أغنية “حلم” تجسد مأساة المناصير إبداعياً

التغيير: لؤي قور

من بين عدد من المحاولات لتجسيد مأساة غرق أطفال المناصير – وهم في طريقهم لمدرستهم على الضفة الأخرى من النيل – إبداعياً، من خلال الشعر والرسم والغناء. كانت مساهمة الفنانة “نانسي عجاج” هي الأبرز. حيث نالت أغنيتها “حلم” من أشعار “فيصل عبد الحليم” وألحانها، والتي تجسد تلك المأساة. نالت استحسان عدد كبير من النقاد والمهتمين ورواد التواصل الإجتماعي، ربما لقدرتها على النفاذ للسامع على الفور، وتنقل له الإحساس الذي يمكن أن تصنعه أخبار المأساة حال سماعها. ولعل جزء من الإحتفاء بتلك الأغنية يأتي من محاولات سبقت الأغنية لتجسيد الواقعة إبداعياً ولم يكتب لها النجاح كان أبرزها قصيدتي الشاعرتين “داليا الياس”، و”روضة الحاج”. حيث كتبت الشاعرة داليا الياس قصيدة في وصف وتوثيق للحادثة، وتداعياتها فجاءت قصيدتها “يا حليمة”، خالية من الإحساس. بل مضى البعض للقول بأنها قصيدة “طفولية”، وتفتقد لكافة مميزات الشعر وعذوبته. تقول داليا في مطلع قصيدتها

يااااااا “حليمة”

والبنات صبحن وليمة

“للتماسيح اللئيمة”

الله يكتب ليك عزيمة

ويبقى صبرك ليك غنيمة

ووجدت هذه القصيدة نصيباً وافراً من التقريع، للحد الذي جعل البعض يصنفها على أنها مما “يستفز” أهالي الضحايا بمثل هذا الحديث السطحي، الذي يشبه الشماتة.

المحاولة الثانية كانت من الشاعرة “روضة الحاج” والتي فُهم من ثنايا قصيدتها في تجسيد الفاجعة، فُهم بأن الشاعرة اتهمت النيل بالتسبب في كل ما أحاط بهذه المأساة من مواجع. ومضى البعض للقول بأنها استندت في فكرتها تلك إلى تقاليد نيلية قديمة قدم عبادة النيل، حين كانوا يردون إليه كل الخيرات والشرور. فنالت قصيدتها من الإستهجان ما أوصل البعض لإطلاق لقب “قاتلة النيل” عليها. بينما اعتبر البعض أن الأمر لا يخلو من دلالات “سياسية”، تهدف منها الشاعرة إلى إبعاد التهمة عن “الجاني الحقيقي”، وهو في هذه الحالة “الحكومة” المسؤولة عن خدمات التعليم والصحة، التي أودى ترديها بأرواح الضحايا. مما يجعل الشاعرة والقصيدة – في نظر الكثيرين – خارج الدائرة الوجدانية المتأثرة بالمأساة: تقول روضة الحاج في قصيدتها:

‏ أصرخُ ليتني

‏لو كنتُ نيلاً لا يخونُ صغارا !!

‏جسراً نبيلاً كي أمُرَ إذا غدوا

‏طوقاً لأُنجي البحرَ والبحّارا

‏أو مركباً يحنو على ضحكاتِهم

‏ويُقدِّرُ الأوراقَ والأحبارا

ومن كل ما سبق يتبين أن سبب الرواج الذي لقيته الأغنية هو مما عبرت عنه من مشاعر يتبناها الوجدان الجمعي السوداني في هذا المقام. ونجحت في إيصالها للمتلقي بالعمق الكافي. تقول نانسي عجاج في أغنيتها:

النيل سليل الأكرمين

ما بشيل حلم أطفال يفوت

النيل أصيل

معنى وصفات

فضح السكات

الفي الصفوف

فضح الكفوف

الما بتشيل بضراعا حق

فضح الضمير الفينا مات !!

وأتفرقت بينا الجهات

وإتوحدت فيها الهموم

الوشهم لفحو السموم

والقلبهم قطعو الشتات

وأحلامنا يومي بتتسرق

خوف في الغرب

شقا في الشرق

عمت القلوب الفي الشمال

لما الجنوب خلانا فات !!

لو خوفنا راح

وطريقنا مرصوف بالثبات

ومشينا للحرية صاح

لابد أكيد …

ومهما طال الليل ضناهو

الفجر جاي وضياهو عيد

ونعود عزاز زي مامضى

ونفوسنا يرويها الرضى

وضميرنا تملاهو الحياة

وتشرق شموس الأغنيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *