ضابط سابق في الاستخبارات يروي علاقة الجنجويت والحكومة في دارفورالحلقة 4 :حاتم تاج السر

ضابط سابق في الاستخبارات يروي علاقة الجنجويت والحكومة في دارفورالحلقة 4 :حاتم تاج السر

 

مراحل دمج الجنجويت في القوات النظامية المختلفة:

المرحلة الأولى :

بدأت المرحلة الأولى لعملية دمج الجنجويت في القوات النظامية المختلفة في الاجتماع الذي عقد في الخرطوم بين مجلس الأمن الوطني وبعض مؤسسي تنظيم (قريش) وكان من بين البنود التي تم الاتفاق عليها هو إنشاء مركز بمنطقة أم سيالة الواقعة في شرق مدينة كتم بشمال دارفور لاستخراج بطاقات عسكرية للجنجويت السودانيين وجنسية سودانية وبطاقات عسكرية للمليشيات القادمة من دول الجوار.أنظر رقم (6) من الاتفاق في الحلقة الأولى من المقال.

 

المرحلة الثانية :

تمت المرحلة الثانية من الدمج بوصول عدد من ضباط الاستخبارات وضباط الجيش وكبار المسؤولين في حزب( المؤتمر الوطني )وأعضاء تنظيم ( قريش ) التجمع العربي سابقا  إلى الفاشر برفقة كل من صلاح عبد الله قوش مدير جهاز الاستخبارات والأمن الوطني وعبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطني وأحمد محمد هارون وزير الدولة بوزارة الداخلية لوضع الطريقة المثلى لتوظيف المليشيات وتجييشها وترتيب تعويضاتها أي توقيع اتفاق مع قادة الجنجويت للوقوف إلى جانب الحكومة لمواجهة التمرد وفي إجتماع عقد في الفاشر بحضور الوفد القادم من الخرطوم وولاة ولايات دارفور الثلاث وقادة القوات النظامية والأجهزة الأمنية بالولايات الثلاث وممثلي مليشيات الجنجويت وهم موسى هلال وعلي كوشيب ومحمد حمدان دوغلو وسعيد عبد الله حسين ومحمد هادي عمير وفي هذا الاجتماع تم التأمين على الجهود الأمنية السابقة وإجازة خطة جديدة وكان من أهم بنود الخطة الجديدة التي أجيزت في الاجتماع هو تعيين اللواء الهادي آدم حامد منسقا بين الحكومة و الجنجويت ووضعهم تحت إمرة موسى هلال وإختيار منطقة (مستريحة ) لتكون المقر الدائم لهذه المليشيات كما تم تكوين وحدة عسكرية غير معروفة ( حرس الحدود ) لتكون إسما جديدا لهذه الميشيات حيث تم تعيين اثنين من ضباط الإستخبارات العسكرية لتنفيذ العملية وهما المقدم عبد الواحد سعيد على سعيد بوصفه قائدا عاما لهذه الوحدة الجديدة والمقدم عبد الرحيم محمد عبد الله رئيس عمليات وتتلقى هذه الوحدة تعليماتها وأوامرها من اللواء الهادي أدم.

ولتنفيذ بنود الخطة تم نقل كل المليشيات إلى مستريحة وقد أقيم في مستريحة معسكران للتدريب وذلك لدمج الجنجويت في القوات النظامية المختلفة أحدهما تحت إدارة شرطة الاحتياطي المركزي، يدرب فيه 200 ـ250 رجل  لثلاثة أشهر على الأسلحة  والقوانين و في كل  دورة يوفد بعضهم ليحصلوا على مزيد من التدريب في الخرطوم وفي سوريا  ومعسكر آخر تحت أمرة الجيش و  يدوم هذا التدريب الأخير شهرا واحدا فقط  ضاماً 150 – 200 رجلا في كل مرة وفي عام 2005 تم بناء معسكر كبير فيها كهرباء وتلفزيون وخيام ومكاتب للإدارة ومخازن ومستودعات للأسلحة والذخائر والمهمات العسكرية الأخرى وملاجئ  وبوابات للدخول والخروج لتكون رئاسة الجنجويت أو حرس الحدود.

وهذه المرحلة هي المرحلة التي تمت فيها  تغيير اسم الجنجويت إلى حرس الحدود في مستريحة فقد  صدق  المقدم الصوارمي خالد سعد عندما قال أن مقر رئاسة حرس الحدود في دارفور لأنها منطقة متأزمة وتعمل على احتواء كل العمليات خاصة في المناطق القبلية ولكنهم سيظلون جنجويت وإن حملت نمر عسكرية وامتلكت أسلحة وسيارات حكومية وقادها ضباط من الجيش والشرطة والاستخبارات.

 

المرحلة الثالثة :

تمكن الجيش الحكومي والجنجويت من إلحاق خسائر في صفوف (جيش التحرير) وتفكيك معاقله الرئيسية وتدمير قدراته القتالية في ولاية شمال دارفور في الفترة بين ديسمبر 2003 ويناير 2004 خاصة بعد مقتل عبد الله أبكر القائد العام وباحتواء التمرد العسكري الذي شكلته جيش التحرير غيرت الحكومة إستراتيجيتها وذلك بإرسال عدد 300 شاب من حرس الحدود أو الجنجويت لتدريب متقدم على المشاة تحت إشراف ضباط سودانيين وضباط من روسيا في معسكر الاستخبارات العسكرية في شمال أم درمان ومن ثم عادوا إلى دارفور بعد تخرجهم في  منتصف سنة 2005 كمدربين للمليشيات الجنجويت ليتم دمجهم في القوات النظامية المختلفة .

 

المرحلة الرابعة :

أدت توقيع اتفاق سلام دارفور في مايو 2006  والتزام الحكومة بـ ( تحييد ونزع سلاح الجنجويت ) وتعيين أحد قادة التمرد في منصب كبير مساعدي الرئيس وتخصيص مبلغ من المال ووظائف للمتمردين الموقعين للسلام والاتفاق على دمج عدد من قواتهم في الجيش والشرطة والقوات النظامية الأخرى ، أدت هذه الاتفاقية إلى تذمر الجنجويت واتهام الحكومة بالخيانة وأنها تريد أن ضحي بهم لضمان بقاء نظامها السياسي ،فطالبوا من الحكومة بتنفيذ بنود اتفاقية أبوجا مع الجنجويت أيضا فقبلت الحكومة مطلبهم فخصصت للجنجويت مناصب سيادية ودستورية من بينها تعيين موسى هلال مستشارا في وزارة الحكم الاتحادي إلى جانب وظائف في الخدمة المدنية ومبلغ من المال واستيعاب 700  من الجنجويت في شرطة الاحتياطي المركزي و1815 في الجيش ممن كانوا ينشطون على طول الطريق الرابط بين كبكابية والفاشر ولم يتم  رفض إلا 85 فرداً فقط  وذلك بسبب اللياقة البدنية وأسباب طبية كما تعهدت الحكومة بإلحاق 1300 منهم في القوات النظامية الأخرى بعد ثلاثة أشهر من تاريخ استيعاب الدفعة الأولى ، هذا إلى جانب صفقة عودة محمد حمدان (حميتي ) إلى حظيرة الحكومة بعد تمرده حيث تضمن البند الثامن من الاتفاقية على اتفاق دمج 3 آلاف من رجاله في الشرطة والجيش والقوات النظامية الأخرى مع قبول 200 إلى 300 منهم في الضباط .

 

المرحلة الخامسة :

حاولت الحكومة في هذه المرحلة وضع عملائها (الجنجويت ) في الأجهزة العسكرية الرسمية كمحاولة لإخفاء الجنجويت والمرتزقة وغيرهم من المليشيات التي ساندت الحكومة ،بيد أن امتلاك بطاقات هوية عسكرية كانت وما زالت المطلب الرئيسي لمليشيات الجنجويت ويدعمهم في ذلك زعماء عشائرهم حيث اشترط ناظر قبيلة عريقات بمحافظة كتم حماد عبد الله جبريل مطلبين من أجل السلام : احترام قوانين الأراضي العرفية التي تسمح للعرب الرحل بالعبور والرعي وبطاقات هوية عسكرية للجنجويت وبناء على هذا المطلب تم منح 1700 من هذه المليشيات بطاقات هوية عسكرية وخصوصا بعد هجوم حركة العدل والمساواة على الخرطوم في مايو 2008 هي الفترة التي فشلت الحكومة في السيطرة على دارفور بسبب ضعف الجيش الحكومي وتدهور معنوياته وعدم رغبته للحرب نتيجة لعدم قناعة الجيش لأسباب الحرب والتي أدت إلى اعتماد الحكومة على الحنجويت و الاستعانة على القوات الجوية لقصف مواقع المتمردين ورصد تحركاتهم بدلا من تحريك الجيش على الأرض لمواجهة التمرد .

كما بدأ مسؤولو التعبئة في الحكومة حملة تجنيد واسعة النطاق في دارفور وتسليح وتمويل العديد من المليشيات العربية لاستخدامها في عمليات استهداف الأجانب في دارفور في حال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير إلى جانب استخدامها في فرض السلام بالقوة ( إستراتيجية السلام من الداخل ).

وبناء على هذه المراحل يمكن القول أن ما قاله المقدم الصوارمي خالد سعد في تصريح يوم 3/10/2010م هو صحيح في الكثير من الجوانب فالجنجويت اليوم قوات نظامية ولها نمر عسكرية وأسلحة ومركبات حكومية بعد أن غيرت إسمها إلى حرس الحدود وأن قيادة الجنجويت ورئاستها في مستريحة أصبحت الآن وحدة عسكرية تنتمي للقوات المسلحة وتخضع لقانونها وكل فرد فيها يحمل نمرة وبهذه العملية لقد تحولت القوات المسلحة السودانية إلى مليشيات قبلية مسلحة وهذا يتطلب إعادة هيكلة القوات المسلحة والشرطة والقوات النظامية الأخرى عند توقيع إي اتفاق مع الحكومة وإلا سوف يجد أهل دارفور أنفسهم تحت إدارة جيش وشرطة وأمن مكونة من الجنجويت في الفترة المقبلة .

 

 

للحكومة أسلحة أخرى في دارفور( الايدز والمخدرات )

الحرب الباردة :

بعد عودة الفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع والفريق صلاح عبد الله قوش  مدير الأمن والمخابرات من دارفور،اجتمع مجلس الأمن الوطني في 23/5/2004 بشأن مناقشة التقرير الأمني المقدم من الفريق عبد الرحيم محمد حسين والفريق صلاح عبد الله قوش  حول سير العمليات العسكرية والوضع الأمني وفي هذا الاجتماع قدم عدة مقترحات بشأن استخدام آليات أخرى فعالة إضافة للعمليات العسكرية ومن تلك الآليات التي تم تأمينها وأصدرت توجيهات بتنفيذها عن طريق الاستخبارات العسكرية :

 

1.  تفكيك الحركات المسلحة في دارفور باستخدام المال وخصص ميزانية لهذا الغرض تحت مسمى ( إعمار الدار) ووضعت تحت تصرف الاستخبارات العسكرية وولاة الولايات الثلاثة .

2.  إطالة أمد الحرب وإبقاء النازحين واللاجئين في المعسكرات لأطول فترة ممكنة رغبة في تفكيك الكيان الأسري المتماسك في دارفور وتدمير القيم والأخلاق لدى الشباب بخاصة واستمرار التخلف والفاقد التربوي حتى تتسنى للحكومة من تحويل النازحين إلى مدمني المخدرات والخمور و فقراء مدن وتوطين الجنجويت في قرى النازحين الأصلية فضلا عن تصفية من يتحدث عن العودة إلى القرى الأصلية مع ترويج رغبة الحكومة لعودة النازحين إلى قراهم الأصلية لتضليل الرأي العام.

3.  استهداف الجيل الناشئ بترويج المخدرات والخمور والمشروبات الكحولية في مدن دارفور ومعسكرات النازحين واللاجئين .

4.  نشر الايدز في المدن الآتية كمرحلة أولية وهي ( الفاشر ، نيالا ، زالنجي ، الجنينة ، كبكابية ، كتم  ،مورني ، كرينك ، قارسلا) وذلك لوجود كثافة عالية للنازحين في هذه المدن وحولها .

5.     زرع أكبر كمية ممكنة من الألغام في مناطق مختلفة من دارفور .

6.  تمليك مزارع وبساتين النازحين واللاجئين للجنجويت والمستوطنين الجدد القادمين من خارج السودان واستخراج وثائق ملكية بأسمائهم من جهات الاختصاص بتواريخ قديمة.

7.  تغيير أسماء المناطق كخطوة أولية لإجراء تغيير ديموغرافي شامل للإقليم لصالح الوافدين والمستوطنين الجدد والبدو الرحل .

 

في الحلقة القادمة:

·        الثوار العرب 🙁 جبهة القوى الثورية المتحدة  ) نموذجا

·        مواقف مشرفة من نظار العرب (سعيد مادبو ، محمدين الدود ، الهادي عيسى ) نموذجا

·        الخاتمة

 

[email protected]

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *