ردا على وثيقة فتنة دارفور الجديدة…….

انا من ابناء السودان النيلي (جموعي) كنت وﻻ زال من المهتمين بالشأن الدارفوري بل وسافرت الي هناك وانضميت طواعية الي رفقاء الدرب من ابناء الزغاوة والفور والعرب وعملت معهم في الحركات المسلحة ﻻكثر من عامين ونصف ولكنني عدت الي الفاشر بعد توقيع اتفاقية ابوجا لسﻻم دارفور 2005م ومنها الي الخرطوم واﻵن انا في بريطانيا ، ولكن دون ادنى ادعاء فانني اشهد صادقا لم اجد طيلة فترة حياتي الطويلة رجال يحملون مضمون هذه الكلمة قلبا وقالبا مثلما وجدته في ابناء الزغاوة ، وجدتهم شجعان ، اقوياء ، كرماء ، رحماء فيما بينهم وآخرين ….
وفي هذه اللحظات التي اكتب فيها اتذكر تلك المواقف البطولية وتلك الشجاعة النادرة التي تحلى بها بعض الشباب من الزغاوة في سبيل الدفاع عني حينما وقعت في ارض المعركة مجروحا ، وكنت قد ظنيت انها اللحظات الاخيرة من حياتي ولم اتخيل ان شخصا يضحي بحياته من اجلي وينقذني من وابل الرصاصات وبراميل القنابل التي كانت تقذف بنا الطائرة من فوقنا ، ففي مثل هذه اللحظات الصعبة اجد كل من اركو سليمان وقاردية ادوبر يقفان امامي احداهم من الشمال واﻻخر من اليمين وهم يحاولون اخﻻئي ، بل و اخذوا يغطونني باجسادهم حينما اشتدت المعركة وأج مثأر النقع فوق روؤسنا حماية لي من الرصاصات الكثيفة ، ولكنهم تمكنوا من اخﻻئ بعجوبة شديدة فدونت لهم ذلك الموقف البطولي انهم نعم الرفاق ونعم الرجال ..ومواقف اخرى كثيرة شهدتها لهم وهم يقاتلون في الميدان ، حقا صدق من قال (الرجال مواقف) ، فيحق لكل دارفوري ، بل وكل سوداني ان يفتخر بشجاعة هؤﻻء الرجال وكرمهم ومواقفهم الصلبة ….
(2)
كنت اسمع وانا في الخرطوم عن دولة الزغاوة الكبرى وحدودها الجغرافية التي تربط ما بين السودان وتشاد ولكن بعد انضمامي لهم في الميدان وعاشرتهم لمدة عاميين تيقنت تماما ان فكرة هذه الدولة كانت مصطنعة ومفترى عليها وكذب وبهتان فقط هنالك جهات ﻻ تريد للزغاوة العيش الكريم في محيطهم الاقليمي لذلك عملوا على اختﻻق هذه اﻻدعاءات والفتن لنفور الجماعات اﻻخرى من حولهم ﻻنهم قد ﻻحظوا فيهم صفات يحسد عليها الحاقدون ، فانا لم الاحظ اي ارهاصات عن فكرة هذه الدولة وكذلك ﻻ توجد هنالك على اﻻرض ادنى عوامل الترابط السياسي والثقافي والحضارى بين زغاوة سودان وتشاد ، ولكنني ﻻحظت ان الكراهية والبغض يسيطران في الكثير من الاحيان على العﻻقات ما بين الطرفين ، فزغاوة السودان ينظرون الي زغاوة تشاد على انهم اقل مرتبة وثقافة وتعليما ومدينون بثقافة فرنسية وﻻ يتحدثون رسميا اﻻ بلغتها ، وتشاديون ينظرون الي زغاوة سودان على اساس انهم عربا لغة وثقافة وتفاعﻻ ، ولهذا ﻻ يتسني لاي باحث او مراقب ان يشاهد اي عﻻقات تنسيقية هادفة بين الطرفين ﻻقامة اي كيان سياسي مشترك ، واﻻغرب من ذلك قد يﻻحظ المراقب ان اعظم قادة التمرد الذي يقاتل الجيش في تشاد هم من ابناء الزغاوة وابناء عمومة ادر يس ديبي هيتنو ، لذا ﻻ يمكننا ان نتهم كيان اجتماعي كامل بخيانة عظمي وندعي بانه يفعل ويفعل…
(3)
اما اسباب التمرد فانها ترجع في الغالب الي سوء التفاهم ما بين الحكومة وافرادا من قبيلة الزغاوة في بدايات 2003م ، فقادة التمرد الذي اعلنوا العصيان علي الدولة في تلك الفترة كان قد انتهزوا فرصة غياب مرافق التنمية في تلك اﻻماكن وقاموا بتعبئة المجتمع طﻻبا وتﻻميذا وشبابا ، وكان الخطاب التعبؤي الذي استخدمه قادة التمرد كان قويا الي حد اقناع كل متشكك، فحمل هؤﻻء السﻻح وليس في امامهم اي رؤية غير مقاتلة الحكومة ، وفي هذه اﻻثناء تجاهل بعض اﻻهالي عن تلك النداءات التعبؤية وهربوا خشية من ان يتم تجنيدهم للقتال ، ولكن المؤسف حتى تاريخ هذا اليوم ﻻ تجد من يفسر هذه الحركات على اساس انها حركات عفوية قامت بطريقة ارتجالية ودون اي تنظيم مسبق ، وخير دليل على ذلك هو هذه اﻻنقسامات التي نشهد لها اليوم وكذلك التناحر والتشتت …الخ ، ونحن قد تمنينا كثيرا في تلك الفترة وﻻ زال التمنى قائما في ضرورة ان يقوم المسؤولون بتسجيل زيارات حكومية لتلك المناطق لتقييم اﻻحتياجات الضروية والملحة التي تساعد الناس للبقاء علي قيد الحياة ، وهذا هو ما اشار اليه احد مراسلي قناة الشروق وهو يرافق نائب الرئيس في زيارته ﻻمبرو ، اذ انه قال (ان هذا البلد يفتقر الي ابسط مقومات الحياة الكريمة )….
(4)
في تلك الوثيقة ، تلمست فيها نتانة العنصرية البغيضة حينما وجدتها تصف رموزا من ابناء الزغاوة بالمخططين البارعيين لاقامة كيان سياسي لهم في كل من السودان وتشاد ، واشارت الوثيقة الي كل من اﻻستاذ سليمان مصطفي ابكر (امبرو) والمهندس علي شمار عبدالله والتاجر المرحوم ادم يعقوب هارون واتهمتهم بانهم مهندسو هذه الفكرة ، ولكن اقول لكاتب الوثيقة اما ان ترجع وتتوب الي الله او تنتظر يوم تشخص فيه اﻻبصار ﻻنك قد اختلقت كذبا وبهتانا في رجال صالحين وزرعت حولهم الشبهة وعدم اﻻعتدال وهم ينامون كل ليلة في مسجد متضرعين لله عز وجل فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديﻻ ، فهذا الجزء سوف يقضي الله فيما بينكم يوم القيامة ونحن ﻻ صلة لنا به ، اما كونك تصفهم بالعنصرية والجهوية فهذا ابضا بهتان وكذب ونفاق والدليل هو انني قمت بحصر قائمة ابناء الزغاوة السياسيين وتتبعت مشاركتهم للسلطة وطريقة عملهم واساليب تفكيرهم فلم اجد اصدق منهم قوﻻ وﻻ اخلص منهم امانة وﻻ اجدر منهم كفاءة ، ويمكنك ايها القارئ ان تنظر لنماذج من بعض الشخصيات من الزغاوة التي قدمتها الدولة للعمل في بعض المواقع القيادية ……
المرحوم اﻻ ستاذ سليمان مصطفى ابكر وهو من انزه ابناء الحركة اﻻسﻻمية في السودان وﻻ يخاف في قول الحق امام السلطان ، واكثر من يخشاه كان الرئيس جعفر النميري …
ادم يعقوب هارون وقد كرس جهده في تنمية وتطوير مدينة ام درمان فبنى مدارس ومساجد ومصانع ولم يفكر يوما ان يضع حجرا واحدا للبناء في منطقته (اركوري)..
المهندس علي شمار عبدالله القيادي بالمؤتمر الشعبي وهو احد رجال الدين البارزين ﻻ احد يتشكك في نزاهته وصدقه واخﻻصه في العمل الوطني …..
المهندس ادم طاهر حمدون وهو من رموز حركة الحق والفضيلة في البﻻد ورمز من دارفور يشار اليه بالبنان…
د. احمد بابكر نهار وهو علم يرفرف في سماء كل بيت في دارفور ….
د. التجاني مصطفى محمد وهو من اصدق ابناء دارفور في المؤتمر الوطنى سواء اكانوا عربا او عجما …
بروف محمد احمد الشيخ مدير جامعة الخرطوم اﻻسبق ، وأول الشهادة السودانية 1964م …
المهندس محمود بشير جماع وزير الري 1988م …
هؤﻻء هم الرعيل اﻻول من قيادات الزغاوة هل ثبت ﻻحدهم اي نزعة عنصرية او جهوية ، هل احدكم يتشكك في سلوك احد من هؤﻻء الرجال ، ليس هكذا تساق عبارات الفتن والجور ايها الشيطان الرجيم …
منقول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *