بقلم : سارة عيسى
سألت نفسي وأنا أتابع السرادقات التي أقامتها حكومة الإنقاذ وهي تحتفي برحيل أسد من أسود الله ، ترقص على أنغام الموت وتغني لرحيل سيف من سيوف الله ، أنه الدكتور خليل إبراهيم محمد ، ولو علمنا ما يحمله قلب هذا الرجل من شجاعة وجرأة لعلمنا لماذا فرح رجال الإنقاذ برحيله ، ولتيقنا وعرفنا السبب لماذا تنفسوا الصعداء وهم يهزون أردافهم أمام مقر القيادة العامة ، فالموت أمر حتمي حتى ولو أحتميتم في قصور مشيدة ، لم يمت الدكتور خليل إبراهيم بسبب الأمراض المزمنة ، ولم يشد الرحال إلى سويسرا وألمانيا – كما يفعل مستشاري الرئيس – وهم في رحلة البحث عن أكسير الحياة ، في محنة خلق القرآن خاطب صاحب صوت مجهول الإمام أحمد بن حنبل وهو على مشارف بغداد ليلاقي الخليفة المعتصم : يا هذا إنك وافدٌ على الناس فلا تكن شؤماً عليهم ..فإنك إن لم تمت اليوم تمت غداً ، بسبب هذه الكلمات ثبت الإمام أحمد وصبر على العذاب ، وأقول للخليفة المشير البشير أن الموت ليس عقوبة ربانية ، ولو كان كذلك لأنطبق ذلك على رفاقك الذين أرتحلوا عن الحياة وهم يستقلون طائرات الموت ، فقد قال الرسول ( ص ) : إن للموت سكرات ، وقد شعر بالسم الذي دسته له اليهودية في موقعة خيبر ، ولكنني قلت لنفسي أن الدكتور خليل قد أستنقذ كل حيل النجاة ، كان المفترض أن يموت في عام 99 عندما كان في السجن وتوعده صلاح قوش بالويل والثبور ، كان من المفترض أن يستشهد في موقعة أمدرمان في عام 2008 عندما رصدت الإنقاذ جائزة لمن يأتي برأسه ، ثم كان عليه أن يموت مسحولاً على يد مليشيات الناتو في ليبيا ، وقد أنفقت الإنقاذ الأموال لدعم تلك الثورة الكاذبة ، وكان الهدف المقصود والدكتور خليل إبراهيم ، نجح الدكتور خليل إبراهيم في إجتياز الفيافي والصحاري والقفار ، وقد وصل لدارفور بعد شهور الأسر ليلقى ربه في الوطن الذي أحبه ، مات وهو يحارب من أجل العدالة والحرية ، سأل الناس عبد الله بن حنظلة الغسيل عندما ثار على الأمويين … لماذا كل ذلك ؟؟ قال خشينا أن ينزل علينا عذاب من السماء أو تُخسف بنا الأرض ، سار الدكتور خليل على درب الشهداء ، السلطان علي دينار ، والشهيد المعلم بولاد ، والشهيد الجمالي جلال الدين ، أنه ليس طريقاً مفروشاً بالورود ، أنه طريق دامي يحفه الموت من كل مكان. أنه طريق يفتح الأمل لأهلنا في معسكرات النزوح والشتات وحفظ شرف العذارى من الإغتصاب ، يمثل الدكتور خليل المجتمع الدارفوري بكل قيمه من شهامة وشجاعة ورجولة وعزيمة لا تلين . فبعد رحيل الوالد والمعلم والطبيب على شعب دارفور ألا يياس من السؤال عن الحرية والعدالة والمساواة ، تلك القيم التي حارب من أجلها الدكتور خليل إبراهيم ، دم الدكتور خليل هو بداية مشروع التحرر الوطني ، أنهم في الخرطوم يحتفلون بنصر مكذوب ، انهم يخافون الدكتور خليل إبراهيم وهو في قبره ، يخافون من خياله وطيفه ، وقد أعلنوا يوم موته عيد وطني لا يضاهي فرحة السودانيين بموت غردون باشا ، ولكن خليل لم يمت لأنه زرع روح الثورة وغرس المبادئ وعلمنا قيم الحرية والعدالة .. اسكنك الله فسيح جناته .. أنه ليس فقداً لاسرته بل هو فقد لكل الأمة السودانية ..وفقد للشرفاء والأحرار في كل مكان. سارة عيسي