فى ذكرى رحيله.. هكذا حدثنى الشهيد القائد/ دكتور خليل إبراهيم

قال تعالى: ( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ) الأحزاب:23

مرت الذكرى الاولى لرحيل القائد البطل الشهيد/دكتور خليل ابراهيم فى الثالث والعشرين من ديسمبر المنصرم..
حملت المناسبة كثير من المعانى التى تقع فى دائرة التوقف عند ذلك الحدث العظيم الذى افتقد فيه الوطن رجلاً من أعظم وأشجع رجاله..
لم يكن دكتور خليل بالرجل الذى يمكن أن تمر ذكرى رحيله دون أن تلقى بظلالها على قضية الوطن عامة وعلى قضية دارفور على وجه الخصوص..
فقد ارتبطت سيرة الرجل بمرحلة تعد الاصعب فى تاريخ النضال المسلح لاجل قضايا التهميش والقهر والظلم فى وطن يتداعى امام المزيد من التمزق والتفتت والانهيار..
الحديث عن دكتور خليل يظل مبتوراً وناقصاً ولا يوفى الرجل حقه مهما اجتهد من عرفوه فى اختيار الكلمات ونظم الشعر وكتابة الرثاء وإزكاء المدح..
وهنا يجئ سبب تأخرى فى الكتابة عنه منذ أن بدأت الاحتفالية بمرور الذكرى الاولى لرحيله المر..
التقيته أول مرة فى يونيو/2004م بمقر إقامته باسمرا لاجراء لقاء صحفى لاصدارة (عزة) التى كنت أقوم بتحريرها عبر إعلام التجمع النسوى بالاراضى المحررة شرق السودان ودولة اريتريا/ مقر التجمع الوطنى الديمقراطى/أسمرا..
رجل يختلف عن كثير من القيادات السياسية، متواضعاً بشوشاً، بسيط بكل ما تحمل الكلمة من معنى وفى بساطته تكمن قوته وكاريزما حضوره الجبار فيعتريك الاحساس أنك امام رجل سودانى يرسم للتاريخ صفحة وضيئة بلا جدال..
حقاً يصعب الحديث عن رجل كدكتور خليل ابراهيم والذى جمعتنى به ظروف كتيرة وفى كل مرة أجد نفسى مأخوذة بأدب الرجل، بتدينه، بوقاره، بابتسامته الدائمة، وطيبة البسطاء التى يتميز بها..
آلا رحم الله دكتور خليل بقدر ما قدم لاجل الوطن وقدم روحه لنصرة قضية الوطن عامة وقضية دارفور على وجه الخصوص ..
وكمشاركة منى فى ذكرى رحيله الاولى أعيد نشر اللقاء الصحفى الذى أجريته معه فى إصدارة عزة/ العدد الخامس عشر/ يونيو/2004م كوثيقة تاريخية لمرحلة نضالية من مراحل نضالات هذا الرجل العظيم..
(سأعمل على تجزئة الاسئلة على البوست )
فالى مضابط الحوار:
فى زيارة له لدولة إريتريا التقت عزة الدكتور خليل أبراهيم محمد رئيس حركة العدل المساواة السودانية وأمين عام إتحاد الاغلبية المهمشة .. واجرت معه هذا الحوار:
________________________________________________________
س1/بداية نرحب بالدكتور خليل ابراهيم فى عزة ونبدأ حوارنا باسباب زيارتكم الى اسمرا ؟
ج/ بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .
شكراً جزيلا للاخوات بالتجمع النسوى المعارض بأسمرا ونحن سعدا بحضورنا هنا لاسمرا والتى وصلنا لها بالامس 7/7/2004م جاءت زيارتنا بدعوة كريمة من الاخ الامين العام للجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة وسنمكث بعض الوقت بإذن الله وداعى الزيارة تتخلص فى الالتقاء بالفصائل المختلفة للمعارضة السودانية هنا فى اريتريا وعلى رأسها التجمع الوطنى بغرض التفاكر والتشاور مع الاخوة الارترين فى الهم السودانى والقضية السودانية والتحول السودانى السريع الذى يحدث هذه الايام بالاضافة لاطلاعهم على تدهور الاوضاع الامنية فى دارفور وما تتعرض له المنطقة من تطهير عرقى وقتل جماعى والتشريد الذى يتعرض له المواطنيين ، جئنا الى اريتريا لكل هذه الاسباب ونأمل بإذن الله ان تكون الزيارة ناجحة .
س2/ تواكب حضوركم وزيارتكم لاسمرا مع اجتماعات هيئة قيادة التجمع الوطنى لدورة يوليو ماذا عن ذلك ؟
ج2/ نحن يا اخت وصلنا الى العاصمة الاريترية فى شكل وفد كبير مكون من احدى عشر شخصا من كل من حركة العدل والمساواة واتحاد الاغلبية المهمشة السودانى ونرغب فى ان تتاح لنا فرصة مخاطبة التجمع الوطنى فى اجتماعاته القادمة وهذه هى المرة الاولى بالنسبة لنا ولدينا ممثلين للحركة وممثلين لاحاد الاغلبية والذى يضم بعض الفصائل الممثلة بالتجمع الوطنى الديمقراطى .
وبما ان هدفنا جميعاً هو إسقاط هذا النظام واحداث التغير نرجو ان نوفق فى هذا القاء .
س3/ دكتور خليل قضية دارفور وتدخل المجتمع الدولى ، فى تقيمكم هل ان هذا التدخل وهذه الضغوط على النظام اتت بنتائج إيجابية ؟ وما الذى تتوقعونه فى المستقبل القريب ؟
ج3/ تعلمين يا اخت ان التصعيد السياسى والتصعيد الاعلامى والحضور السياسى الكبير على مستوى الامم المتحدة وامريكا ودول الاتحاد الاوربى وكذلك الوحدة الافريقية وجامعة الدول العربية وما الى ذلك من مؤسسات الاقليمية وهذا التركيز وهذا الاهتمام بقضية دارفور لم تأتى صدفة وانما جاء نتيجة خرق حقيقى لحقوق الانسان وهدر لكرامة الانسان بدارفور، الحكومة السوانية داست على كرامة الانسان .
بدارفور وقتلت بكثافة وحرقت بكثافة والاكثر من ذلك اعطت تعليمات واوامر مستديمة للقوات وللجنجويد باقتصاب الحرائر والنساء، ففى الطويلة مثلا اغتصبوا ما يزيد عن مئاتين من النساء والبنات فى ساعة واحدة وهذا ما لم يحدث فى تاريخ البشر اغتصاب على مرآى الجميع وامام الناس فى الاسواق وفى كل مكان فى ساعة واحدة وهذه الممارسات وغيرها ايقظت الضمير العالمى ..
فالحكومة حكومة غير مسئولة وحكومة غير جديرة بحكم البلاد لذا تدخل المجتمع الدولى .. ما يحدث الان فى دارفور اسوأ مما يحدث الان فى فلسطين ، الحكومة السودانية اكثر قسوة على مواطنى دارفور من قسوة اسرائيل على فلسطين ومايحدث الان فى دارفور اسوأ مما حدث فى راوندا، لم يحدث فى رواندا ان حرقت ثلاثة الف قرية حتى الان .
70% قرى دارفور تبقى 25% فقط من قرى دارفور .. ان لم يكن هناك تدخل دولى سيكون بعد شهر او شهرين لا توجد قرية لحرقها .. لذا الصراع بيننا وبين الحكومة صراع جاد ….
وما يحدث فى دارفور لن يزيد شعبى دارفور والحركات بدارفور الا مزيدا من الاصرار ومزيدا من العزيمة والنضال .. وكما يعلم الجميع ان دارفور وحتى عام 1922م كانت دولة مستقلة ومسجلة فى عصبة الامم المتحدة قبل ان يكون السودان بحدوده المعروفة الان … السودان كان حينها جزء من المستعمرة المصرية التركية انذاك، دارفور كانت دولة لها علاقاتها الخارجية ودخلت الحرب العالمية الاولى مع الاحلاف دولة لحالها .. وبعدها اصبحت جزء من السودان ولكن ظلت كالاذن منطقة مهمشة لاتشرك فى اى شىء فى السودان وحكومة السودان تعلم تماماً إن هذه الثورة التى اشتعلت فى دارفور وخاصة حركة العدل والمساواة إنطلقت من دارفور وعينها فى الخرطوم .. ليست ثورة اقليمية ولا ثورة محلية ولا ثورة تدعوا للانفصال .. نحن نذكر ذلك لنوضح الخلفية السياسية والتاريخية والثقافية التى يستند عليها اهل دارفور أهل دارفور يستندون على إرث ثقافى وسياسى وتاريخى . لماذا يحرقون بهذه الضراوة لذا كانت ثورتهم كبيرة وثورتهم قوية .. وبهذه القوة وبهذه العزيمة وبالتعاون مع الاقاليم الاخرى سنحقق النصر بأذن الله .. نحن حركة تستند على الاقاليم .. الاقليم الشرقى والاقليم الشمالى خاصة المهمشين فى الاقليم الشمالى وهم كثر والان يتحركون بنشاط كسائر المهمشين ونحن ليس مع من يقول ان الاقليم الشمالى ليس اقليم مهمش الاقليم الشمالى اقليم مهمش واللذين الان يمارسون السلطة ويقبضون بكل الخيرات فى السودان جزء بسيط من ابناء الاقليم الشمالى وهذه حقيقة منذ استقلال السودان ولكنهم ايضاً همشوا اهلهم بل ضربوا على بعضهم النسيان والتغييب لذلك السودان الان يحتاج الى ثورة عارمة .. والذى استطيع ان اقوله ان الضغط الان على الحكومة السودانية ضغط مكثف ومن اطلع على الوثيقة التى تم التوقيع عليها بين كوفى عنان والرئيس عمر البشير يلاحظ ان الضغط على الحكومة قد اتى اكله كثيرا لكن مازالت الحكومة تراوغ اكثر .. اتفقت الحكومة اول على نزع السلاح من مليشيات الجنوجويد ووعدت بمحاولة الوصول الى حل سياسى مع الحركات المسلحة فى دارفور وفى نفس الوقت توفر الاغاثة وتسمح بتدفق شريان الاغاثة فى الاقليم وقعت على كل هذه الاشياء ولكن بعد التوقيع بيوم واحد صرح وزير الداخلية والممثل لرئيس الجمهورية الان .
صرح فى الشرق الاوسط وفى الحياة اللندنية بانهم لن يسحبوا السلاح من الجنجويد اطلاقا وادعى بدعاوى كلها كاذبة وشكك فى امكانية الوصول الى حل سياسى مع الحركات المسلحة فى دارفور وبالرغم من وجود السيد كوفى عنان وكولن باول الا انه تدور المعارك فى دارفر، وكذلك بالرغم من ان الحكومة قتلت فى هذه الفترة ما يزيد على الالف وحرقت سبعة قرى فى وجود كولن باول فى الفاشر وعلى مرمى حجر من امين عام الامم المتحدة لكل هذه الاسباب نقول الحكومة حكومة غير جادة والان نحن نرى الاتفاقات التى تمت بين الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان وحكومة السودان وانهم يبشرون فيها بسلام ولكننا نرى انه سلام لجزء من السودان .. نحن نبارك لاهلنا بجنوب السودان وللحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان ما توصلوا اليه وما وقعوا عليه من اتفاقيات ولكن فى ذات الوقت . نؤكد ان السلام سلام جزئى ولا يمكن ان يستمر هكذا وهو جزئى ولا يشمل جزء كبير من اهل السودان وجزء كبير من الاقاليم ولا اقليم دارفور فقط . دارفور وكردفان والاوسط والاقليم الشمالى والشرقى اذا لم يشمل السلام كل هؤلاء لا يمكن ان يستمر ستة سنوات حتى يصلوا الى تقرير المصير .. لن يحدث ذلك فالسودان لا يمكن ان يكون قرار مصيره بين طرفين فقط . لذلك نحن حركة العدل والمساواة تقدمنا بمشروع وسميناه ( بمبادرة حركة العدل والمساواة السودانية ) لحل قضية السودان بما لا يتعارض مع اتفاقيات مشاكوس والبرتوكولات الستة الموقعة . نحن نريد ان ينسحب هذا الاتفاق على كل اجزاء السودان فمثلاً , بالاقيم الجنوبى الان هناك نائب اول لرئيس الجمهورية نحن تقدمنا بمشروع لان يكون هناك لكل اقاليم السودان . لماذا نائب اول لرئيس الجمهورية للاقليم الجنوبى فقط . لماذا حكم اقليمى للجنوب وليس لاى اقليم اخر .. لماذا ؟ هل لانهم يحاربون اذن هذه دعوة لحمل السلاح فى كل الاقاليم الان فى دارفور وغداً فى كردفان .. الان مؤتمر البجا فى الشرق يحمل السلاح .. مؤتمر البجا تاسس سنة 1958م وهم يحاربون من ذلك التاريخ ومازلوا مهمشين ومظلومين .. لذا ولا نستحى فى ان نقول ذلك بصوت عالى .. لذلك ياختى .. يحدث التدخل الدولى والعالمى حينما تفلس الدولة وحينما تتخلى الدولة عن مسئوليتها تجاه شعوبها . وحينما تكون الدولة هى القائلة للشعوب وهى المضطهدة للشعوب .. فمثلاً منذ استقلال السودان الحكومات السودانية قتلت اثنين مليون ونصف من شعب جنوب السودان ومن بقية الاقاليم الاخرى قتلت اكثر من مليون نسمة والجيش السودانى اصلا ومنذ استقلال السودان جيش متخصص فقط فى قتل المواطنين .. لم ندخل فى اى حرب مع اى دولة سوى من دول الجوار او غيرها . الان الحكومة تقر بانها تدفع 80% من ميزانية السودان للجيش ولكن ما فائدة هذا الجيش غير قتل المواطنيين .. كيف توظف الحكومة كل هذه الاموال للجيش فى وقت تعلم فيه الحكومة ان 92% من الشعب السودانى يعيش تحت حد الفقر .. بعد خمسين سنة من الاستقلال فى الوقت الذى يعوم فيه البلد فى بحر من البترول وكثير من الثروات التى يعلمها الجميع . فالحكومة السودانية حكومة غير مسئولة ولذلك لابد من التدخل الدولى فى دارفور وفى غيرها .
سؤال اخير .. ماذا عن المرأة فى حركة العدل والمساواة السودانية ؟
ج/ فى حركة العدل والمساواة موقفنا واصح من المرأة وكتبنا فى ذلك كثيراً وتحدثنا كثيراً ، ونعتبرها من الشرائح المستضعفة والشرائح المهمشة وضعفها يكمن فى ضعفها الاقتصادى فى تمليك الاراضى والقرض من البنوك وخطابات الضمانات لكسب رؤوس الاموال وغيرها .. فهى متخلفة تماماً فى سوق الاستثمار والمنافسة مع الرجال بالرغم من ان المرأة فى السودان منتجة خاصة فى الريف فى دارفور وفى كردفان وفى الجزيرة .. وفى كل مكان .. كما انها هى الان هى العمود الفقرى للخدمة المدنية فى السودان بعد ان هاجر معظم الرجال للخارج .. ومع ذلك كسبها الاقتصادى ضعيف .. لذا نحن نركز على هذا الجانب .. اما للمشاركة السياسية بالرغم من ان المراة تمثل 50% من المجتمع السودانى الا ان مشاركتها السياسية ضعيفة .. نحن ننادى بالعدل والمساواة بين كل الناس نساء ورجال .. لذا نرفع شعار الميزان .. والله سبحانه وتعالى امرنا بالعدل (( ردوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل )) صدق الله العظيم .
وهذا العدل لا يأتى الا بالميزان .. مشكلتنا فى السودان هى غياب العدل فى اقتسام السلطة والثروة … الناس فى السودان ليست سواسية لذا ندعو للعدل والمساواة فحركتنا هى حركة تغير اجتماعى وسياسى قبل ان تكون حركة مسلحة نحن نحترم المرأة ليست بالكلام فقط .. لان تغييب المرأة يعنى تغييب 50% من المجتنع السودانى ,, ففى داخل حركتنا المرأة مشاركة فى قيادتنا وفى قواعدنا وفى دوائرنا الثلاثة . دائرة فى الخارج ودائرة فى الاراضى المحررة ودائرة ثالثة فى داخل اقاليم السودان المختلفة .. والمرأة تشارك بفعالية فى كل هذه الدوائر ولكننا لسنا راضين تماماً بسنبة مشاركتها الان ونعمل لاجل تفعيل دورها .. ولذا ننصح المرأة بان تساعد نفسها وان لا تنتظر الرجل حتى يقدم لها الدعوة للمشاركة وتقدم الصفوف .. عليها ان تتقدم بنفسها وتناضل من اجل ان تكون فى المقدمة، وعليها ان تنافس وعليها الا تخاف .. وستجد من يقف معها ويساعدها، نحن خصصنا لها 25% من نسب المشاركة السياسية بالاضافة لمنافستها فى 75% المتبقية .. فلابد من ان يكون للمرأة دور فى السياسة السودانية .
أجرى الحوار:
إحسان عبد العزيز..
أسمرا/8/7/2004
إصدارة عزة/ العدد الرابع عشر/يونيو/2004م
آلا رحم الله الشهيد القائد البطل/دكتور خليل إبراهيم وجعل البركة فيمن خلف من رفاقه وابنائه وحركته وجميع أبناء الشعب السودانى الاحرار..
حتى يصبح الوطن حراً، أمناً ومستقراً يتحقق فيه العدل والمساواة التى عمل دكتور خليل لاجلها واستشهد لاجلها..
وإنا لله وإنا اليه راجعون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *