عبد العزيز عثمان سام-
جاء فى الأثرِ أنَّ إمرأةً دخلت النَّار فى هِرَّة لمَّا حبستها ولم تُطعِمُها أو تتركُها تأكلُ من خشاشِ الأرض.
قرأت، أكثر من مرَّة، ورقة “محضر مداولات اجتماع رئيس المؤتمر الوطنى مع رئيس وفد المفاوضات للمنطقتين واللجنة الأمنية والعسكرية لإسنادِ التفاوض والخيارات البديلة، المنعقد بمكتب رئيس المؤتمر الوطني بتاريخ 18 نوفمبر 2018م بالمركز العام”.
الأجندة: أ. الوقوف علي مسببات الفشل في مفاوضات جنوب افريقيا غيرالمعلنه مع الحركة الشعبيه جناح الحلو، ب. الموقف التفاوضي للجولة القادمة والسيناريوهات المحتملة،
ومن فرطِ دهشتى لمحتوى الوثيقة وَجَمْتُ طويلاً، وجُلتُ بخاطرِى لأزْمَانٍ طويلة نسبياً خلت مذ أن جَثمَ هذ النظام على صدرِ البلد وحكمَهُ حكمَاً بالغ السُوء لا يخطرُ على بالِ بشر. حكمٌ عنوانه “الظلم والفساد والتدمير”، وشِعارُه “إخضاع الشعب وتطويعِه وإدمْآجِه”. نظام حُكم يقومُ عليه عصابة عنصرية فآسِدة ومُفسِدَة سرقَت موآرِد البلد وهرَّبَتها للخارجِ فأفْقرتِ البلد وجوَّعَت الشعب فإضطرَّ إلى الهربِ من السودان يهِيمُ على وَجْهِه فى أرضِ اللهِ الوَآسِعة. ورغم ذلك لا ولم يسلمْ الشعب من سياساتِ النظام وممارساته الظآلِمة العنصرية التى لن تبْنِى بلدَاً ولا شعباً يتعَهَّد البلد بالسلام والأمن والنماء والمحبة والرخاء ثُمَّ الرَفاه، لأنَّ هذا النظام غير مُؤهَّل لقيادَةِ دولة متنَوِّعَة ومُتعَدِّدة مثل السودان.
ليس هذا فحسب، بل هذا النظام بقيادة الرئيس البشير ومَلَأه الذين حضرُوا هذا الإجتماع وأدْلُوا بآرَاءِهم الوآرِدَةِ فى المحضر، هذا النظام غير مُؤهَّل ولا قادر على قيادَةِ نفسِه فى أضيَقِ نِطَاق، وهؤلاء القادة الذين حضروا الإجتماع وتحدَّثُوا وصُولاً للتوصياتِ والقرارات تجمَعُهم مصلحة غير كونهم بشر جلسُوا فى كرَآسِى الحُكمِ مدَّة طويلة كفِيلة بتعلِيمهم أن يكونوا آدميين فى المَقَامِ الأوَّل، ثُمَّ أن يكونوا أسْوُيَاء كمطلب أساس للذى يحُكمِ بلداً متنوِّعاً طرَآئِق قِدَدَا مثل شعوب السودان.
هؤلاء الذين حضروا الإجتماع وتحدَّثُوا فيه ووَصوُّا وقرَّرُوا يجمَعهم “مصلحة خاصَّة” هى أن يستدِيمُوا حُكم السودان لمصلحتهم الشخصية، وليس مصلحة البلد والشعب، ولا السلام ولا الإقتصاد الحَرِج، ولا يعملُون لإحداثِ التحوُّلِ السِلمِى وحلِّ المشاكل الكبيرة التى تعترِى مسيرة البلد نحو المجرَى الطبيعى الذى سارت عليه دول العالم نحو السلام والإستقرار النماء. ويجمعُ الذين حضرُوا هذا الإجتماع العِزَّة بالإثمِ وكونهم لا يتعلَّمُون شيئاً ولم ينسون شيئاً منذ مفاوضَتِهم الحركة الشعبية بقيادة الرآحِل د. جون قرنق فور إغتِصَابِهم السُلطة فى 1989م.
سأتناول بعض المقتطفات من مداولات الإجتماع لأدَلِّل على ما لخَّصُت أعلاه من حالةِ المؤتمر الوطنى الحاكم، وعدم صلاحِه للحفاظِ على السودان وطناً وشعباً وموَآرِد، وأجمِلُها فى نقاطٍ قليلة لأنَّ الجميعَ يعلَمُ الخُلاصات المنطِقية:
. قال عمر البشير رئيس السودان ورئيس الموتمر الوطنى الحاكم الآتى:
“بتساءل ما الذي يدفع الحلو الى رفع سقف مطالب ابناء النوبة ؟!”
“والحلو شفت لمن جاء يؤَدِّي القَسَم نائباً لوَآلِى جنوب كردفان قلبي اصلا مارادو وكشيت منو!”
“ابناء النوبة مع الحلو ماعندنا ليهم غير البندقيه والرصاص والهواء الماشي، والجبال القاعدين فيها بتبقي ليهم ضيقة اضيق من خرم الابرة!”
ونقول تعليقاً على حديث الرئيس فى هذا الجزء:
. يا رئيس الجمهورية، قلبك ما راد عبد العزيز الحلو هذا شأنك الخاص! ولكن هل هذا سبب لتأسِّس عليه تدمير بلد عانت طويلاً من الصراعاتِ والحروب والتشَظِّى؟ يعنى لأنو قلب الرئيس”كشَّ” من الحلو يقوم يحوَّل السودان إلى جحِيم وحريق وانهيار إقتصادى فيهلك العباد لأنَّ قلب الرئيس ما راد الحِلو؟.
وما بال الملأ من فطاحلة المؤتمر الوطنى الذين حضروا الإجتماع؟ أليس منهم رجلٌ رشِيد ينبِسُ ببِنتِ شَفَّة للرئيس ليقول له تصرِيحاً أو تلْمِيح أنَّ هذا المعيار شخصِى ويجب أن لا نستخدِمه فى إدارة شؤون هذا البلد الذى هدَّه سُوء الكيل (30) سنة ؟!، ولماذا يخشى قادة المؤتمر الوطنى قول الحَق لمُنَاصَحة الرئيس؟ هل لأنَّهم ضلُّوا وعمِيت أبصارهم وقلوبهم غُلف، أم أنَّ الرئيسَ لا يقبلُ النُصح؟ ولو كان لا يقبلُ النُصح فلماذا يجمَعهم ويطلبُه منهم أصْلاً؟.
. والرئيس لماذا يأبَى قلبُه “الحِلو” ومالو كاشِّى منه؟. أين المُشكِلة؟ فى الشكِل أم فى المضمُون؟ ولو كان فى الشكلِ وهذا وَآرِد لأنَّ الرئيس ما “دآسِى” كرآهيَّته للناس السُود رغم أنَّهم سودانيون وإسم البلد مُشتَق من لونِ بِشرَتِهم. وسود السودان خلقهم الله فيه ولم يأتوا من أىِّ مكان. فلو كان شكل ولون وطول وقِصر الحِلو هو السبب، فما الفرق بينه وبين أحمد هارون”الوآلِى”؟ أعتقد أن الفرقَ فى الشكلِ طفِيف ويقعُ لمصلحَةِ الحلو، أمَّا إذا كان الفرق فى المضمُونِ فأجِد أنَّ الحِلو له قضية مشرُوعة وعآدِلة، قاتلَ لأجلِها عُمرَاً مدِيداً فى صفوفِ الحركة الشعبية، وأنَّ حياتَه مستمرة لأنَّ أجلَه لم يَحِنْ. أمَّا أحمد هارون الذين لا يكش منه البشير ولم يأباه قلبه هو كوز دَمَوى حَآقِد وقآتِل مُحترِف، ويكفيه أنَّه أبَادَ أهلِ دارفور فإستحَقَّ الإتِّهام هو الرئيس وآخرين لدى المحكمة الجنائية الدولية بعشرِ تُهَم منها الإبادَةِ الجماعية التطهير العرقى وجرائم الحرب. وأحمد هارون هذا وِفق ثقافة البشير ووِجْدَانه وأقواله المأثورة من شآكِلة “الغرباوية إنْ وطأهَا الجعلى” يليقُ به أن يصْطَفَّ فى جبهَةٍ وآحِدة مع الحِلو دفاعَاً عن أهلِه ضحايا البشير، وليس قابِعَاً فى مُقدِّمَةِ صفِّ القتلَة المُجرِمين الهَآرِبين من العدالَةِ الجنائية الدولية من غُلاةِ المَلَأ فى حكومَةِ البشير. فالذى يستحِقَّ أن “يَكِشَّ” منه البشير ويأباه قلبه هو أحمد هاورن الذى جلبَ له شقاء الدارين: هآرِبَاً فى الدنيا من العدالة فى دماءِ الشهداء تُطارِده المحكمة الجنائية الدولية حتى تظفرَ به حَيَّاً أو يهْلَكَ هآربَاً، وفى الآخرة تنتظِرُهم نارُ جهَنَّم لهم فيها غُرَفٌ فى لَظَى نزَّاعَة للشوَى.
. وقال الرئيس البشير:”ابناء النوبا مع الحلو ماعندنا ليهم غير البندقيه والرصاص والهواء الماشي!”. وهذه حلقة جديدة من حلقات العنصرية والقبلية التى حكمُوا بها السودان ومزَّقُوا نسيجِه، سياسة فرِّق تسُدْ. والرسالة الفتنة وآضحة والرئيس وشيعته لا يعرفون غيرها، فلان قبيلته شنو؟ وخشم بيته وينو؟ وهكذا. ونسأل الريس البشير وجميع من كانوا معه فى هذا الإجتماع: أنتم الذين تحكومنا منذ(30)سنة مضت، قبيلتكم شنو؟ وخشم بيتكم منو؟!. أليس من حقِّ الشعب السودانى أن يعرفَ بالمُقَابِل، أىِّ القبآئِل هى تلك التى حكمتنا منذ يونيو1989م؟ وإذا أصبح التصنِيفُ هكذا وأنَّ النوبا يقسَّمُون بواسطة المؤتمر الوطنى إلى نوبا أتباع “الحلو” ونوبا أتباع غيرهم، فيريد الشعب السودانى أن يعرف بالمثل، ما هى القبيلة أو القبائل التى حكمتنا بإسم المؤتمر الوطنى؟ وماهى خشوم بيوتهم وعشائِرهم وأُسَرِهم؟ لكى نوَجِّه سِهام وقذآئف رَدَّنا الدفاعية إلى مصدَرِ العُدوان ومَكْمنِ الخطَر.
الحضور: المشير عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهوريه ورئيس المؤتمر الوطني، دكتور فيصل حسن ابراهيم نائب رئيس المؤتمر الوطني ومساعد رئيس الجمهوريه ورئيس وفد التفاوض، فريق اول ركن كمال عبد المعروف الماحي رئيس هيئة الاركان المشتركة، دكتور عبد الرحمن احمد الخضر رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، فريق أوَّل ركن صلاح عبد الله مديرعام جهاز الأمن والمخابرات، بروفيسر ابراهيم احمد عمر رئيس المجلس الوطني، مهندس طارق حمزة زين العابدين مدير الامن الشعبي المدير التنفيذي لمجموعة شركات سوداتل.
هؤلاء الحضور وِفقَ منهَجِهم وخُطَطهم العدَآئِيَّة الهجُومِيَّة ضدَّ الحركة الشعبية قيادة الحلو صنَّفُوهم عِرقيَّاً بأنَّهم نوبا أو على أساسِ قبائلهم، فنسألُ بالمِثل: ما هى قبيلة أو قبائل هؤلاء الطُغَاة قادة المؤتمر الوطنى الحاكم؟! نريدُ أن نعرف قبائلهم لتُستهدَف بالمِثلِ دفاعا كما يستهدفون هم شعوب السودان عدواناً وظُلماً؟. والقاعدة:(ومن إعتدى عليكم فإعتدُوا عليه بمثلِ ما إعتدى عليكم) البقرة 194، و(وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) النحل 126. فردُّ الصآئِل يكونُ من جنسِ العدوان. سيقولون، لا نحنُ لسْنَا قبيلة نحنُ حزب سياسى حاكم وهكذا. ونقول لهم فلِما تصنِّفُون الناس بقبآئِلهم وتستهدِفُونهم كقبآئِل بلا تمييز بين من قاتَلكم من غيره؟ فأنَّكم أيضاً قبائل وخشوم بيوت وعشائر وأُسَر معروفة يجبُ إستهدَآفِها بالمثلِ طالما تصنِّفُون قائداً مثل عبد العزيز الحلو الذى أرسى مع رفاقه قوآعِد ذهبية من المعارفِ والسوَآبِق، وفتحوا آفاقاً وبطولات فى الفكرِ والفهم ومنَآهج لثوراتِ التحرُّرِ الوطنى والكفاح المُسلَّح ضد أنظمة رَجْعِيَّة مثلكم حكِمَ السودان منذ 1989م. لو أصرَّ المؤتمر الوطنى على هذا المنهج والقبلية المُتخلِّفة المنخفضة السقف حضارياً ومدنِيَّاً ومفاهِيمياً وسياسياً ومؤسَّسِياً فلماذا لا تنزل الحركات المسلحة وكلَّ قوَى المقاومة من سماواتِها المِثآلية والحضارية العليا إلى حضِيضِ منهج المؤتمر الوطنى ليرُونَهم ما يستحِقُّونَ فى حربٍ قبلِيَّة شآمِلة؟ حربُ الكُلِّ ضدَّ الكُل، كما حدثَ فى دولٍ أخرى غير السودان؟.
وإذا ألجأ المؤتمر الوطنى النَّاسَ إلى النزول إلى ذاك الدرْكِ السحِيق، فمنذ اليوم يجِبُ أن يُعَدَّ العُدَّة بدرَاسات لحصرِ قبائل الذين يحكمُوننا وبطُونِهم وأُسرِهم وأبناء عمومتهم وخؤولَتِهم.. إلخ، ليعرف الثوَّارُ عدوُّهم الحقيقِى ويستهْدِفُوه بدِقَّة مُتنَآهِية، وينسجمُ هذا مع طبيعةِ الأشياء. وليس صعباً رصد قبائل هؤلاء وأفخاذهم وأقارِبِهم وأُسَرهم. ويشكِّلُ هذا ذرْوَة سِنام العدل لمواجهة خِيارات المؤتمر الوطنى فى حربه ضد ثورات الهآمِش. بينما حتَّى الآن ليس التصنيف والإستهداف القبلى ضمن خيارات ثورات الهامش السودانى التى يُقَآتِل للتحرُّرِ من ظُلمِ وعبُودِيَّةِ دولة هؤلاء الجَلَّابة غِلاظ الطِبَاع.
. هذا، وقد أجمَعَ كُلُّ من حضرَ الإجتماعِ على ضرورة تمزيق و”فرتقة” الحركة الشعبية جناح الحلو، وذلك بشراءِ المفاوضين فى وفدِها المفاوِض خلال جولات التفاوض القآدِمة حيثُ يسْهل الوصولِ إليهم وشرَاءِهم بالمال والعمل على تقسيمِ وتفتيتِ الحركة!. وضربوا أمثلة فى جدوَى إختراق الحركة الشعبية عندما كانت وآحدة وتفاوضُ الحكومة فى اديس أبابا بوفد يقوده ياسر عرمان وكيف أنَّهم تمكَّنوا من إحداثِ إختراقات. كما أنَّهم ضربُوا مثلاً بحركات دارفور وأثرِ المال فى تليِّينِ موَآقِفهم وقبولِهم الجلوس للتفاوضِ.
ونعلق على هذه الجزئية المتعلقة بـ”شراءِ الذِمَمِ بالآتى”:
. شراء الذِمم، إن أمكنَ حدوثه فهو إجراءٌ فَآسِد، وغير أخلاقى، وحرام، ولن يُرَتِّب أىِّ أثر فى قضيةِ الحرب والسلم فى السودان. لأنَّ الذى قبل أن يبيع نفسه بعَرَضٍ زَآئل لن يستطيع إقناع قيادة الحركة الشعبية بتغيير موقفها التفاوضى، والمفاوضات تقومُ على موقفٍ تفاوُضِى بسقوفٍ عُليا ودُنيا فى أىِّ بندٍ وفقرَة من المواضيع المطروحة للتفاوض. والموقف التفاوضى لا يستطيعُ أن يقرر فيه مفاوضٍ فرد باع نفسه للمؤتمر الوطنى وقبِلَ أن يليِّنَ موقِفَه مقابل جُعلٍ من مالٍ حرام، وسُرعَان ما يُبْعَد ذلك العضو من الوفد فى الجولة المعينة أو فى الجولات القادمة، ولو كان للمؤتمر الوطنى تجربة ومثال عملى لشراء مفاوضين من الحركات المسلحة السودانية فليخرجوا للنَّاسِ.
. والفاوض الذى يبيع نفسه أو موقفه يفعل ذلك بنفسه لا بالموقف التفاوضى للحركة وهو كما أسلفت موقف ثابت ومُعلَن وما على الوفد المفاوض إلا سوقِ الأدلة البرَآهِين لإثباته وتقوية موقفه منه، لذلك المفاوض هو بطل يحمِلُ قضِيَّة وليس عبداً فى سُوقِ نِخَاسة سياسية يُبَاعُ ويُشترَى، والمُفاوضُ إنسان شرِيف نضِيف فى كلِّ الميادين، والمُفَاوض مُقاتِل لا قَآتِل.
. هذه الحكومة تمارس العهر السياسى وتتبّعُ عَوْرَات”الخصُوم” السياسيين وتحقيرِهم، والحَطِّ من مكانتِهم والتشكِيك فى مصدآقِيتهم وقدراتهم، والقدحِ فى سُمعَتِهم الشخصية، وإهانة كرآمتهم الإنسانية، ويتم ذلك بحقد وكرآهية لا تليق بشخصٍ يتمتع بذرَّةِ أخلاق، وإلَّا كيف يعتبرون حديثاً جرى فى إطارِ مِزَاح ألقاه شخص من الطرف الآخر على أنَّه بيع لموقف أو ترآخى فى موقف حركته؟ فهبْ أن احدَهم تحدَّث إلى رئيس الوفد الحكومى أو أىِّ من أعضاءه إنَّه إن عُدْنَا إلى السودان بعد اتفاق سلام أرغب فى العودة إلى وظيفتى القديمة، مثلاً: مستشاراً قانونياً بديوان النائب العام، أو بوزارَةِ العدل، ما الخطأ فى ذلك؟ وما الخطل فى إعلانه والبوحِ به لأىِّ شخص؟ وهل أنِّه سيفاوض على وظيفة شخصية يرُمها؟ أو كان قد تقلَّدَها قبل أن ينضمَّ إلى حركة الكفاح المُسلَّح؟. وما الخطأ فى أن يعلنَ أحدهم أنه سيعود إلى وظيفته السابقة؟ ومن ذا الذى يمنعه من ذلك؟.
ويختلفُ الأمر إذا تحدثت أحدهم مع الطرف الحكومى أن أضمنُوا لى من “كوتة” المؤتمر الوطنى وزارة العدل وأنا من جانبى سوف أخذل الخط التفاوضى لحركتى وأدعم موقف الحكومة! هذا خطأ ولا ينسجم أخلاقياً مع شخص عضو فى وفد مفاوض لأحدِ الطراف. ولكنَّه أيضاً غير عملى ولا يحقق للطرف الحكومى مكسباً لأنَّه وكما أسلفت المواقف التفاوضية للاطراف معلومة ومعدّضة مُسبقاً ومنسجمة ولا يمكن الخروج عليها بوآسطة شخص وآحد أو إثنين، لذلك أستطيع القول أنَّ قادة المؤتمر الوطنى يغشُّون على رئيسهم ليتمكَّنوا من سَحبِ مالٍ حرام وسائب وأكله ثُمَ القول بأنَّهم إشترُوا به المُتمَرِّدِين.
. ومن أين للمؤتمرِ الوطنى هذا المال الكثير السآئب الذى أعلنوا جميعهم عن جاهزيته بالدآخلِ والخارجِ لشراء أعضاء الوفد المفاوض للحركة الشعبية لتحرير السودان؟ من أين لكم كلَّ هذا المال فى الدآخل والخارج؟ هو مال الشعب السودانى الذى سرقتم ونهبتم طوال ثلاثة عقود، فأعيدوه للسودان. ومحاولتكم شراء شرفاء الحركة الشعبية بذلك المال هو عطاء من لا يملِك لمن لا يستَحِق، وأنَّ الحرَامَ يذهَبُ من حيثُ أتى. وأنَّ ذلك المال مال الشعب السودانى ووجوده بحوزتكم يشكِّلُ جريمة مال مسرُوق بيدِ السَارِق، وأنتم ظللتم تسرِقون موارد السودان لثلاثةِ عقودٍ خلت، وما زلتم تسرقون ومَرَّرتُم قانون الإنتخابات تُهروِلُون لتجديد ولاية أخرى لرئيسكم فى 2020م لتبلغوا 35 سنة، وهكذا حتَّى يقْلعكم الشعبُ السودانى، أو يَهْلكَ هذا الرئيس وشيعته بجآئِحةٍ من السماء، أو أن يقتَلِعكم هذا الشعب من أرضِ السودان إقتلاعاً، أو أن يجعل اللهُ أمْرَاً هو به أعْلَمُ.
. “الجِرسَة” من خيار الحركة الشعبية والمطالبة بحَقِّ تقرير المصير:
طيب: الرئيس قلبو ما راد “الحِلو” وبكش منو، يعنى ما طايقو نهائى. وليس بين الحلو والرئيس البشير معرفة ولا تاريخ مشترك لتسبيب ذلك الموقف المُعلَن من جانبِ الرئيس، ونفس الرئيس ضابط بالجيش السودانى منذ قديم الزمان، وكل الجيش السودانى فى الرتب الدنيا (جندى إلى الصول) الذين كانوا يُقاتِلُون فى صفِّ الرئيس البشير يشبَهُون الحِلو شكلاً ومضمُونَاً، والجيش السودان منذ تأريخه يشبَهُ الضَب، أحمر الرأس وأسود الجسم، وإن شئتَ قُلْ يشبَهُ عسكرى الشرطة العسكرية ذو “الكاب” الأحمر. فهل رأى الرئيس البشير فى السودانيين سود البشرة من الغرباوية وحتَّى كمرد عبد العزيز الحلو هل هو رأىٌ قديم منذ أن كانَ ضابطاً فى الجيش؟ أم هو موقف جديد أصابه كما تصيبُ أمراض السكرى والضغط والرطوبة ووَجَع الرُكَبْ الأشخاص فى سِنِّه الذى بلغ عِتِيَّا؟. وفى كُلِّ الأحوال هذه الأقوال والأفعال لا تليقُ برئيس لجنة شعبية فى قرية نائية فى الريف السودانى ناهيك عن رئيس دولة ظلَّ يحكمُ البلد أسوأ حُكم لثلاثين سنةٍ خلون وأخرى مثلها قآدِمَات.
أو أنَّ الرئيس يرفض الحلو لفهمِه الرآقى ووَعْيِه وإيمانِه بالحرية والعدالة والمواطنة المتساوية، وإستعداده للنضال بقوة وثبات لتحقيق ما يؤمن به للشعبِ السودانى. وأنَّ ذلكَ يتعارض بالطبعِ مع رؤى وبرامج الرئيس البشير، ومن هنا يأتى شعوره الذى صرَّح به فى بداية الإجتماع وأضاف ما أضاف من نوعِ حديثه الذى جلبَ له وللسودانِ الذلَّ والهَوَان. وأكَدَّ هذا الإجتماع على أنَّ الرئيسَ وملأه من غُلاة المؤتمر الوطنى ما زالوا فى طغيانهم القديم يعْمَهُون.
عرفنا كلام الرئيس، أن: “الحلو شفت لمن جاء يؤدي القسم نائب والي لجنوب كردفان وقلبي اصلا مارادو وكشيت منو”. فما الحل:
الحل فى نظر الحلو والحركة الشعبية وجميع شعوب الهآمش السودانى، أنه لا يمكن أن يكونَ العذاب سرمدياً بسببِ الحربِ وويلاته، ولا نرى فى الأفقِ بصيص أمل لحَلٍ عآدِل وشآمِل، ليس فيه بيع ولا شراء ذِمم، ولا نخاسة. الحل كما يرى الحلو والحركة الشعبية وجميع الشعوب المظلومة المُهمَّشة فى السودان أنْ “يتفرتق” السودان حِتَّة حِتَّة من خلالِ مُمَارسةِ حقِّ تقرير مصير لكُلِّ الشعوب التى لا ترغبُ فى لعيش فى كنف دولة عُنصرية ظآلِمة رئيسُها “قلبوا بكِش” وما “بريد” بعض سكَّانه ولو كانوا قَادَة يلهِمُونَ الشعوب المضطَّهدَة فى هوَآمِشه.
(نواصل فى جزء ثانى)
عبد العزيز عثمان سام- 30 نوفمبر 2018م