من مُذكرات محمد عبدالله عبد الخالق ( 2 – 20 )

بسم الله الرحمن الرحيم
من مُذكرات محمد عبدالله عبد الخالق ( 2 – 20 )
تحولنا عقب إنتفاضة رجب أبريل من حالة العمل الحزبى السرى إلى العمل العلنى ، فظهرت قيادة الحزب تتحدث على الملأ ، واصبحت تكتب فى الصُحف وتُقيم الندوات وتم إفتتاح داراً للحزب فى اُمدرمان وإنتظم أعضاء الحزب فى المدن ، القرى والفُرقان .
كنت حينها موظفاً بشركة المطاحن الاهلية ، ومُرتبطاً بالعمل الحزبى فى جبرة ، فتم إختيارى سكرتيراً للجنة حزب الاُمة بجبرة برئاسة الاخ : محمد أحمد عبدالله وعضوية كلٍ من ، إسماعيل الجدى ، على المهدى ، عمار إبراهيم ، أحمد هاشم احمد ، محمد الحسن موسى وخيرات إبراهيم .
بدأنا فى تنظيم الحزب فى هذه المرحلة تنظيماً دقيقاً وذلك بحصرنا للعضوية ، وكنا على إتصال دائم بلجنة الصحافة برئاسة العم : على عيسى وسكرتيره : فضل الله محمد ، أما إلاتصال بالامانة العامة فكان من نصيب السيد : الامين الانصارى من مربع واحد بجبرة .
إنتهت فترة التعبئة السياسية بصورة جيّدة جداً على حسب الخطة التى رُسمت لها ، بشرح برنامج الحزب ( نهج الصحوة ) ثم تلاها فترة التسجيل للإنتخابات البرلمانية بعد تقسيم السودان لدوائر إنتخابية ، كانت دائرتنا رقم ( 27 أ ) الصحافة – جبرة ، التى سُميت فيما بعد باُم الدوائر .
أصبح برنامجنا فى جبرة موحداً مع لجنة الصحافة فقررنا التفاكر معاً فى ترشيح شخص من هذه الدائرة ، مُلماً باحوالها وعارفاً لأهلها عسى ان يكون فيه خيراً للمنطقة ، كان هذا هو هدف أهل الدائرة ، لكن بكل أسف فُؤجئنا بقرار من القيادة السياسية لحزب الاُمة بان مرشح الدائرة ( 27 أ ) هو الاستاذ : سيد أحمد الخليفة ، بحجة أنه لعب دوراً مُقدراً فى تصعيد قضية أهل الصحافة عندما كان يعمل بجريدة الصحافة ، فأثمرت مجهوداته بإسراع الحكومة فى تخطيط مدينة الصحافة ، التى سُميت فيما بعد بالصحافة تخليداً للدور الذى لعبته جريدة الصحافة .
بعد ثلاثة أيام من صدور القرار ، حضر إلينا الاستاذ : سيد أحمد الخليفة ، وإجتمعنا به فى منزل العم : على عيسى ( مُربع 16 الصحافة ) وتعرّف علينا ، وسلمنا خُطة العمل الخاص به فى الدائرة ، وبدأنا فى تنفيذها فى كلٍ من جبرة والصحافة ، لكن لم تمض فترة طويلة إذ بالقيادة السياسية لحزب الاُمة وللمرة الثانية تخطرنا بالتنازل عن هذه الدئرة لصالح مُرشح الحزب الإتحادى الديمقراطى ، الاُستاذ : على شبو المُحامى ، بإعتباره مُرشح أحزاب التحالف ، وعلينا وضع كل إمكانيات الحزب حتى آخر يوم فى الإنتخابات لصالح هذا المُرشح ، نسبة لظهور مُرشح الجبهة الإسلامية القومية الدكتور : حسن عبد الله التُرابى فى الدائرة ( 27 أ ) ، والسبب فى تنازل الاحزاب السياسية جميعها عن هذه الدائرة لصالح مُرشح الحزب الإتحادى الديمقراطى ، بإعتبار أن الاخيرة فازت بها فى آخر إنتخابات ديمقراطية اُجريت فى السودان .
بعد ذلك أصبحت هذه الدائرة من أسخن دوائر السودان ، والتحالف قطع عهداً على نفسه بإسقاط التُرابى مهما كلفه ذلك من ثمن ، فإنعقد اول إجتماع للتحالف بمنزل ود الحسين بجبرة ( قطب الحزب الإتحادى الديمقراطى ) ، تم تمثيل حزب الاُمة فى هذا الإجتماع بوفد يتكون من ( سيد احمد خليفة ، على عيسى الانصارى ، محمد أحمد عبد الله ، فضل الله محمد ، الامين الانصارى ، محمد عبد الله عبد الخالق ) .
فى هذا الإجتماع وُضعت خُطة عمل موحدة ، وأدينا قسماً فرضه علينا الاتحاديون هذا نصه ( اُقسمُ بالله العظيم وكتابه الكريم ، نحن نُمثل حزب …………….. قررنا بان نضع كافة إمكانياتنا الحزبية فى هذه الدائرة ( 27 أ ) الصحافة – جبرة ، لصالح مُرشح أحزاب التحالف الاُستاذ : على شبو المُحامى ، ونعمل بإخلاص وجد من أجل إسقاط الدكتور : حسن عبد الله الترابى ) .
أقمنا فى حزب الاُمة نفيراً كبيراً بدار الحزب فى الصحافة ، بذلت فيه الدكتورة : مريم الصادق المهدى مجهوداً مُقدراً لإنجاحه ، وإستمر نشاطنا السياسى من أول يوم بدأنا فيه العمل حتى آخر يوم فى التصويت ، قمنا بإستضافة كلٍ من السيد : الصادق المهدى والدكتور : عمر نورالدائم فى ندوة الصحافة الشهيرة .
إلتهبت الدائرة ( 27 أ ) وغليت غلياناً بنزول الترابى فيها ، لان الغالبية العُظمى من جماهير الدائرة يرون فيه بأنه أحد سدنة مايو ، وهو الذى شّرع القوانين الإسلامية التى تُعرف بقوانين سبتمبر التى لا تساوى الحبر الذى كُتب بها ، على حسب وصف السيد : الصادق المهدى لها فى ندوة الصحافة .
أنفق التُرابى أموالاً كثيرة فى هذه الدائرة ، ووفر كل مُستلزمات الفوز ، لكن الجماهير تعاملت معه بسياسة ( أكلو توركو وأنطو زولكو ) ، كثيراً ما نقوم بترحيل أقطابنا من مُربعات الأحياء إلى مركز الإقتراع بسياراتهم ، نسبة لكثرة ما لديهم من سيارات كانت تعمل فى الحملة الإنتخابية .
فاز الاستاذ : على شبو المحامى على الدكتور : حسن عبد الله الترابى بفارق أربمائة صوت ، وأخيراً اُسدل الستار عن هذا المُسلسل الطويل الذى اوقف الكل عن أداء عمله ، نسبة لإنشغالهم بها ليلاً ونهاراً وأضطرتنى أنا شخصياً من تقديم إستقالتى من الشركة للإسهام بصورة فاعلة فى العمل الحزبى .
بعد الإنتخابات مُباشرة رآجعت دفاترى وقررت بان اُكمل نصف دينى ، ثم بعد ذلك مواصلة دراستى الجامعية ، فسافرتُ إلى لبنان فى عام 1988 م وإلتحقت بكلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة اللبنانية – الفرع الاول ( بيروت ) .
لم تكن للبنان سفارة فى السودان إبان هذه الفترة ، فسافرت إلى القاهرة ومنها إلى العراق لزيارة أرض الرافدين ، دِجلة والفُرات للتعرف عليها حتى قُرب مِيعاد فتح الجامعة التى كانت فى إجازتها السنوية ، وهذا بالضبط فى مارس من العام 1988 م ، والجامعة تفتح أبوابها فى أوائل يوليو .
فى أواسط يونيو أكملت إجرءات سفرى من بغداد إلى لبنان عبر الاردن وسوريا براً ، فوصلت دمشق يوم 25 / 6 / 1988 م ، فهى حقاً دمشق كما قال الشاعر المصرى أحمد شوقى : –
آمنتُ بالله وإستثنيتُ جنته دِمشقُ روحٌ وجناتٌ وريحانُ
قال الرفاقُ وقد هبت خمائلها الأرضُ دارٌ لها الفيحاء بُستانُ
حقاً إنها البستان لأنها ذات طبيعة خلابة وحضارة ظاهرة على الصروح والبشر ونشاطٌ زائد ، الناس فى حركة دائمة ، لا تدرى من أين ياتون وإلى أين يذهبون ، فقمتُ بزيارة بعض الطلاب بالمدينة الجامعية لجامعة دمشق ، فهى بحق وحقيقة مدينة جامعية تستوعب عدداً كبيراً من الطلاب والطالبات ، علمتُ من الطلاب بان الشخص الذى زار دمشق لابد له من زيارة مدينة اللاذقية وبذلك تكون زيارته لسوريا قد إكتملت .
محمد عبد الله عبد الخالق
Email : [email protected]
Tel : +201015466166

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *