أقفلت الوساطة أمس أبواب غرف التشاور الدارفوري أمام أي تصريحات رسمية، مبقية مضمون جلسات التشاور وأطرافها خلف الجدران، فاليوم التشاوري الطويل الذي بدأ منذ الصباح بحضور وزير الدولة للشؤون الخارجية، أحمد بن عبد الله آل محمود، والوسيط الأممي المشترك، جبريل باسولي، اتسم بشكل عام بالهدوء والمراوحة لجهة تحرك أطراف الملف، ومن ناحية أخرى بالضبابية المخيمة على مسار تقدم الحوارات غير الرسمية الدائرة نحو “مفاوضات مباشرة”.
لكن الجديد في اليوم الرابع من مشاورات دارفور تمثل في صياغة حركة العدل والمساواة لورقة تتضمن رؤيتها المتكاملة للوحدة الاندماجية بينها وباقي المجموعات على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، حيث يفترض وفقا للناطق باسمها، أحمد حسين آدم، أن تضع الوساطة في أجوائها وتتطرق إلى تفاصيلها خلال المشاورات الدائرة مع الحركات. وإذا كانت الوساطة قد تركت مسألة جلوس الحركات بشكل رسمي مع بعضها البعض للحركات نفسها، على أمل أن تخرج بموقف تفاوضي موحد، فقد دخلت أمس على خط عملية تقارب الحركات شخصيات دارفورية تسمي نفسها إما بالمجتمع المدني أو قيادات من الإقليم؛ لتعمل على تقريب وجهات النظر بين الحركات وتوحيدها، مفضلة عدم الإدلاء بأي تصريحات؛ “لكونها جاءت لتعمل بعيدا عن الأنظار”. والواقع أنه بعد طرح العدل والمساواة أمس الأول مظلتها كشرط للجلوس على الطاولة، جاءت رؤيتها للوحدة الاندماجية لتفتح باباً جديداً من أبواب مسار التشاور بين الحركات. وأوضح آدم أن الرؤية الموضوعة متكاملة “قائمة على الشراكة وعلى أساس لا غالب ولا مغلوب، والانتصار للقضية وحقوق الشعب المشروعة”. وقال: “تأتي الرؤية كخلاصة حقيقية وعملية، ونتيجة لتقييم شامل للقضية في الإقليم ولتجارب العمل المشترك السابق في إطار النضال المسلح”. دوافع وضع الرؤية تنطلق وفقا لآدم من عاملين، أولهما وجود السودان على مفترق طرق وليس فقط دارفور، “مما يضع الجميع أمام مسؤولية تاريخية، لا سيما وأن عدم حل قضية الإقليم في صورة عاجلة وشاملة سيذهب السودان نحو التقسيم”، لينطلق ثانيهما من استجابة الرؤية الوحدوية الاندماجية لتحديات مراحل محددة، بدءاً بالعملية التفاوضية، ثم تطبيق اتفاق السلام الشامل ما إن يتم التوقيع عليه، وصولا إلى تأسيس حزب سياسي جامع يعمل على تغيير تركيبة الحكم في السودان ويدخل في اللعبة المحلية الديمقراطية،” وهو الهدف المستقبلي للحركة”، ليؤكد آدم في هذا السياق أن رؤية الحركة ليست تكتيكية إنما إستراتيجية، “خصوصا وأن المراحل الثلاث المذكورة تفرض وجود وحدة بين المجموعات كافة”. وفي وقت رفض فيه الناطق باسم الحركة تقديم تفاصيل عن طبيعة الشراكة المقترحة، أعلن بالمقابل أنها ستترجم على مستوى المؤسسات السياسية والعسكرية والدبلوماسية والإعلامية، مفضلاً ترك تفاصيل الورقة للمشاورات التي ستجري مع المجموعات. أيام المشاورات الماضية شهدت سلسلة من الحوارات الجانبية بين الحركة والمجموعات كلها من دون استثناء، تلمست “العدل والمساواة” منها- وفقا لآدم- كلاماً إيجابياً تأمل أن ينتج عنه وحدة جامعة بينها وبين الباقين. وعما إذا كانت الإيجابية المذكورة تعني قبول المجموعات بالانضواء تحت مظلة العدل والمساواة- وهو الشرط الذي وضعه أحمد تقد للجلوس على الطاولة- أوضح آدم أن اللقاءات حتى الساعة غير رسمية، “ومن المبكر الكلام عن المسألة المذكورة”. وفي وقت جدد آدم التزام الحركة بمنبر الدوحة، شدد على رفض الحركة الكلام عن تأجيل المفاوضات أو تحديد زمن لها؛ لكونها تريد إعطاء الفرصة الكاملة لإجراء المشاورات “وبعدها لكل حادث حديث”. وأضاف: “سنبقى منفتحين على الجميع، ونتشاور مع الوساطة والمجموعات الباقية الموجودة في الدوحة بصورة إيجابية، كما سنعطي الوساطة وأفكارها التي تقدمت بها الزمن الكافي لتنتج ثمارا إيجابية”. على المؤتمر الوطني أن يوسع اهتماماته أكثر من موضوع وقف العدائيات ويسير نحو آفاق السلام العادل والشامل. العدل والمساواة التي تقوم بحوارات ومشاورات مكثفة مع باقي المجموعات، طرحت خلال لقائها مع الوساطة -وفقا لما أشار إليه آدم- موضوع استقلالية منبر الدوحة انطلاقا من أن غياب الاستقلالية المذكورة سيمثل العقبة الرئيسة أمام تقدم العملية السلمية في الإقليم. وشرح: “نعلم بوجود مسألة الانتخابات والاستفتاء، وهذه مسائل متعلقة باتفاقية السلام الشامل، وبالتالي نرفض أن يتم ربط منبر الدوحة بهذه النقاط حتى ينتج المعطيات الكفيلة بمعالجة الإشكال الموجود في دارفور وفقا لبرامج زمنية”، معتبرا أن التحدي الراهن يقتضي عدم إلحاق منبر الدوحة بمنبر آخر أو اتفاقيات أخرى. |
|