ابوبكر القاضى : التحية لكل شعوب الارض فى يوم 21 فبراير يوم لغة الام
وتحية خاصة لشعب البنقال الذى جسد مفهوم (اللغة هى الوطن)
فى ايران الشعوب غير الفارسية تناضل من اجل الاعتراف بلغاتها الخاصة
وفى السودان الهوية (الدين واللغة) احد اسباب انفصال الجنوب
يصاداف يوم الثلاثاء 21 فبراير من كل عام اليوم العالمى للاحتفال بلغة الام – واختيار هذا التاريخ (21 فبراير) لم يكن خبط عشواء – وانما اختارت الامم المتحدة – اليونسكو هذا اليوم الذى يصادف ذكرى مذبحة داكا فى باكستان الشرقية انذاك فى عام 1952 عندما استحدمت الشرطة الباكستانية القوة المفرطة ضد الطلاب الذين تظاهروا انذاك مطالبين بحقهم الثقافى – وذلك بالاعتراف بلغتهم البنقالية واعتبارها احد اللغات المعترف بها بجانب لغة الاردو اللغة الرسمية لباكستان بشقيها الشرقى والغربى – لم ينس الشعب البنغالى هذه المجزرة — بل لقد جسد هذا الشعب العظيم المقولة التى تقول بان اللغة هى اهم عناصر الهوية – (بل ان اللغة هى الوطن) – فقد ظل الشعب البنغالى يناضل من اجل هويته الثقافية واللغوية الى ان نال استقلاله عام 1971 من باكستان – وقد قال لى احد الاصدقاء من زملاء العمل من الجنسية البنقالية ويدعى شيكل معروف — حين هناته بهذا اليوم العالمى الذى ارتبط بنضال شعب البنقال – قال لى (معروف) انهم يفتخرون بانهم الشعب الوحيد الذى ناضل و نال استقلاله من اجل الاعتراف بلغته التى تمثل جوهر هويته
المفارقة الكبرى هى ان دولة باكستان (بشقيها) قد انفصلت عن الهند عام 1947 بسبب الهوية (الدين الاسلامى) – ولكن البنقال اكتشفوا ان لديهم هوية اخرى اقدم من هوية الدين – هى اللغة بالبنقالية (فقد كانوا بنقال قبل ان يكونوا مسلمين) — فاذا انكرت دولة الاسلام هوية اللغة – فان هذا الانكار يشكل سببا كافيا للانفصال – هذا هو الدرس الاول من دروس الاقصاء الذى يقود الى الانفصال
فى ايران الاسلامية (وهى الدرس الثانى ) تناضل الهويات غير الفارسية (الترك– الطاجيك – الاكراد – والعرب الاهواز) من اجل تكريس مبادى (الوحدة مع التنوع) – ولكن الدولة تتخوف من التنوع – وتتردد فى الاعتراف بالحقوق اللغوبة للهويات الاخرى – ولعل الدولة التى يحسب لها التحسن فى مجال حقوق الانسان والاعتراف بالحقوق الثقافية للشعوب التى تشاركها الوطن هى تركيا (غول واردغان) التى سمحت للاكراد بحقوقهم الثقافية واللغوية ونموج تركيا درس عصر مستقل
فى السودان (الدرس الثالث) خلال فترة الجمهورية الاولى (1953 الى 2011) فقد مارست الدولة الاسلامو عروبية الاقصاء من خلال فرض هويتها (الاسلام و العروبة) – واتفاقية نيفاشا 2005 جاءت معبرة عن كيانين (عربى اسلامى فى الشمال – وافريقى مسيحى فى الجنوب) – كانت نيفاشا انفصالا مع وقف التنفيذ الذى تم فى اول فرصة سنحت للجنوبيين للتصويت بشان تقرير المصير – صحيح كان الانفصال لاسباب عديدة – ولكن من اهمها فشل الدولة العنصرية فى المركز منذ عام 1953 فى ادارة التنوع فى السودان
فى هذا اليوم اترحم على روح فنان افرقيا محمد وردى – فقد كان يحترم ذاته الافريقية – ولا يحتقرها – فقد كان يغنى بلغة امه – يتكلم بها – ويفتخر بها
الدرس الكبير الذى تعلمته من (مشروع المهمشين) هو احترام الذات ممثلة فى الهوية الخاصة جدا – اعنى بها لغة الام – لقد جربت الايديلوجيات (الاسلامية) فوجدتها تركز فقط على المشروع الاسلامى وتعتبر العناية والاهتمام بالهوية الثقافية الخاصة للاعضاء اعمالا انصرافية — وتصفها بالشعوبية— علما بان الاسلام يعترف بالشعوب والهويات المختلفة وتعدد الالسن والالوان
فى هذا اليوم اذكر نفسى وكل المهمشين بالاهتمام بلغة الام — والى الكتابة والغناء والبكاء (الحزن) بها – واضيف القول بان وسائل التواصل الحديثة (فيس بوك – تيوتر – الخ) التى تخرج عن سيطرة الحكومات الاقصائية المستبدة قد فتحت الباب واسعا للتواصل وتطوير (لغة الام) عند كل المجموعات الثقافية واللغوية – ولا عذر لاحد من المساهمة فى تطوير لغة امه
ابوبكر القاضى
الدوحة
20 فبراير 2012
[email protected]