عبدالماجد كربيا .. حبيب الثوار..

بقلم: أحمد قارديا خميس.
[email protected]
انني من عشاق الموسيقار وفنان التراثي الدارفوري الذي احتضنته حركة/ جيش تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي,عبدالماجد عمر صافي المقلب بـ (كربيا) نسبة لمكان ميلاده منطقة (كربيا) بمحلية امبرو ولاية شمال دارفور, لديّ تسجيلات كثيرة من عزفه وغناه, أهداها لي منذ سنوات قليلة. ولكنني قلما أستمع اليها, فأنا آستمع للعزف السوداني المنفرد كخلفية لقيامي بأعمالي اليومية, فعندما أقرأ أو أكتب أو أتناول طعامي.أقوم بذلك و المسجل يعزف والموسيقي ترن وتدندن.انها ما يسميه الغربيون بـ (موسيقي و أشتغل)“Music While You Work”.
وهذا أسلوبي مع الخطب السياسية للكثير من المسؤولين والمعلقين علي الراديو مما يمكن تسميته علي هذا القرار من (جعجعة) وأنت تشتغل أعمالك بينما يسترسلون بالكلام الفارغ دون أن تعبأ بما يقولون, فأنت تعرف أنه لا يعني شيئا ولا يقصدون العمل به. هكذا هو أمري مع الكثير من موسيقانا. انها موسيقي وأنت تعمل, وأنت تأكل, وأحيانا وأنت تنام. وهذا أمر عجيب! فالكثير مما ينتجون ويغنون في هذه الأيام يجعلون السامع يبحث عن النوم رغم كل ما فيها من ضجيج وصراخ.
بيد أنني أجد عزف الموسيقار عبدالماجد كربيا لا يسمح لي بذلك, فهو يفرض عليّ التوقف عن أي شئ أعمله لأجلس وأستمع وأركز علي ضربات أوتاره وأنغامها وما يقوله فيها, ففي عزفه الكثير من الفكر والقول والتراث ومعاني الثورة . ولهذا لا أستمع له كثيرا لأنه يوقفني عن القيام بأشغالي. والشغل الثوري مثل شغل العامل اليومي لا ينتهي. وهذا ما جعلني أتحاشي عزف مقطوعاته وأهجر السماع له. هل سمعتم بحبيب الثوار ؟.هذا هو.
يفرض عليّ عبدالماجد كربيا الاستماع له بتركيز وبكامل قواي الفكرية والعاطفية. وله في ذلك أساليب وبِدع. انه يمعن في التباين بين النوتات فتهبط ضربات العود حتي لا تكاد تسمعها فتفتش عنها, وقد تسرع للمسجل لترفع الصوت ولكنك لا تباشر بذلك حتي يضربك بصفعة داوية من النغم تثيبك الي رشدك. ها هنا أنا . اجلس واستمع . انه جزء من المزاج الزغاوي الذي تختلط فيه مشاعر متناقضة في التطريب والحماس والتأمل.
وكجزء من هذا التباين, تراه يثيرك بصمه بين النوتة والأخري, بدعة السماع , فلا تملك غير أنه تنتبه وتنتظر ماذا سيقول . تشعر بذلك بعد أن يكون قد استولي علي مشاعرك بالحنان والأحاسيس الشجية التي تحملها أنغامه و مؤلفاته التي تتميز بها موسيقاه وكثيرا ما استوحاها من الموسيقي الزغاوية التراثية, والحماس الثوري مما نشأ عليه في أسرته الرعوية في منطقة دارالزغاوة وما تعلمه من كبار القبيلة من فنون لغة الزغاوة الجميلة من امثال الملك محمدين والملك ادم الطاهر والشرتاي التجاني والسلطان دوسة والسلطان حسن برقو والعمدة ابراهيم خميس وغيرهم من المجددين تغمدهم الله برحمته الواسعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *