مناوى …. وحسابات قطبى المهدى الخاسرة

مناوى …. وحسابات قطبى المهدى الخاسرة !
محمد بشير عبدالله
[email protected]
ولانى شخصيا  معنى (بالحسابات) حسب المهنة فان الاستعمال الخاطئ للفظ (الحسابات) من قبل  بعض السياسين تزعجنى احيانا  . مصدر انزعاجى انه وكما فى الحسابات لا يمكنك ان تحافظ على استقرار ” ميزان المراجعة ” فى حالة اسقاط بند حسابى  من احد اطرافه دون معالجة ذلك فى الطرف الآخر من الميزان ،
ففى السياسة ايضا لا يمكنك “اسقاط” طرف سياسى اساسى من المعادلة السياسية ، وخاصة اذا كان لهذا الطرف  وجود يحكمه عهود ومواثيق قانونية ،  واهم من ذلك كله سند عسكرى قوى ، وذلك  دون ان يخلق مثل هذا الاجراء العبثى اشكال سياسى حقيقى .    ينطبق هذا المنطق (المحاسبى ) على ما ورد فى الاخبار عن قطبى المهدى ، امين المنظمات والقيادى (الصاعد فى هذه الايام ) فى المؤتمر الوطنى ، حيث نُقل عنه قوله فى عنوان رئيسى  :
الوطنى اسقط مناوى من حساباته !
وقال القطبى فى هذا الخصوص : (ان المؤتمر الوطنى قد اسقط مناوى من حساباته  بعد ان فقد البوصلة والتوجه واصبح سائحا محترفا فى جوبا ) ، وكان قطبى المهدى يعلق على اعتراض مناوى على  اجراء استفتاء الوضع الادارى لدار فور فى الظروف الحالية ودعوته لجماهير دار فور بعدم الاعتراف بنتائجه  ، وقال فى هذا الخصوص ايضا ان مناوى لا يمثل اهل دار فور وانه فقد قاعدته الشعبية والعسكرية بدار فور وانه اصبح شخصا غير مرغوب فيه . ولكن يعود القطبى ويؤكد فى نفس التصريح ان الاستفتاء الادارى لدار فور كان المطلب الاساسى لاهل دار فور للتعبير (عن مواقفهم الديمقراطية والشعبية ولتحديد اهدافهم) ، ولكنه ينسى او بالاحرى يتناسى ذكر ان مناوى هو الذى عبر واثبت هذا (المطلب الاساسى ) فى اتفاق ابوجا وربط تحقيق هذا المطلب الاساسى فى الاستفتاء بوجود حركة تحرير السودان (الموقع على الاتفاق) لمراقبة الاستفتاء لضمان نزاهته من حزب يعتمد على بقائه السياسى وقبضته على السلطة  على تزوير الانتخابات ونقض العهود ، وهو حزب المؤتمر الوطنى ، وما يجرى فى هذه الايام فى انتخابات جنوب كردفان ليس ببعيد عن الاذهان   .
فى حقيقة الامر ان  قطبى المهدى يعبر بتصريحاته تلك  عن عقلية اقصائية يتحكم بقوة هذه الايام فى مقاليد حزب المؤتمر الوطنى وقد بدا هذا الجنوح للاقصاء من خلاف المجموعة المتحكمة فى الحزب مع الفريق صلاح قوش ، حيث لم تكتف المجموعة بعزل صلاح قوش من المستشارية الامنية برئاسة  الجمهورية وبل طالب قطبى المهدى تحديدا بعزل صلاح قوش من الحزب ومن كل مواقعه السياسية ،  وقد برر ذلك بان (طموح الرجل وتمدده) قد زاد عن الحد ، ويفهم من ذلك انه يسعى –  اى قوش-  لخلافة البشير وخاصة وان البشير قد اعلن عن عدم ترشحه فى الدورة القادمة ، الامر الذى يوضح بجلاء ان خلافة البشير تقررها وتحدد الخليفة ، حلقة ضيقة فى المؤتمر الوطنى وليس من افرادها صلاح قوش ، اذا كانت هنالك نية  لتخلى البشير عن السلطة وهنالك مشروع خلافة من اساسه . رغم انه لا يعنينا كثيرا  خلافات اقطاب المؤتمر الوطنى ومعاركهم واقصاءاتهم  غير امنياتنا الصادقة ودعواتنا لله عز وجل ان يعجل برحيلهم جميعا حتى يسلم البلاد والعباد  من شرورهم ، الا اننا يهمنا توضيح هذه العقلية الاقصائية للعامة وربط ذلك بمنهجية المؤتمر الوطنى فى تعامله مع الخصوم السياسيين امثال الاخ مناوى رئيس حركة  تحرير السودان ، مع التأكيد ان خلاف المؤتمر الوطنى مع صلاح قوش يختلف كما وكيفا مع خلافه مع مناوى وهو الافدح بالطبع  .
تصريحات قطبى المهدى لا يعبر فقط عن  العقلية الاقصائية للحلقة الضيقة للمؤتمر الوطنى وبل يعبر ايضا عن الربكة  والانفعال والفوضى من قادة المؤتمر الوطنى  فى مواجهة التحديات المتزايدة التى تواجه المؤتمر الوطنى سواء من اعضائه المخالفين او شركائه السابقين مثل مناوى . ان علاقة مناوى بالمؤتمر الوطنى كانت علاقة تحكمها العهود والاتفاقات وليست علاقة عبثية حتى يقرر المؤتمر الوطنى من طرف واحد ويسقطه من حساباته حسب ادعاء قطبى المهدى  ، وان المؤتمر الوطنى ليس هى الجهة التى تحدد “بوصلة واتجاه” مناوى لانه بداهة ليس عضوا فى هذا الحزب   . والسؤال الاساسى هو من الذى يحدد ان مناوى قد فقد قاعدته الشعبية والعسكرية وانه لا يمثل اهل دار فور ؟ وهل المؤتمر الوطنى هو الذى يحدد ذلك ، وهل المؤتمر الوطنى هو الذى يمثل اهل دار فور ؟ الاجابة فى الحالتين هى النفى بالطبع
ان مناوى هو  اكثر من َخبِر عن اخلاق المؤتمر الوطنى عن قرب وعلم فى وقت مبكر ان هذه الشراكة فى السلطة سوف لن تستمر ما دام المؤتمر الوطنى غير جاد لتنفيذ الاتفاق  وحدد مقدما تاريخ خروجه من الحكومة ورجوعه للمربع الاول وجهز لذلك العدد والعتاد ، وان اشخاصا مثل القطبى المهدى تحركهم  فى الاساس الغيظ والحنق من مناوى للادلاء بمثل هذه التصريحات ،  لان الحزب قد فشل من احتوائه حسب الخطة المرسومة واكثر من ذلك انهم فشلوا – ورغم الضغوط الكثيرة على مناوى –  فى اقناعه لدمج جيشه فى القوات المسلحة والقوات النظامية الاخرى  حتى يُكْشف ظهره عند العودة الى الحرب مرة اخرى  ولكن هيهات  . ان الذين يعرفون مناوى عن قرب ، مثلى ومثل قطبى المهدى (من خلال المعلومات الاستخباراتية) ان الرجل فى اقوى حالاته العسكرية وسوف يسجل مفاجآت عسكرية فى مواقع وتوقيتات مستقبلية  مرسومة بدقة يعرفه فقط هو وقادته العسكريين الاقربين  ، اما موضوع احتراف السياحة فى جوبا  – ورغم انه لا يوجد سائحا محترفا فى هذه الدنيا – فهذا حديث من قطبى المهدى على سبيل المكابرة فالرجل لم يعرف السياحة فى حياته فهو مهموم بقضية اهله منذ نعومة اظفاره فلا وقت له للسياحة  ، فاعلموا يا اهل المؤتمر الوطنى فانه  بقدر ما يُهْدم (بيت) المؤتمر الوطنى كل يوم بالانشقاقات والاقصاءات فان  (بيت) حركة تحرير السودان يُبْنى كل يوم ويُوسع بانضمام الآخرين اليه و ان زعيما سياسيا مثل مناوى لا يُسْقط من الحسابات السياسية بهذه السهولة ويكون نسْيا منْسيا  وان الرجل قادم للمنازلة فهل انتم مستعدون ؟
محمد بشير عبدالله
الاحد 8 مايو 2011 م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *