سنبكى هذا الوطن يوما ما ولو سرا

سنبكى هذا الوطن يوما ما ولو سرا
الهادى عجب الدور

السودان هذا البلد الكبير باهله , هذا الوطن الحدادى المدادى المبرقع دوما برائحة البارود منذ مخاضه الاول  و المترع بالاحزان و الصبر الطويل  وجدليات التجارب الثقيلة ومزاجيات السلطان الشريرة  وخرف الساسة المقعدون بكيدهم ومكائدهم وعجز الانتلجنسيا  المهجرون من سطح الخريطة بهمهم وغمهم … و اولئك البسطاء البائسون بلحمهم ودمهم  وغيرهم من رهط القبيلة التعيس  بحق وحقيقة … ان بلدنا الان تحت الاحتضار و فى قمة الاختبار  لأن يستمر وطنا رائع يحتضن كل ابنائه  وبناته بدفئه و رفقه  وعطفه  تحت جناحيه او يتشرزم بفعل مراهقات السلطة  القابضة على مقاليد الامور  و التى فشلت  ان تدرك ان هذا الوطن  ليس معناه الحزب الحاكم المطلق  وتزمتياته  ولئمه .

من المعلوم  سلفا فى كل المرايا ان بلدنا الان  يتاكل امام اعيننا يوما بعد يوم  ونحن جميعا  ضحايا وجناة  , قتلة و ابرياء  فى قاع الخريطة نقلب اكفنا مرة بالدعاء ومرة اخرى بحثا عن طريق  للاهتداء  , ونمرر المراحل السخيفة  و لاندرى اننا  ننتحر بسفالة وسفور , لقد ان الاوان للحزب الحاكم  ورموزه  القابعة فى الخرطوم ان  يعترفوا   انهم ارتكبوا  المفاجع الشنيعة  و الاخطاء القاتلة و ان يعتذروا  للشعب السودانى و ان يوقفوا ممارساتهم عند هذا الحد  وتصحح المسارات بجدية و ان يتنازلوا  عن غرورهم  وكبريائهم وتسليم الشعب  مقاليد الامور  دون شرح  لخطب المنابر و القصائد المملة  او تبرير اكاذيبهم القديمة و الجديدة .

ان مشكلة هذا الوطن  تكمن فى ان الكثير من ابنائه كانت لا تهمهم  هموم الهامش السودانى لان قلوبهم ليست مفطومة على معاناة اهل الهوامش  و لا تعنيهم , كانهم فى كوكب اخر  فالحرب  التى دارت عقود فى جنوب السودان ما هى الا فوضى بعيدة و مزحه فى تخيلاتهم فيا للفهم المغزز والجهل الفاضح وان المأساة و الاحزان الان  فى الهوامش و الاطراف النائية  فى جروف دارفور فى فهمهم ما هى الا احلام الجياع وحرب القبيلة للقبيلة يا للمصيبة , لكن المفاجأة عندما لاطمت الحرب اطراف العاصمة استشعر الجميع الخطر  و الذى كاد ان يلهب ام درمان  عندها  احسوا  بخطورة المكان  ولم تمر اسابيع حتى هز السيد اوكامبو عرش السلطان  و اكتشف النظام ان العدالة ربما تفضى بنهاية كل الكراسى   وتحركت الوفود يمينا وشمالا  وتناثرت التهديدات التكتيكية  وتتقدمها المبادرات الغامضة الملامح  لاطالة عمر النظام وشهوة الانتقام  , على كل حال  الوطن للجميع  و محتاج لكل ابنائه وبناته و لا يحتاج لقديسين و نبلاء  وائمة يقراون بالنيابة عنه الدعاء . المطلوب  فقط هو الحل الشامل و العادل لازمة السودان فى دارفور  من الجذور كى  يتحقق نصف المعادلة ومن ثم يفكر كل السودانيين لانفسهم  وبلدهم بجهوياتهم و ايدلوجياتهم   بدلا من اعتماد عباءة الخليفة .

اما الصراخ و النواح فى الساحات العامة وتجيش المهرجون  فذاك لن يسقط حق الضحايا  ولن يكون طوق نجاة  للمجرمون . ومن العار ان يعيش نظام الخرطوم  سنيين اخرى  ليحارب شعبه  مرة باسم الهوية ومرة باسم الوطنية ومرة باسم هيبة الدولة  و لصالح القضية و الخ  .. من اسطوانات التخدير و التدجين و التهميج,  على كل حال الان الخارطة فى طريقها للتحلل  ما لم يفهم السلطان ان الجميع اصبحوا راشدين و لا يحتاجون  لوصايا الحكماء او قصص الانبياء و ان العدالة قادمة و ان الحرية و الامن و الامان والرفاه  حلم الجميع و ان البروبقندا والهاب المشاعر و الدعاية للحكام لن تظل عنوان للوطن الكبير .

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *