مناظرة المؤتمر السوداني : الحقيقة الغائبة

عثمان نواي

في اعتقادي أن مناظرة المؤتمر السوداني بالأمس تحت عنوان المشاركة أو المقاطعة في الانتخابات موضوعها الحقيقي لم يكن إعلان المواقف من المشاركة أو ما سماه الحزب المنازلة. ان هذه المناظرة بشكل واضح هي إعلان لفشل الأحزاب المعارضة في الداخل لتحريك الشارع السوداني والبحث عن سبل جديدة ومبررات للبقاء في الواجهة كاحزاب سياسية يفترض بها تمثيل الجماهير. وذلك في الوقت الذي أثبت الواقع ضعف الاستجابة لدعوات التظاهرات خاصة في يناير هذا العام، و أن هذه الأحزاب بلا جماهير وبلا قواعد. والنتيجة هي أن هذه الأحزاب بدلا عن إعلان فشلها بشجاعة تعلن خطوة أكثر يأسا وبؤسا أملا في البقاء في المشهد على مطية الانتخابات. غير أنه كان الحري بهذه الأحزاب وعلي رأسها المؤتمر السوداني عقد هذه المناظرات لمصارحة عضويتها وأيضا الشعب السوداني بفشلها في أحداث التغيير عبر الشارع وإعلانها أنها فعليا غير قادرة وعاجزة عن صناعة الثورة وإسقاط النظام عبر التظاهر . إن متطلبات المصداقية كانت ستفرض قدر من الشفافية حاول الأستاذ خالد سلك استخدامه للدفاع عن موقفه الداعي للمشاركة في الانتخابات. حيث أعلنها صريحة أن الأحزاب بلا جماهير وغير قادرة على التواصل مع الشعب وان المظاهرات بما فيها الأخيرة التي بسببها اعتقل هو نفسه كان فيها ألف مشترك جميعهم يعرفون بعضهم. إذن اعتقد ان الجدل الذي كان يجب أن يدور وحتى النقد الموجه الي المناظرة في اعتقادي محوره لا يجب أن يكون تخوين المؤتمر السوداني او اي حزب دعى للمشاركة في الانتخابات. ولكن النقد الموجه لهذه الأحزاب التي اختارت المكاشفة والشفافية حسب ما تعلن، أنها كان يجب أن تعلن فشلها اولا وبعد ذلك عليها ان تطرح مناظرات لاقتراحات جديدة لامكانيات عمل أو وجود هذه الأحزاب نفسها وماهي قدرتها على إصلاح ذاتها داخليا اولا قبل محاولة تغيير الوضع في الدولة ككل! . لأن السؤال الجوهري يبقى سواء في طرف من يريد الثورة أو يريد الانتخابات، وهو ما المختلف الذي سيقوم به الحزب لكي يجذب الجماهير سواء إذا كان لأجل الثورة أو لأجل الانتخابات؟؟

المعضلة ليست ابدا في الوسيلة المستخدمة إذا كان الغرض حقا هو تغيير النظام، رغم التحفظات على وسيلة الانتخابات. لكن في النهاية إذا افترضنا انها وسيلة لجذب الجماهير، فكيف سيتم جذب هذا الجمهور وماهي الأدوات، ولماذا لا يتم استخدام ذات هذه الأدوات لجذب ذات الجماهير لخيار الثورة إذا توفرت القدرات لجذبهم حول الانتخابات. هل الرهان هو على أن النظام سيتيح فرص التواصل مع الجماهير لأجل الانتخابات ولكن لن يتيحها لأجل إسقاط النظام؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل النظام بهذا الغباء لكي يسمح باستخدام الانتخابات كغطاء للعمل لاجل إسقاطه.؟
الواقع أن ما كان يجب أن تعلنه المناظرة وان شفافية المؤتمر السوداني والأحزاب السياسية السودانية جميعا الغائبة كانت تتطلب إعلان الفشل، والاعتذار العلني للشعب السوداني عن الفشل كمعارضة حزبية سياسية عن تمثيل مصالح الشعب والوفاء باستحقاقات العمل المعارض، بداية من تعبئة وتواصل مع الشارع مرورا بممارسة الضغوط السياسية والقانونية والدولية لتغيير القوانين والتشريعات والسياسات وانتهاء بقيادة الشارع لاسقاط النظام. هذا الإعلان وهذا الاعتذار هو الخطوة الأولى نحو شفافية حقيقة ونقد ذاتي حقيقي لا يتخفى خلف شعارات جديدة لشراء الوقت الذي لا يملكه الشعب الذي يقضي نصف يومه بين صفوف انتظارات مقومات الحياة الأساسية.
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *