وقصر رئاسى جديد

وقصر رئاسى جديد !!

عبدالباقى الظافر
[email protected]

قبل ايام ثلاث دخل رجل من اهل الحزب الحاكم ..يحمل سيرته الذاتية وقصة مُدِرة للدمع ..ضيفى درس الإقتصاد وقضى جُلّ عمره مغترباً فى الخليج ..عندما نادت الإنقاذ الناس أن هلموا الى الوطن ..عاد المحاسب يحمل معه حصاد السنين ..استثمر فى السوق فحصد الخسارة ..جاب أطراف الأرض مع الحزب الحاكم ..عندما انتهت صلاحيته أغلقوا فى وجهه الأبواب ..(ابو محمد) اصبح بلا عمل ..ابنته الكبرى أصابها إكتئاب أقعدها عن الدراسة الجامعية ..أضطر نجله الأكبر أن يهجر دراسة الهندسة ليبحث عن الحظ فيما وراء المالح فى وظيفة راعى ..هذا الأب الحزين كان يلتمس إنقاذه من الإنقاذ .
يوم الخميس الماضى والشمس تدنو من الغروب جاء منادياً من القصر ..يدعو كبار الصحافيين الى إجتماع عاجل ..دعوة لا تقبل التأجيل من وزير رئاسة الجمهورية ..المدعون كانوا يتسألون عن سر الإستدعاء الذى يسبق عطلة نهاية الأُسبوع ..بعضهم ظن ان فرجاً اصاب ملف التفاوض .. فريق منهم الح فى معرفة عنوان الاجتماع .
رئاسة الجمهورية تفكر فى بناء قصر جديد ..القصر المقترح وصل مرحلة توقيع العقد ..الصين تبرعت بنحو 40% من التكلفة ..ماتبقى سيكون ديناً عليك عزيزى القارىء ..المشكلة أن وزير رئاسة الجمهورية لم يفصح عن تكلفة القصر الجديد ..وأن الإفصاح عن كامل العملية لم يتم إلا فى مساء حفل التوقيع .. أحسبكم تذكرتم حكاية اليخت الرئاسى ..إنه الجسم الغامض الذى لم يعلم عنه شعب السودان شئياً ..الا بعد أن بدأ يشق عباب البر..من أجل عبوره الآمن أزيلت أعمدة الكهرباء..القصر الجديد كادت حكايته أن تطابق سلفه القديم ..ربما رجل حكيم تذكر تلك الحكاية ..فدعيت الصحافة على عجل لتشهد على هذا الحدث .
بلادنا التى من المفترض أن تشهد اربعينية حداد وطنى بمناسبة تشطيرها.. بلادنا التى من الواجب ألا تسرف وتتطاول فى البنيان وخمس شعبها يهرب من بين جنبيها ..فى هذه اللحظة المفصلية تفكر حكومتنا الوطنية فى بناء قصر جديد.
فكرة بناء قصر جديد تتواتر مع السياسة التقشفية التى بشرنا بها وزير المالية ..التقشف الذى عنوانه العودة لعواسة (الكسرة) ..التقشف الذى كان أبرز ملامحه تقييد الإنفاق الحكومى ..ومن مظاهره التى أفرحتنا تخفيض مخصصات الدستوريين قبل أن يفاجئنا نواب الأُمة بأنهم يبحثون عن زيادة مخصصاتهم البرلمانية .
ربما تكون المطالبة ببناء مقر جديد لرئاسة الجمهورية مسألة تستحق الأخذ والرد ..إن كان الأمر يعود بمصلحةعلى المواطن الغلبان ..مثل إنتقال الرئاسة الى منطقة سوبا التاريخية ..وتحويل القصر الحالى مزار سياحى ..او انصاف مدينة بحرى التى صودر منها استاد البلدية ولم تملك من قسمة السلطة إلا مصلحة النقل الميكانيكى قبل أن تُدمرها سياسة الخصخصة .
من المؤسف أن تفكر الانقاذ فى قصر جديد بعد مضى نحو ربع قرن من الأقامة الدائمة فى الحكم ..ومن المحزن جداً أن يتم ذلك بالإستدانة من الخارج .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *