احيانا يقدم السياسيون علي خطوات وصفها بالغباء لا يوفيها حقها , ويثبت ان هناك فرق بين السياسة والحكمة وبين الرئيس او الزعيم الذي حكم وهو يفتقد الي الحكمة وبين الذي يحكم وهو اهلا للحكم لانه فعلا حكيم . فالشرتاي والعمدة والملك والشيخ الذين يتزعمون قبائلهم وعشائرهم نجحوا وافلحوا في بسط العدل والسلام بين قبائلهم وعشائرهم بالرغم من محدودية تعليمهم وخلو صحائفهم من الالقاب العلمية والعسكرية كالبروفسور والدكتور , او المشير والعميد والعقيد , ذلك لانهم ببساطة رضعوا الحكمة من واقع التجربة وتوارثوها جد عن جد او تعلموها من مجتمعاتهم فنجحوا وافلحوا في ما سقط فيه لصوص السلطة القادمين اليها من ثكنات الجيش بانقلابات دموية في الغالب , او تحينوا الفرص واستغلوا غفلة الجمهور وصاروا حكاما بلا حكمة في انتخابات غاب عنها غالبية المواطنين اما لجهل بالانتخابات او بعدم اكتراثهم لها لانها دائما ماتكون محبوكة ومدبرة ومزورة . فتاتي النتائج بنفس الوجوه وذات الاشخاص يتقدمهم سيدي فلان والزعيم فلتكان.
والرئيس التشادي هو من صنف الذين حكموا وتسيدوا بقوة السلاح وفي غفلة من الزمان وهو الذي لاارث له تاريخي او عشائري او قبلي في مجال الحكم والسياسة ولا مؤهل له ليحكم الا قوة السلاح والذي يمكن ان تتبدل موازينه في اية لحظة فتكون الغلبة للاقوي وقد كاد ان يذهب حكمه ادراج الرياح في اكثر من محاولة للمعارضة المسلحة المدعومة من حكومة السودان التي هو الان يحاول انقاذها وقد بدات تتهاوي وتتاكل من الداخل , لولا نجدته من الثوار الاشاوس من دارفور وهو يدرك ذلك جيدا , ولكنه ولافتقاده الحكمة كما قلنا فانه دائما يصر علي عض الايادي التي مدت له يد العون وساهمت في انقاذ حكمه ويشجع عصابة المؤتمر الوطني علي محاولاته ابادة هذه الحركات واهليهم ومحوهم من الوجود. فالرئيس التشادي نفسه هو الذي زين للبشير سوء عمله بابادة اهل دارفور فراه حسنا وبدا ذلك عام 2004 بحضور الرئيس التشادي شخصيا وتامينه علي كل ما تلفظ به البشير من تهديدات نفذها كلها او كاد.
الغريب في الامر , ومما يؤكد ما ذهبنا اليه في مطلع هذا المقال من ان بعض الحكام يفتقدون الي الحكمة , ان الرئيس التشاداي اقدم الان علي ما اقدم عليه في لقاء امجرسي الفاشل الذي لم يحضره الامطبلي واذناب نظام المؤتمر الوطني الذي لايمثلون الاانفسهم وقبائلهم منهم براء , الغريب ان الرئيس التشادي ادريس دبي اقدم علي خطوته هذه وحكومة المؤتمر الوطني في الخرطوم في اسوا حالاته واضعف ما يكون وبدا يتاكل من داخله بانشقاق جزء من كيانه وتفشي الخلافات بين افراده واضطرتب في سياساته وتخبط في سياساته , وهو يترنح وايل للسقوط . وقد فقد مورد تمويل عملياته الحربية بانفصال الجنوب وذهاب ريع البترول معه.
فلماذا يتحرك ادريس دبي لانقاذ حكومة هي في عداد الاموات وتنتظر شهادة الوفاة ؟ لماذا يستعدي الرئيس التشادي ما تبقي من انصاره بالسودان الذين سوف لن يغفروا له ان هو هاجم الحركات المسلحة من الجبهة الثورية وانقذ حكومة المؤتمر الوطني التي اتسعت دائرة ابادته الجماعية لتطال ساكني العاصمة من انصاره ومؤيديه؟
انها غياب الحكمة وانعدام الرؤية الصائبة وعمي البصيرة هي التي تقود امثال ادريس دبي ليقدم علي خطوة اشبه بان يرتكب لاعب كرة قدم خطا في اخر ثانية تتسبب في ضربة جزاء ليخرج فريقه مهزوما بهدف ينقذ الفريق الاخر من الخروج من المنافسة ان هو خرج مهزوما.
محمد احمد معاذ
[email protected]