حسن اسحق
الحرية لا يمكن ان تعطي علي جرعات، فالمرء اما ان يكون حرا او لا يكون، نيلسون مانديلا مناضل سياسي واول رئيس لجنوب افريقيا بعد انتهاء التمييز العنصري .المقرف في الامر هو اعلان لجنة الاعلام والثقافة بالبرلمان رفضها القاطع لما وصفته (بالاعتقالات) المشبوهة، لمراسل صحيفة الحياة اللندنية ومستشار صحيفة التغيير النور احمد النور الذي اعتقل الخميس الماضي،ووصفت رئيس لجنة الاعلام والثقافة بالبرلمان الاستاذة عفاف تاور اعتقال مراسل الحياة اللندنية ورئيس التحرير السابق لصحيفة الصحافة ، بالردة والانتكاسة البائنة في قضية الحريات العامة ووجهت السلطات الامنية باتخاذ الاجراءات القانونية تجاه النور في حال ثبت ادانته، واعتبرته اعتقال مشبوه وسياسي ، واعربت عن خيبة املها تجاه مايجري للصحفيين، وقال كنت اتوقع ان تقود مخرجات مؤتمر الاعلام الي انفراج لا تزيد الاعباء علي المجتمع الصحفي ،واضافت (ما قادرة افهم انو دا تراجع ولا شنو)،وراته انتكاسة بعد الانفراج اللافت للحريات الذي رآه العالم.
وبعد انقضاء اقل من اسبوع اطلق جهاز الامن الوطني سراح الصحفي النور احمد النور ليلة الاربعاء 30/اكتوبر من دون ان يمثل امام القانون. واما حديث عفاف تاور عن اعتقال النور واصفة وضع الحريات بالردة والنكسة البائنة، وتريد ان تتلاعب بالقارئ ، انها لا تعرف ان الذي يحدث هل هو تراجع ام ماذا ، وهي رئيس لجنة الاعلام و الثقافة بالبرلمان، وليس غائب عليها كل الممارسات المخالفة للقانون وانتهاكات جهاز الامن، وقولها انها لا تستطيع الفهم، هو هروب من مواجهة من يعتقل ويصادر ويمنع الاخرين ان يعبروا عن اراءهم،وعفاف تعلم جيدا ان قانون جهاز الامن الذي لا تحاول الاقتراب منه،او فتح صفحته امام برلمانها لمناقشته هو من يعطي الغطاء الدستوري لاعتقال الصحفيين والطلاب والطالبات والناشطين، وهذا التراجع الذي تدعي عدم استيعابه موجود في قانون جهاز الامن. وعفاف تاور التي تتحدث عن الردة في مجال الاعلام، ايضا عليها ان تتحدث عن الردة في مجال حقوق الانسان ، واوضاع النازحين في كل المناطق السودانية من دارفور والنيل الازرق، واخرها قصف الطيران الحكومي لمنطقة هيبان في جبال النوبة، وادي القصف الي قتل ستة افراد من اسرة واحدة، بعد رمي البراميل الحارقة عليهم. وفي سياق الحقوق ، ذكرت لجنة التضامن مع المعتقلين واسر الشهداء عن اعتقال 55 شخصا بدون مبررات بمناطق جنوب كردفان ،فالاوضاع في جنوب كردفان لا يتوقف علي القصف المتكرر علي المدن والقري، بل يشمل الاعتقالات لابناء المنطقة،واعتبره كثيرون استهداف صريح..
عفاف تاور لا تدري القصف بالطيران في هيبان ، واعتقال العشرات من ابناء جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان،من الجيد ان تتحدث الردة والانتكاسة في مجال الاعلام، وتوجيه الجهات الامنية باتباع الاجراءات القانونية، ولكن علي عفاف تاور ان تناقش هذه القضية التي تؤرقنا جميعا، وهي الصلاحيات الواسعة لمؤسسة مفترض ان تخضع للقانون والمساءلة والمحاسبة، وهي ليست كبيرة علي ذلك، والبرلمان هو المكان المناسب، باعتباره المراقب الذي يسائل من اخطأ في حق الاخرين، واخفق في اداء عمله وواجبه، والجهاز مؤسسة ينبغي ان لا تقدس، ولو افترض ذلك، وهي من مكانها يجب ان تبادر في ذلك، وهذا مستحيل، لان البرلمان اصبح مؤسسة ديناصورية، حرصها علي العمل زيرو كبير، هو تجمع (للمنفعجية) وتحريم تعليم فنون الرقص للشباب، ولن يحرموا القتل يوما، ولن يدينوا الاعتقال، وهل البرلمان يملك جرأة المطالبة بالمثول امامه خاصة جهاز الامن، قد يستدعي وزير المالية والداخلية والاقتصاد، وغيرهم، ولماذا يا عفاف لا يستدعي البرلمان هذا الجهاز كبقية المؤسسات الاخري، وستجدين الاجابة الاكيدة، بدل من الهروب الي الوراء، وادعاء التراجع والنكسة،واليوم الذي يمثل في برلمانكم هذا،كل الغشاوات الضبابية سترينها بصورة واضحة لا لبس فيها علي الاطلاق، طالبوهم للمثول، ووجهوا لهم الاسئلة، ماهي اسباب اعتقال طالبات داخلية البركس؟ ولماذا لم يقدموهن امام القانون؟ واين راشد الناشط النوبي؟، اطلق سراح بعض طالبات دارفور، وماهي اسباب وجود حواء (تيكو) لدي السلطات الامنية؟ وماذا فعل النور امام النور؟ حتي يعتقل قرابة اسبوع، ويطلق سراحه بعد ذلك، وبعد عودة الصيحة للصدور بعد وقوفها لاشهر، ولماذا صودرت بعد الطبع؟ وطلب من مالكها ان يوزعها بعد الظهيرة؟ هي اسئلة مشروعة، والمكان الوحيد للمناقشة والمساءلة هي القبة، وهي قبة الصمت البرلمانية. واذا كان هناك ردة وانتكاسة، وهذه الردة في برلمانكم.. .
واعتقلت طالبات دارفورمن قبل الاعتقال لدي جهاز الامن ثاني ايام عيد الاضحي، وعقدت مؤتمرات صحفية ووقفات امام المفوضية القومية لحقوق الانسان في الخرطوم، من اجلهن طالبات، المعروفات اعلاميا بطالبات دارفور، وكانت بعيدات عن الدراسة، ولا معلومات عن احوالهن الصحية والنفسية، وهن لسن الوحيدات، قد يكون هناك اخرين، لا نعلم عنهم في بلاد (الواقواق) كما يقول الاستاذ صلاح احمد عبدالله في عموده الراتب (مفارقات) بصحيفة الجريدة اليومية، وهناك راشد الناشط المعتقل النوبي منذ فترة لدي الامن ، نظموا له وقفة امام وزارة العدل، وونشرت بعض الصفحات علي مواقع الفيسبوك ان جهاز الامن استدعي الناشط اكرم احمد لساعات، وبعدها سمحوا له بالذهاب، وصادر جهاز الامن صحيفة الصيحة بعد ان عاودة الصدور يوم الثلاثاء بعد الطباعة، واتصلوا علي مالكها وقالوا له، قد حان وقت توزيعها، ومعروف ان التوزيع يبدأ من الصباح الباكر، حتي تصل الي اكبر عدد من القراء، بأستثناء بعض الولايات التي تصلها الصحف في المساء. وايضا مازالت طالبة دارفور والناشطة العروفة بحواء (تيكو) قيد الاعتقال منذ مدة ليست بالقليلة، وكل التعامل الذي يتم في عمليات الاعتقال، يقول قانونيون انه لا يتواقف مع الدستور، لانه لا يوفر للفرد اي حق في المثول امام القانون، والاعتقال في حد ذاته رهن مزاج السلطة، تعتقل متي ما ارادت ذلك، وتطلق سراحهم متي ما رغبة في ذلك. وكل من يحاربون هذه السلطة بوسائلهم المختلفة يريدون الحرية، وهم كما يقول المناضل نيلسون مانديلا، الحرية لا تعطي مثل الجرعات، اما ان تكون حرا او لا تكون حرا ، وكلنا نرفض هذه الجرعات، والكل يريد العبور اليها، والكل له الادوات التي تؤهله لانجاز ذلك، لان الجرعة قد تكون ناقصة ومنتهية الصلاحية مثل الدجاج الذي تسبب في تسميم اعضاء المؤتمر الوطني في مؤتمرهم العام الاخير في بري ،كلنا يرفض جرعة الحرية المسممة والناقصة، نريد ان نكون احرارا او لا احرار.. .
[email protected]