بقلم: أحمد قارديا خميس
لوكنت من سكان مثلث حمدي يا دارفوري لكان كل السودان يحبك , وكل السودان يتعاطف معك , وكل السودان مستعد ليفديك بحياته بل أن كل السودانيين مستعدين للتضحية من أجلك , أما لو كنت من مواليد مثلث حمدي أنت وأبوك وأجدادك فذلك شئ ثان , اذ ليس كل السودانيين مستعدين وحسب , بل كل سكان العالم العربي مستعدين يا دارفوري.
فلماذا تبقي يا متدمر في دارفور , ومن أجل مَن تبقي هناك , نعم من أجل مَن ؟! اذا كان من أجل تراب دارفور …(أُفٍ) لهذا التراب البارد الذي اغتاله كل الانظمة التي حكمت السودان منذ الاستقلال حتي عاد في دارفور تراب قد كمله نظام المؤتمر الوطني بسطحه الرماد وباطنه المقابر الجماعية , أما اذا كان بقائك يا دارفوري في دارفور من أجل الماء والثروة الزراعية بشقيها (النباتي والحيواني) وخلايا الطاقة المستقبلية , ففي مثلث حمدي يوجد ماء نهر النيل والمحصولات الزراعية أكثر مما هو موجود في دارفور نفسها , ستجد ماءها في الحدائق وعلي الارصفة وبالحنفيات في المنازل , وتجد المنتجات الزراعية الدارفورية مكررةً في المصانع الي زيوت وحلويات ولحوم معلبة والجبن والزبد ومشتقات اخري، لا تعرفها في دارفور , بل ستجد كل دارفور مكررة ومصنعة في مثلث حمدي .
أقول لك انك لن تعطش هناك , ولن تقف لا أنت ولا سيارتك من شح الوقود , ولا يقف ابنك من المدرسة .. وستعوم أنت وأسرتك في نهر النيل .. وتنعم وتأكل السمك والهوت دوق وما تشتهيه الانفس … في حين وجودك في دارفور هو عرضة لحصار وقتل وتعذيب واغتصاب من قبل مليشيا نظام المؤتمر الوطني في أي يوم , وقد تستيقظ ذات صباح وتجدهم علي كل ارض دارفور .. وبعدها حتي لو مِت أنت وحيوان دارفور من الحصار والعطش لن يهتم لأمرك مثلث حمدي .. ولن يُنكِس أعلامه حزنا علي موتك , ولن يُعلن الحِداد كما فعلت أنت وأهلك ابان أحداث السيول والفيضانات في مثلث حمدي في الخريف الماضي .. لا لا .. لن يفعل مثلث حمدي , بل حتي نواب دارفور في المجلس الوطني ومجلس الولايات قد لا يلتفون لك , ليس تقصيرا منهم ,ولكن كل من يدخل مثلث حمدي يا دارفوري , سواء كان دارفوريا أو كردفانيا أو من النيل الازرق أو من شرق السودان أو حتي أجنبيا يتحول في غضون ايام الي (مثلثي حمدي) ..
مثلث حمدي يا دارفوري عروس نهر النيل الساحرة , وله قدرة عجيبة علي طبع الناس بطباعه , بل له حتي قدرات علي التأثير عن بُعد .. فتلك المدن والارياف والقري في دارفور وكردفان والنيل الازرق وشرق السودن هي مع مثلث حمدي ومَن يسكن مثلث حمدي , لذلك لو كنت من سكانه يا دارفوري فالجميع معك , وفي دارفور لا أحد معك سوي البؤس والقتل والدمار والعذاب والاغتصاب من الجنجويد ..
زد علي هذا انك ما زلت تحلم كما عهدتك لتكون في يوم من الأيام حاكما للسودان ومثلث حمدي الذي يسحب كل خيرات من دارفور .. فاسمع مني واحزم أمتعك وارحل بسرعة ,ارحل يا رجل فلا حاكم الا من مثلث حمدي ولا متدمر الا من دارفور ..
باختصار أقول لك .. انه ان اردت الدونية فلا دونية كوجودك معي في دارفور , أما اذا اردت الدنيا فلا دنيا الا في مثلث حمدي , فارحل له وحتي تزوج منه يا دارفوري , وأنجب أطفال لمثلث حمدي .. وعش هناك ولا داعي حتي لزيارتنا في دارفور , فبعد كم عام لو قدر الله وبقي أبوك وأمك علي قيد الحياة سيزوراك معا , ومن يدري يومها ألا يجدا عندك أطفالا صغارا وصغيرات (مثلثي حمدي) ومنهم من يشبه جدهم ومنهن تشبهن أمك , وكلهم من المحظوظين لان راسهم سقط في مثلث حمدي ولا غير مثلث حمدي , ووالدك يدق بابك ويفرحون بجدهم كثيرا حين يعلمون أن جدهم كان السبب بعد الله تعالي في رغد العيش الذي هم فيه , وجدهم سيفرح أكثر منهم حيث يسمعهم يتكلمون كلاما (لغة) أهل مثلث حمدي ويردد معهم الكلام ,ويفرح أكثر وأكثر حين يشعر أنهم لا يفهمون كلام دارفوري (لغة) , وأدرك أن قطيعة كبري حدثت بين سلالتي أي بين أسرة ابنه ودارفور التي أغتالها نظام المؤتمر الوطني حتي ستوطنها قوم آخرون .. وبعد كم يوم يقضيها الجد في منزل الابن ويسافر ويعود الي دارفور ليرقد مع أمك الي الأبد في ذلك التراب البارد , عسي لجسديهما أن يساهما مع أجساد أخري في دفنه , وبعث الروح فيه من جديد …
[email protected]