في الرد على عنصرية حسين خوجلي والطاهر التوم (لسان حال النظام السوداني)

شريف ذهب
مع الثبات منقطع النظير الذي مضت عليه خطى الثورة رغم جبروت ودسائس النظام من القمع والقتل و استدرار العنصرية البغيضة، والوعي الكبير الذي أظهره أفراد شعبنا بالتعاطي مع هذه الاستراتيجيات الخرقاء، ومع استنفاذ كافة وسائل الخبث التي بها يمكن إجهاض هذه الثورة أو حرف مسارها، أضطر بالأمس كل من حسين خوجلي والطاهر التوم للتقيؤ بأقذر ما بدواخلهم من عُقد العنصرية المُنتنة التي تختزنها دواخل عناصر هذا النظام ليظهروها كهواجس تؤرق مضاجعهم تجاه ثورة الشعب السوداني الباسلة، ربما خلالها سوَّلت لهم نفوسهم بأنها قد تُفرط عِقِد هذه الثورة المباركة. وقد لخصوا تلك الهواجس في ثلاثة عناصر ثمثلت في: 1/موقع قوات المقاومة السودانية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كرفادن من الثورة؟ 2/ السؤال المتكرر عن هوية قيادة تجمع المهنيين السودانيين؟ 3/ السؤال عن: من هو البديل للنظام الإجرامي الحالي؟.
ومع يقيني التام بإحاطتهما الكاملة عن أجوبة هذه الأسئلة وأنّ طرحها لم تعدو كونها ضمن الحملة الإعلامية المضادة المتمثلة في التشكيك والطرق على العنصرية البغيضة المتجذرة في خلفية ووعي هذا النظام والتي ظل يمارسها سلوكاً فعلياً طوال عهده البغيض ببذر بذور الفتنة بين فئات الشعب الواحد والإقليم الواحد بل حتى الأسرة الواحدة، وحيث بدأت أول ما بدأت مع انطلاق هذه الانتفاضة المباركة بذاك السلوك المشين من المدعو مأمون حسن إبراهيم وزير الدولة بالإعلام وأحد العناصر الأمنية لهذا النظام والتي تمثلت في تلك المسرحية السمجة التي بموجبها أقدم على مداهمة سكن طلاب دارفور ليلاً وقتل أحدهم وإجبار البقية على الإدلاء باعترافات كاذبة على شاشات التلفزة تحت التعذيب، ثم ما تلاها من حملة رئيس النظام نفسه، فضلاً عن رئيس جهاز الأمن والاستخبارات. برغم ذلك أجيب على هذه الأسئلة ليس من باب رفع العتب عن المعارضة أو إجلاء الحقائق على أفراد شعبنا الذين أجزم إحاطتهم بحقائق الأمور كاملة غير منقوصة، لكن لتسفيه من يقوم بطرح مثل هذه الأسئلة الخبيثة أولاً، وتوضيح خطورة مراميها على مستقبل البلاد ووحدة ترابه وشعبه.
فبالنسبة لقوات المقاومة السودانية، يعلم أفراد شعبنا جيداً أنّ من أهم دواعي ثورته المباركة هذه، التخلص من هذا النظام العنصري البغيض وإقامة دولة العدالة والتنمية والمواطنة الحقة، يسودها المحبة والوئام والألفة بين مكونات هذا الشعب الطيب، وقوات المقاومة في هذه الأقاليم التي يتباهي حسين خوجلي بتقديم حزبهم أكثر من25 ألف شهيد في مقاتلتهم ” مع خطل هذا الحديت فضلاً عن انتماء أولئك الضحايا لكل مكونات هذا الشعب، بل السواد الأعظم منهم من تلك الأقاليم”، مع ذلك، فهؤلاء سودانيون بالأصالة وليسوا أجانب. ولعل الذي أثار حنق النظام في هذا الجانب هو أنّ التكوينان الثورية بوعيها المتقدم قد فوتت الفرصة عليهم بعسكرة انتفاضة الشعب ومن ثم استسهال قمعه بأبشع الصور كما حدث في كل من ليبيا وسوريا واليمن.
أما عن وضعيتهم عقب نجاح الثورة وزوال هذا النظام البغيض؟، فيدخل ضمن برامج الحكومة الانتقالية التي ستقوم بتوقيع اتفاقية سلام عادلة وشاملة تنهي الحروب ومسبباتها عن بلادنا للأبد، وليطمئن كل مُرجفٍ في قلبه ضغينة أو مرض بأنّ هؤلاء الشباب سوف لن يأتوا إلى العاصمة لمزاحمة سكانها وإثقال العبئ الاقتصادي عليهم بل سيكونوا عماد التنمية والتطوير في مناطقهم الأصلية وفق خطة اقتصادية ناجعة للدولة تقوم على المزاوجة بين النظامين الاقتصاديين (الحر والمقيد)، فموارد البلاد تتوزع في الريف وليست في العاصمة، ومشروع الثورة يقوم على إعادة توجيه اقتصاد الدولة في كافة مناحيه بفهمٍ (اقتصادي/إداري) بحيث تتحول الخدمات الإدارية إلى الأرياف لتخفيف الضغط على العاصمة والمدن الكبيرة. فإذا توفرت فرص العمل والخدمات الإدارية فماذا يدفع أو يُغري سكان الأرياف للهجرة إلى العاصمة فضلاً عن الاغتراب بالملايين في مختلف أصقاع المعمورة كحال الشعب السوداني في عهد هذا النظام البغيض. وبالطبع هذا المشروع التنموي والتأهيلى لا يقتصر على منسوبي المقاومة فحسب بل يشمل ملايين الشباب السوداني الذين استغل النظام بعضهم كمليشيات يتّجر بدمائهم وبعضهم كمخبرين في جهاز الأمن يتجسسون على شعبهم وذويهم بجانب تشريد الآلاف في مناطق التعدين الأهلي غير الآمن يواجهون الموت البطيء بالأمراض الفتاكة وتحت الهدم بشكل يومي.
إنّ معظم هؤلاء الشباب المتواجدون في صفوف المقاومة اليوم، سواء على مستوى القيادة أم القاعدة هم في الأصل ليسوا عسكريين بل كوادر علمية أو طلاب مدارس اضطرتهم ظروف القهر والاضطهاد لحمل السلاح لأجل تحقيق العدالة والحرية والتنمية المستدامة في بلادنا، ففيهم الأستاذ الجامعي والطبيب والمحامي والمهندس والمعلم وخلافها وحالة المقاومة العسكرية هذه طارئة وليدة الظروف وليس فِعِلاً مستداما، ومتى انتفت أسبابها وتحقق السلام الشامل العادل سيتوجه كل هؤلاء إلى الإسهام في تنمية بلادنا كلٌ حسب تخصصه، لذلك يجب ألا يشغل عناصر هذا النظام الفاسد بالهم بهؤلاء بل عليهم إعادة النظر كرّتين وثلاث في موبقات نظامهم المقيت الذي افسد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بلادنا ودفع بكل هؤلاء نحو حمل السلاح وبالشباب المستنير الواعي للخروج والتظاهر بشكل يومي دون انقطاع منادياً بإسقاط هذا النظام (وبس) وليس سواه.
أما بالنسبة للهاجس الثاني للنظام وأبواقه الإعلامية والمتمثل في قيادات تجمع المهنيين السودانيين، فهذه كذلك (كلمة باطل أريد بها باطل)، يودون خلالها التعرف على قيادة هذا التجمع حتى يقوموا باعتقالهم فحسب ظناً منهم أنّ ذلك سيؤدي إلى إخماد جذوة الثورة!. واستدلال الطاهر التوم بالدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى مردود عليه ودونكم الدكتور محمد ناجي الأصم الذي بمجرد الإعلان عنه كأحد قيادة هذا الكيان تم اعتقاله ويمارس الآن بحقه والمئات من المعتقلين أبشع صور التعذيب والتنكيل.
أما السؤال عن البديل لنظامهم الفاسد المتهرئ، فهذا أيضاً مجرد سؤال انصرافي لا غير، يجافي الواقع تماماً ولا ينسجم طرحه بهذه الصورة إلا في سياق العقل الاقصائي المستند على الفكر الايديولجي لهذه الجماعة وأدبياتها الفكرية المعروفة لدى القاصي والداني حيث لا يرون في الساحة السياسية والدينية سوى حزبهم وجماعتهم فقط. وإلاّ فكيف بنا فهم تساؤل حسين خوجلي “الفج” عبر تمثيله للوطن بحال البنت المطلوب خطبتها ناسياً ومتناسيا أن السودان للسودانيين جميعاً وليست ضيعة لكيانهم الحزبي يمنحون صكوك المواطنة ومزاولة النشاط السياسي فيها والحق في الحكم لمن شاءوا.
على المستوى الشخصي لست من دعاة وأنصار الإقصاء السياسي بسبب الاختلاف الفكري أو الايديويجلي، أكان في اتجاه اليمين أو اليسار، لكن هتاف ( أي كوز ندوسو دوس) الذي يهتف به اليوم شبابنا الثائر في الشوارع إنما هو تعبير صادق عن (الدوس) على هذا السقوط الأخلاقي الذي انحط إليه هذا النظام في مختلف الصُعد.
إنّ مسؤولية إسقاط هذا النظام بات اليوم فرض عين على كل مواطن ومواطنة غيور وحريص على وحدة وسلامة ما تبقى من أجزاء هذا الوطن العزيز ولا يتحقق ذلك إلا بالتفافنا جميعا حول شعار واحد هو #تسقط_بس . ويسلم الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *