ناس دارفور في القصر حاضرين .. بحجاباتم و بتخلفم دا قاعدين .. مقالة وزير ولائي

ناس دارفور في القصر حاضرين .. بحجاباتم و بتخلفم دا قاعدين .. مقالة وزير ولائي

شخبطات افرو سودانية

محمدين محمد اسحق

الي ان تنتهي تلك الفلسفة التي تؤمن بأن هناك

جنسأ افضل و جنسأ آخر ادني

فسوف تستمر الحروب

في كل مكان ..

والي ان تصبح حقوق الانسان الاساسية

مكفولة للكل من دون النظر الي العرق

فسوف تستمر الحروب في كل مكان

بوب مارلي في اغنيته الخالدة ( الحرب)

في لقاء للرابطة النوبية بأبوظبي مع علي حسن سيد احمد بتيك نائب والي الشمالية ووزير التخطيط العمراني ، بخصوص السدود في الشمالية ، حاول نائب الوالي الدفاع عن قناعاته في جدوي سد كجبار لمواطنيه ، و في هذه النقطة بالتحديد قال ومن دون ان يتلعثم او يتردد و بالدارجي السوداني :
( من مصلحتي انو يكونوا في معارضين.. عشان تعمل موقف تفاوضي أفضل .. تحقق مردود أعلي انت العبها بذكاء .. انحنا أهل حضارة ما بنعملا .. هسع ناس دارفور ديل لو جات حكومة من جزر القمر برضو بيكونوا فيها ناس .. في القصر حاضرين بحجاباتهم .. بتخلفهم دا قاعدين .. انحنا ناسنا ديل بياخدوها بي ون واي )..بالرغم من ان التسجيل قد وضع في اليوتيوب منذ شهر اغسطس من العام الماضي 2013 و جلبه الزميل عصمت خضر الي المنبر العام بموقع السودانيز اون لاين بتاريخ 4 مايو 2014 ، لكن الموضوع في حد ذاته يحتاج الي التوثيق و الكتابة عنه لصلته بالطريقة التي تدار بها البلد ، و المنطلقات التي تنطلق منها تصرفات و افعال من يمسكون بسدة الحكم في السودان، فالرجل المسئول يتحدث عنصرية و استعلاءّ ، و ما يلاحظ هنا ان لا احد من الحضور انبّه علي قاله من تجني في حق اهل دارفور. بالرغم من انه من الواضح ان من الحضور من يعتبر معارضأ لسياسات الحكومة , لكن لأن امر العنصرية و الاستعلاء و الاقصاء الممارس علي اهل دارفور و غيرهم من اهل الهامش السوداني لا يقتصر علي حكومة المؤتمر الوطني وحدها فان الوزير و نائب الوالي في جلسته تلك انطلق علي سجيته في الحديث فهو لم يكن يمثل المؤتمر الوطني في تلك الجلسة ،بل يمثل المنطلقات العنصرية و التي تتجاوز الحزب الي الجهة و العرق و التي تمثلها نحن و هم .. التابع و المتبوع .. المتحضر و المتخلف .. الخطاب الديني و الوطني الذي تتكلم به الدولة و المؤتمر الوطني تواري في هذه الجلسة لتصبح المسألة نحن و هم .. السادة و العبيد .. بحالها المستتر..
خطابه الذي وصف به معارضي سلطة المؤتمر الوطني و سد كجبار بالتحديد ، بأنهم يسلكون طريقأ احاديأ في ايجاد الحلول ،يصب في هذا الاتجاه الاستعلائي العنصري. و يقابل ذلك اهل دارفور الذين بالرغم من تخلفهم والذي احد مظاهره لبسهم للحجابات ، باتوا يلعبون بذكاء فبعضهم في السلطة و البعض الاخر في المعارضة .. الرجل يريد ان يقول ان تكليفه ووجوده في السلطة ينطلق من حسابات جهوية و استعلائية .. فبالتالي هو يفتخر انه من مصلحته ان يكون هناك معارضين من نفس الجهة التي ينتمي اليها ، لكي يمكنه ان ينال وضعية تفاوضية أكثر داخل تنظيمه لينال الاكثر لصالح الجهة التي يمثلها .. هذه هي الارضية المشتركة التي تجمع هذا المسئول مع اخرين ليسوا من المؤتمر الوطني ، لكنهم يؤمنون بمثل ما يؤمن به , بالتأكيد مثلما قلنا فالأمر يتجاوز سياسات المؤتمر الوطني الي سياسات دولة ابارتايد المركز السوداني، و التي يمكن أن تضم اليميني مع اليساري ، الا من رحم ربك ، و هي في حقيقتها تتجاوز تشعبات و صراعات الايدولوجيات يسارية كانت ام اسلامية ، و ما حكومة المؤتمر الوطني الا واحدة من حلقات تنفيذ سياسات تلك الدولة القائمة علي هذا الاساس، منذ استقلال السودان عن الاستعمار البريطاني ، هذه احدي اوجه الازمة السودانية . و لكن الوجه الاخطر يتبدي اذا عدنا مرة اخريل بعض عباراته التي وصف بها اهل دارفور حين قال ( ناس دارفور المتخلفين ديل بحجاباتهم ) هذا الوصف الذي استعمله هذا المسئول ، يوضح بجلاء لماذا كل الذي حدث في دارفور و في بقية الهامش من ابادة و انتهاكات جسيمة ،لم يحرك ساكنأ في ضمير الشعب المتمركز في الوسط ، اكثر من 300 الف قتيل في دارفور و الالاف من حالات الاغتصابات و حرق للقري و تشريد لأكثر من 3 مليون من ديارهم ، كل ذلك لم يحرك ساكنأ لدي مركز الشارع السوداني ،و لكن نفس هذا الوسط تحركه اشياء مثل ارتفاع اسعار الوقود و السكر و المواصلات ، هو مستعد للخروج الي الشارع في محاولة لاسقاط الحكومة من اجل هذه الاشياء التي تمس جيبه و معيشته، و التي بالرغم من اهميتها الا انها لا يمكن مقارنتها بازهاق مئات الالاف من البشر، الذين يعيشون في نفس الرقعة الجغرافية الواحدة و التي تسمي (الوطن) ، نعم الامر لا يهم لأن امثال هذا المسئول ظلوا و لسنوات عدة يجردون انسان الهامش من انسانيته ، و يجعلونه همجيأ و متخلفأ ، و متي ما جردت أي انسان كان من آدميته سهل عليك اقصاءه وسحقه و ابادته و تبرير ما تقوم به ، ذلك ما يحدث في دارفور و جبال النوبة و ما حدث في الجنوب ، طريق الابادة يبدأ من تجريد الانسان من انسانيته ووصفه بعبارات و اوصاف تحط من شأنه .. ما قاله نائب والي الشمالية لا يجب ان يمر مرور الكرام او التعايش مع ما قاله ، و كأن الأمر لا يعنينا ، او فات اوانه . العنصرية ايأ كانت لا يجب التعايش معها او الانكسار لها ، و النضال ضد نظام الابارتايد الغير معلن في السودان ،يستوجب التصدي لهذا الوزير الولائي لأن ذلك يعني التصدي للعقلية التي يمثلها . علي تنظيمات دارفور و الهامش و النشطاء في الداخل تحريك دعاوي قانونية ضد هذا المسئول ,و استخدام اساليب النضال السلمي مثل الاعتصامات و الكتابة في الصحف و المواقع الالكترونية و مواقع الاتصال الاجتماعي مثل الفيسبوك و التويتر , فعنصرية علي بتيك ليست عنصرية شخصية و انما هي عنصرية دولة قائمة علي اسس الاستعلاء الاجوف بين اناس يوصفون بالتحضر و المدنية و بين اخرين يوصمون بالتخلف و الهمجية. 
رابط لقاء نائب والي الشمالية علي اليوتيوب
 http://www.youtube.com/watch?v=iqoJ05V4kCY
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *