أيهما أولى بالمحاسبة حزب البشير أم المعارضة ؟؟

أيهما أولى بالمحاسبة حزب البشير أم المعارضة ؟؟
بقلم / شريف ذهب
لم تُجِد مجموعة المؤتمر الوطني في السودان سوى فن إدخال البلاد في الأزمات تلو الأخرى ، وعندما يضيق بهم الخناق يلتجئون للبحث عن شماعات يعلقون عليها أخطاءهم الكبيرة في حق الوطن والمواطنين .
وفي الأزمة الحالية التي جلبها هذه الفئة على نفسها والبلاد ، عدنا لنستمع مجدداً لذات النبرات القديمة في تصنيف مكونات الشعب السوداني وقواه السياسية إلي شرفاء ومرتزقة وعملاء وخلافها من الأوصاف التي لا تليق إلا بمطلقيها .

وطالما أتى الحديث عن الفرز والمساءلة فذلك جيد ومطلوب ، ولكن السؤال هو: منْ يجب أن يسأل ويُساءل ؟! وفيما تجب ذلك ؟
وكي نجيب على هذا التساؤل فذلك يتطلب منّا جميعاً كسودانيين القيام بعمل جرد حساب شامل لكل أزمات البلاد منذ فجر الاستقلال إلى يومنا هذا مروراً بيوليو 89 موعد سطو هذه الفئة على السلطة في البلاد والعبث بمقدراتها ، ومن أهمها بالطبع قضية انفصال الجنوب التي شكلت أساس الأزمة الحالية .
وطالما هذا الطرح عن المساءلة قد أتى من طرف النظام الحاكم فلدينا كذلك بعض الأسئلة المهمة التي نطرحها عليهم علّ الإجابة عليها تختصر لهم الطريق في انجاز هذا المهام .
والسؤال الأول هو : أين كانت هذه الروح الوطنية العالية والنبرة الحميمة في طلب الإجماع الوطني لمجابهة أزمات البلاد ، حينما ذهبوا منفردين إلي نيفاشا لتحديد مصير الوطن بمعزل عن كافة قواه السياسية والوطنية ؟
ثانياً/ منْ يتحمل الخطأ التاريخي في السماح بقيام دولة منشطرة عن الوطن الأم دون تحديد حدودها الجغرافية حتى لا تكون مدعاة لوجود ذرائع تقود لنزاعات حول الحدود كما هو ماثل الآن ؟
ثالثاً/ أليس حزب المؤتمر الوطني الحاكم منْ رفض فكرة قيام حكومة قومية انتقالية في البلاد قبل الاستفتاء في مصير الجنوب ، أملاً في تأسيس إجماع وطني قد يهدّئ من وتيرة الاحتقان بين طرفي نيفاشا المتشاكسين ويساهم في ردم الهوة بين أبناء الوطن الواحد يبعد عنهم شبه الانفصال ؟
رابعاً / منْ الذي صك آذانه وأدار ظهره عن السماع للمناشدات الملحة من بعض قادة العمل السياسي في البلاد بضرورة إشراك الجميع في إدارة ترتيبات الانفصال حينما بات أمره حتمياً ، تأسيساً لجوار آمن بين الدولتين بدلاً عن انفصال عدائي كما هو الآن ؟
خامساً / من الذي أدار ظهره أيضاً للنصائح السعودية والمصرية بوجوب تنحي رأس النظام المطلوب للعدالة الدولية عن السلطة ومنحه ملجأً آمناً في ارض الحرمين ، طالما في ذلك تجنيب للبلاد من الانفصال يدرأ عنها المخاطر التي نعايشها اليوم ؟
سادساً /  (دكسة ) هجليج :
وبخصوص الصراع الدائر حالياً حول تبعية هذه المنطقة بين دولتي الشمال والجنوب ، أليست المسئولية فيها تقع على عاتق حزب المؤتمر الوطني الحاكم بشكل كامل ؟ .
وهنا نعيد ذاكرة الشعب السوداني للوراء قليلاً إلي حيث لاهاي حينما انتهى الفصل في قضية ( أبيي ) عبر التحكيم الدولي ، ليستحضر فحوى التصريحات التي أدلى بها ممثلي طرفي النزاع .
فأول تصريح لممثل المؤتمر الوطني السفير الدرديري محمد أحمد كان يفيد بانتصار حققها حكومته بخروج آبار النفط عن نطاق المنطقة المتنازع عليها ؟
فيما كان تصريح ممثل الجنوب الدكتور رياك مشار عند سؤاله عن خسارتهم لحقول النفط في هجليج ، كالتالي : ( قضية هجليج منفصلة عن قضية ابيي لأنها كانت تتبع لأعالي النيل قبل ضمها لكرفان في السبعينات )؟!
وإذا أعملنا عقولنا قليلاً نلحظ بأنّ الحركة الشعبية في الجنوب قد تعاطت في هذه القضية بذكاء ودهاء سياسي خارقين ، فيما على النقيض المؤتمر الوطني قد تعاطي فيها بغباء وسذاجة منقطع النظير !! ة
ففي قضية أبيي التي يعود أمر النزاع حولها إلي ما قبل عام 1956 م ، حيث تم إلحاقها إدارياً بجنوب كردفان عام 1906 م ، اتجه الطرف الجنوبي للتحكيم الدولي للفصل بشأنها ، أما منطقة هجليج التي تعود إلحاقها لجنوب كردفان إلى ما بعد الاستقلال في 1956 م ، فتركوا أمرها للخدعة السياسية ريثما يتحقق الانفصال ثم تأتي إثارتها لاحقاً طالما اتفاقية نيفاشا تحدد حدود دولة الجنوب بحدود الأقاليم الجنوبية في 1956 م ؟!
إذاً من هنا يجب أن يأتي الحديث عن المساءلة وتحديد المسئوليات وعن الفرز بين المعارضة والموالاة ؟ فالمعارضة لا تعارض من أجل المعارضة لذاتها أو لخلافات شخصية مع أفراد في النظام الحاكم و لا تنطلق من منطلقات جهوية عنصرية كما سعى النظام لجر البلاد إليها وتمزيق نسيجها الاجتماعي حتى تستديم لهم السلطة ، وإنما تنطلق من منطلقات وطنية خالصة ورؤية سياسية متبصرة تتعارض تماماً مع نمط التفكير العقيم لدى الحزب الحاكم الذي لا يقود إلا نحو إغراق البلاد في مزيد من الأزمات الداخلية والخارجية حتى ينتهوا بها بالتلاشي عن الوجود ، الأمر الذي يجب أن لا يسمح به الشعب السوداني بمنح هذا النظام فرصة أخرى لإكمال مشروعه التدميري للبلاد ، فالتحرك نحو الانتفاضة الشعبية بات ضرورياً الآن أكثر مما مضى لاجتثاث هذا السرطان من جسم الوطن ، تكاملاً مع محهودات أبناءهم في الجبهة الثورية السودانية اللذين يواصلون ليلهم بنهارهم ويقدمون مهجهم رخيصةً لأجل هذا الهدف السامي .  أما لاقطاب النظام  الحاكم فتذكرة أخيرة نوجهها لهم بأنّ السانحة لا تزال أمامهم لمراجعة أنفسهم والوقوف عند هذا الحد من التأزيم  الذي أدخلوا البلاد فيه وذلك بان يعيدوا أمرها طوعاً إلي الشعب السوداني ليتدبروا أمرها بأنفسهم بشيء من الحكمة والدراية السياسية علهم يتمكنوا من إعادة اللحمة بين أطرافها أو في اقل تقدير إنقاذ ما انقاذه مما تبقى من أجزاءها .
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *