عبد العزيز التوم ابراهيم
[email protected]
ظل درافور مسرحا ومرتعا لقيادات تفتخر لادني مؤهلات وشروط القيادة الحقة وذلك بتخطيط وتنظيم وغائية تامة من الحكومات المركزية بما فيها حكومة المؤتمر الوطني ،وكما ان من المعلوم وفي خضم عمليات السودنة التي تمت للخدمة الوطنية المدنية والعسكرية وما صاحبتها من حركة رفع علم الاستقلال المسماة مجازا ،قد احكمت هذه العملية سيطرة نخبة من الشمال النيلي وكان هذا سبب نتاج شروط الهيكلية التي صنعتها الاستعمار والتي تركز بواسطتها التعليم الذي يوفر معايير العمل في المؤسسات الحكومية ،فوجد الدارفوريين انفسهم تدار بواسطة نخبة غريبة عنهم وبلاضافة الي سيطرة الحركة التجارية بواسطة الاقتصاد النيلي الشمالي .
وقد عمد المركز لتصدير حكام لدافور منذ مقتل السلطان علي دينار علي يد القوات البريطانية في عام 1916 وعبر احتجاجات ومقاومة مستمرة من عموم ابناء دارفور لوقف تعيين وتصدير من غير ابناء دارفور للاقليم حكاما، تم تعيين ابراهيم دريج رئيس لجبهة نهضة دارفور حاكما للاقليم في سنة 1981 وبهذا يكون دريج كأول حاكم درافور يحكم الاقليم بعد مقتل السلطان علي دينار !
واذا امعنا النظر في معظم القيادات الذين توالو علي حكم اقليم دارفور با ستثناء قليل منهم نجد انهم يفتخرون لابسط معايير ومواصفات القيادة المدركة الواعية بمفصليات الامور وما يجب ان يكون، ونظام الانقاذ له نصيب الاسد في خلق قيادات تفخيمية تبجيلية ودونكم نماذج كثيرة في كل ولايات درافور بكل تقسيماتها ومنهم من الوصوليون والانتهازيين الساقطيين من الحركات الثورية التحررية ورجالات الادارة الاهلية والشراتايات…الخ وحتي المجالس التشريعية ما الا عبارة نوادي يجمع الجهلة والاميين والمضحك المبكي عندما تري النواب الاتحاديين القادمين من دوائر دافور لا يتميزون عن غيرهم سوي بعمائمهم الضخمة !!!
السؤال الجوهري هنا من المستفيد من تمكين مثل هذه القيادات ؟! وهل هؤلاء الذين يتم دعمهم من المركز مدركين بخيوط اللعبة ؟ ام هم اناس يسعون لترضية ذواتهم وذلك لتحقيق ملذاتهم ورغباتهم الشخصية ؟!
وفي خضم تحليل طبيعة طرائق التفكير للنظم المركزية في الازمة السودانية بدرافور نجد ان هذه الانظمة عملت علي اقصاء الصفوة والنخبة من ابناء دارفور واحتضان الجهلة والاميين وهذه المنهجية غيرمنتجة في ظل بروز كثير من النظريات والمبادئ التي تعطي للنخبة في اي مجتمع حق الصدارة في ادارة شئون مجتمعها وخاصة المبدأ القائل :لكل فرد من افراد المجتمع التمتع الي خيرات المجتمع بالقدر الذي تؤهله له كفاءته وقدراته الذاتية ،وفي ظل هذا المبدا اصبح للصفوة دور اكبر في المجتمع واي محاولة اقصائية يؤدي الي زحزحة الاسس المجتمعية ،فالنخبة الاجتماعية في عالم اليوم هم من يتمتعون بالكفاءات المعرفية سواء كانت علمية او ادبية او فنية او مهنية الذين اكتسبها افراد المجتمع من خلال الجد والمثابرة كان ينبغي ان يتم استغلالها في خدمة المجتمعات الا ن سياسة الحكومات المركزية وبشكل منظم سعت لاستبعاد كل مؤهل من ابناء الاقليم، وكون ان يصبح شخصا مثل “كبر” واليا لشمال درافور دونما اي استثناء لبقية الولاء “خير دليل علي هذه السياسة !!!
النظام االجتماعي العادل هو الذي يتيح للنخبة الاجتماعية من ابناءه بان تتولي مناصب الصدارة في قيادة المجتمع وليس رجالات الادراة الاهلية والشراتايات كما هو كائن في دافور ! ،وكل نظام اجتماعي لا يضع في مكانها الذي تستحقه وكان معياره الولاء العشائري او الحزبي لا الكفاءة ولا يكون للا فراد الخلق والابداع لابد ان ينحدر نحو هاوية التخلف والصراع ،ذلك ان تمكن الجهلة والمتملقيين والانتهازيين من الوصول الي المناصب القيادية في الدولة يقود حتما الي الاستبداد والطغيان والفوضي والفساد وعدم الشعور بعدم المسئولية والشعور بالغبن والاجحاف، ومدعاة لنمو ثقافة القسوة والدكتاتورية وتألية الذات التي تفضلت الي اولئك الجهلة وسلمتهم الي مقاليد الامور في البلاد ، ويعبر احد اساتذة القانون تعبيرا دقيقا بقوله (كل تشريع يرفع غير الصفوة القادرة ويقيس بغير مقياس الكفاءة ويصد العبقريات عن مصاعدها ويعيق النخبة عن القيام برسالتها ويلهب بالحرمان والخيبة نفوسها لا يمكن اعتبارها تشريعا ظالما فحسب وانما هو تشريع ينسف قواعد سلامة المجتمع من اساسه وتغدو اجهزة الحكم في ظله فما يلتقم ويدا تنتقم) !.