السَابع مِن يوليو
“في تمجيد مدرسة مؤتمر الطلاب المستقلين”
مقال بقلم الناشط :احمد الحاج
____
“نُوقد شمعةً اخُري لاجلِ الانوار بدلاَ عن أن نلعنْ الظلام”
فيّ السابَع مَن يُوليو الَعام 1977 تَفتقتْ عَبقرية الطالِبات والطُلاب السُودانيين وهم يُمثلون إرادة شعوب السودان عامةً عن ِميلاد مدرسة مُؤتمر الطُلاب المُستقلين بالجامِعاتِ والمعاهدِ العُليا السُودانية.
ومُنذ ذلك الوَقت وحتيّ اليوم ماتَزال التَجربة السٌودانية اسيرةً للدائِرة الشريرة”ديُمقراطية/إنقلاب/ديمُقراطية/إنقلاب..الخ” وماتزال شعوب السُودان بمُختلفَ تَكويناتها السياسية/ والاجتماعية/ والاقتصادية، ذات التكوين ماقبل الرأسمالي فيّ نموذج” دولةَ مابعد الكولونيالية/الاستعمار” تكابدُ الامرّين فيّ طريق بحثها عن السلامِ والرفاه لها ولمستقبل ايامها القادمة.
لقد بداءت فِكرة ومشَروع مٌؤتمر الطٌلاب المُستقَليِن فيّ غايةِ البَساطةِ والوضُوح ومازالتْ تسِير كلّ يوم وتمَضي نحو المَزيد ِمن التَركيب والرَصانة،بما يستطيع ان يعالج بفعاليةٍ تامة مُشكلات الواقع السوداني والتجربة شديدة التعقيد التي ماتزال يوميا تزداد تعقيدا والتي كان علي السودانيين والسودانيات ان يعملوا بكدّ شديد وبعناية فائقة فّي مواجهتهاو فكّ تعقيداتَها وتشييد صُروح المجد والسؤدد والرفاه مكانها.
لقد انصبّ عمَل الرواد الاوائلِ كما تنصبْ اليومَ مجهودات الاجيالِ المُتلاحقة عليّ عمل الفكر وفتح نوافذ الانوار فيّ العقل السوداني واستلهام تاريخه العظيمَ وماضيه المُشرق وحضاراته الباذخة،كما أن مجهودات مٌضاعفة ويوَمية ومٌستمرة تُبذل فيّ سبيل إحكام بناء التَكوينات السِياسية والتنِظيمية والفِكرية التي تستطيع ان تُجسد التوقُ العارِم والارَادات الصٌلبة لشُعوب السودان وهيّ تشقٌ طريقها بِعناء فيّ عالمٍ اصبَحت سمتُه اليوم ٍسمة النِظام والتعقيد والتركيبْ.
إن رحلة البحثِ والتَفكير الشَاقة وبناء التيارِ الاجتماعيّ الواسع”تيار الحَركة المُستقلة السُودانية” التيّ تؤمن بِمُستقبل افضل لجميع السودانيين،تتمخض كلّ يوم عن اضافةٍ جديدةٍ فيّ سبيل بناء نظريات معرفية تفهُم جيدا وتحلل طبيعة الصراعات التي يشهدها السودان ومايزال،وتسُد النَقصَ الفادح وتحل رويدا رويدا مكان المقاربات غير الصائبة تماما لمساعي شعوب السودان وبحثها الدائم عن صيغ اكثر فعالية في تشكيل “الحلم الوطني”،كما ان بلورة نظرية حزبية تتؤام مع سمح القيم الانسانية السائدة في العالم اليوم وفي مجتمعات السودان دونا عن سئيها ظلل افقا تسعي مؤسسات وتكوينات المستقلين لفتحه وتحويله من حلم الي مؤسسات راسِخة وملموسة.
إن مٌساهمات مَدرسَة مٌؤتمر الطٌلاب المُستقلين النَظرية ومأثرتيه الخالدتين مَنهج “التحليل الثقافيّ”الذيّ قامَ بصياغتِه الدكتور محمد جلال هاشم،ومنَهج جَدلية المَركز والهَامش والذيّ قام بوضعه الدكتور أبكر أدم إسماعيل،ظلتا بُوصلتان ينيران الدربْ للمَئيات مَن الناشطات والناشطين وكما ظلا يمنحان الامل في غدٍ أفضل لشُعوب السُودان تُسوده قيّم الحُرية والعدالة والمساواة.
لقد جِاءت المِناهج كمُحاولة لإستكمال بناء الخطَ الفِكري/والسِياسي الذيّ إبتداء مع أوراق إقرَء /فكّر/ ناقّش، ذائعةُ الصِيت وقتها فيّ الجَامعات السُودانية والتيّ ماتَزال تدرس حتيّ يومُنا هذا للعشرات مَن الطٌلاب المٌنتمين لمدرسةَ مؤتمر الطُلاب المُستقلين ولاصَدقاِئهم من مُحبيّ الحٌرية والديمٌقراطيةِ والسَلامْ……
كما ان قَضَايا بناء العَقل السُودانيّ الفلسفيّ”العَملي /والنَظريّ” وإستقلاليته الإيبستمولوجيه اليّ جانبِ قَضَايا التنَوير، والديمقراطية ،والعدالة ،وحقوق الإنسان،تمٌثل اليّ جانبَ قضية العَلمْنة إمتدادا جوهرانياً لروح المَشروع التيّ وضعها الرواد الأوائل،وهي عليّ أهميتها إذ تٌعتبر مِن القَضَايا الشائكٌة والصَعبة التي يعمل الشُبان والشَابات بلا كللٍ عليّ وضعِ تأسيساتُها النَظرية والتبشير اليوميّ بها فيّ إطار عَملهم الدوؤب والمٌثابر وذيّ الطابعَ الكفاحيّ والنضاليّ…
إن مفهوم الاستَقلالية وفلسفٌتها، التيّ يقٌوم عليها المَشروع ،تفتَحنا عليّ مُمارسة مُتعددة للذاتَ الانساني، فيّ الفضاءِ العام كما فيّ الفضاءِ الخاص،
فهنالك انواعٌ من الإستقلاليات “الإجتماعية/والسَياسية /والإقتصادية/والفكرية الخ” ،حيث أن نَمط السَيطرة الأبوية=”النظام البطرياركيّ” مايزالُ فاعلاً ومكبلاَ للشاباتِ والشُبان تدعمٌه بعض الطوائفِ والإحزاب ،اليّ جانب مؤسسة القبيلة ، التي كرست لها الدولة، عبر مٌؤسساتها الرسمية وسلطاتها”البيت /المدرسة/ الجامعة/ التلفزيون/ الجريدة/ الامن الخ”،وفيّ الوقتِ الذيّ بنٌيّ فيه العالم الحديث اليوم، عليّ افكارٍ وفلسفاتٍ حديثة،وتفكيرٍ منهجيّ وعقول يتم بنيانها بعنايةٍ فائقةٍ، نجد انّ وظيفةُ الجامعةُ فيّ السٌودان لطالما وقفت بشدة ضدّ الفكر ،وضد العقل، بوجه خاص، مايحتم علينا ان نعمل بكد ومثابرة اكثرف اطار نشاطنا للتبشير بالانوار والاستنارة والقيم الحديثة……
و بالطبع تحاول الكثير جداَ من قويَ الجهل والظلام قطع الطريق امام الفكر الجاد والرصين، بل تعمل علي اذدراء لغته ايضا، كما تجدها تكرر دائما ًمحاولاتها “لتتطفيل”=[من طفل/طفولة/اطفال..] الطالب الجاَمعي وإخصاء عقله خصاءاً كاملاً، ففيّ الوقت الذي بات فيه كُل طالباتِ وطُلاب الجامعات فيّ العالم تقريباً منفتحين بشكلٍ تام علي لغة الفكر والسياسة وخطاباتها وعليّ مجمُوعة المَعارف التيّ تُصنع بها الحياةَ اليومَية فيّ العالم،نجد ان حائطاً عازلاً صلباً يضُرب حول طُلابنا في الجامعات السودانية لتعويق مسيرة السودانيين وسعيهم للحاق بركب الامم،وان من صميم واجباتنا ك”مدرسة فكرية” ان ننُبه الطُلاب الي ان بِناء الاوطان يَتطلب الانهماك الشديد في تَثقَيفِ الذاتْ والتعُلم ذو الطابع الِكفاحي/النضالي.
كما ان ذلك يضعُ تَكويناتً المُستقلين قاطبةً امام حًوجتِها المُتزايدة لفتح الباب امام العشرات من الطلاب النابهين والاذكياء والمبدعين في شتي ضروب الفكر والابداع ليعملوا جنبا الي جانب في روح جماعي لبناء نُخبة سياسية ـــ فكرية جديدة ستؤول إليها مَقاِليد الامُور فيّ الَبلاد في مستقبلها القريبْ.
كما لايفُوتَنا ايضاً ان نحُيي ذكريّ اليمة ومُوجعة جداً عليّ قُلوب كَافة تًكويٍنات المُستًقلِين تتمثلٌ فيّ شُهداء المَشروع الذين إغتالتهم أيدي الغدرِ “نصر الدينْ الرَشيد/مِيرغنيّ نُعمان سُوميتْ/إيَهاب طه”الي جانب من تم اختفائهم قسرياً المناضل “احمد ضو البيتْ” والعشرات ممن تعرضوا لانواع ِمن الاذيّ الجَسيم بواسطةِ الالة القمعية لنٍظام الابادة الجَماعية القائم اليوم،ولايفوتنا ايضاً ان نُحيي نضالات المئيات َمن الذينْ صمدوا ولسنوات في مٌعتقلات النُظم الشِمولية في الُسُودان ومازالوا عليّ صِمودهم وَكبريائهم.
في الطريقِ لبناء المُؤسسات الديٌمقراطية الراَسخة لُشِعوب السُودان نُوقد شمعةَ جديدةً بدلا عن ان نلعن الظلام.
احمد الحاج
السابع من يوليو 2014
عشية الاحتفال بالعيد37 لمدرسة مؤتمر الطلاب المستقلين
[email protected]