النفي والانكار في مسرح الاستهتار

حسن اسحق
تصادر الصحف ويعتقل الصحفيين ويزج بالناشطين علي عربات الامن بطريقة ،يشعر من ينظر الي الامر لاول مرة كانهم مجرمون او مروجي مخدرات وممنوعات،من يشاهد المنظر،لايضع في باله ان هؤلاء الشابات والناشطين يجتهدون لجعل
واقع بلادهم افضل،انهم يشاركون بالكلمة الصادقة،في زمن صار الصدق والحقيقة عملة نادرة جدا،قلما تجدها في زمن ممارسة النفي بمؤسسية…
قبل ان تنطلق شرارة سبتمبر،وتعلن عن عامها الاول ،بعد ان خضبت تراب السودان بدماء شباب خرجوا الي الشارع ،قالوا لا والف لا ،في عالم مسكون بهدوء المتواطئين. قامت السلطات الامنية باعتقال العشرات منهم ،والي الان اماكنهم ليست معلومة لذويهم واصدقاءهم،لكنهم يعلمونها ،وقبل الثالث والعشرين من سبتمبر ،شنت الاجهزة الامنية حملة قبض في مدن العاصمة ، بهدف وأد الي خروج،ومظاهرة في سبتمبر الحالي، وكان المشهد الغريب في مدن العاصمة الكبيرة،التي وفرت الامن للنظام، ولم توفره للمواطن، والحملات طالت كل تجمعات الشباب والناشطين ، وكان الصحفي المصور عيسي الزين ، والصحفي عبدالرحمن العاجب من صحيفة اليوم التالي لهما نصيب من هذه الحملة،والتي كللتها نائب رئيس البرلمان سامية احمد محمد بنفي اي اعتقال حدث لناشطين سياسيين،بجانب الصحفي عبدالرحمن العاجب.
ونفت النائبة،قائلة ،لم اسمع بذلك،في وقت قللت من شائعات اندلاع تظاهرات واحتجاجات شعبية بمناسبة ذكري سبتمبر التي راح ضحيتها عشرات القتلي،وانتقدت محاولة اعادة تظاهرات واحتجاجات سبتمبر العام الماضي،واقرت بوجود اسباب لاحداث سبتمبر،من ضمنها رفع الدعم.
نائبة برلمانية،نائب رئيس البرلمان في هذا المنصب الدستوري الكبير،لا علم لها ،ولا دراية بحملات الاعتقال الواسعة النطاق، قد تكون من طالتهم ليس لهم علاقة بالسياسة،قد يكون الاشتباه احد عناصر الاعتقال في هذه الايام المشحونة بالنفس الامني، لان الارض باتت ترتجف من تحت اقدامهم،وكيف لنا ان نصور الوضع الرهيب الذي اصابهم،حتي اطارات السيارات تم جمعها من الاحياء والشوارع والاسواق،والتفسير الواقعي لهذا الازعاج والرعب،يحمل في مضمونه شرارة الغضب الكبير من السودانيين، فالشارع عندما خرج رافضا فوضي قرارات الحكومة،لم يكن الناشطين هم من قالوا ،
للمواطن المسحوق بهذه السياسات،اخرج ،وعبر عن رفضك،هو ادرك ،ان الجمرة دائما تلتهب تحت قدميه ،وهذا لا يفسر ان الناشطين كسالي ،هم بنات ،وابناء الشارع السوداني ،يشعرون بما يشعر به ،ويتألمون لألمه ،ويتوجعون لفجيعته،ولا انكر،لهم دورهم الكبير في توعية المواطن السوداني،بمخاطبتهم علي مستوي الاسواق،هي ابرز عمل قاموا به عمليا،والتحموا بالشعب لينوروه،وهل هذا العمل يعطي السلطات الامنية ان تقوم بهذه الاعتقالات.
سامية احمد محمد ليس لديها اجابة عن اسباب الاعتقال، وليس ثمة طريق امامها الا النفي،وهي علي علم بذلك ، لن تستطيع ان تنتقد نظامها الذي يوفر لها المأكل والملبس والمشرب،ويصرف لها المرتب من ضرائب من يعتقلهم نظامها ، فهي تشعر بالراحة النفسية ،عندما يزج بهم في المعتقلات المجهولة ،لان الكلمة الصادقة في زمن ارتفاع الدولار الامريكي قد يطيح بها اسفل سافلين .
وليس امامها شئ الا ان تقلل من حدوث خروج جديد يشابه الهبة السابقة ،باعتبار ان الخروج الكبير،هو ذهابها ،وسامية تنفي وجود اعتقال الناشطين والصحفيين ،والجميع يعلم كل يوم جديد منذ بداية الاسبوع ،ان الحملة الاعتقالية لم تهدأ،والاسر تفتقد ابناءها وبناتها والحوار دائر بين مدمني الكرسي الذي حافظ علي ديمومته عتقالات نظام سامية احمد محمدة ،ولا يستبعد ان يكون المتحاورون وراء ذلك ، كي لا تفسد الكيكة السلطوية.
هي السيدة النائبة البرلمانية تضع القطن علي اذنيها حتي لا تسمع من يخالفها، وعليك ان تدرك ان الشارع السوداني لا يكترث لك ، ويعلم انك ترتجفين منه ،كما يرتجف من قاموا بالحملات ، فلم يبقي امامك شئ الا النفي والانكار في مسرح الاستهتار الانقاذي(الكيزاني)…
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *