متلازمة بينوشيه و عولمة العدالة

متلازمة بينوشيه و عولمة العدالة
” أي هجوم ضد مواطنين عزل يعتبر جريمة ضمن نطاق المحكمة الجنائية الدولية”
القاضية فاتو بنسودا – المحكمة الجنائية الدولية
خالد عثمان
[email protected]

7 نساء عزُّل
اليوم سقط لوران باغبو ، رئيس ساحل العاج المخلوع، سقط وانتهكت حرمته وأهل بيته، وستبدأ المحكمة الجنائية الدولية في إجراءات الدعوى القضائية ضده، لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الانسانية ، بعد الانتخابات التي أزهقت فيها أرواح 400 مواطن ، وستُركز عريضة الدعوى على مقتل سبع  متظاهرات سقطن برصاص قوات باغبو في مقاطعة ابوبو شمال العاصمة ابدجان، وكانت السيدة فاتو بنسودا نائبة المدعة العام قد ذكرت بأن ” أي هجوم ضد مواطنين عزل يعتبر جريمة ضمن نطاق المحكمة الجنائية الدولية” اللافت في هذه القضية ان السيد غاغبو قد مارس جرائمة ضد المسلمين في شمال ساحل العاج ، وتعتبر هذه القضية الثانية التي ينصف فيها المجتمع الدولي المسلمين بعد قضية دول الاتحاد اليوغسلافي السابقة.
رجال أوكامبو الستة
واستدعت المحكمة الجنائية الدولية ستة من كبار السياسيين والمسؤولين الحكوميين الكينيين  للمثول امامها على مدى يومين هذا الاسبوع لصلتهم باعمال العنف التي وقعت في كينيا عامي 2007 و2008 . وقتل أكثر من 1200 شخص في الاضطرابات التي أضرت بشدة بسمعة كينيا كدولة مستقرة في منطقة مضطربة ، الجدير بالذكر ان المتهمين يمثلون المعارضة والحكومة أيضاً. وتشمل التهم التي يواجهونها القتل والترحيل القسري والتعذيب والاضطهاد. حاولت الحكومة الكينية إنشاء محكمة وطنية لتنظر الأمر ولكن المعارضة رفضت وفضلت المثول أمام المحكمة الدولية.
متلازمة بينوشيه”
ان علماء علم الجريمة يصفون التطورات المتسارعة في تطور القانون الجنائي الدولي بمتلازمة بينوشيه  والتي تعني بانه لايمكن لقائد سياسي او عسكري تجاهل القانون الذي يمكن ان يطال كل الانظمة المحلية والدولية .  ضعف المحطمة الجنائية يكمن في عدم وجود شرطة لتنفيذ القانون وتعتمد لدرجة كبيرة على الدول لتنفيذ أوامر القبض على الافراد المتهمين، وعلى عاتق الدول تقع ايضا مسؤولية معاقبة مرتكبي جرائم الحرب ويعني هذا تطوير القوانين لتشمل الجرائم التي تنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية وكذلك تحسين مقدرات السلطات القضايا في التحري والادانة. مثال لذك ماقامت به استراليا بتعديل القانون الجنائي الفدرالي في عام 2002  ليشمل كل الجرائم المنصوص عليها في  ميثاق روما.
الارادة السياسية الدولية
ولكن هذا الضعف سيتم تلافية عما قريب ومفهوم المجتمع الدولي يطغى على مفاهيم السيادة الوطنية الذي يتلاشى رويداً رويداً. إن المقياس الحقيقي لنجاح المحكمة الجنائية الدولية يكون برفع مستوى التأهب من الحكومات الوطنية لمتابعة المجرمين المشتبه فيهم. والمطلوب لضمان العنصر الحيوي   لتدويل العدالة هو الإرادة السياسية الدولية التي تقوى كل يوم .
ان العلاقة بين المسلمين  وبين المجتمع  والتي تجاوزت مراحل المستشرقيين ولا زالت تراوح جدلية إدوارد سعيد، ومساهمات الطيب صالح ، وهي في حاجة الي مزيد من التمحيص والتأطير وبحاجة الي بشر من أمثال الطيب صالح أحد فرسان الصراع الثقافي الحضاري بين الشرق والغرب والذي يتجاوز عطاءه كل ما قدمته الأمة العربية لعقود سابقة وقادمة ، فلقد إدار الطيب صالح ملحمته الباهرة بإستخدام وسائل بارعة وذكية واستطاع إيصال رسالته بوعي ومسؤولية.
.

اسلاميا لايجوز خضوع المسلم لمحاكم الكفار والمشركين بالرغم من تجوزيها في بعض الحالات من بعض علماء السنة والشيعة الذين أستعانوا بالجبروت والطغيان الأمريكي الرهيب لدك منازل أخوانهم السنة في بغداد والأنبار والموصل . فبحسب ما ذكر ابن القيم في أول كتاب ( الطرق الحكمية ) أن من الفقهاء من قال : لا نتحاكم إليهم ، وقال : هذا لا يمكن أن تصلح به أحوال الناس لا سيما مع كثرة الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ، فلك أن تتحاكم إليهم لكن لو حُكِمَ لك بغير ما أنزل الله فرده ، وأما أن تضيع حقوق الناس فلا ، لأنه ربما تكون أملاك وفيها ورثة كثيرون فلا يجوز أن نضيعها من أجل أن هذا يحكم بالقانون ، بل نتحاكم إليه فإن حكم بالحق فالحق مقبول من أي إنسان ، وإلا فلا( الشرح الممتع 4 24)

وكلنا يعرف موقف علماء السعودية الرسمية والذين لم يعترضوا على جواز الاستعانة بالامريكان للقضاء على صدام وفي رائهم ان البعثيين والشيوعيين أشر من الملاحدة !! وأستدلوا على ذلك ببعض الروايات عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، مثل إستعانته بعبد الله بن أريقط في سفره وهجرته إلى المدينة-وهو كافر – لما عرف أنه صالح لهذا الشيء وأن لا خطر منه في الدلالة وإعتماداً على القاعدة الفقهية ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين .

ويكفينا من السُنة وثيقة مكة والتي أبرمت في ديسمبر 1990 وأفتى فيها العلماء بجواز الاستعانة بالقوات الاجنبية الكافرة من أجل اخراج القوات العراقية المسلمة من الكويت، ويكفينا من الشيعة دخول آيات الله السيستاني والحكيم بغداد على ظهور الدبابات الأمريكية، وتضطرب الروايات الاسلامية في جواز الاستعانة بغير المسلمين وتحكمها في كثير من الاحيان الظروف السياسية . والآن سيعتين المجلس الوطني الليبي الانتقالي بقوات حلف الناتو لضرب قوات القذافي ، مما يبيج امكانية الاستعانية بالصلييبن لضرب أخوانهم المسلمين
عولمة العدالة
بالرغم من عمرها القصير الا ان المحكمة الجنائية الدولية أنجزت الكثير بالرغم من التحديات ، وهذه التطورات تمثل صورة تقريبية لمفهوم عولمة العدالة. واصدار المحكمة لأمر القبض على الرئيس السوداني عمر البشير لاتهامة بجرائم الابادة الجماعية يمثل الحالة الاولى لاتهام رئيس في السلطة، ويعتبر اتهام الزعيم الليبي معمر القذافي هي الحالة الثانية وقريباً قد يلحق به اليمني عبد الله صالح والسوري بشار الاسد.
الحرمان من الحصانة لرؤساء الدول لم يكن واردا قبل 10 سنوات ,والآن . لدينا على سبيل المثال زعماء سابقين مثل سلوبودان ميلوسيفيتش في صربيا ، أوغستو بينوشيه في تشيلي  ، جان كامباندا رواندا  ، تشارلز تايلور ليبيريا،  البرتو فوجيموري  بيرو ، و حسين حبري  تشاد  ، تمت محاكمة بعضهم وينتظر الآخرين الاجراءات  القانونية المتعلقة بجرائمهم المزعومة.
الحلول الوطنية
ان التجارب التي شاهدها في الاشهر الماصية بل تجرى احداثها امام اعيننا اليوم تؤكد بان الساسة الذين يديرون الامور في بلادهم لايدركون الاخطار المحدقه بهم، ان انتهاكات حقوق الانسان المتواصلة في منطقتنا العربية الافريقية يجب ان تتوقف فورا وان على جميع الحكام الذين تجاوزت فترات حكمهم الاربع سنوات ان يتنحوا فوراً وان يساهموا في تحول ديمقراطي حقيقي تجنب بلادهم واهليهم التدخلات الخارجية.

ان اي تدخل أجني يتحمل وزره الحاكم الذي أوصل حال الصراع الي المجتمع الدولي، وسيذهب هذا الحاكم الي لاهاي في نهاية المطاف. ان الاحباط والعجزء هو الذي يقود الشعوب الي طلب التدخلات الدولية، ولا أظن ان الشعوب الثائرة تلجأ الي هذا الحل  اذا تجاوب الحكام مع الحد الادنى من تطلعاتها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *