كيف نعلم أبناءنا الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الفساد؟(12) هارون سليمان

كيف نعلم أبناءنا الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الفساد؟(12) هارون سليمان
التسامح
تؤكد قراءة التاريخ أن من المتعذر استكمال أسباب استتباب الأمن و استقرار السلم و إنماء الوئام الاجتماعي وغير ذلك من مقومات البيئة الملائمة للتقدم والإبداع البشري في غياب التسامح كما تؤكد أن البديل للتسامح كان و ما زال هو الصدام والعنف و التمزق الاجتماعي و الحروب. ومع ذلك فان مصطلح التسامح أثار و يثير الكثير من الاختلاف و الجدال حول بعض جوانبه.
يعتبر التسامح أو التساهل الفكري من المصطلحات التي تُستخدم في السياقات الاجتماعية والثقافية والدينية لوصف مواقف واتجاهات تتسم بالتسامح أو الاحترام المتواضع أو غير المبالغ فيه لممارسات وأفعال أو أفراد نبذتهم الغالبية العظمى من المجتمع. ومن الناحية العملية يعبر لفظ “التسامح” عن دعم تلك الممارسات والأفعال التي تحظر التمييز العرقي والديني. وعلى عكس التسامح يمكن استخدام مصطلح “التعصب” للتعبير عن الممارسات والأفعال القائمة على التمييز العرقي والديني الذي يتم حظره.
تعود بداية الدعوة إلى التسامح في التاريخ البشري إلى ما قبل التاريخ الحديث و ربما يصح التأريخ لبداياتها ببداية الرسالات السماوية و التي مثلت الدعوة إلى التسامح و إن بألفاظ مختلفة بين البشر احد مضامينها الثابتة التي توالى الرسل عليهم السلام على دعوة البشر إليها. و يتوافر التراث الإسلامي الفقهي و الفلسفي على كثير من المرتكزات والأسس والأحكام التي من شأن تطويرها الإسهام في بلورة مفهوم أفضل و أوسع قبولا للتسامح وفي تأصيل و تكريس ثقافة التسامح.
تنامت الدعوة إلى التسامح بمفهومه الاصطلاحي في التاريخ الحديث على اثر ما شهدته أوربا في القرنين السادس عشر و السابع عشر من اشتداد موجة التعصب الديني العدواني و ما رافقه من لا تسامح ديني و حروب دينية ممتدة  بين الطوائف المسيحية في أوربا. ويذكر انه في القرون الخمسة السابقة للقرنين المذكورين كانت أوربا ضالعة في حروب دينية ضد العالم الإسلامي تمثلت في ما عرف لاحقا بالحروب الصليبية و امتداداتها من المواجهات العسكرية. و مع أن تلك الحروب الصليبية وإن مثلت قمة التعصب و اللا تسامح الديني الأوربي تجاه المسلمين انطوت في نفس الوقت على استمرار نوع مما كان قد بدأ قبل ذلك بعدة قرون من التفاعل الثقافي الأوربي الإسلامي .
عالميا كانت الدعوة إلى التسامح بدأت تأخذ بعدها العالمي الرسمي منذ أن بدأت المواثيق الدولية تذكرها أو تشير إليها في نصوصها ربما بدءا من ميثاق الأمم المتحدة ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. و أثمرت الجهود الدولية بشأن نشر ثقافة التسامح عن صدور ” إعلان مبادئ التسامح” عن المؤتمر العام لليونسكو في عام 1995 و إعلان عام 1996 عاما دوليا للتسامح. و اكتسبت الدعوة الدولية للتسامح زخما ملحوظا على اثر التصاعد الأخير في أحداث العنف و الإرهاب و الكراهية  والاضطهاد و سوء معاملة الاقليات و رواج بعض نظريات الصراع أو الصدام الثقافي/ الحضاري.
و منذ أن بدأت الدعوة للتسامح كان و مازال هناك من يؤيدونها و من يعارضونها ليس فقط على المستوى العملي و إنما المستوى النظري أيضا. ومع  أن الأرجح  أن الدعوة للتسامح  تحظى اليوم بقبول عالمي أوسع مما كانت في الماضي أو عند تجدد الدعوة إليها في التاريخ الحديث إلا أن الواقع التاريخي و المعاصر يكشف أن الالتزام العملي بالتسامح ظل ضعيفا كما تشهد بذلك وقائع تاريخية تم ارتكابها عقب تنامي الدعوة للتسامح في أنحاء متفرقة من العالم مثل العنف الاستعماري و عنف الحروب والصراعات و عنف التمييز العنصري بل  ما زال الالتزام العملي بالتسامح يشهد انتكاسات خطيرة و أحيانا مروعة كما تشهد بذلك وقائع معاصرة مثل أحداث التطهير العرقي و العنف الاجتماعي واغتصاب النساء أثناء الحروب الأهلية بصورة ممنهجة كنوع من سلاح الإذلال فضلا عن بعض الدعوات و التوجهات اللاتسامحية و التي يحظى بعضها بالدعم الرسمي من الدولة مثل محاربة التنوع الثقافي والعرقي والديني وفرض ثقافة واحدة كهوية أو ديانة واحدة مصدرا للتشريع في بلد متعدد الأعراق والأديان والثقافات أو الضغط على الجاليات الأجنبية نحو الاندماج في المجتمعات التي تهاجر إليها وليس التفاعل الايجابي مع الأكثرية و منع بعض المظاهر الثقافية.
تمحور المفهوم الاصطلاحي للتسامح في مبتدأ تنامي الدعوة إليه في الثقافة الغربية الحديثة حول التسامح الديني وخاصة بين طوائف الدين الواحد( المسيحية) ولاحقا و بدرجة اقل بين الأديان المختلفة أيضا.ثم اتسع المفهوم في ما بعد مع ظهور و تطور أفكار عصر التنوير ليشمل بالإضافة إلى التسامح الديني التسامح الثقافي و السياسي و الاجتماعي.
تعريف التسامح
1. التسامح هو التساهل وتبادل السماح أو المسامحة والصلح  و الصفح و التعارف  و اليسر و الرفق و المداراة والتعاون و التمازج مع الآخر و العفو عنه و التنازل له و حب الخير له و الدفاع عنه .
2. التسامح هو الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية .
3. التسامح نابع من السماحة وهو اعتراف بالآخر وتفاهم جماعي متبادل بين مختلف الفئات والشعوب.
4.  التسامح مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان يتضمن الحرية والمساواة والسماح بالتعبير عن الرأي و التنظيم و المساواة الجميع أمام القانون والرفق بأسرى الحرب واحترام أو قبول رأي الاقلية والتسامح ممارسة يمكن أن تكون على مستوى الأفراد والجماعات والدول .
5. التسامح هو أن ننسي الماضي الأليم بكامل إرادتنا إنه القرار بألا نعاني أكثر من ذلك وأن تعالج قلبك وروحك ،إنه الاختيار بأن لا تجد قيمة للكره أو الغضب وانه التخلي عن الرغبة في إيذاء الآخرين بسبب شي قد حدث في الماضي وإنه الرغبة في أن نفتح أعيننا علي مزايا الآخرين بدلا من أن نحاكمهم أو ندينهم .
6. التسامح هو أن نشعر بالتعاطف والرحمة والحنان ونحمل كل ذلك في قلوبنا مهما بدا لنا العالم من حولنا .
7. التسامح هو أن تكون مفتوح القلب وأن لا تشعر بالغضب والمشاعر السلبية من الشخص الذي أمامك.
8. التسامح هو الشعور بالسلام الداخلي وأن تعلم أن البشر خطاؤون وعليك أن تسامحهم حتى لا تتوقف مصالحكم المشتركة وعلاقاتكم الاجتماعية .
9. التسامح هو اتخاذ موقف ايجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوقهم وحرياتهم الأساسية المعترف بها في الأديان والمواثيق الدولية ً. وممارسة التسامح لا تتعارض مع احترام حقوق الإنسان ولا تعني قبول الظلم الاجتماعي أو تخلي المرء عن حقوقه ومعتقداته أو التهاون بشأنها.
    أنواع التسامح
   للتسامح عدة أشكال تتعلق بالعلاقات الاجتماعية بين الأفراد و الجماعات و العلاقات بين    الدولة وتتعدد أنواع التسامح وتختلف أنواع القيم المرتبطة به ومنها:
1. التسامح الديني: الذي يعني التعايش بين الأديان وحرية ممارسة الشعائر الدينية مع التخلي عن التعصب الديني والمذهبي والطائفي : قال الله تعالى: }إن الذين امنوا و الذين هادوا و الصابئين والنصارى من ءامن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون{ سورة المائدة: آية(69) .
2. التسامح الفكري: الذي يعني عدم التعصب للأفكار واحترام أدب الحوار والتخاطب مع الحق في الإبداع والاجتهاد.
3. التسامح السياسي: يقتضي ضمان الحريات السياسية الفردية والجماعية مع نهج مبدأ الديمقراطية.
4. التسامح في المعاملات: قال الله تعالى: }ادفع بالتي هي أحسن نحن أعلم بما يصفون{ سورة المؤمنون: آية(96).
5. التسامح العرقي: قال رسول الكريم في خطبة حجة الوداع:}إن أباكم واحدٌ كلكم لآدم وآدم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى{.
6. التسامح الثقافي: لكل مجتمع ثقافة التي من حقه أن يعتز ويحاول نشرها.
     تطبيقات التسامح
1. تحديد المشكل ووصف معطياته
2. تحليل وتفسير الأفعال وردود الأفعال المرتبطة بالمشكل
3. اقتراح الحلول
4. إعداد ملف حول التعايش السلمي
5. نشر ثقافة السلام وقبول الآخر
أثر التسامح في العلاقات الإنسانية
إن المجتمع الإنساني ينطوي على درجةً كبيرة من التباين والتوحد في الوقت نفسه يتجلى التباين في العدد الكبير من الأعراق و الأجناس و الأديان و القوميات التي تحمل قيماً ومعتقدات تؤدي إلى ثقافات مختلفة ويتجلى التوحد في أن كل أعضاء هذه المجتمعات يشتركون في كونهم يسعون للعيش بكرامة وسلام وتحقيق طموحاتهم ومصالحهم وعلى ذلك فإن ما يجمع الناس هو أكثر مما يفرقهم إذا تجنبت هذه المجتمعات العنف والصراع و الحقد والكراهية التي يشهدها العالم اليوم وفي العصر الحالي فإن احتكاك المجتمعات بعضها ببعض وتشابك المصالح بينها نتيجة لثورة الاتصالات و المعلومات و المواصلات جعل من التسامح و التعايش و الاتصال و الحوار المفتوح ضرورات لا بد منها لتحقيق مصالح المجتمعات جميعها.
أهمية التسامح
إن التسامح مفتاح للتخلص من الخلافات وهو شرط ضروري للسلام والتقدم الاجتماعي ومن خلاله نستطيع التغلب على التعصب و التمييز و الكراهية والاستعلاء والعنصرية ومن أبرز الآثار الايجابية التي يمكن أن تتحقق بالتسامح ما يأتي:
1. الاحترام المتبادل بين الأديان و الطوائف وجسر تواصل بين هذه الأديان.
2. ثبات واستقرار المجتمع.
3. ترسيخ قيم التعايش و الحوار الحر العقلاني.
4. التغلب على المواقف التعصبية و التحيزية.
5. إيجاد التوافق الاجتماعي في المجتمعات المتعددة ثقافاتها.
6. الانفتاح بين الثقافات وتحقيق المكاسب المشتركة.
7. احترام حريات الإنسان وحقوقه.
     وسائل التسامح
1. الحوار العقلاني الهادف .
2. التهدئة.
3. احترام حرية الآخرين.
4. رحابة الصدر.
5. إعطاء الأولوية للمصلحة العامة.
6. التعليم و التثقيف.
    محددات التسامح
1. المحددات الاجتماعية والديموجرافية: ومن أبرز المحددات الاجتماعية التي حظيت باهتمام الباحثين ،التعليم والعمر والدين والمكانة الاجتماعية والسكنى في الحضر وكل هذه العوامل ذات علاقة إيجابية بالتسامح .
2. المحددات النفسية: وتدور المحددات النفسية أو المتعلقة بالشخصية وفقًا لعديد من العلماء حول تقدير الذات وتوصل بعض الباحثين إلى وجود علاقة إيجابية بين انخفاض تقدير الذات والتعصب السياسي (غياب المعايير والقواعد المحددة للسلوك وفقدان التوجه).
3. المحددات السياسية: وتُعد الثقافة السياسية من أبرز المحددات السياسية للتسامح ومن أكثرها إثارة للجدل ويعد نمط الثقافة السياسية السائد محدد للتسامح فحينما تسود الثقافة المدافعة للمجاراة تزداد احتمالات التعصب السياسي والعكس صحيح. ومن المحددات السياسية أيضا الفاعلية السياسية فكلما زاد إحساس الفرد بأنه أكثر فاعلية سياسية وبالتالي أقل اغترابًا كلما كانت اتجاهاته أميل للتسامح السياسي نظرًا لأن الفاعلية السياسية تؤدى لمزيد من المشاركة السياسية والتي تسهم بدورها في تعزيز التسامح السياسي كذلك ربط بعض الباحثين بين متغير احتدام الصراعات الأيديولوجية في المجتمع وبالتالي إدراك أن هناك مزيدًا من التهديد السياسي من ناحية والميل نحو التعصب السياسي من ناحية أخرى ففي أوقات التوتر السياسي الحاد والصراعات الأيديولوجية المستعرة يزداد إدراك الأفراد والجماعات للتهديد السياسي مما يؤدى إلى ارتفاع معدلات التعصب السياسي لديهم.
     عناصر مفهوم التعصب السياسي
1. حكم يفتقد للموضوعية ويتسم بالتعميم أو التبسيط المخل.
2. يقوم على أساس مجموعة من القوالب النمطية والتصنيفات الجاهزة والأحكام الحدية والاستقطاب.
3. ينشأ في ظل سياق ثقافي واجتماعي دافع للمجاراة بدرجة أو بأخرى.
4. يوجه نحو جماعة معينة أو أشخاص معينين بحكم عضويتهم في الجماعة.
5. يصادر أفراد هذه الجماعة في الاختلاف.
6. نشر ثقافة الكراهية والتعصب في حل النزاعات.
7. الانتقام و القصاص لدماء المدنيين الأبرياء.
8. تسليم المنابر الإعلامية والثقافية ودور العبادة لدعاة التعصب و الكراهية من أجل حشد الجماهير.
يقول فولتير أننا جميعا كبشر نتكون من الضعف والخطأ ، فلم لا يغفر أحدنا للآخر أو يسامحه ! وقد أصبح التسامح فضيلة غائبة بين البشر في السياسة والحياة  رغم دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة  في 12 ديسمبر عام 1996 بمبادرة من مؤتمر اليونسكو عام 1995 لاعتبار يوم 16 نوفمبر يوما عالميا للتسامح ودعت الدول الأعضاء إلى الاحتفال به، والتزام الحكومات بالعمل على تشجيع التسامح والاحترام والحوار وإدارة الاختلاف والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب فهل أصبح التسامح بحاجة لقرارات ملزمة؟.
من الدراسات الطريفة ما أثبتته عالمة النفس الأمريكية كاشلين لولر أن التسامح يفيد القلب، فقد أجرت تجارب معملية حديثة وشاهدت أن الضغوط التي تؤدي إلى الغضب وسرعة الانفعال تُحْدِث تغييرات كبيرة في كيمياء أجهزة الجسم كاملة، بل وجدت أن مجرد التفكير أو التحدث عن إساءة أو خيانة أو إهانة تعرض لها الإنسان لدقائق معدودة يؤدي إلى تغييرات ملحوظة في ضغط الدم ومعدل نبض القلب ومستوى التوتر العضلي وزيادة في معدلات المواد الناقلة للشحنات العصبية والنشاط الكهربي في الجهاز العصبي مع زيادة عدد آخر من الهرمونات المسئولة على عمليات حرق الجلوكوز والمواد التي تخرج من مخازنها في الجسم التي يستعملها الإنسان في معركته عند الشعور بهذه الضغوط والانفعالات.
ووصفت هذه العالمة ما يحدث في الجسم نتيجة عدم الحلم أو عدم التسامح وسرعة الاستجابة بالانفعال والغضب الشديد بحالة غليان الدم في العروق.
أيضا التسامح يقوى جهاز المناعة لدينا، فعندما تكون في حالة حب وتسامح مع نفسك ومع الآخرين تستطيع مقاومة المرض والإرهاق والاكتئاب، كما أن التسامح يعيد الحب والأمن والاستقرار للعلاقات الإنسانية بين البشر.
كيف نتسامح؟
يقول خبراء التنمية الذاتية أنه حين تشعر بالضيق والتوتر في علاقاتك كأن تختلف مع صديق لك أو يشوب علاقتك الزوجية شيء من سوء الفهم لا تجعل لحظات الكدر تؤثر على إدراكك للأمور أو تستدرجك مشاعر الغضب إلى إصدار حكم ظالم جائر، وتسلب منهم فِعالهم الطيبة وصفاتهم.
فكر في نفس الشخص واستحضر ثلاثة مواقف ايجابية قد أسدى فيها لك خدمة أو موقفا قدم لك فيه معروفا أو مشهدا تصرف معك تصرفا حسنا وغيرها من مواقف ايجابية وحاول أن تعيش كل موقف وكأنه يحدث أمامك، بعد ذلك ستجد أنك قد سامحت ذلك الشخص وشفعت له مواقفه السابقة عندك وهنا ستستمتع بلذة التحكم بذاتك.
ويوضح د. رامز طه رئيس وحدة الطب النفسي بمستشفى الطب النفسي بالكويت كيفية تدريب النفس على التسامح وأولى هذه الخطوات يبدأ بغرس الآيات الكريمة التي تحض على العفو والتسامح، ثم تطبيقها ، ويدعو الإنسان لأن يكافئ نفسه إذا نجح في غفران إساءات الآخرين بأي شكل يحبه . كما ينصح بأن تشرح لمن أساء إليك خطأه بلباقة وتهذيب بل ومدح سلوك إيجابي من هذا الشخص بمعنى عدم الميل لانتقاد الآخرين كثيرا كما ينصحك بأن تصفح تماما ولا تترك بنفسك أي ترسبات مما أغضبك.
وتذكر أجمل عبارات التسامح هو أن تري نور الله في كل من حولك مهما يكن سلوكهم معك. وهو أقوى علاج علي الإطلاق. القرار بعدم التسامح هو قرار المعاناة  كما أن قوة الحب والتسامح في حياتنا يمكن أن تصنع المعجزات “. وأخيرا تذكر أن الصفح عن الآخرين هو أول خطوة للصفح عن أنفسنا ، وأنه يمكننا أن نتسامح مع الآخر حينما فقط نتخلى عن اعتقادنا بأننا ضحايا .
قالوا في التسامح
1. إذا سمعت كلمة تؤذيك فطأطئ لها حتى تتخطاك. عمر بن الخطاب
2. إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر جهدك, فان لم تجد له عذرا, فقل : لعل له عذر لا أعلمه. أبو قلابه الجرمي
3. من عاشر الناس بالمسامحة زاد استمتاعه بهم. أبو حيان التوحيدي
4. الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا أو في تغذية روح العداء بين الناس. براتراند راسل
5. إذا قابلت الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الإساءة ؟. غاندي
6. عظمة الرجال تقاس بمدى استعدادهم للعفو والتسامح عن الذين أساءوا إليهم. تولستوي
7. في سعيك للانتقام أحفر قبرين… أحدهم لنفسك. دوج هورتون
8. سامح دائماً أعدائك… فلا شئ يضايقهم أكثر من ذلك. أوسكار وايلد
9. سامح أعدائك لكن لا تنسى أسمائهم. جون كينيدي
10. النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح. جواهر نهرو
من القصص الإنسانية التي تجسد معنى التسامح نقرأ:
بينما كان الصديقان يسيران في الصحراء تجادلا فضرب أحدهم الآخر على وجهه لم ينطق بأي كلمة كتب على الرمال : اليوم أعز أصدقائي ضربني على وجهي ! استمر الصديقان في مشيهما إلى أن وجدوا واحة فقرروا أن يسبحوا في الماء قليلا حينها علقت قدم المضروب آنفا في الرمال المتحركة وبدأ يغرق ولكن صديقه أمسكه وأنقذه وبعد أن نجا من الموت قام ونحت على قطعة من الصخر: اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي!. سأله صديقه متعجبا : لماذا في المرة الأولى عندما ضربتك كتبت على الرمال والآن عندما أنقذتك نحتّ على الصخرة؟ فأجاب صديقه:نكتب الإساءة على الرمال عسى ريح التسامح أن تمحيها وننحت المعروف على الصخر حيث لا يمكن لأشد ريح أن تمحيه.

إن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا. ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد. وأنه الوئام في سياق الاختلاف وهو ليس واجبا أخلاقيا فحسب وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضا والتسامح هو الفضيلة التي تيسر قيام السلام و يسهم في إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب.
إن التسامح لا يعني المساواة أو التنازل أو التساهل بل التسامح هو قبل كل شئ اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها عالميا. ولا يجوز بأي حال الاحتجاج بالتسامح لتبرير المساس بهذه القيم الأساسية. والتسامح ممارسة ينبغي أن يأخذ بها الأفراد والجماعات والدول.
إن التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية (بما في ذلك التعددية الثقافية) والديمقراطية وحكم القانون. وهو ينطوي علي نبذ الدكتاتورية والاستبدادية ويثبت المعايير التي تنص عليها الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
ولا تتعارض ممارسة التسامح مع احترام حقوق الإنسان، ولذلك فهي لا تعني تقبل الظلم الاجتماعي أو تخلي المرء عن معتقداته أو التهاون بشأنها. بل تعني أن المرء حر في التمسك بمعتقداته وأنه يقبل أن يتمسك الآخرون بمعتقداتهم. والتسامح يعني الإقرار بأن البشر المختلفين بطبعهم في مظهرهم وأوضاعهم ولغاتهم وسلوكهم وقيمهم  ولهم الحق في العيش بسلام وفي أن يطابق مظهرهم  ما تخفي صدورهم  وهي تعني أيضا أن آراء الفرد لا ينبغي أن تفرض علي الغير.
ولتحقيق قيم التسامح لا بد من تضافر جهود مؤسسات الدولة الرسمية و المدنية لأن ذلك ينعكس ايجابياً على كل أفراد المجتمع وتلك المؤسسات وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1995م إعلان مبادئ بشأن التسامح وعدت ذلك اليوم يوماً دولياً للتسامح.
الحلقات القادمة
قيم ومبادئ المجتمع الحر
1. العدالة
2. محاربة الفساد

هارون سليمان
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *