الوزراء الجُدد

عثمان ميرغني

زمان؛ عندما كُنّا في اتحاد الطلاب السودانيين بمصر، جئنا، أنا وزميلي راشد عبد الرحيم (ملحقنا الإعلامي بالقاهرة حاليا) في مهمة رسمية للخرطوم، وآثرنا أن نضرب عصفورين بحجر فنجري حوارات صحيفة لصالح مجلة “الثقافي” التي نصدرها في القاهرة..

بصفتنا ممثلي اتحاد الطلاب التقينا باللواء “جوزيف لاقو” في مكتبه بمقر الاتحاد الاشتراكي وبعد أسبوع أكملنا كل اللقاءات الرسمية الخَاصّة بالاتحاد عُدنا مُرةً أخرى لحوار صحفي مع اللواء لاقو.. ويبدو أنّه وافق على الحوار دُون أن ينتبه للأسماء.. وفي المَوعد المُحدّد وعندما دخلنا عليه أنا وراشد صاح بدهشة بعربي جوبا (دا شنو دا.. نفس الشكسيات) ويقصد “الشخصيات” طبعاً..

بعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد وجدت نفسي أكرر دهشة اللواء لاقو (نفس الشكسيات!!).. صحيح خفضت الحقائب الوزارية لكن نفس الأسماء القديمة عادت في مواقع أخرى.. مثلاً الدكتور أحمد بلال وزير الإعلام نال وزارة الداخلية.. والبروفيسور سمية أبو كشوة من وزارة التعليم العالي إلى الضمان الاجتماعي.. وبشارة أرو من الثروة الحيوانية إلى الإعلام، ومحمد أبو زيد من السياحة إلى الصحة.. وهكذا.. بينما بقي آخرون في مواقعهم وهم وزراء الدفاع والحكم الاتحادي والخارجية ووزير رئاسة الوزراء..

ربما المُفاجأة الوحيدة هي ورود اسم الدكتور عبد الله حمدوك وزير المالية والاقتصاد الوطني.. وهو شخصية قومية يعمل في مؤسسة دولية مرموقة وظل مُقيماً خارج السودان منذ وُصُول حكم الإنقاذ.

إعادة تكليف (نفس الشكسيات) ليست مُشكلة في حد ذاته، بشرط أن تكون الحيثيات مُستندة على رصد إنجازات سابقة في الموقع السابق.. لكن الصورة هنا تبدو مُحيِّرة للغاية.. فمثلاً.. الدكتور أحمد بلال وزير الإعلام السابق، هل حمله سجل نجاح في مواقعه الوزارية السابقة إلى محله الجديد في وزارة سيادية حسّاسة مثل الداخلية؟ أترك الإجابة لأعتى (مُتلقي حجج) في حزب المؤتمر الوطني.. حسناً، مثال آخر، البروفيسور سمية أبو كشوه نقلها من وزارة التعليم العالي إلى الضمان الاجتماعي يُعد (تخفيضاً في المرتبة).. فهل ارتفع بالدكتور الصادق الهادي المهدي سجله في وزارة التنمية البشرية لنقله مُترقياً إلى التعليم العالي، بينما انخفض بالبروف سمية أداؤها في التعليم العالي لتحط في الضمان الاجتماعي؟

الوزير محمد أبو زيد، هل سجله في وزارة السياحة نقله مُترقياً إلى الصحة؟

سجل الأداء ليس له علاقة بحركة التنقلات، فيبقى التعويل فقط على السياسات، بمعنى أن تكون هناك حزمة سياسات جديدة تطلبت إعادة انتشار الوزراء في المواقع المُناسبة.. فيطل السؤال، وما هي هذه السياسات الجديدة؟

بكل يقين ليس بين أيدينا في كل ما قيل منذ إعلان التعديلات الأخيرة مؤشرات لأية سياسات جديدة.. لا على المسار السياسي ولا الاقتصادي..

أتوقّع أن تواجه الوزارة الجديدة تحديات أكبر من سالفتها وربما حالت خُرُوج مُبكِّر باستقالات لبعض المُحبطين من القسمة والنّصيب.. في الأحزاب الحليفة بل وحتى بعض وزراء المؤتمر الوطني الذين خفضت درجاتهم الوزارية.

التيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *