وزير الدفاع بالنظر .. يا له من جيش منتصر حقا !

وزير الدفاع بالنظر .. يا له من جيش منتصر حقا !

وقف كالديك وقد تدلت الأوسمة علي جانبى صدره ، كان يرتدي بزة عسكرية خضراء اللون, بينما غطت أعلام النظام الجدار وراءه, فبدأ المشهد لائقا في المجلس الوطني بما وصفه(الانتصار الكبير), وحيث أعلن انطلاق المرحلة الثانية من عمليات الصيف الحاسم والتي خطت واسعا لحسم التمرد في دارفور. برغم اعلانه عن عجز في أعداد الضباط والأفراد بالقوات المسلحة سيضطر الي تغطيته من قوات الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية, واقر بضعف الاقبال علي التجنيد لقلة الأجور وظهور التعدين الأهلي وتدني قيمة الجنيه السوداني. متناسيا ما فعله نظامه لمؤسسة قوات المسلحة السودانية خلال ربع القرن.
هذا الانتصار الذي حققه في السابق في دارفور, الاقليم التي يبلغ عدد سكانها سبعة مليون نسمة, تمت ابادتهم اكثر من 580 الف, وتشريد ما يزيد عن مليون في دول الجوار وما وراء البحار, ونزوح أكثرمن أثنين مليون في الداخل, لكن الجيش, الذي استخدم قسما كبيرا من قواته ضدها, عجز عن كسر مقاومتها, وحارب اثني عشرة عاما كاملا لم يتمكن من سيطرتها, ويحق للديك الذي تلا تقرير انتصاره علي دارفور في منصة قبة البرلمان, أن ينفش ريشه, ويتفاخر بالهزيمة التي أنزلها بمن سماهم”المرتزقة”.
أين حصل هذا الضابط علي أوسمته, ومتي نال الاعتراف ببطولاته ؟ اذا كان لم يخض أي معركة علي الاطلاق ضد من يفترض به محاربته: جيش اسرائيلي تجاوز أكثرمن مرة حدود البلاد واجوائه بشن غاراتها الجوية علي الوطن, احدث هذه الغارات كانت فى قلب العاصمة الوطنية ولم يكتشفوا انها غارية جوية من طائرات من خارج الحدود الا بعد ان حطت هذه المقاتلات فى قواعدها سالمة ، وشرب طياروها نخب انجاز المهمة فى عاصمتهم ، وجيش مصري واثيوبي يحتلان جزءا من اراضي السودانية ، لكنه لم يحاربهم, لأن نظامه يعيش معه بسلام لم تكدر صفوه ولو رصاصة طائشة أفلتت من بندقيته, خلال سنوات من الاحتلال, فبأي مسوغ يتباهي في تقريره بانتصار جيشه علي شعب يفترض أنه فرد منه وينتمي اليه ومن مهام جيشه حماية هذا الشعب لا ابادته ؟ وعن أي انتصار يتحدث؟ هل هناك كارثة تفوق في فظاعتها انتصار جيش ما علي شعبه, واعلان هذا الانتصار من دون أن يرف لمعلنه جفن, أو يشعر بالخجل من نفسه؟ وعن أي جيش بطل كان يتحدث؟ وهل يكون الجيش بطلا بعد أن ملأ شاحناته بأغنام ودجاج وسجاجيد جمعوها من قري المواطنين العزل بعد حرقها وتشريد اهلها ، هذا غير “فتيات المتعة ” اليافعات اللائى تم اختطافتهن قسرا من حجور امهاتهن فى ظاهرة جديدة لطخوا فيها شرف الجندية السودانية واعادوا فيها مظاهر الاوباش والتتر فى العهود المظلمة من التاريخ القديم … هل يكون الجيش بطلا أن يترك أسلحته في وضع القتال ، لأن ضباطه تخلوا عن جنوده باطلاق سياقهم على الريح كما هو المألوف فى اى معركة مع الثوار ؟ ولانه لا جيش لهذا الاهبل فى الميدان فهو طفق يتحدث عن مرتزقة جلبهم من خارج الحدود ولكى يغطى على ذلك فهو الان يتحدث عن المرتزقة ، عن أي مرتزقة يتحدث وعلي من يدعي؟ هل الذين دافعوا عن دارفور هم مرتزقة, ومن دافعوا عن (استقلال وكرامة السودان) من مليشيات ومرتزقة تشاد وافريقيا الوسطي ومالي والنيجر, وعصائب اهل الحق هم وطنيون وأبرار؟ وأي معايير وطنية أو انسانية تسوغ استعانة جيش محلي بغزاة أغراب لمقاتلة مواطنيه ؟
لو كان ديك أوسمة السودان عسكريا حقيقيا لخجل من قراءة(تقرير الانتصار) ولطلب من اهل دارفور أن تسامحه بسبب ما ارتكبه مليشيات الجنجويد وحلفاؤهم السودانيين والاجانب من جرائم ضد الابرياء في دارفور. لكن هذا الذي يترجل علي شعبه الأعزل ويتفاخر بالانتصار عليه, ليس وطنيا, ولو كان كذلك لأثر الانتحار كي لا يضغط علي زناد بندقيته ويقتل مواطنيه, ولوجه رصاصه الي من أصدر اليه الأوامر باجتياح دارفور وغيرها, بينما يتمدد ضباط وجنود الاحتلال تحت شمس حلايب وشلاتين والفشقة, ويرون بعين خيالهم قادته, وهم يفرون كالارانب خلال ربع قرن تاركين جنودهم فريسة للموت والآسر, واسلحتهم غنائم لمن يسمونه كذبا(العدو).
لم تسقط دار فور ولكن سقط شرف الجندية عندما هاجموها باسم الجيش. هذا هو السقوط المخيف الذي دمر السودان وحول جيشه الي قوة تكرس لنفسها مهمة احراق جزء عزيز من بلادها , فى حرب عنصرية للفتك بكل من لا ينتمي الى قادة الاجرام مثل هذا الدعى ومرتزقته الذين استقدمهم لمساعدته علي قتل عدوه الوحيد: وهو شعب السودان بأطفاله ونسائه وشيبه وشبابه !
احمد قارديا خميس
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *