ديمقراطيتنا وديمقراطيتهم

محمد إبراهيم بتو
     الديمقراطية باعتبارها نظرية في السياسة لا تتجزء ولا تنفصل عن معناها الكلي بحيث انه لا توجد ديمقراطيات متعددة ذات مفاهيم متباينة ترتبط بمجتمع دون الاخر، لكن تتبدي الاختلافات في عملية التطبيق والممارسة وهذا ما يمثل كل الاختلاف بين ديمقراطيتنا وديمقراطيتهم اي الغرب .
     يظل الغرب قيادتا وشعبا وباستمرار يقدم لنا نموزجا تلو الاخر في كل انتخابات رئاسية، يرتبط هذا النموزج بمدي المام الشعب وتفهمه للديمقراطية، فمنذ اربع اعوام كان للشعب الامريكي كلمته فاختار (باراك اوباما) كاول رئيس للولايات المتحدة يجمع كل الاختلافات عن الرؤساء السابقين له، فهو من اصول افريقية ينتمي الي ما يعرف بالاقليات العرقية في امريكا، ثم انه امريكي اسود اضف الي كل ذالك كونه مسلم، تم اختياره ليس لشي سوي مؤهلاته ومقدراته العلمية والسياسية التي افضت الي برنامج سياسي يتماشي مع مصالح الدولة و برنامج انتخابي يلبي طموحات الجماهيركل ذلك تحت شعار مكون من كلمة واحدة فقط  (التغير) متعدد الاوجه، تغيراقتصادي يشمل مستويات المعيشة تغيرسياسي بمراجعة وتجاوز كل اخطاء السياسات السابقة تغير علي مستوي السياسة الخارجية فكان ان حظي بصوت الاغلبية من الشعب الامريكي في الانتخابات الاولي ونال بذلك ثقة الكثيرين ضاربا بذلك هو والشعب الامريكي مثالا في الديمقراطية .
      اطل علينا الناخب الامريكي مرة اخري في الانتخابات الحالية وبالرغم مما اثير عن التجربة الرائاسية السابقة ل(باراك اوباما) من شائعات لم تؤتي اكلها مع شعب مدرك لعملية الانتخاب الحر دون التاثرباي اشياء خارجة عن اطار التعامل السياسي، فمثلا اشيع عن (اوباما) انه متاثر بثقافته الاسلامية والتي جعلت منه شخصية متعاطفة مع قضايا الاسلام والمسلمين وبانه متامر مع بعض الجماعات الاسلامية فهو الذي قام في عهده اكبر عدد للانظمة الاسلامية في الشرق الاوسط، الا ان كل ذلك لم يؤثر علي مخيلة الناخبين في التعامل مع الامور بشكل اكثر واقعية وعلمية فبعد مناظرتان مع الخصم الجمهوري (ميت رومني) ثم حملة انتخابية لمدة ثلاثة ايام فقط ادرك الناخبون من هو المرشح الاصلح لقيادة الدولة فكان (اوباما) لفترة رائاسية ثانية .
    يظل الاختلاف في الممارسة بين ديمقراطيتنا وديمقراطيتهم يكمن في عملية الصيرورة للديمقراطية كنظرية في السياسة وكفلسفة في الحياة، فالغرب ادرج نفسه في مشروع الحداثة واستمد ديمقراطيته من الفلسفات الحديثة مثل فلسفة العقد الاجتماعي التي صاقها كل من ( توماس هوبز-جون لوك- جان جاك روسو) وهي الفلسفات التي تمخضت عنها المفاهيم العامة لحاكمية الشعب وفقا لتعاقد اجتماعي (دستور) مبرم بين طرفين الشعب والحكومة، ايضا هناك الفلسفة السياسية ل(منتيسكسو) التي اصلت لحداثة الدولة في الكتاب الشهير روح القوانين الذي يتعرض فيه -مونتسكيو- لعملية فصل السلطات عن بعضها البعض .
     هناك سوال طريف يطرح باستمرار كل ما اطلت علينا تجربة من تجارب الديمقراطية الغربية الناجحة وهو ( لماذا تبيض دجاجة الديمقراطية في الغرب ذهبا بينما دجاجة ديمقراطيتنا لا تبيض ابدا ولا يؤكل لحمها…؟ ) فما طرحناه هو خير جواب .
    مر السودان بثلاث تجارب ديمقراطية وباجماع راي النقاد فهي لم تفضي الي نتائج تذكر سوي الانقلابات العسكرية، فما تحتاجه الاحزاب السياسية السودانية هو عملية بناء تنظيمي يقوم علي الاسس العلمية التالية:
1) تاسيس تنظيمات سياسية علي اساس علمي بعيدا عن الطائفية والقبلية والجهوية.
2)تطبيق الديمقراطية علي مستوي التنظيمات نفسها ( التخلي عن عملية التوريث في قيادة التنظيم-مركزية القيادة التنظيمية-التغير الدوري لقيادات التنظيم مما يتيح الفرص للمساهمة المستمرة) .
3)تطبيق الديمقراطية علي كل المستويات داخل وخارج التنظيم باعتبارها سلوك انساني .
4)التوافق علي برامج سياسية تلبي طموحات القواعد الجماهيرية .
     عندها يمكننا ان نتوقع من دجاجة ديمقراطيتنا ان تبيض بل يمكنها ان تبيض ذهبا اذاما طبقناها كما يجب، حتي لا يستبيح العسكر حياتها فتؤكل .ولكم مني كل التحايا .
عدو اللصوص[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *