انين من افواه المواطنين

حسن اسحق
حياة تعيسة تضع الا نسان امام ابواب المجهول في بلاد اللامل،التشائم،ثم اعتراضات داخلية عصية علي الخروج علنا ،تحسبا لما هو اسوأ،هيمنة الداخلي عنوان بارز ،ان القمع قد يطرق ابواب المتكلم،ويحطم نوافذ من ينظر الي الخارج لاختراق هذه المآسي المحيطة بالكل. حتي الهواء المتنفس يتحرك بصعوبة ،واي تنفس طبيعي يؤدي الي ازقة الخراب وبيوت التحطيم،جلس احد المتمتعين بمنافع شعوب السودان ،يتكلم باحتقار،وازدراء ان هذا الشعب تجاوز مرحلة المأكل والملبس والسكن،انه الان يصنع اللحظة التاريخية لتشييد دولة الاله التي يحسدنا الجميع عليها،فعلا انه شئ في غاية الغرابة والمهانة . انه هذا المتكلم المدفوع الثمن ،لا ينظر الي انسان الشارع البسيط ،بنظرة موضوعية ،وامثالهم لم يخرجوا يوما ،ليروا الكوارث المكبلة والانين خلاصة ،البحث عن بذور لقمة العيش التي باتت مفقودة ومجرد احلام بعيدة المنال وعصية علي التحقيق. الوطن صار اوطان الجميع يقبع في وطن خاص به ،انها اوطان الجوع،المرض ،الفقر،الموت في حد ذاته كلمة اصبحت عاديه ،الاطفال يتداولونها في كلامهم البرئ،ويتمني الصغار شراء بندقية بلاستيكية او سكين خشبية ،لتطبيق ما درسوه في الفصل،اقتلوهم حيث وجدتموه،احدهم وجه سؤالا بسيطا لوالده ،وهو يبتسم،ابي ،هل قتل الكفار يقودني الي الجنة،حيث حور العين،وجمال لا يمكن ان يوصفه.انها مخططات الدولة في ابتكار صور خيالية لتهجين الصغار، لمشروع الفائدة من وراءه معدومة،امرأة تجلس ،الدموع الحارقة تتساقط بكثافة علي خديها،يحتضر املها الوحيد ،الدواء وصل سعره الي جنونية ،مستشفي امراض الدم تدور حوله اقاويل ،سيباع للموالين في وقت قريب ،ولم يحدد زمنه،خوفا من الخروج علي الطاعة ،شئ كهذا ،يصعب ان يظل في ظلمات السر ودواليب الخفاء.. وكل من له بذرة انسانية ،يعلن اعتراضه لهذا التهور والمجافي لكرامة ،وقود المستقبل،الوالدة ان اقبع في شوارع اللامستقبل،كل ما اتمناه ان تلحق العافية بابني،لرؤيتي فيه المستقبل الغائب بفعل المخربيب والمكسرين ،انهم يحترفون كل ماهو سئ ومشين،قلوبهم هيمن عليها ،اللا خلاقية،يكررون في سجاداتهم الملخطة بدم الجميع،ودون استحياء،ان البشر خلقوا سواسية ،وكاسنان المشط ،ولا فرق بين هذا وذاك ،كل هذه الاكليشيهات جسر للمرور وكسب الضعفاء الجاهلين ببواطن الامور الخبيثة ،مذهبهم المعروف وسياستهم الميكافيليه ،هي الغاية تبرر الوسيلة ،ولو علي حساب السماوي،لا يعنيهم في شئ
مادام يروي ظمأهم الشيطاني. مسمار التعاسة دق علي اخشاب صلبة،فتح صندوق يحوي اللا معروف ،دخول الضوء علي جنباته النتنة ،يزيل روائح جيفة علي مقربة من المكتب ،الفصل،البقالة،ووووو……. وعلي اطراف المدينة فتي وفتاة يرددان مقطوعة من الشعر المسمي بالوطني،يقولان في نشوة شديدة،سودان يادرة في قلبي،سودان يازهرة شرياني،سودان الخلق الماثل قدامي ،جنة وزهرة في ربيع الفصل الشارد ،جوه هناك في الداخل،ايه بيقول ،وايه بيحكي،وايه الحاصل، ما الحاصل كلو فواصل ،سودان يازهرة، قصاد التيار البجرف نحو الصحرا،وليه الصحرا ،ما الصحرا بقت الملجأ ،والملجأ كلو مآسي،والطفل بقاسي . حقا انهما من وطن الملا جئ ،وطن الاطفال المشردين،حبذوا الصحاري،رغم حبهما للوطن ،اكدا من خلال كلمة الصدق،دور من له يد في هذا،اطراف المدن والقري ،انسانها الاكثر احساسا بالمعاناة ،لقربه الشديد من الالم ،الحزن،القسوة ، في وجود كل هذه المنافي ،عبور جسر الحياة به بارقة امل، والمنافذ يدخلها شئ من هذا ،وجزء من ذاك،اوراق متسخة علي طاولة الطبيب ،قرار نهائي عملية ذراعة النخاع الشوكي لطفل الثالثة عشر 32مليون دولا ر ،ويجب ان تجري الذراعة للنخاع في القاهرة ،الا يوجد من هو مسؤول عن تكاليف العملية الباهظة ،شبهها والد الطفل بالمهمة،وفي نبرته طابع سياسي ،انها كتطبيع العلاقة بين الخرطوم وتل ابيب في عهدهم الطارد لكل ماهو يمشي عكس تيارهم السياسي الا جتماعي الديني،الطفل المريض يبكي ومرافقه يتجرع مرارة البكاء سرا،ايبكي علي الطفل ،ام علي السعر اللاواقعي ،وبعد استلام التقرير الطبي ،زحف مسرعا ،يخشي عليه من الرحيل المبكر،واضعا طموحه في ابنه ،ان يجتاز الامتحانات بعد سنوات،ويدخل الجامعة ،ليرفع راسه عاليا،لانه جاهد لمثل هذا اليوم . وكل من ذهب اليهم من صحف يوميه ووزارة المالية ،ديوان الزكاة،ومنظمات انسانية داخلية بشروه بالدعم قريبا،تاركا ارقام تلفونه ،ونسخ من اوراق عملية اجراء النخاع، وماتبقي له ،مفتاح،لكن الشئ الذي يتكل عليه غير موجود بالمرة،تسعة شهور في قبو عنابر امراض الدم بالخرطوم ،اطفال الولايات يأتون متأخرين،الموت يتربص بهم ،بعد سيطرة الكارثة علي اجساهم النحيلة ،فاقدة التغدية ،الرحيل محطة تنتظر كل من جاء بارادته المسلوبة الي مستشفي جعفر بن نعوف ،سمي المشفي علي شخص انساني ،يقدر قيمة الاطفال،الدوله تطردهم بعيدا بعيدا بعيدا الي منافي الضياع ،يا له من تشريد،طموح العيش من خبز ،دواء،كراسة للمدرسة .
حسن اسحق
صحفي
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *