مجرد سؤال .. كوني ودارفور

أخيرا لم يجد زعيم جيش الرب الأوغندي المطارد دوليا جوزيف كوني إلا اللجوء لدارفور الجريحة التي تعاني ويلات الحرب والاضطراب آخرها أزمة منطقة كورما القريبة من الفاشر والتي أثبتت فشل القوات المختلطة في أول اختبار عملي بعد ذهاب قادتها السابقين الذين كرمتهم الخرطوم بالأوسمة لدورهم السلبي في الأزمة ومحاولتهم تصوير الأوضاع لخدمة أهداف خاصة كشفها التكريم.

فذهاب كوني المطارد من قبل الجميع إلا الخرطوم إلي دارفور يعني وجود تحالف جديد مع جهات نافذة لاستخدامه في دارفور التي يقولون انها انتهت مثلما استخدموه من قبل في حرب الجنوب وتخلوا عنه مؤقتا ليواجه مصيره ولكن كان هو أذكي منهم وأصبح يسبب لهم أزمات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ومع دول الجوار التي تحالفت لمواجهته والتضييق عليه الأمر الذي جعله يلجأ لحلفائه القدامي من باب دارفور.

فالسؤال المطروح ما المستفيد من وصول كوني إلي دارفور؟ هل سيقاتل إلي جانب الحكومة أم المتمردين ولماذا لا تعلق الخرطوم الرسمية حول الأمر وتركت المهمة للحركة الشعبية لتحرير السودان؟

من المؤكد أن دخول كوني لدارفور لم يتم صدفة وإنما تم بتخطيط مسبق ولكن فات علي الذين أشاروا إليه بالذهاب إلي دارفور بأن دارفور تختلف عن أحراش الجنوب وأنه من السهولة الكشف عنه.

فكوني لا يستطيع أن يقاتل ضد متمردي دارفور ولا يستطيع أن يتحالف مع الجنجويد، فهو مطارد دوليا ولا يريد أي فصيل دارفوري التحالف معه وأن وصوله وإن تم بعلم الخرطوم إلا أنه سيدخله في أزمة ليس مع الحركة الشعبية التي أعلنت نبأ وصوله وإنما مع المجتمع الدولي ودول الجوار باعتبار انه مطالب دوليا لدي المحكمة الجنائية الدولية بجرائم حرب.

ولكن فإن وجوده بدارفور إذا أصبح يسبب إحراجا للخرطوم التي هي نفسها تعاني من أزمة الجنائية التي لحق رأس سوطها حتي الرئيس البشير شخصيا بذات الجرائم المتهم بها كوني. فليس من المعقول ان تقع الخرطوم في ذات الخطأ مرة أخري وهي تدرك أن ورقة كوني محروقة ومكشوفة وتجلب أزمات جديدة هي في غني عنها.

من الواضح ان الحال قد ضاقت بكوني المطارد وانه ربما اختار دارفور لاحراج أصدقائه القدامي الذين تخلوا عنه بعد توقيع اتفاقية سلام نيفاشا وانه أراد اختبار مدي صدق موقفهم ولذلك لم يجد إلا دارفور التي أغلب أراضيها خارج السيطرة الرسمية ليكون له موطيء قدم ولكنه بكل تأكيد اختار المكان الخطأ في الزمن الخاطيء مع حليف غير موثوق فيه ربما يضحي به ويسلمه لتجميل صورته محليا وإقليميا ودوليا. كل شيء ممكن في ظل تناقضات المصالح.

بقلم : حامد إبراهيم حامد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *