رحل الزعيم بقلم كلول : من جبل طورا

الشجاع لا يموت والجبان لايموت ولكن المتذبذب هو الذى يذهب الي مزبلة التاريخ فهذا الفتي الذى لم تولد افريقيا مثله ولن تولد نظيرا له في القريب المنظور لمذا اقول في الزعيم مانديلا وانا اقصر من يقول  في قامة اشكال هؤلاء الابطال : وببساطة هو الرجل والانسان الكامل دون منازع في القرن العشرين وصدرهذه الفية ولاجدال ان الملاييين منا  يدعون العمل العام في القارة السوداء وما يقابلها في القارت الاخرى من اباء الحرية واهل الصبر والجلد وتحمل المشاق في وجه الاستبداد والطغيان. انه اسطورة هذا الزمان ( الفترة الانتقالية )وهي اصعب واشرس فترات التاريخ الانساني انها محاولة الانتقال من عصر الانطاط الفكرى الي رحاب العقل الحضارى والشعور بآلام المجتمع البشرى بغير تحفظ ومواربة وتحيز مزرى وسلوك عنصرى بغيض . ان كل منا يتمني ان يصبح زعيما لكن هل يملك الموهبة التي تؤهله لهذا الغرض؟ انا دائما في كتاباتي المتواضعة اقول ان القيادة لاتصنع لكن تولد  يعني تهبها الطبيعة ويمنحها القدر بالصدفة في وقت لانختاره نحن وترحل في  زمن دون رضانا  ايضا لاننا تعودنا علي النهل من منافعها!!!
ولاشك ان مبديلا هو الرجل الاسود الذى متعه الله بكل الصفات الحميدة الشجاعة والنزاهة والعفة وصدق  النوايا وسلامة المقصد والجد في العمل والمثابرة وقوة الشكيمة وطهارة القلب والبعد عن الحقد واعطته الطبيعة ارادة العفو عند المقدرة والسمعة المشرقة لقد حصل علي شرف احترام الجميع  بغير منافس والكل يسأله البقاء ولو لمدة، لايوجد للرجل اعداء علي البسيطة حتي يرتاحوا نفسيا عقب لرحيله . لقد حارب البطل خصومه بنجاح وانتصر عليهم في نهاية المطاف ولم يستجب لغزيرة الانتقام وقال لهم اذهبوا وانتم الطلقاء ثم جعل منهم اصدقاء واذن لهم  ان يظلوا مواطنين من الدرجة الاولي ولم يلتفت لسجل الفصل العنصرى الذى بسببه مكث منديلا سبع وعشرين عاما وراء القضان ‘ فاضحي الرجل محبوب ومبجل  من الكافة لرقي طبع سجيته ثم اصبح عزيزا في  كل نفس .  . ان افريقيا مهما قيل عنها من قتامة وجهل وتخلف الا انها هي ام البشرية قاطبة ومهما تنكر لها  الذين ذهبوا منها وعادوا اليها متجبرون  وبطشوا باهلها هي التي انجبت هذا المخلوق المذهل المتسربل بكل حيثيات القيم والاخلاق النبيلة في الخامس من شهر ديسمبر عام اللفين وثلاث عشرة ترجل منديلا عن عمر تجاوز التسعين
ان العظمة لاتوجد في السوق او محلات السماسرة والسوطاء للحصول علي الارباح وزيادة رؤوس الاموال و التمتع في حانات القمار  انه المجهود الشخصي جدا ومحاورة الضمير الحي  ومجاهدة النفس نحو اتخاذ قرارات صعبة  وصائبة مطلوبة في الدفاع عن القضايا عادلة تتعلق بالمثل العليا والبذل البدني والفكرى  لتحقيق القدر اللازم  من اجل الاخرين والتضحية بكل غال من الوقت  والسعي لايجاد طريق اوسط  تلتقي عليه مصلحة الخير الجميع ، ومجاورة المخاطر احيانا للصول الي مصافي الرخاء  والحصول الي فرص  متكافئة  في محيط  مجتمعات يعمها السلام ويسودها الامن والمساواة  في الحقوق والواجبات . وياليت الزعمات  الافريقية الكرتونية تأخذ علي اقل القدراليسير من نموذج هذا المخلوق الذى لم ولن تجود الخليقة بامثاله في القريب العاجل . ان صفات القيادة  الرشيدة  هي معضلة العالم ونادرا ما تنطبق علي  شخص  بعينه وجلنا يتمتع بالسلبيات اكثر من الاجابيات المطلوبة ونحن دعاة زعامة المجتمعات اغلبنا اصفار علي جهة الشمال مع ذلك تجد جيوش من المنافقين ينفخون علي غرب مشروخة  لكي يصنعوا منها قادة وهي اجرار جوفاء خاوية او مجرمين من الدرجة الاولي او  سفهاء اصحاب علل مزمنة او فقداء تربية ابوية او ثفافية فتقع المصبية الكبرى علي الامة  باسرها  فيديرها  قوم من تحت امزجتهم ثم يقف البقية  فراجة وهم يرون العبث والانحراف وتمضي السفينة متداعية ويظن الناظرون بانها ستنكفئ علي وجهها ويتبعثرالمحمول  ولكنها تمضي بهذه الصورة ويتساقط الامل ويعم  الجور والفجورويصاب المتصدون للمقاومة  باليائس  والقنوط   وكل منهم  يلزم داره ويستفحل  الشروالفساد ثم تهلك الاحلام ويغيب الرجاء الي  ابد الدهر. رحل الفتي ونحن في منتصف مرحلة الانحطاط الثانية اكثرمن خمسين  سنة من التخبط يا افريقيا لم تخلف الا ابنا واحدا كم  تمنت لوظل الاستعمارفي ارضنا  مدة اطول كما مكث في بلادكم والهند وارض سكارنو. اليوم كفرت بكافة شعارات امراء العالم القديم التي كانوا يتغنون بها ورؤوسهم فارغة من القدرة علي ادارة الدولة الحديثة فذهبت تلك الشعارات ادراج الرياح  وعبارات كانت تخرج من  تحت حناجر مزينة باربطة اعناق انيقة ودون مستوى تحمل مسئولية المرحلة خدعوا انفسهم غير الناضجة كما غرروا بالشعوب التي لم تدرى دواخلهم العاقرة وصرفوا الوقت في الانقلابات العسكرية  و ارتدوا علي ادبارهم وحسبوا ان المجد ان تقتل زميلك وتحل محله والرقي ان تمتطي سيارات فارهة. قال منديلا عندما قرروا له معاش  شهرى بعد ان ترك  مكتب الرئاسة فقال لهم انا لااستحق هذا المعاش لاني لم اخدم الدولة وقانون المعاشات لاينطبق علي حالي فرض ان يقبل ذلك المال !!!
نحن لانبكي هذا الاسطورة لان لدينا عادة في جبال النوبة اشد غرابة عند الاخرين حينما يتوفي شخص مسن جدا رجل او امرأة مجرد  مايمرض  مرض الموت وفي تاريخ هذا الانسان انجازات بازرة تستعد النساء والفتيات لللاحتفال برحيله وتأبينه بالرقص وتوجد نقرة خاصة للطبل نعرفها جميعا وقت سماعها . وكذلك حينما يرحل بطل  مشهورفي المصارعة يجمع الشباب فورا ويقيمون حلقه مصارعة بالقرب من جسمانه احتفالا بوداعه الي مثواه الاخير
حيث تذبح  الذبائح وتختلط الزغاريد باطلاق رصاص الاسلحة النارية وكأنهم علي اشراف معركة وتلك عادة عند بعض العشائر في الجبال الغربية تذكرني باحتجاج شباب جنوب افريقيا امام المستشفي وهم يتغنون ويسرخون يطلبون منه عدم الرحيل!! عندما كان منديلا في احدى نوبات الاحتضار قبل اشهرفقلت في نفسي هل هناك تشابه وصلة بين شعب جبال النوبة والجنوب افريقي بالاضافة الي الاسماء مثال توتو وغيره نعم افريقيا هي البيت الكبير نحن رواقة وداعا حتي نلقاك في بطن امنا يادر نادرة
ان الشجاع لايموت  ابدا
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *