سيناريو الحرب

يستعرض الكاتب ثروت قاسم سيناريو الحرب بين دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان , حسب ما تنبأ به الخبراء والمختصون ! وتدمير الجيش السوداني لابار
البترول في الجنوب وتدمير جيش الحركة الشعبية لابار البترول في الشمال , ودخول الولايات المتحدة الحرب …

سيناريو الحرب

ثروت قاسم
[email protected]

مقدمة !

استعرضنا في الحلقة الاولي من هذه المقالة سيناريو ثورة الجياع , وفي الحلقة الثانية سيناريو خم الرماد ! وفي هذه الحلقة الثالثة والاخيرة نستعرض السيناريو الثالث … سيناريو الحرب بين دولة شمال السودان , ودولة جنوب السودان !

السيناريو الثالث – الحرب

هذا هو السيناريو الخبيث !

الرئيس البشير ( الحاكم بامره في الشمال ) يكرر القول , لكل من القي السمع وهو شهيد , ونزعم انه يقصد ويعني ما يقول , بأنه لا رجعة للحرب ! ذلك أنه قد اصبح رجل دولة وسياسة , وليس عسكريأ شيمته الحرب !

ونزعم ان الرئيس البشير سوف يلتزم بجميع تعهداته ,ومنها استيلاد سلس وناعم ( وبدون حرب ) لدولة جنوب السودان الجديدة , وحسب الصفقة المبرمة مع ادارة اوباما ! ويعرف الرئيس البشير ان ادارة اوباما تركز , حصريأ , علي الافعال , وليس الاقوال الانقاذية , عند تنفيذ التزاماتها في هذه الصفقة !

ويعرف الرئيس البشير ان الحرب ليست في مصلحته الشخصية , لانها سوف تعجل بتفعيل امر قبضه !

سوف يتبني الرئيس البشير معاهدة توأمة بين الشمال والجنوب , على اساس احتواء اثار الانفصال السلبية ! وسوف يسعي لاقامة نظام يقوم على الاعتماد المتبادل , في المجالات المختلفة ، بين دولة شمال السودان , ودولة جنوب السودان الوليدة !

وسوف يرفع الرئيس البشير , وعاليأ , في دولة شمال السودان , قميص عثمان ( شعار الشريعة وتطبيق الحدود العقابية ) لتغطية هزيمة الوحدة , وتجاوز مسئوليته , امام مواطنيه الغاضبين , في فقدان الجنوب !

الرئيس سلفاكير ( الحاكم بامره في الجنوب ) يكرر القول , لكل من القي السمع وهو شهيد , ونزعم انه يقصد ويعني ما يقول , بأنه لا رجعة للحرب !

وفي هذا السياق طلب الرئيس سلفاكير ( جوبا – الاحد 16 يناير 2011 ) , من كل الجنوبيين ان يسامحوا ويعفوا عن اخوانهم الشماليين !

العفو والعافية ! وبيضا لبن ؟

وقال الرئيس سلفاكير قولا كريما عن دين الاسلام العظيم !

وأكد الرئيس سلفاكير زوال اي انتقامية جنوبية في التعامل مع دولة شمال السودان !

كما طلب الرئيس سلفاكير من المعارضة الجنوبية ( جوبا – اكتوبر 2010 ) , التعاون مع الحركة الشعبية لكتابة دستور جديد , وتكوين حكومة قومية , للتحضير لانتخابات جديدة , واعتماد الدستور الجديد , لدولة جنوب السودان الجديدة !

ولكن , رغم كل هذه الاشارات الموجبة السلمية , فأن للحرب منطق خاص , لم يستطع بني الانسان فك طلاسمه , منذ ان قتل قابيل اخاه هابيل , بسبب تافه !

دعني اعطيك مثالا واحدا من بين الاف الامثلة , في التاريخ البشري , لتؤكد ان للحرب منطق خاص يصعب فهمه , حتي للراسخين في العلم ! هذا المثال يختزل اسباب قيام الحرب العالمية الاولي , ( أعبث حرب عبثية في التاريخ الانساني قاطبة ) ! التي راح ضحيتها ملايين البشر , والتي احدثت دمارأ , لم تشهده الانسانية في تاريخها الطويل , منذ نزول ادم من الجنة !

الحرب العالمية الاولي !

كان كل شئ هادئأ في العالم , والعلاقات تمام التمام بين دوله !

ثم وفي سيرايفو , في دولة صربيا , وفي يوم 28 يونيو 1914 , أغتال صربي نكرة من عناصر حركة اليد السوداء الصربية السرية , الدوق فرانز فريدناند , ولي عهد الامبرطورية النمساوية – الهنغارية , ولسبب غير معروف حتي يوم الدين هذا !

ساكت وعشان كده كما تقول استيلا الاجنبية !

طلبت الامبرطورية النمساوية – الهنغارية من دولة صربيا القبض علي المتهم , وقادة حركة اليد السوداء , ومحاكمتهم ! شعرت الامبرطورية النمساوية – الهنغارية بأن دولة صربيا تماطل , فشنت عليها حربأ محدودة في 28 يوليو 1914 , للتخويف وابراز العضلات فقط !

وبعدها دخل العالم في منطق الحرب الغير مفهوم , وتوالت الاحداث الغير منطقية تباعا ! وفي عبثية ما بعدها عبثية !

+ اعلنت روسيا ( 28 يوليو 1914 ) الحرب ضد النمسا , وداعمة لصربيأ ( وبدون أي غبينة ضد الدولة المعتدية – النمسا , ومكابرة فقط لصربيا ) !

+ دخلت المانيا ( 1 اغسطس 1914 ) الحرب ضد روسيا , وليس ضد صربيا , وداعمة للامبراطورية النمساوية – الهنغارية ! ( وبدون أي غبينة ضد الدولة المعتدي عليها – صربيا , ومكابرة فقط لللنمسا ) !

+ دخلت فرنسا ( 3 اغسطس 1914 ) الحرب ضد المانيا , وليس ضد النمسا , وداعمة لروسيا , وليست داعمة لصربيا ! ( وبدون أي غبينة ضد الدولة المعتدية – النمسا , ومكابرة فقط لروسيا ) !

+ دخلت بريطانيا العظمي ( 4 اغسطس 1914 ) الحرب ضد المانيا ( وليس ضد الدولة المعتدية النمسا ) , وداعمة لفرنسا !

وتبعتها مستعمراتها في استراليا وكندا والهند ونيوزيلندة وجنوب افريقيا , وحتي السودان ( الذي كان مستعمرة بريطانية تحت الحكم الثنائي … وقتها كان سلاطين باشا الحاكم العام للسودان ) !

( وبدون أي غبينة ضد الدولة المعتدية – النمسا , ومكابرة فقط لفرنسا , المكابرة بدورها لروسيا , المكابرة لصربيا ) !

+ دخلت اليابان الحرب ( 28 اغسطس 1914 ) ضد المانيا , وداعمة لبريطانيا ! ( وبدون أي غبينة ضد الدولة المعتدية – النمسا , ومكابرة فقط لبريطانيا ,المكابرة لفرنسا , المكابرة بدورها لروسيا , المكابرة لصربيا ) !

+ وتبعتها ايطاليا (1 مايو 1915 ) ضد المانيا , وداعمة للحلفاء ! ( وبدون أي غبينة ضد الدولة المعتدية – النمسا , ومكابرة فقط للحلفاء ) !

+ واخيرا وفي يوم 6 ابريل 1917 دخلت الولايات المتحدة الحرب ضد المانيا , وداعمة لبريطانيا ! ( وبدون أي غبينة ضد الدولة المعتدية – النمسا , ومكابرة فقط لبريطانيا ,المكابرة لفرنسا , المكابرة بدورها لروسيا , المكابرة لصربيا ) !

كل هذم الدول دخلت الحرب ( بدون غبينة ) داعمة لدول اخري , دخلت الحرب , بدورها ( بدون غبينة ) ! اذ الحرب كانت , حصريأ , بين الامبراطورية النمساوية – الهنغارية وضد دولة صربيا , ولسبب اكثر من تافه !

وبدات الحرب العالمية الاولي بين الحلفاء ( الدول المذكورة اعلاه , بما في ذلك السودان تحت حكم سلاطين باشا ) من جانب , وضد الامبراطورية النمساوية – الهنغارية والمانيا في الجانب الاخر !

أعبث حرب عبثية في التاريخ الانساني ؟

اعلاه يشرح لك , يا هذا , منطق الحرب العجيب !

تندلع من حيث لا تحتسبون !

لاتستغرب , اذن , اذا اندلعت حرب بين دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان !

وبدون غبينة ظاهرة , كما في الحرب العالمية الاولي !

ورغم انف الرئيس البشير , ورغم انف الرئيس سلفاكير !

غباين بالكوم !

ولكن في حالة دولة شمال السودان , ودولة جنوب السودان توجد غبائن بالكوم ! يمكن حصر اكثر من 12 قنبلة موقوتة , ونائمة حاليأ , بين الدولتين ! ليس من المستبعد ان تنفجر , عشوائيأ , واحدة أو اكثر من هذه القنابل الموقوتة , التي بدأت في التتكان , خصوصا خلال فترة الستة اشهر الانتقالية من يوم الاحد 9 يناير الي يوم السبت 9 يوليو 2011 !

أنفجار قنبلة واحدة من هذه القنابل الكثيرة قمين باشعال الحرب بين دولة شمال السودان , ودولة جنوب السودان خصوصأ في جو عدم الثقة وجو الاحتقان السائد بينهما !

يمكن الاشارة ادناه , علي سبيل المثال لا الحصر , الي قنبلتين من هذه القنابل النائمة :

القنبلة الموقوتة الاولي :

تدعم حكومة جنوب السودان الجديدة , سرأ وبالمغتغت :

+ حركات دارفور الحاملة للسلاح !

+ كما تدعم حركات قطاع الشمال في الحركة الشعبية في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق , المنادي بحق تقرير المصير ( حسب فهمهم للمشورة الشعبية , المضمنة في اتفاقية السلام الشامل ) !

تتدخل حكومة جنوب السودان لصد اي هجوم من حكومة شمال السودان ضد الحركات اعلاه ! كما حدث هكذا هجوم مرارا من سلاح الجو السوداني علي مواقع دارفورية في ولاية بحر الغزال !

فيشتعل فتيل الحرب بين دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان!

القنبلة الموقوتة الثانية :

+ تمنع قبيلة الدينكا , رغم الضغوط الامريكية , قبيلة المسيرية من الرعي في موسم الصيف القادم , ( الذي يبدأ في ابريل 2011 ) , في ابيي , ومناطقها الجنوبية الاخري ! وتحاول قبيلة المسيرية الدخول , بمواشيها , في ابيي , بقوة السلاح !

تحدث المواجهة العسكرية بين القبيلتين – المسيرية والدينكا !

وينفجر الوضع المحتقن !

وكالنار في الهشيم , تندلع الحرب بين دولة شمال السودان , ودولة جنوب السودان , التي لم يتم استيلادها دستوريأ بعد ! ولم تستخرج شهادة ميلادها الشرعية بعد !
وتنفجر ابيي ثانية في حفرة النحاس , وابيي ثالثة في جبل المقينص , وابيي رابعة , وخامسة , وسادسة … وعاشرة علي الحدود بين الدولتين !

+ ولا تعترف دولة شمال السودان , بدستورية ميلاد دولة جنوب السودان , كما كان مبرمجأ له في يوم السبت 9 يوليو 2011 !

وتتعقد الامور !

وندخل في منطق الحرب العالمية الاولي , حيث تتوالي الاحداث , ويقود بعضها الي بعض , في توالية شيطانية , غير مفهومة , وغير منطقية ! كما سوف نوضح ادناه :

+ تدخل الحركات الدارفورية الحاملة للسلاح , وحركات جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق المسلحة ( الحركة الشعبية في قطاع الشمال سابقا ) في الحرب , داعمة لحكومة جنوب السودان الوليدة !

+ ويدمر سلاح طيران دولة شمال السودان ابار البترول المتواجدة في دولة جنوب السودان ! ويدمر سلاح طيران دولة جنوب السودان ابار البترول , وخطوط انابيب البترول المتواجدة في دولة شمال السودان !

ويتوقف تدفق البترول من ابار الجنوب , وكذلك من ابار الشمال المتواجدة في جنوب كردفان !

وتبدا دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان في لحس الكوع , في دغمسة ما بعدها دغمسة !

+ وتدعم ادارة اوباما الحركة الشعبية ( في الجنوب وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ) , وحركات دارفور الحاملة للسلاح , ضد نظام الانقاذ !

+ وبضغط امريكي , يقلب الرئيس دبي , ديكتاتور تشاد , ظهر المجن للرئيس البشير , ويستقبل دكتور خليل ابراهيم بالاحضان في مطار انجمينا !

كنت وين يا نور العين ؟

+ ويشم اسود الشرق الدم ! وتبدأ الاسود في المقاومة المسلحة !

+ ويصحي المناصير من نومهم العميق !

+ ويقود زعماء المعارضة الشمالية ( باستثناء مولانا الانقاذي وحزبه ) الجهاد المدني ضد نظام الانقاذ !

+ واخيرا وليس اخرأ , فأن المواجهة العدائية بين دولة شمال السودان , ودولة جنوب السودان , سوف تشد اليها , كمغناطيس عملاق , كل العداوات والخصومات الموجودة فى المنطقة … فى شرق افريقيا , والقرن الأفريقى , والبحر الأحمر ! وكذلك العداوات الموجودة في الشرق الاوسط , بين اسرائيل والعرب !

فتصير المواجهة بين الدولتين الي حرب قارية ، تماما كما تنبأ بذلك الجنرال غرايشون , العارف ببواطن الامور !

+ ويفور التنور ! ويصير عاليها سافلها !

ويفر الرئيس البشير ( ومعه مولانا الانقاذي ) الي دولة خليجية لاجئأ سياسيأ !
وتهرب جرذان الانقاذ المذعورة ( بقيادة فتحي شيلا ) من سفينة الانقاذ الغارقة ؟
ويتم اجتثاث نظام الانقاذ من جذوره , تماما كما رضخت المانيا والنمسا في الحرب العالمية الاولي !

ويصل البطل علي محمود حسنين من لندن , ويستقبله الشعب السوداني استقبال الفاتحين !

هل انت في حلم ليلة صيف , ياهذا ؟

ربما ؟

ولكن دعنا نستعرض ادناه ما يقول به الباحثون والمختصون من العارفين ببواطن الامور , والذين يرون ما تحت الاشجار السائرة !

يتوقع كثير من الباحثين أن الانفصال سوف يستولد تبعات وتداعيات خطيرة في داخل الجنوب , وفي العلاقات بين الجنوب والشمال !

يجمع هؤلاء الباحثين على أن :

+ الداخل الجنوبي والعلاقات الجنوبية – الشمالية مرشحة للحرب !

+ الساسة ما زالوا كلهم ( الشماليون والجنوبيون والدوليون ) يعالجون الأمور بسطحية , وعدم مسئولية ! ولم يقوموا بكل ما يجب عمله , لتجنب الحرب بين الدولتين ؟

يقول المفكر الاممي , انه وحسب دراسة صدرت في نوفمبر 2010م , فان تكاليف الحرب القادمة بين دولة شمال السودان , ودولة جنوب السودان , سوف تكون 100 بليون دولار في 10 سنوات ، بالاضافة لتكاليف أخرى , كما يلي :

– 50 بليون دولار ما يفقده السودان من دخل قومي بسبب الحرب.

– 25 بليون دولار ما تفقده دول مجاورة.

– 30 بليون دولار ما تكلفه عمليات حفظ سلام لاحقة.

ويرسم الخبراء 3 سيناريوهات , بخلاف سيناريو السلام !

وهي كما يلي :

+ الحرب بين دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان , التي تترتب على رفض حكومة شمال السودان نتيجة الاستفتاء ( الانفصال ) , لاسباب عدة , منها ماهو شرعي .

+ اقتتال محدود إذا قبل الطرفان نتائج الاستفتاء , ولكن اختلفا فيما يجب عمله لتطبيق نتائجه.

وربما تتطور هذا الاقتتال المحدود الي حرب ؟

+ اقتتال متوسط إذا قبلت الخرطوم نتائج الاستفتاء , والانفصال , ولكن تعمل على العرقلة.

وربما تتطور هذا الاقتتال المتوسط الي حرب ؟

اذن وبحسب تقارير الخبراء , التي تتري , لا يمكننا استبعاد خيار الحرب , بين دولة شمال السودان , ودولة جنوب السودان !

خصوصأ وان كل المبادرات التي اطلقها السيد الامام لتجنب الحرب قد وقعت في أذان بها وقر !

وقديمأ قيل المكتولة لا تسمع الصايحة !

وكفي بنا صائحين !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *