليون فرانك التي تم إستلامها من قبل السياسي ( ب ) ، في غضون مهلة كذا يوم ، أنتهت تلك الكذا يوم وحتي كتابة هذا المقال لم يستطع السيد التيجاني سيسي جمع الرجال الذين تم إختيار قائدهم قبل إيجاد الجنود ، إنها العربة قبل الحصان ، ومن يهُن يسهُل الهَوان عليه .

في  هذا السياق ، كتب  العميل ( لا تستغرب! ) ، إسماعيل رحمة ، عضو ما يسمي بحركة التحرير والعدالة ، كتب مقالاً في موقع سودانيز أونلاين الغراء بتأريخ الرابع والعشرون من أكتوبر الحالي ، مرحباً بحركة العدل والمساواة السودانية في الدوحة ، التي تركتها لأنها مجرد بازار لبيع قضيتنا ، وبالتالي وجود التحرير والعدالة هناك إهانة لأهل دارفور ، وأسهب رحمة في خطرفات وجدانية مريضة بداء ( عدالة فوبيا ) ، واصفاً عملية ( الزراع الطويل ) بأنها من جهود الدكتور الترابي ، ناسياً بأن جيش العدالة ليس في حاجة لجهود أحد غير أبناء الهامش ، والدكتور خليل وبعقليته العسكرية الفذة كتب واصفاً ما حدث في ذلك اليوم في التأريخ ، وسُميت بغزوة أمدرمان ، إنها عملية جريئة أحرجكم وأخرجكم من بابٍ ضيق أسمه ، كما يعلم القاريئ العزيز ، مذكرة السبعة ناقص واحد ، وهذا موضوعٌ آخر سنعود إذا عاد إسماعيل رحمة للولوغ في البرك الآسنة ، بدلاً من أن يرّعوي من العدال والمساواة السودانية الجديدة البطلة ، وأن يرعي بقيده بعيداً في تشاد ، فهو عضو في جماعتها المعارضة كما نما إلي علمنا.

أتمني علي  كل حادبٍ علي قضية الهامش أن يتكبد المشاق لزيارة الميدان للوقوف علي الحقيقة ، وهي أن  لا حركات مسلحة بإستثناء الذين يقاتلون مع عبد الواحد في جبل مرة ، وحركة العدل والمساواة السودانية ، التي ملأت الدنيا وشغلت الناس في الصيف الماضي ، وإستعادت المبادرة السياسية من جديد ، وترحَمت علي منبر الدوحة ، مطالباً بتغيير منهج التفاوض ، ورغم الضغوط وجور أبناء العم ، مازال الدكتور خليل عند موقفه ، فاليتبدل منهج التفاوض ، وإلا لا أحد يستطيع إرغام الدكتور خليل الذي يزود مواقفه بأفعال جيشه علي الأرض ، الآن هل عرفتم علام عنفوان حركة العدل والمساواة السودانية؟ ، لأنها موجودة هناك علي الأرض وليس إفتراضياً كما في السايبر لنك لما يسمي بالحركات.

حامد  حجر ـ الميدان  ـ قائد ميداني

الأراضي المحررة 26 أكتوبر 2010-

[email protected]    
 

  

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *