ازمة جبال النوبة والنيل الازرق فى برنامج الواجهة

 بقلم / حماد صابون  – القاهرة  
[email protected]
سبب تطور الازمة السودانية يرجع الى تخلف العقل السياسى  فى ادارة شئون البلاد  بمفاهيم وطنية قومية لا تعبر عن دين وعرق  معين تمثل هوية الدولة الوطنية التى فشلت نخب التفكير الدينى  فى تاسيس مثل هذه المفاهيم ذات الطابع العقلنى لأدارة البشر والموارد ، ولكن الاشكال الحقيقى تكمن بعدم الاعتراف بحقوق الاخرين ومع الضغوط الدولية تاتى الاعتراف المجبر وبموجبة يتم  الحوار وتوقيع اتفاقيات بدون إرادة ذاتية   وثم التفكير الاستراتيجى فى كيفية  صنع معوقات يؤدى الى عدم التنفيذ ويتجدد الصراع بين الاطراف والنموذج كثيرة فى السودان منذا ميلاد اول ابرام اتفاق  فى موتمر جوبا عام 1947  الذى وافق عليها  الشعب الجنوبى على  الوحدة مع السودان الشمالى بدلا دول شرق افريقيا ولكن اصطدم الجنوبيين فى ميلاد استقلال السودان 1955  بالدستور الاسلامى   الذى  بموجبة رفضوا  الشماليين مسالة ادارة الجنوبيين لشئون أقليمهم فى اطار النظام الفيدرالي التى طبقت ونجحت وساعدت على نهضة  عدد من بلدان العالم الاول  ، وثم بعد ذلك تقننت منهج  نقض العهود وتجدد فى اديس ابابا ايضا مع الجنوبيين فى عام   1972 الى ان انفصل الجنوب ومازال هذا المنهج مستمر الى تاريخ اليوم 2012 بنفس العقلية الرافضة عملية الاعتراف بحقوق السودانيين الاخرين  الذين لم يتخلفوا طيلة فترات الحركات الوطنية فى السودان قبل وبعد  الاستقلال بل هم كانوا العمود الفقرى  لنجاح مقاومة المستعمر ( التركى والبريطانى فى السودان ) و الى ان نال السودان استقلاله بفضل مشاركة كل السودانيين واليوم النخب الحاكمة ترفض مشاركة كل السودانيين فى ادارة البلاد وبل يتم تخوينهم وتكفيرهم وضربهم بالأسلحة الكيماوية وتخرجهم من ديارهم وتطاردهم داخل المخابى فى الكهوف  وومعسكرات صحراء  الربع الخالى من مقومات الحياة ( للنساء والاطفال )   
وعلى خلفية  تاثر   تنفيذ اتفاق اديس ابابا بين  دولتى  ( جنوب السودان  والشمال ) اللذان وقعا  ثمانية بروتكولات واهمها الاتفاق  النفطى والترتيبات الامنية التى لم تشهد حتى الان اى خطوات ايجابية نحو التنفيذ الفعلى ، وفى اطار الاجابة على الاسباب الجوهرية لازمة التنفيذ وتداعيات جمود  التفاوض بين الموتمر الوطنى والحركة الشعبية  قطاع الشمال وعلاقة اتفاق الدولتين  بالحركة الشعبية قطاع الشمال وغيرها من الاسئلة الذى طرحه احمد بلال الطيب مقدم برنامج الواجهة  يوم السبت الموافق 24 نوفمبر 2012 الذى استضافه فيه العميد معاش / محمد مركزو كوكو والى ولاية جنوب كردفان سابقا و نائب رئيس الوفد المفاوض من جانب الحكومة  فى اديس بابا فى الجولتين الاولى والثانية،   واحمد كرمنو نائب والى النيل الازرق سابقا  ووزير الدولة  بوزارة الموارد البشرية بالنيل الازرق .
وكان الحديث يدور حول محور  اهمية الامن فى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين دولتى ( الجنوب والشمال السودانى ) ومخاوف تطور وتقدم الحركة الشعبية متجاوزا كادوقلى والدلنج والتوجه بقصفها نحو مدن مراكز القرار فى الخرطوم وهذا جاء على لسان مقدم البرنامج بلال احمد الطيب الذى قال بالنص ( ان القصف الذى نشهده فى كادوقلى اذا لم يتم معالجة امر الترتيبات الامنية ان هذا القصف يمكن ان يصل الخرطوم  وهذا ما لا نريده)   ، ، وبعد ذلك توجه بموجة اسئلته الى الحاضرين معه فى الاستديو واخرين خارج الاستديو والاستعانة بالرسائل الالكترونية التى تحمل بعض الاسئلة التى لم تعجب الضيوف المكلفين لدفاع عن مصالح الحزب الحاكم مقابل امتيازات ( مالية ومناصبية دنيوية ) لم تشفى لهم يوم القيامة .
وكان حديث الحكوميين المكلفين بامر سيادتهم فيه درجة عالية من التناقض  فى تناول الامر السياسى ذات الصلة بازمة المنطقتين  ( جبال النوبة والنيل الازرق ) وانهم يقولونا اننا لا نتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بحجة انها تابع لدولة الجنوب ولا يمكن ان نتفاوض مع طرف يتبع لدولة اخرى ، ونفس المتحدث يقول نحن ذهبنا المفاوضات مع الحركة الشعبية ولكنها غير جادة ومن جهة  ياتى حديثهم ان اجندة الحركة لم تخاطب مطالب المنطقتين ومع حديث عدم الاعتراف بالحركة الشعبية يقول متحدث النيل الازرق احمد كرمنو قال ان رئيس الجمهورية اعلن العفو لكل حاملى السلاح فى المنطقتين لمن يرغب العودة  الى حظيرة الطاعة وقبول الاستبداد الدينى ، والسؤال كيف للمهزوم عسكريا على الارض  يطلق نداء ( ارضا سلاح لمن هزمة ؟ ) انها امرا غريب فى حديث رئيسهم الذى تقطع حباله الصوتية  ، كرمنو يواصل هرجلته الغير منضبطة ويقول لا نتفاوض مع قطاع الشمال مالم  يصدر نظام اساسى جديدة ويتبع المنطقتين  لشمال  وبعد ذلك يمكننا الاعتراف بهم والتفاوض معهم ، ولكن الشى المعروف والمعلوم لدى كل العالم ان الموتمر الوطنى  بعد اندلع الحرب بثلاثة اسابيع  فوض ووقع اتفاق اطارى فى 28 يونيو 2011 قدم فيه اعترافا باينا بقطاع الشمال وثم استقبل الموتمر الوطنى قرار مجلس فى 2 مايو 2012 وسجل اعترافا  ووقع مذكرة تفاهم  الخاصة بالمحور الانسانى  فى 5 اغسطس 2012م وثم بعد ذلك تقدم الموتمر الوطنى بورقته للوساطة   لتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال الذى تركتهم فى اديس وذهبت قيادة الحركة الى الولايات المتحدة الامريكية  وبعد ذلك ياتى الموالى المكلفين بامر قيادة  الاسلام السياسى يقولنا  هذا العبث التناقضى فى الحديث السياسى  ، ان الدروس المستخلصة فى جدل ازمة المنطقتين الذى تناوله ضيوف احمد  بلال اهمها :
( 1 ) ان الحركة الشعبية قطاع الشمال مهدد رئيسى بصورة مباشرة لتنفيذ الاتفاق الذى تم بين الدولتين لأستئناف ضخ البترول وتطبيق تفاصيل الترتيبات الامنية فى الشريط الحدودى  المحدد بالكيلومترات حيث تواجد قوات قطاع الشمال لا يستطيع الموتمر الوطنى عسكريا دهرهم وكذلك دولة الجنوب لها التزامات اخلاقية بان المنطقتين لديهما مطالب مشروعة يجب التفاوض معهم وسلفا رئيس جمهورية جنوب السودان ابدا استعداده لتوسط لحل ازمة دولة الشمال الداخلية ولكن البشير رفض هذه المبادرة ويطالب دولة الجنوب ان تقوم نيابة عنها بنزاع سلاح من جيش قطاع الشمال وهذا ما رفضه دولة الجنوب وادى الى تاثر اول اجتماع حول الترتيبات الامنية ، وبلا شك من غير النظر فى مطالب قطاع الشمال لا يمكن التكهن بنجاح ما تم بين الدولتين فى اديس ابابا ولا يمكن ان يكون هنالك استقرار حقيقى ( سياسى واقتصادى فى السودان ) فى ظل رفض المريض لتناول الدواء الشافى لمرضه
( 2 ) مخاوف تطور وانتقال صوريخ الحركة الشعبية ان تتجاوز كادوقلى والتقدم نحو كافورى وهذا سيشكل ضغط شعبى على الموتمر الوطنى لتفاوض مع الحركة الشعبية التى لا ترى اى ضمانات او امل لأبرام اى اتفاق مع الموتمر الوطنى الذى يعانى من انقسامات داخلية لديها القدرة على اجهاض اى مشروع اتفاق يفضى الى الاستقرار السياسى للبلد ويجنب شر تقدم الجبهة الثورية لتغير النظام .
( 3) صعوبة هزيمة الحركة الشعبية الذى يقودة شباب تكونت لديهم قناعات بعدالة قضية نضالهم ولهم دافع حقيقى  لدفاع عن اهدافهم المشروعة وعكس المليشيات والموالى المؤجرين مقابل ( مرتب مالى ) وهذا يؤكده الحديث الذى تفضل به الخبير العسكرى محمد مركزو الذى  تحدث عن انواع الحروب الصعبة  واكد ان الحرب الجبلبة من اصعب الحروبات التى يمكن يؤدى الى اكبر قدر من الاستنزاف الحكومى   وموكدا بقولة ( ان الجندى الواحدة فى الجيش الشعبى يقابل عشرة جنود من جانب الحكومة ) وهنالك عدد من الخبراء العسكريين السودانيين تقدموا بدراسات مبنية على تاريخ الحركات التحررية فى العالم موكدين بوقع تجاربهم الطويلة  ان ليس هنالك تجربة ناجحة  افضت الى اخماد الثورات المطلبية من جانب الحكومة ومشيرين الى  ان شعب اقليم جبال النوبة هم اساس وقادة ( الامبراطورايات العسكرية ) فى الماضى والحاضر وهزيمتهم غير وارادة حسب الدراسات العسكرية فى الاكاديمية العسكرية  ، ولكن هل الموتمر الوطنى مستفيد من دروس خبراءه العسكريين ؟ لا اعتقد ذلك لان مراكز القرارات العسكرية والمدنية لم تكن واحدة فى منظومة الموتمر الوطنى  ، ولذلك الحل الوحيد تكمن فى اعتراف الموتمر الوطنى بهزيمته العسكرية والسياسية ومغادرة كرسى السلطة طوعا للقوى الوطنية المدنية للأستفادة من اخطأ 60 عاما  و تقرر عملية كيف يحكم السودان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *