عرمان : التهديدات لن تنال منا ولا من عزيمتنا بل تزيدنا تصميما بان هذا الطريق طريق صحيح

عرمان : التهديدات لن تنال منا ولا من عزيمتنا بل تزيدنا تصميما بان هذا الطريق طريق صحيح

 

في حوار شامل ومضئ وملهم لـ (حريات) مع الاستاذ ياسر عرمان – نائب الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان ، ومسؤول القطاع الشمالي – قال :

 

    * ما زرعه الدكتور جون قرنق سيحصده الشعب وان تأخر الحصاد

    * · اذا لم يتغير مركز السلطة الحالي فان مستقبل الجنوب والشمال سيكون مظلما

    * · لا اريد ان انصب نفسي حكما فانا انما امتداد لمسيرة آلاف المناضلين

    * · سانذر حياتي للنضال من أجل مشروع وطني ديمقراطي

    * · لا تراجع عن مشروع السودان الجديد ولا تراجع عن النضال من أجل توحيد السودان على أسس جديدة وطوعية

    * · يجب ان نقدم التضحيات كي يصل السودانيون الى خلق بلاد جديدة , ويجب الا يخبو الامل

    * · تحدي الجنوب ان يختار اي طريق ، اعادة انتاج مركز السلطة ام طريق السودان الجديد

    * · حديث البشير في القضارف حديث بائس

    * · حديث القضارف لم يكن دفاعا عن الاسلام وانما لاستخدام الاسلام في قهر وكبت الآخرين

    * · السودان متعدد بالجنوب او بدون الجنوب

    * · خروج الجنوب يعني سقوط المشروع الحضاري تماما والى غير رجعة

    * · (لحسة الكوع) ليست لقوى التغيير بل للذين يريدون الغاء التنوع ومظاهره في الشمال

    * · الحركة الشعبية باقية ما بقي الشمال

    * · التهديدات لن تنال منا ولا من عزيمتنا بل تزيدنا تصميما بان هذا الطريق طريق صحيح

 

(اجرى الحوار : محمد عبد الحفيظ)

 

بلاد على مفترق طرق..وإنفصال وشيك، حرب لا تزال فى غرب البلاد، وكثير من القضايا المؤجلة، التى ربما ستفتح إحتمالات حرب قادمة، بيت داخلى غير مرتب ما بين فتح المؤتمر الوطنى أبواب المشاركة لجميع القوى السياسية الفاعلة وما بين المواجهة، أسئلةٌ عصية ومتشابكة تطرح بأذهان ملايين السودانيين هذه الأيام..ياسر سعيد عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية ورئيس قطاعها بالشمال.. إلتقيته بمكتبه فى الخرطوم ،رجلٌ يحمل بذورالأمل فى تجربته السياسية بحلمِ ربما سيتسع للجميع ذات يوم،حملتُ إليه أسئلتى فكان محاورا دمثا،يرد بكل وضوح وحكمة وصلابة، فى وقت تنامت فيه تصريحات المؤتمر الوطنى بطرده حال إنفصال الجنوب، فكيف رد على أسئلتنا فى صحيفة ( حريات) وكيف يرى تداعيات إنفصال الجنوب ومستقبل الشمال..وماذا قال عن تصريحات الرئيس الأخيرة بالقضارف وكرره فى الجزيرة وبماذا يعد السودانيين خلال المراحل القادمة..لمعرفة كل ذلك وغيره نذهب لمعرفة كيف أجاب علينا.. فإلى مضابط الحوار:

 

أيام قليلة ويٌستفتى الجنوبيون لأجل الوحدة أو الإنفصال..ويرجح الجميع أن يكون التصويت لأجل الإنفصال..كبف تتناولون هذا الموضوع؟ وهل عندما بدأت مسيرتكم السياسية التى أجمع الكل على أنها مختلفة كنتم تتوقعون أن تفضى تلك المسيرة/الطريق الذى إخترتموه لإنفصال؟

 

ـ أولا أنا أشكرك وأرحب ترحيباً عالياَ ونحن نبتهج ونحتفى بمنبر (حريات) وهو منبر ديمقراطى يحتاجه السودان فى هذا الوقت ليعكس صوت الناس والأرض وليعطى رسالة حقيقية من رسائل الشعب السودانى فى داخل وخارج السودان، لذلك نعتبره إضافة حقيقية لمنابر الديمقراطية التى تستهدف الإنسان وتستهدف أن تجعل الحياة أفضل مما وجدناها.

 

بدايتنا فى الحركة الشعبية كانت للتوجهات الجديدة،الحركة السياسية فى الجنوب هى حركة موسومة بميسم القوميين الجنوبيين، حركة الأنانيا الأولى لمدة سبعة عشر عاما هى التى حفرت المجرى الرئيسى للحركة السياسية فى الجنوب والأنانيا الأولى كان تفكيرها قاطع وألوانها بيضاء وسوداء فى ثنائية لا تقبل أى إضافة أخرى:أن هنالك عرب وأفارقة،مسيحيين ومسلمين وأن الجنوب الأفريقى المسيحى يجب أن يذهب لحاله، نحن حينما ذهبنا للحركة الشعبية ذهبنا بنداء جديد هو نداء دكتور جون قرن دى مبيور..رؤية السودان الجديد الذى عمل على تحويل حركة الأنانيا من حركة إقليمية قومية إلى حركة وطنية تقدمية ديمقراطية تهتم وتحتفى بكل السودان،لذلك الأصل فى الحركة السياسية الجنوبية سواء تلك التى إعتمدت الكفاح المسلح وهى التى شكلت المجرى والطابع الرئيسى للحركة السياسية فى الجنوب بقيادة الإنانيا أو الأحزاب السياسية الأخرى منذ حزب الأحرار كبنجامين لوكى إلى جبهة الجنوب إلى حزب سانو مرورا بمنظمات عديدة تكونت فى جنوب السودان هذه المنظمات لم تذهب بعيدا من تفكير حركة الأنانيا وبعض من قادتها كانوا مؤسسين للحركة مثل سترلينو أوهري وجوزيف أدوهو وآخرين، نحن ذهبنا للنداء الجديد وكان الأصل الفلسفى والضمير السياسى هو ضمير القوميين الجنوبيين، النداء الجديد الذى أتى ليشق طريقا جديدا هو رؤية السودان الجديد،الإنفصال لم يكن مفاجئا لأنه كان الخط الرئيسى للحركة السياسية فى الجنوب ورؤية جون هى التى كانت المفاجأة التى تستحق الإحتفاء نحن قمنا بالإحتفاء بهذه الرؤية وأعطينا وقتا متواضعا لتثبيت هذه الرؤية والإنطلاق بها نحو آفاقها الحقيقية فى تغيير السودان وتغيير مركز السلطة .

 

لأسباب كثيرة يصعب الخوض فيها الآن لم نستطيع تغيير مركز السلطة  فدكتور جون كان يراهن على أن الجنوبيين بتغيير مركز السلطة فى الخرطوم سيختبرون وضعا جديدا ومنظومة سياسية إقتصادية ثقافية جديدة لم يختبروها من قبل وكان رهانه الحقيقى الذى توج بالساحة الخضراء على وجود إمكانية لتغيير مركز السلطة ولا توجد حاجة لتقسيم السودان، لم نستطيع ولم نتمكن من تغيير مركز السلطة فى الخرطوم وكانت النتيجة هى الرجوع لمنصة التكوين ..الجنوب سيخرج من الدولة السودانية وليست هذه نهاية المطاف.. إن الملحمة التاريخية الكبيرة التى خاضها الدكتور جون قرن ستظل باقية ، ما يحدث الآن أننا بدلا من الذهاب مباشرة لإهدافنا فى تغيير السودان ككل المهمة ستطول ، لكن المستقبل الحقيقى هو توحيد السودان على أسس جديدة وطوعية وفى توحيد أفريقيا ، وهناك العلاقات بين أفريقيا نفسها والعالم العربى ، والعلاقات الإستراتيجبة بين بلدان الجنوب ، العلاقات الجديدة على مستوى العالم لمصلحة الفقراء والحريات والديمقراطية ولمصلحة الإنسان فى المقام الأول.

 

فى معرض حديثك لى ذكرت أن التيار الأصيل فى الحركة الشعبية كان تيارا إنفصاليا..ألا يتناقض ذلك مع ميولك الأساسية تجاه الوحدة؟

 

ـ لدينا صديق يسمى جاد الله آدم الرضى حينما كنا طلبة قبل ذهابنا للحركة الشعبية وقبل أن نتخرج من الجامعة كنت قد إلتقيت به فذكر لى أن هناك ضوء أو بعبارته هناك (نِوويرة) فى الحركة الشعبية يجب أن ندعمه أن ندعم هذا الضوء ، أنا قلت لك أن الضمير الفلسفى والمجرى الرئيسى هو حركة القوميين الجنوبيين، الأنانيا تعتبر مؤتمر الخريجيين فى الجنوب ، الدكتور جون ببطولة فكرية وسياسية فائقة ألقى بثقله ورؤيته الباهرة،  فجون رائحته ودماؤه الفكرية تأتى من الستينات من أحلام أفريقيا الكبيرة من نكروما وسكتورى ونايريرى من تنزانيا ، وتعود لحركات الإحتجاجات المدنية فى الستينات فى الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها وتعود لحركة التقدم العالمية ، الدكتور جون قرن توصل إلى أن الخير كل الخير فى توحيد السودان على أسس جديدة ، وإستمرت محاولته فقد خاض الحرب على مدى واحد وعشرين عاما وقاد الحركة الشعبية،وإستطاع سلفاكير بعد رحيله توحيد الحركة الشعبية والاحتفاظ بها موحدة فى وجه محاولات المؤتمر الوطنى لتقسيمها، والحركة الشعبية مع بقية القوى الديمقراطية لم تستطع الوصول إلى تفاهم حقيقى لتغيير مركز السلطة مع حركات الهامش مع حركات الإحتجاج ومع حركات السودان الجديد نتاج لعدم قدرة قوى السودان الجديد والقوى الديمقراطية والوطنية وذلك لوجود قوى فى مركز السلطة لا تتورع فى إستخدام الدين ولا تتورع من إستخدام كافة الأساليب بما فيها الأساليب الفاشية،الذى سيؤدى لإنفصال الجنوب ، لكن المحاولة التى قمنا بها كان لابد منها، ولو عندنا للوراء فسنقوم بذات المحاولة بل سنقوم بأكثر منها،إن العمل السياسى لا يعرف طريقا ولا إتجاها واحدا، المحاولة التى قمنا بها جميعا فى الحركة الشعبية والتى شملت السودان جنوبا وشمالا غربا ووسطا ستستمر وهى المحاولة الوحيدة التى يمكن لإستمراها أن يوحد السودان على أسس جديدة وطوعية مرة أخرى. في أوربا عام 45 قام هتلر بقتل 50 مليون من الأوربيين كان من المستحيل أن تطالب بقيام إتحاد إوربى فى تلك الحقبة من التاريخ ولو قلت ذلك لقادوك لمصحة الأمراض العقلية، أو إذا طالبت بعلاقات إستراتيجية بين ألمانيا وفرنسا، ألمانيا التى إحتلت فرنسا ومزقت نفسها، لكنك الآن إذا قلت أنك ضد الإتحاد الأوربى وضد وحدة إوربا سيقودونك لنفس المصحة العقلية التى كنت ستقاد إليها سابقا، لذلك: النداء والعمل المشترك والملحمة الكبيرة التى قمنا بها “أننا قمنا بتأسيس نوع جديد من التاريخ المشترك: إن الشماليين والجنوبيين يمكن أن يناضلوا فى منظمة واحدة، ناضل آلاف من أبناء وبنات جبال النوبة وأبناء وبنات النيل الأزرق، أبناء وبنات شمال السودان وهذا نضال مهم لمستقبل الحياة السياسية وهذا النضال أثبت بوضوح أن المسلم والمسيحى يمكنهما العمل والنضال فى جسد تنظيمى واحد/ الجنوبى والشمالى يمكنهما النضال فى منظومة واحدة من أجل العدالة الإجتماعية ومن أجل الديمقراطية. لقد هزمنا المثلث الكولينيالي الذى كان يقول أن هناك شمال جنوب/عرب أفارقة/ مسلمين مسيحيين وأحدثنا توجهات جديدة فى الحياة السياسية السودانية..لن تعود الحياة السياسية السودانية بعدها كما كانت، ما فعلناه هوإمتداد لما فعله عبيد حاج الأمين الذى قبره فى مدينة واو ذلك الشهيد الرجل الثانى فى حركة اللواء الأبيض 1924 ، وما فعله عبد الفضيل ألماظ مع ثابت عبد الرحيم وسليمان محمد وحسن فضل المولى ، وما فعله على عبد اللطيف الذى يوجد قبره فى القاهرة، كل هذه النضالات ستثمريوما ما، وما زرعه الدكتور جون قرن سيحصده الشعب السودانى وإن تأخر هذا الحصاد.

 

التاريخ السودانى  حفل بعدة إنتصارات،لكنه أيضا صاحبته عدة هزائم /  ألن  يكون إنفصال الجنوب أحد الهزائم الكبرى لكل المشاريع الوطنية والسياسية؟

 

ـ نعم إنفصال الجنوب هو هزيمة للحركة الوطنية والديمقراطية السودانية التى ظلت ترفع رايات مشروع سياسى كبير، وأيضا هزيمة للقاء المشترك بين العرب والأفارقة وهزيمة أيضا لإلتقاء الأسلام بكافة الديانات والديانات الأفريقية ، وتم ذلك تحت شعارات   إسلامية  فى محاولة لقطع الجسور ، قادها الإسلاميون لا غيرهم، فالمؤتمر الوطنى  يتحمل هذا الوزر بالكامل، لكن على القوى الوطنية والديمقراطية أن تظل تعمل عملا مشتركا، وأنا أدعو أن يحتفظ حزب الأمة بوجوده بالكامل فى الجنوب وكذلك الحزب الشيوعى أن يحتفظ  بحزب شيوعى جنوبى والمؤتمر الشعبى بمؤتمر شعبى فى الجنوب والمؤتمر الوطنى أيضا عليه أن يحتفظ بمؤتمر وطنى فى الجنوب، وأن تظل الحركة الشعبية راياتها عالية و مشرعة وخفاقة فى شمال السودان ، وهذا ما سيحدث بالنسبة للحركة الشعبية لأن ذلك سيوحد السودان مرة أخرى،فالذى وحد أوربا ليست الدول بل منظمات المجتمع المدنى والأحزاب ذات البرنامج المشترك والتوجهات المشتركة التى تؤمن بالديمقراطية والعلاقات الإقتصادية وحرية التنقل وحرية التكتلات الإقتصادية، لذلك يمكن أن يوحد السودان عبر عمل مدنى وديمقراطى وحزبى واسع فى الشمال والجنوب.

 

فلنعد ونراجع المواقف على مستوى التاريخ البعيد والقريب/ فى نقاط من المسئول عن هذا الوضع السياسى المختنق وخصوصا الإنفصال..وعلى من تقع المسئولية التاريخية على نحو أكبر؟

 

ـ المسئول هو كامل البناء السياسى منذ عام 19 ديسمبر 1955 حتى 9 يناير و9 يوليو 2011 كامل هذا البناء السياسى منذ أن تم الإتفاق على إعلان الإستقلال بتضمين مطلب الجنوبيين فى الفيدرالية وينظر إليه بعين الإعتبار، تم الإنقلاب على ما أتفق عليه بين بنجامين لوكى وفرانكو ويل قرنق وغيرهم . المسئولية الأكبر تقع على عاتق الحركة الإسلامية التي جعلت من الجنوب مسرحا للجهاد ومسرحا للتحكم ببناء دولة فاشية لا تعترف بالتعدد والتنوع بمحاولة بناء مشروع لا يتطابق مع واقع السودان، البناء السياسى كله مسئول، المسئولية الأكبر يتحملها المؤتمر والوطنى وقيادته.

 

على مستواكم فى الحركة الشعبية كانت الوحدة خيارٌ لكم ثم أفضت تداعيات الصراع إلى غير ذلك..فلماذا تقلص الحلم فى (الوحدة) و(السودان الجديد)؟

 

ـ الحركة الشعبية منذ نشأتها بها تيارين كانا وبإستمرار فى تناغم بحكم المنهجية والنظرة  الجدلية لدكتور قرنق فى ربط التيارين ببعض . وهذه القضية لم تنتهى الآن، تيار القوميين الجنوبيين كان يريد أن يلعب على المضمون ويرى أن المسئولية الأسهل هى فصل الجنوب بدلا من تغيير كل السودان الذى يحتاج لزمن أطول وهو تيار يريد أن يرفع علما وينشئ دولة ، وهنالك طموحات بعضها مرتبط بالنخب وبعضها مرتبط بأن تغيير السودان عملية ليست بالسهله ولا قبل لهم بها ، بالإضافة لوجود قوى بمثل نظرة المؤتمر الوطنى فى السلطة، كل ذلك دفع بالمزيد من المياه فى تقوية تلك النظرة القائلة أن الخيار الأفضل إنفصال الجنوب . تقاعس القوى الوطنية والديمقراطية فى الإستجابة  للنداء القوى الذى بعث به الدكتور جون قرن وعدم توحدها فى شكل شامل وكامل لتغيير المركز أيضا ضاعف من تلك النظرة الآحادية لأن القوميين الجنوبيين يرون أن القوى الوطنية والديمفراطية لا تمتلك الإمكانات ولا القدرات على التضحيات التى تمكن من تغيير مركز السلطة لذلك هم لن يحاربوا للأبد،لكن عدم تغيير مركز السلطة فى الخرطوم حتى إذا إنفصل الجنوب سيعرف الجنوبيون أن مركز الخرطوم سيحتاج لنضال مشترك لأنه وبدون تغيير مركز السلطة فى الخرطوم لن يكون هنالك إستقرار فى الجنوب، ولن يكون هناك علاقات إسترتيجية بين الجنوب والشمال ، لذلك نحن الآن نقول بالصوت العالى يجب أن نتخذ من تحدى إنفصال الجنوب مناسبة جديدة لوضع علاقات إستراتيجية بين الجنوب والشمال ، وان تتم ترتيبات دستورية جديدة تُغير من سياسات المركز الحالى فى الخرطوم وإلا فإن مستقبل الجنوب والشمال سيكون مستقبلا مظلما ويستدعى عدم الإستقرار.

 

ـ كيف تقيمون تجربتكم فى الترشح لرئاسة الجمهورية وبعد كل هذا الوقت كيف تنطرون لإنسحابكم؟

 

بحكم ما لمسناه بشكل مباشر نحن عندما قمنا بحملتنا الإنتخابية كنا نعلم الوضع السياسى المحيط بهذه الحملة ، وكنا نعلم ضيق الوقت الذى أعلنت فيه الحركة الشعبية عن مرشحها ، ونعلم أيضا عدم الإتفاق بين القوى السياسية على مرشح واحد ، ونعلم أنه لم يتم تحول ديمقراطى وأن أجهزة الدولة أجهزة حزبية وليست أجهزة تابعة للوطن ، وأن هناك حزبا منفردا يسيطر سيطرة كاملة على كل أجهزة الدولة من القضاء والبوليس وجميع الأجهزة الأخرى ، وكنا نعلم أن الطقس والمناخ السياسى مختلف فى مناطق عديدة من السودان على مستوى الأولويات فالجنوب أولوياته تصب تجاه الإستفتاء،دارفور أولوياتها فى إحداث السلام،المناطق الأخرى أولوياتها فى الديمقراطية وهزيمة المؤتمر الوطنى فى الأنتخابات،ورغم ذلك قبلنا التحدى وقمنا بحملة إنتخابية باهرة ، وأرسلنا رسالة سياسية جذبت أفئدة ملايين الناس ، وأستقبلنا إستقبالات كبيرة. المؤتمر الوطنى نفسه إعترف لأحد رؤساء الدول السابقين بأن حملتنا شكلت تحديا حقيقىا لهم وأنهم لم يتوقعوا أن نجد هذا التأييد تحديدا فى شمال السودان وإتضح للجميع أن المنافسة الحقيقية للمؤتمر الوطنى ثمثلت فينا “نحن فى الحركة الشعبية..وكنا قد طرحنا برنامج الأمل والتغيير كبرنامج هام وهو برنامج ديمقراطى حمل معانى التحول والحرية ويشكل برنامجا لابد منه فى المستقبل .  وأوصلتنا الحملة إلى ملايين الناس. الإنسحاب جاء لسبب رئيسى ، إما الحرب أو الإنسحاب ، المؤتمر الوطنى لن يتنازل عن السلطة وسيزور الإنتخابات، نحن لدينا إنتماءات حقيقية ونعرف ما عاناه شعب الجنوب الذى كان يركز أنظاره على الإستفتاء، والإنسحاب لم يُفرض عليّ وإنما أنا من الذين قادوا مقاطعة الإنتخابات والحقيقة كلمة الإنسحاب نفسها ليست من صنعنا هى من صنع القوى التى تحاول التقليل من حملتنا الإنتخابية وتقليل ما استطاعت تحقيقه الحركة الشعبية فيها،نحن قمنا بقيادة كل القوى السياسية لمقاطعة الإنتخابات لأنها ستأتى مزورة ويريد النظام الحاكم من خلالها إضفاء شرعية لا يستحقها. الأمر الآخر إن التأييد الكاسح الذى وجدناه فى جنوب السودان هو هدية ورسالة هامة لمستقبل السودان  بأن يُصوت السودانيون الجنوبيون لشخص من شمال السودان ، وهذا يعنى أن الجنوب ضد النظام وليس ضد الشمال ، وأن الجنوب ضد تحكم المركز وضد سياسات المركز وليس ضد شخص لأنه مسلم أو لأنه يأتى من شمال السودان ، وهذه إضافة مهمة للمستقبل،وهى لا تخصنا كأشخاص بقدر ما تخص مستقبل وتطور الحياة السياسية والعمل المشترك بين الشماليين والجنوبيين فى المستقبل لأجل سودان أفضل ولأجل أفريقيا أفضل وعلاقات جيدة بينها والعالم العربى.

 

ـ مالذى يمكن قوله للسودانين ليكون وعدا/مع العلم أن إنسحابكم من الترشح فى ذلك الوقت قد خلف عدة صدمات لدى عدد من الفئات المجتمعية عندما نظروا إليكم كبديل يُدافع عن قوى ظلت بعيدة عن مركز الصراع لفترات تأريخية طويلة؟

 

أنا لا أريدُ أن أنصب نفسى حكماً ، ولست سوى إمتدادا لمسيرة آلاف المناضلين وما أنا إلا أحدهم، الوعد الوحيد الذى نمتلكه نحن/ وأنا كشخص سأنذر حياتى للنضال من أجل مشروع وطنى ديمقراطى يحمل بذور مشروع جديد . وأقول لملايين السودانيين “ألا تراجع عن مشروع السودان الجديد ولا تراجع من النضال من أجل توحيد السودان على أسسٍ جديدة  وطوعية ولا تراجع عن العمل مع قوى الهامش والقوى الجديدة والقوى الوطنية كافة حول قضايا الديمقراطية وقضايا السلام الشامل وقضايا العدالة الإجتماعية وقضايا فقراء ومعدمى المدن وقضايا سكان الريف الذى إنهار أمام أعيننا. يجب مواصلة طريقنا فى قيام ونهوض وطنى ديمقراطى عريض فى كل أرجاء الوطن فتجربتنا دللت أن لنا رصيدٌ ضخم، ظهر فى الساحة الخضراء وأثناء الحملة الإنتخابية وفى مناسبات عديدة .  إن الشعب السودانى يحتاج لهذه الرؤية، يحتاج لهذا الطرح ويجب أن نقدم التضحيات لكى يصل السودان والسودانيون إلى خلق بلادٍ جديدة ويجب ألا يخبو الأمل . وعلينا أن نستمر فى رفع رايات التغيير ويجب علينا أن نمد شعبنا بالأمل وإمكانية التغيير دائما وأبدا.

 

كيف ترى مستقبل الجنوب؟

 

ـ مستقبل الجنوب به تحديات كبيرة ، التحدى الأكبر يتمثل فى السؤال: أى طريق سيختار الجنوب؟ طريق السودان الجديد أم طريق إعادة إنتاج مركز السلطة فى الخرطوم؟ وهما طريقان مختلفان، الطريق الأول يعنى الإعتراف بالتنوع والتعدد ويعنى الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة حكم القانون ومحاربة الفساد و يعنى نقل المدن للريف لا الريف إلى المدن ويعنى علاقات إستراتيجية بين الشمال والجنوب وأن يكون الجنوب صلة الشمال بشرق أفريقيا وجنوبها والحرص أن يكون الشمال صلة بين الجنوب والعالم العربى والشرق الأوسط، ويعنى العمل المشترك بين القوى الديمقراطية شمالا وجنوبا .  الطريق الآخر هو طريق الخرطوم ، طريق الحروب والصراعات. إن الحركة الشعبية مواجهة بتحدى كبير، فقد مرت أولى المراحل وجاءت مرحلة أخرى تحتاج لأساليب ومناهج جديدة وتحتاج لديمقراطية داخل الحركة الشعبية وإلى برنامج يتم المحاسبة عليه وإلى برنامج يحظى بدعم جماهيرى وشعبى واسع ، هذه هى التحديات التى تواجه الجنوب على الرغم من أن هناك مؤشرات جيدة كمؤتمر الحوار الجنوبى الجنوبى الذى إتفق على قضيتين من القضايا الكبرى: أن يكون هناك مؤتمر دستورى للجنوب ليقرر جميع الجنوبيين حول كيف يحكم الجنوب قبل من يحكم الجنوب ثانيا أن تقوم حكومة إنتقالية لتفيذ هذا البرنامج ، وهذا يعنى وجود إجماع وطنى فى الجنوب عبر إنعقاد مؤتمر دستورى والإجابة عن سؤال كيف يحكم الجنوب، تكوين حكومة قومية بقيادة الحركة الشعبية وسلفاكير/تستمع لأراء الآخرين بإتباعها لأسس الديمقراطية ،  فالجنوب يجب عليه أن بستفيد من التجارب الأفريقية كلها، وتجربة الشمال على وجه التحديد ، لذلك يجب أن يبنى مشروعه على أساس رؤية د.جون قرن فى السودان الجديد، لأنه لا يوجد بديل حتى الآن لها.

 

ـ فى ظل مزيد من الهيمنة والكبت ومصادرة الحقوق التى أكدها الرئيس السودانى فى خطابه الأخير بالقضارف..وأحداث الضرب الوحشى بمدينة شندى وحادثة ضرب أعضاء و أنصار حزب الأمة على أثر مسيرة رمزية ومجموعة من الأحداث المسيئة للحريات..كيف ترون المستقبل فى الشمال؟

 

بخروج الجنوب سيكون هنالك قضية إسمها قضية الشمال، د.جون كان يقول أن القضية ليست هى قضية الجنوب ولكن المشكلة هى مشكلة الخرطوم مثمثلة فى مركز السلطة، الآن ستكون هناك مشكلة الشمال،حديث القضارف حديث بائس،حديث كان عليه أن يستفيد مما حدث فى الجنوب ويقول أن خروج الجنوب من الإتحاد السودانى يعنى  الكثير ونحن نريد أن نجلس مع كافة القوى السياسية لنرى كيفية حكم الشمال، ويقول نحن نريد إنشاء علاقات جديدة مع الجنوب هذا هوالحديث المطلوب، الحديث فى القضارف لم يكن دفاعا عن الإسلام وإنما هو محاولة جديدة لإستخدام الإسلام من أجل قهر وكبت السودانيين وهى محاولة جديدة للقضاء على هامش الحريات ، لأن خروج الجنوب يعنى مزيدا من المعضلات الإقتصادية و الإحتجاجات الإجتماعية ، وهو محاولة أيضا لترتيب آحادى ومنفرد، فالشمال متعدد مع الجنوب أو بدون الجنوب، الشمال سيكون له جنوب جديد جغرافى وسياسى، الجنوب الجغرافى سيمتد من النيل الأزرق النيل الأبيض شمال وجنوب كردفان وجنوب دارفور، الجنوب السياسى سيشمل شرق السودان غرب السودان ودارفور وشمال السودان ووسط السودان، وسيشمل ضحايا إنهيار الريف ومعدمى وفقراء المدن، بالإضافة للنساء والشباب العاطلين عن العمل، وسيشمل كل الراغبين فى تجديد الدولة السودانية البالية التى إنتهت، لأن خروج الجنوب يعنى سقوط المشروع الحضارى تماما وإلى غير رجعة .  الحركة الإسلامية أمامها طريقان، أما طريق البحث عن مشروع وطنى جديد وهذا متاح ، أو طريق المواجهة الشاملة مع كل القوى السياسية السودانية ومنظمات المجتمع المدنى، الإستهانة بالجنوب السياسى والجغرافى غير مفيدة ،  ويمكننا هنا الرجوع لتجربة المهدى الذى أتى مع جماهير الجنوب الجغرافى، ويمكن الرجوع لتجربة د. جون قرن فى الساحة الخضراء الذى إستقبلته جماهير الجنوب السياسى الذى أشرت إليه، فى كل الأحوال”حديث القضارف والذى تلاه حديث الجزيرة هو نفسه عبارة عن (لحسة كوع)،  فلحسة الكوع ليست للذين يرغبون فى تغيير النظام بل للذين يريدون إلغاء التنوع ومظاهره فى الشمال، إذا قلنا أن الشمال عربى إسلامى فما الذى حدث فى دارفور المسلمة التى جاءت بالإسلام إلى السودان ؟ وما الذى حدث فى النيل الأزرق وهى معقل السلطنة الزرقاء ؟  إذا تحدثنا عن النوبة ، النوبة ليسوا بعرب ، البجه ليسوا بعرب، الدناقلة المحس الفور المساليت، هذا الحديث لا يخدم الإسلام كما لم يخدمه فى دارفور ولا يخدم العروبة كما لم يخدمها فى خروج الجنوب . لذلك هذا حديث ينم عن إنحسار فى التأييد الشعبى ، فمثل هذا الحديث سيعمق من الأزمة ولا يقدم حلولا لها، فبدلا عن ذلك الحديث  كان عليه تقديم حلول للأزمة .

 

أيضا صاحب ذلك الإعتداء على الأنصار الذين كانوا يريدون الذهاب للصلاة،فحتى الصلاة تحتاج لإذن وربما غدا نحتاج إلى إذن لتشييع جنازة !  وربما نحتاج أيضا لإذن لإقامة عقد فى جامع من الجوامع ! كل شئ ربما يصبح بالأذونات والأتاوات! أما السلفيين الذين تقوم الدولة برعايتهم والذين خرجوا ضد وجود الحركة بالشمال هذه المجموعات جُربت وإنقلب السحر على الساحر من أفغانستان إلى تجربة السادات إلى تجارب كثيرة ،  لذلك نحن نقول يجب المضى فى عمل واسع من أجل الديمقراطية وسياسة حكم القانون ومن أجل ترتيبات دستورية جديدة كما أتفقت على ذلك القوى السياسية فى إجتماعها الأخير الذى خرج بضرورة إنعقاد مؤتمر دستورى لحل مشكلة الشمال ومعرفة كيف سيحكم الشمال قبل طرح سؤال: من سيحكم الشمال .

 

قبل أيام قلائل نظم عدد من السلفيين مظاهرة تنند بإسمكم شخصيا، وتندد بقطاع الحركة بالشمال..كيف تتعاملون مع هذا الموضوع..

 

ـ إن ما حدث مخالف للدستور والقانون ،  و فيه جهل بحقائق الواقع السياسى، فنحن الذين قمنا بصياغة هذا الدستور مع المؤتمر الوطنى ، وهذا الدستور سيستمر حتى التاسع من يوليو، وإذا أريد تعديله فذلك لن يتم دون مشاورتنا،بالإضافة الى أننا لدينا بروتوكولين لقسمة الثروة والسلطة والمشورة الشعبية بجنوب كردفان والنيل الأزرق ولدينا حاكم منتخب بإسم الحركة الشعبية في جنوب النيل الأزرق ولدينا نائب حاكم في جبال النوبة سيقود الإنتخابات فى أبريل القادم ، ولدينا أعضاء من الشمال فى البرلمان الحالى، وأنا شخصيا كنت المتحدث المشترك بإسم المراجعة الدستورية، لذلك كله الحركة الشعبية وجدت فى الشمال لتبقى وهى حركة كبيرة .  وأنا أقول لأذكر فقط أن العسكريين السابقين من الحركة الشعبية فى الشمال هم أكثر من حركات دارفور مجتمعة، لذلك نحن نريد إستقرار السودان ولا نريد مواجهة إلا إذا أجبرنا عليها، ونرى ضرورة تعاون الحركة الشعبية مع جميع القوى السياسية ومن بينها المؤتمر الوطنى لإيجاد صيغة دستورية جديدة بمشاركة منظمات المجتمع المدنى والقوى السياسية لإيجاد حل لقضية دارفور قبل التاسع من يوليو بمشاركة كل قيادة الحركة الشعبية لأن الجنوب والشمال لن يستقرا بدون حل قضية دارفور، لذلك نريد حل قضية دارفور حلا شاملا وعاجلا بالإستجابة لكل مطالب أهل دارفور وهى ليست بالمطالب الكبيرة..نريد مراجعة دستورية ونؤكد على ذلك، أما الحركة الشعبية فهى باقية ما بقى الشمال، وما يحدث من محاولة إستهدافها يدلل على مدى قيمة القطاع الشمالى ويؤكد على قيمة النضال الذى خضناه، لأن صحف المؤتمر الوطنى و أجهزتها تعمل ضدنا بكثير من الدس والفبركة ، وفى المؤتمر الصحفى الأخير الذى عقدناه بصحبة مالك وعبد العزيز أخرجنا لها كرت صغير وذكرناهم أن الذى يفعلونه ليس مفيدا..أما تلك المجموعات السلفية التى هاجمتنا بشكل شخصى فلم يكن هجومها الأول وربما لن يكون الأخير، لكن أنا لم أستأذن تلك المجموعات فى الأمس ولن إستأذنها اليوم ولا نريد معها مواجهة إلا إذا سعت إليها، نحن نريد عملا سلميا وديمقراطيا، نريد أن نحتكم للشعب السودانى، نريد الإعتراف بالآخرين وحقهم أن يكونوا آخرين..

 

كانت هناك عدة محاولات لإغتيالكم فيما سبق..بعد التصريحات الأخيرة والتغيرات التى ستشهدها الساحة السياسية السودانية خلال الأيام القادمة أتشعرون أن أمنكم الشخصى صار مهددا أكثر من ذى قبل؟

 

ـ أنا لا أحب أن أتحدث عن قضاياي الشخصية ، فأنا كبقية البشر عابر فى هذه الحياة ، ما نريد قوله قلناه بإمتياز فى عصر النت والفضائيات وكنا محظوظين، التهديدات لن تنال منا ولا من عزيمتنا بل تزيدنا تصميما بأن هذا الطريق طريق صحيح . ولو ان خصومنا كانوا راضين عنا فهذا يعنى أننا لا نسير فى الإتجاه الصحيح .  القضايا الكبرى لا ترتبط بالأشخاص،فحتى خصوم الدكتور جون قرن يفتقدونه الآن، فهنالك أوهام مخلوطة بأنصاف حقائق، الحركة الإسلامية تواجه أزمة فى تفكيرها وأزمتها متطاولة وموروثة وسابقة لوجود المؤتمر الوطنى فى بعض أجزائها ومكوناتها، لابد من تغيير سياسات الخرطوم حتى ولو تم حل الحركة الشعبية أوغاب كل قادتها فذلك لن يحل أزمة الدولة السودانية لأن أزمتها أزمة مركبة مرتبطة بجوهر سياساتها بعدم قدرتها على إدارة التنوع والتعدد وطرح مشروع للعدالة الإجتماعية وعدم قدرتها على طرح مشروع ديمقراطى قائم على إحترام حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون. هذه القضايا موجودة والبحث عن مشاجب لتعليقها عليها لن يفيد، الصحيح أن يرجع هولاء الناس إلى عقولهم ويطرحوا مشاريع جديدة، الذهاب ناحية طالبان لن يفيد ، المفيد بالنسبة لهم أن يذهبوا ناحية( طيب أوردوغان) ، ربما يفيدهم ذلك بالرغم من إختلافى حتى مع مشروع أوردغان لكن أعتقد أن يذهبوا ناحيته أفضل لهم من الذهاب ناحية طالبان..

 

أنكر الرئيس عمر البشير فى خطابه الذى أثار الرأى العام السودانى وجود التعدد الدينى والثقافى، ماهى دلالات هذا القول بالنسبة لكم؟

 

ـ هذا القول كما قلت سابقا محاولة لنكوص شامل إلى مستودع الشمولية بمحاولة إرهاب الحركة الجماهيرية ومحاولة للإعتداء على الحريات والتعدد بترتيب مسرح يرجع بالإنقاذ لأيامها الأولى لأن نسخة الإنقاذ إستنفدت أغراضها، لا مناص من حوار وطنى وترتيب أجندة وطنية بمشاركة الجميع.

 

نريد منك ردا واضحا حول”على مستوى قطاع الشمال كيف تنظرون لقضية الإنفصال؟

 

ـ الإنفصال ليس حلا، الجنوبيون ناضلوا من أجل الحرية وإحترام التعدد والتنوع، هذه القضايا ستذهب من الخرطوم لجوبا، لأن الإنفصال ليس هو الغاية وإنما بناء مجتمع جديد سيكون هو التحدى بالنسبة للحركة الشعبية.

 

حملت الأيام القليلة الماضية عدة تصريحات فيما يخص قطاع الشمال من بينها ما قاله غندور أحد قيادى المؤتمر الوطنى بعدم السماح للحركة الشعبية العمل بالشمال، كيف سيكون الرد عمليا على هذا النوع من التصريحات؟

 

ـ هذا النوع من التصريحات سواء أن قاله غندور أو مندور أو فرفور لا علاقة له بالواقع السياسى، كيف سيتجاوز المؤتمر الوطنى وجودا دستورىا وقانونىا ووجودا شعبىا وجماهيرىا للحركة الشعبية فى الشمال ، وغندور ليس هو مسجل عام الأحزاب ولا يمثل القضاء وليس هو بالجهة التى تصدر التشريعات، فالحركة الشعبية موجودة بالشمال قبل غندور ومندور وقبل أن يكون هناك حزب إسمه المؤتمر الوطنى، فأنا شخصيا ذهبت للحركة الشعبية قبل أن أسمع بحزب المؤتمر الوطنى،فهو حزب جديد بالنسبة للحركة الشعبية فى الشمال ، وهى لا تحتاج لتسجيل ولديها أعضاء منتخبين بالإضافة “أننا الذين وضعنا الدستور الحالى ويجب أن نشارك فى كتابة وصياغة الدستور القادم، المؤتمر الوطنى لن يستطيع أن ينفرد لوحده بالسلطة، وعليه أن يسعى نحو الخير ولا يسعى للشرور، فالحركة الشعبية يمكن أن تساهم وبفاعلية فى ربط الجنوب بالشمال فى علاقات جيدة لذلك لا داعى لإستعداء الحركة الشعبية ويتوجب علينا البحث عما هو مشترك وليس عما هو عدائى.

 

كيف تنظرون كقطاع شمال لعدد من المناطق التى من بينها أبيي/والتى يجمع المراقبون على أنها تحمل نواة حرب جديدة مع عدة مناطق أخرى..

 

ـ قضية أبيي بها جانبين ، جانب العلاقات الشعبية ، فهناك تسعة ملايين من الرعاة الشماليين فى حزام التمازج الجنوبى وأربعة ملايين من الجنوبيين ومجموعهم يساوى ثلث سكان السودان، لذلك يجب أن تكون هناك حدود مرنة كحدود شعبية وليست قانونية، الرعاة من المسيرية فى الشريط الممتد من أم دافوق إلى الحدود الأثيوبية(الرزيقات والصبحة والبرون والمابان) كل هذه القبائل تمضى لقلب الجنوب وتقضى ثمانية أشهر به لذلك حل قضية الرعاة قضية أفريقية وليست سودانية ، لذلك يجب أن نجد حلا إفريقيا كاملا لكيفية السماح للرعاة بتقديم إنموذج لكامل القارة، لأننا إذا وضعنا التغيرات المناخية فإن الرعاة سيحتاجون الدخول عميقا فى جنوب السودان، قضية أبيى لن تفسد العلاقات الشعبية إلا إذا أراد المؤتمر الوطنى ذلك. الجانب الثانى أيضا يتعلق بالمؤتمر الوطنى لأنه وقع الإتفاقية لذلك عليه حل قضية أبيي مع الحركة الشعبية مباشرة،فالعلاقات الإستراتيجية بين الشمال والجنوب على المستوى السياسى والإقتصادى والإجتماعى تحتاج إلى إعتماد سياسة تبادلية،أن يعتمد الشمال على الجنوب ويعتمد الجنوب على الشمال وبناء تكامل وتحويل ميزات الوحدة إلى ميزات فى حالة الإنفصال، وهذا مشروع كبير يحاول المؤتمر الوطنى تخريبه بسياساته الحالية التى تخرب العلاقات بين المجموعات السكانية المختلفة. السودانيون يجب أن يقفوا ضد الحرب، ويجب أن يناضلوا من أجل علاقات سلسلة بين الجنوب والشمال.

 

سيتأزم الوضع فى الشمال لا محالة عقب الأنفصال وتمظهر ذلك فى الغلاء الفاحش وإرتفعت الأسعار على نحو غير مسبوق بالإضافة لعدد مهول من الأزمات، مما دعا بعض قادة الأحزاب يتجهون لخيار المواجهة مع النظام على رأسهم السيد الصادق المهدى الذى ربما سيختار المواجهة مع النظام/ كيف ترون ذلك/ أيعد خيار المواجهة مع النظام خيارا إستراتيجيا لكم وبالتالى ستصب الجهود لإزالته؟

 

ـ هذا الخيار..هل ستكون هناك مواجهة أم أرضية مشتركة..هذه القضية مطروحة للمؤتمر الوطنى وليس للقوى السياسية،لأنه يمسك بمقاليد السلطة،والمؤتمر الوطنى يريد وبشكل فردى ترتيب كامل الأوضاع فى الشمال، وهذا أمر غير ممكن ومستحيل وغير واقعى لذلك القوى السياسية طرحت على المؤتمر الوطنى فى إجتماعها الأخير فى دار حزب الأمة، طرحت ومدت إليه اليد بأن يكون هناك مؤتمر دستورى وأن يشارك الجميع فى ترتيب كيف يحكم السودان حتى يستقر.  فقد طرحت القوى السياسية فى أنها ستذهب فى مواجهة سلمية ديمقراطية ضد المؤتمر الوطنى، الآن المؤتمر الوطنى لديه خياران مختلفان،القوى السياسية حددت أنها بعد إعلان نتائج الإستفتاء ستجتمع وأنها سترجع لقادتها وقواعدها لتأتى بإجابات محددة، لا نريد أن نستبق الأحداث،الخيارات التى طرحت خيارات واضحة  فحينما ينفصل الجنوب لن تكون أوضاع الشمال كما كانت عليه ولن يستطيع المؤتمر الوطنى حكم الشمال بطريقته القديمة لأن هناك إصطفاف وطنى عريض، لذلك كله لم يعد بمقدور النظام التحكم فى مصائر الشمال، فالقوى السياسية وقوى المجتمع المدنى فى الشمال  قوى قادرة وعلى المؤتمر الوطنى مراجعة التجارب السابقة والمعاصرة لحكمه حتى يختار الإختيار الصحيح..واقول ان الشمال لن يكون مثلما كان أبدا بعد إنفصال الجنوب، والمؤتمر الوطنى ليس بإمكانه التقرير منفردا فيما سيكون عليه الأمر فى شمال السودان، نحن لا نريد أن نستبق الأحداث ولا نريد إستخدام لغة تهديدية..الخيارات واضحة، إما خيار تشكيل وضع دستورى جديد فى الشمال بمشاركة الجميع أو المواجهة وهو أمر مطروح للمؤتمر الوطنى، دعنا ننتظر قليلا ونرى” إن غدا لناظره قريب..

 

الحرب فى دارفور لا تزال؟ كيف تنظرون للقضية..وما العمل لإنتهاء الصراع هناك؟

 

ـ الخرطوم هى التى شنت الحرب على الجنوب وعلى دارفور والشرق وهى التى أفقرت المزارعين بسياسات أدت لإفقار الريف السودانى ، دارفور جزء من حالة التهميش السياسى والإقتصادى والثقافى وجزء من سيطرة المركز على مقاليد الحكم، لن تحل قضية دارفور حلا عادلا إلا بتغيير سياسات المركز، مطالب دارفور مطالب عادلة ومشروعة،حركات دارفور طرحت قضاياها بوضوح، الوضع فى دارفور يرجع المؤتمر الوطنى للمربع الأول وهو علامة بارزة فالقول أن الشمال عربى إسلامى، تحت سيطرة المؤتمر الوطنى حديث لا أساس له من الإعراب .

 

كأن المؤتمر الوطنى يريد العودة بالبلاد لمربعها الأول..كيف يمكن تحليل ما ستفضى إليه الأيام المقبلة عقب الأنفصال تحديدا؟

 

لن يستطيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *