دارفور .. رأيت بأم عيني مجزرة القرجي قرجي!/حامد حجر ـ دارفور ـ أووم

البغدادي  كان ضابطاً سودانياً معتداً بنفسه ، متطوعاً في رابع أقوي جيش في العالم ، حسب التصنيف الغربي لجيش العراق عقب حرب الثمانِ سنوات مع إيران ، كان ضمن زووالقبعات الحمُر ( ق خ ) ، التي يقودها بطل القادسية ، اللواء أركان حرب قوات خاصة بارق عبدالله حاج حنطة .

يقول البغدادي ، رأيت كيف صَبرت المعارضة الكردية في الشمال لهجمات قوات الحكومة في بغداد وخاصة مأساة قرية حلابجة ، كما تحمل المعارضة في الجنوب ، خاصة فيلق بدر هجمات الجيش الحكومي في الأهوار ، وشرق بدرة وجسان بأتجاه دهلران في العمق الإيراني . يقول هذا الضابط وهو ينتمي الآن لجيش حركة العدل والمساواة السودانية الجديدة ، ويقود أحد تشكيلاتها اليوم ، قال بأن ما رآه من أهوال جراء قصف طائرات حكومة عمر البشير في الصيف الماضي لآبار منطقة ( القرجي قرجي ) جنوب شرق جبل مون لفاق عدد ضحاياها من قتلوا في الحلابجة الكوردية.

مجرمٌ النظام في الخرطوم ، وإلا كيف تسولت لها نفسها بأن تبيد عشرات الأسر في بئر طويل والقرجي قرجي في صبيحة العاشر من شهر مايو الماضي ، والقصة تبدأ بأزيز طائرة الأنتينوف في منتصف الليل ، ويطلب قائد الطائرة بصوتٍ واضح  ، علي أجهزتنا للتصنت ، يطلب من المُصَحح الأرضي رقم ( الجي. بي. أس ) ، خاصة البئر وما حولها ، دقائق تمر ببطئ وقائد الطائر يحاول تحقيق هدفه الإجرامي ، ثم بريق وهاج يومض ليحيل ليل غرب دارفور إلي رابعة نهار ، ثم دوي إنفجار يصعق القلوب ويبلغ بهم الحناجر ، يا للهول! ماذا فعلت الطائرة ، إنها قد ألقت بأطنان من القنابل التي تحتوي علي مادة الـ( تي. أن. تي ) ، ولربما قنبلة إرتجاجية والفسفور الأحمر المُحرم دولياً ، ولم تنقطع ازيز الطائرة بعد ذلك ، بل عكفت تمطر الأرض ما وسعها من متفجرات وقنابر .

هرّولنا بإتجاه صراخ الأطفال الجرحي ، ( الكلام للبغدادي ) ، مع شعاع الغسَق ، والضياء الأول لصبيحة الحادي عشر من مايو  الدامي ، عشرات الأسر من الضحايا ، أطفال مفزوعين يولولون وعيونهم الخائفة لا تهتدي بين الجثث علي حبيب أو قريب ، لأنها ببساطة تحولت الأجساد الآدمية إلي أشلاء مبتورة ، مشوهة ، تلك جثة أُم للأطفال ترقد بسلام وقد فارقت الحياة فشظايا الأنتينوف قد جعلتها بنصف جسد ، رجلين مبتورتين وانفٍ دامٍ نتيجة لقنبلة إرتجاجية أصابتها وعائلتها في مقتل.

الحاج داؤد مسكين يندب حظه  ، لقد فقد كل عائلته المكونة من ثمانية أفراد ،  زوجته وامه ، وخمسة  أطفال أصبحوا بين  الجداث ، وتحولت أجسامهم  الصغيرة إلي مجرد لحم مثرود ،  جنود حركة العدل والمساواة  الذين أتو للتو إلي المنطقة لإسعاف الأهالي ونجدتهم  بإنتشال الجثث  من بين الحيوانات  الهالكة من أبقار  وأغنام وجمال ،  بل حتي الكلاب لم تسلم من هذه الغارة الجوية الغير متوقعة من قبل المواطنين  الرعاة من كل القبائل  ، التي وردت بئر قرجي قرجي ، ولم يكمل البعض الآخر من الأسر سقيها فخيمت في مكانٍ غير بعيد من البئر لعلهم وفي صبيحة اليوم التالي يستطيعون سقي المراح ، ويتسني المغادرة إلي مروج دارقمر الخضراء. أنتهت أمانيهم إلي خيمة حزن تغطي المكان ، تلك كانت هدية وزارة الدفاع لبلادنا إلي مواطنيها عشرات القتلي ومئات الجرحي. الدكتور الواثق بالله مدير ركن الطبابة في الحركة وهو بالمناسبة من الولاية الشمالية ، يجري في كل مكان موجهاً بإنزال الضحايا هنا وهناك لإستكمال الإسعافات الأولية الفورية ، وموارة الجثامين مسواهم الأخير.

إنه لعرس مأتمٍ كبير ،  ولأن الضحايا كثرٌ ومن  كافة القبائل ، جعلوه ماتماً واحداً ، فحضر المعزين من بني الحسين والقمر والزغاوة والمسيرية جبل ، الإيرنقا ، الرزيقات ، البرقد ، التاما ، البرتي ، والهبانية ، المعاليا ، ميدوب ، مساليت ، ميما ، فور ، ودينكا ، زيادية ، وقبائل أخري كثيرة لم ناتي لذكرها لضيق مساحة الصفحة. 

قد  لا يصدق الكثير من المواطنون  في غير دارفور ،  بأن الرئيس عمر البشير يشتري بحر مال الشعب السوداني أسلحة فتاكة ، ليقتل بها المواطنين بأعتبارهم مذنبين طالما يقطنون دارفور ، هذه هي  جريرتهم التي يجب حسب عمر البشير تقتيلهم ، وإلا ما ذنب المدنيين الرعاة ، ولماذا لا تحميهم الحكومة بلادنا بدلاً من إبادتهم؟. كم تكفي من الدولارات لشراء أدوات الموت في القرجي قرجي والبير طويل؟ ، أليست كثيرة إنها تدفع ببساطة من جيب الشعب ، وكل يوم يتصاعد فيه ديون السودان ارقاماً فلكية ، وبالمليارات الثمان والثلاثون ، التي ستكون لزاماً علي الأجيال القادمة من أولادنا مستحقة الدفع إلي دائنيها ، إذن من الذي سَمح لعمر البشير ، والسُفهاء في حزب المؤتمر الوطني لتبديد أرواح وأموال الناس بهذه الطريقة ؟ ألسنا مواطنين واعين لقضايانا السياسية والإقتصادية؟ لماذا لا نقول للبشير وزمرته كفي تلاعباً بمقدرات الشعب؟ هيا معنا في حركة العدل والمساواة السودانية ، لنطرق بقبضتنا علي الطاولة ، ونعلن أن بالهيكلٍ سارقٌ وقاتلٌ ، إسمه عمر احمد البشير ، يجب أن يصار إلي محاكمته لدي العدالة ، وبإرادة الشعب السوداني ، فإن إنهيار النظام السوداني أشبه بأنهيار العراق ففي العام تسعين كانت الظروف مشابهة وجور النظام علي المواطنين في الشمال ( الأكراد ) والجنوب ( الشيعة ) ، أصبح ليس من الممكن السكوت عليه ، فقد طفق الكيل ، وإزدادت الحلكة ، وعلي الوطنيين السودانيين إلتقاط الفرصة التأريخية للنصر علي الطاغية في الخرطوم وإلي الأبد ، وذلك من خلال دعم حركة العدل والمساواة السودانية ، الرائدُ الذي لا يُكذبكم .

إذا كانت الأخطاء التأريخية  بحق الشعب هو من أودي بالنظام في العراق ، فما الذي يتوقعه النظام في الخرطوم  طالما ذهب في الطريق نفسه ، نحن الآن في القرن الحادي والعشرون ، غير مسموح لأحد ما التصرف في حقوقنا المشروعه ، ونحن مواطنون نتساوي مع الرئيس البشير ، وأبو البشير ( زاتو ) ، في حقوق المواطنه ، لن يسلبنا حقنا في الحياة ، والتعبير والمطالبة بالحقوق المدنية ، من هنا فإن ما حدث في دارفور من مجازر ، وموضوع  المقال ( مجزرة قرجي قرجي ) ، شاخصٌ ولدينا الشهود من أسر الشهداء والضحايا الأحياء ، يجب أن نقف بجانبهم ونرد لهم حقوقهم الغير قابلة للتصرف لأنهم أولياء دم.

في  وقت سابق من تأريخ ثورة الهامش ، فقد رفض بعض الطيارين القيام بدور القاتل لأهله فتم إعدامهم ، فسجلوا موقفاً وطنياً ، بينما هنالك البعض من النفر من الطيارين مازالوا ، يرتكبون المجازر في طول مساحة دارفور وعرضه ، يجب أن يصحي وطنيتهم ليروا الأمور كما هي علي الأرض وليس فقط القذف بالألاف من القنابل من علوٍ شاهق وإطلاق النفاثة للريح ، أنتم مسؤولون امام أية محكمة إذء جرائم الحرب وسوف نكون وراءكم حتي تحقيق العدالة للشعب السوداني في الهامش الذي ما برح بعض الطيارين المجرمين يقتلونهم منذ سبعة سنوان في كردفان ودارفور ، أرفضو مهنة قتل الشعب ، وكونوا مع أهلكم وأتركوا النظام ينهار لوحده.

حامد  حجر ـ الميدان  ـ أووم ـ الأول  من نوفمبر 2010

[email protected] 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *