حوار صحيفة الأحداث السودانية مع الدكتورجبريل إبراهيم أمين العلاقات الخارجية والتعاون الدولي لحركةالعدل والمساواة السودانية

التقارب الاخير بين النظامين السودانى والتشادى , وسعيهما لإيقاف ما أسمياه الأعمال العدائية من أراضي البلدين خلق واقعا جديدا فى العلاقات بين البلدين , كيف ستتعاملون إزاءه ؟
الأصل في علاقات الجوار أن تكون حسنة قائمة على الاحترام المتبادل و المصالح المشتركة و عدم التدّخل في الشأن الداخلي للأطراف. و العلاقة بين السودان و تشاد علاقة تأخذ خصوصيتها من التاريخ المشترك و الإمتداد الإثني و المصالح الاقتصادية. و بالتالي من الطبيعي أن يعمل الطرفان على تطبيع العلاقات بينهما و إعادة المياة إلى مجاريها. و أرجو ألا تكون نتائج اللقاء الأخير كسابقاتها. فقد خلقت التجارب السابقة هوة سحيقة من عدم الثقة لا يمكن ردمها بحديث المجاملات و تسويد الصحائف، و لكن بجهد دؤوب وأعمال حقيقية على الأرض تثبت جدّية الطرفين. أما حركة العدل و المساواة السودانية فهي حركة وطنية تعيش و تتحرك في بلادها و تقتات من دعم شعبها في كل أركان السودان و بخاصة في دارفور و كردفان؛ و كانت الحركة هناك في دارفور عندما دعا نظام الخرطوم الحكومة التشادية لمقاتلة الثورة بجانبه، و ستبقى الحركة قوية بمواطنيها في مواجهة النظام ما بقيت المظالم؛ بل ستكون الحركة الأسعد إن أبعد شبح الحرب الإقليمية عن أراضي دارفور التي تضرر أهلها كثيراً بوجود المعارضة التشادية التي تعيث في الأرض فساداً، و ما أحداث الصياح الأخيرة عنكم ببعيد. 

الرئيس التشادى ادريس ديبى يسرى حديث كثير عن انكم دعمتموه من قبل امام المعارضة , هل تعتبرون التقارب الحالى يماثل جزاء سنمار لحركتكم ؟
لم نفعل للرئيس إدريس شيئاً رجاء عائد أو مكافأة، و كلما قمنا به هو إجهاض محاولة محاصرتنا من الخلف بفرض نظام مصنوع في الخرطوم في إنجمينا و قد وفّقنا في ذلك و كفى.

معلوم ان حركتكم تتمركز بشكل رئيسى فى تشاد ما هو طريقكم الآن بعد ازالة حالة التخاصم بين تشاد والسودان ؟ هل لديكم رؤية للانتقال الى اراضى اخرى ؟
أنت تنطلق في سؤالك من معلومة مغلوطة عارية من الصحة، و النظام الذي لا يعلم كيف وصلت قوات حركة العدل و المساواة السودانية إلى العاصمة في مايو عام 2008 أعجز من أن يعرف أين قوات الحركة الآن. و حيث أن الاتفاق الأخير يسمح للجنة الفنية بتفتيش أي شبر من الأراضي التشادية تريد، فلننتظر اللجنة لتقول لنا أين هي قوات الحركة في تشاد.
 

هل يمكن للتباحث الثنائي المتمحور حول قضايا امنية عسكرية بين النظامين , ومستجدات القضية ان تؤثر على علاقتكم مع ديبى ؟
كما أكدت لكم سالفاً، قضيتنا التي قامت الثورة من أجلها شأن سوداني داخلي، و محاولة حلها عسكرياً عبر عواصم أخرى لن تجدي فتيلا و لن تزيد الأمور إلا تعقيداً. و يكمن الحل في الإقرار بحقوق الناس بالتوجّه الجاد نحو التسوية السلمية المتفاوض عليها، و ليس للرئيس التشادي شأن بهذا إلا إذا طلبت وساطته. 

هناك حديث عن سحبكم لاموال الحركة من تشاد وتحويلها لاحدى الدول العربية , ما حقيقة الامر ؟
للناس أن يقولوا ما عنّ لهم أن يقولوا، و لكن عليكم أن تطالبوهم بإكمال المعلومة و توفير إجابات مستندية لحجم المبالغ المسحوبة  و المصرف الذي سحبت منه في تشاد و المصرف العربي الذي أودعت فيه و الوسائط التي حولت عبرها! و ليت للحركة أموالاً تتحول من بلد إلى آخر.

 تناقلت الاخبار توترات جديدة حدثت جراء احالتك لعدد من القيادات السياسية للميدان , والاصابع تشير بوضوح اليك بالتصرف فى شئون الحركة وفق ما تشاء ؟
هذه ترهات ينشرها العاجزون و أصحاب الغرض للنّيل من قيادة الحركة و الطعن في قدرات رئيسها بابتسار قرار الحركة في شخص لا علاقة له إلا بشئون ملفّه. فقائد الحركة الدكتور خليل إبراهيم هو رجل صاحب عزيمة و قرار منذ نعومة أظافره. و قد كان قيادياً منذ أيام الطالبية؛ و تولًى الشأن العام على مستوى الوزارة في عدد من ولايات السودان بما فيها ولاية بحر الجبل، و كل الذين عايشوه أو عاصروه يشهدون له بالكفاءة و حسن التدبير وطهارة اليد و اللسان؛ و لم أكن بجانبه في كل تلك الحقب؛ تزوّج بغير رضا الأسرة و خرج من السودان و أنشأ الحركة بإرادته و إرادة بقية زملائه الحرة، و يدير الآن الحركة عبر شورى واسعة يتمركز عمودها الفقري في القيادات الموجودة بجانبه في الأراضي المحررة، و ما صوتي سوى صوت فرد وسط أصوات القيادات التنفيذية الذين تجاوزوا الأربعين عدداً.

أما الحديث عن إحالتي لبعض القيادات للميدان فهذا سلب فاضح لإرادة القادة المذكورين و إساءة بالغة لهم من قبل قائليه. فالقيادات المعنية رجال أفذاذ اختاروا طريق الثورة بحرّ إرادتهم و خاضوا المعارك الضارية مع النظام و حرروا منه الأراضي قبل أن أتشرف بمعرفتهم، فمن الظلم غير المبرر أن يقال أن أحداً حملهم على الذهاب إلى الميدان سوى إرادتهم الحرة و قضيتهم العادلة. 

صرح رئيس حركة تحرير السودان منى اركو مناوى بوجود اتصالات بينكم , ما حقيقة الامر , وهل بالامكان ان تصل بكم الى مرحلة توحد ؟
لست على علم باتصالات تمّت بين حركة الأخ منيّ  أركو و حركة العدل و المساواة السودانية- و هذا دليل ماثل على أنني لست صاحب القرار في الحركة- و لكني لا أستغرب مثل هكذا اتصال، فالقضية واحدة و الشأن واحد و لو اختلفت الاجتهادات في مرحلة ما؛ و أشكر للأخ مني موقفه الشجاع  في التضامن مع قوى المعارضة في المطالبة بالحريات العامة و معارضة قانون الأمن الوطني البغيض.

السخط الحالى المبدى من مناوى تجاه المؤتمر الوطنى وتنديده المتكرر فى الاونة الاخيرة بتعثر تنفيذ ابوجا , فى رؤيتكم هل تاخر التقييم , وما مدى تاثير هذا الموقف على مسار التفاوض بينكم والحكومة السودانية ؟
لم يكن الأخ مني أركو بدعاً في التذمّر من تلكّؤ المؤتمر الوطني في تنفيذ الاتفاقات، فالنكوص على العهود و الارتداد على الأعقاب ديدن راسخ لدى المؤتمر الوطني. و هذا أسّ البلاء في إدارة شأننا الوطني.

أما عن تأثير التوتّر في العلاقة بين المؤتمر الوطني و حركة تحرير السودان جناح الأخ منّي فالحديث عنه سابق لأوانه لأننا لا نستطيع التنبؤ بمآلات هذا الخلاف. و لكن الثابت عندي أن مجموعة الأخ منيّ جزء من هامشنا السوداني الذي نفاوض عنه، و لا أحد ينوي غمطهم حقهم في معادلة التسوية النهائية. 

مفاوضات الدوحة المقبلة , هل من الممكن ان تصلوا فيها لحلول مثمرة , وما هى الاسباب الحقيقية للتاجيل المتكرر , خصوصا وان الوساطة تضع اللائمة علي الحركات ؟
الوساطة ظالمة إن وضعت اللوم على طرف واحد، و لا أملك هنا حق الحديث عن حركة أو فصيل آخر خلا الحركة التي أنتمي إليها. أما فيما يلينا فلم نتخلف أبداً عن لقاء دعينا له، و قد أبرمنا في فبراير الماضي اتفاق حسن النوايا مع النظام، و التزمنا بما علينا في الوقت الذي رفض فيه النظام تنفيذ أي بند منه ومع ذلك قبلنا بالعودة إلى طاولة المفاوضات. فلا يستطيع إذن إلا مكابر توجيه أصابع الاتهام في تعثّر المفاوضات تجاهنا؛ و لا أدري إن كانت هنالك مفاوضات فعلية ستبدأ في الموعد المضروب من غير حسم بعض الإشكالات القائمة مثل أطراف التفاوض و دور المجتمع المدني ..الخ، كما أن النظام مشغول بأمر الانتخابات و ضمان الفوز بها في كل الأحوال، و لا وقت له لمفاوضات الدوحة التي يذهبون إليها من باب العلاقات العامة. و دليلنا على ذلك طريقة تكوين وفدها إلى الدوحة. فالغالب الأعم من عضوية وفد النظام لا يمتّون إلى مواقع القرار فيه بصلة، و تنحصر مهمتهم في ثبات إدعاء النظام أن أهل دارفور على خلاف كبير في مطالبهم لا غير.

اقصاء الحركات الاخرى من التفاوض , دائما ما تتحدث الحكومة عن انه مطلبكم الثابت , لماذا تصرون على ابعاد الاخرين بما فيهم المجتمع المدنى الدارفورى من طاولة التفاوض ؟
الذي تقوله حركة العدل و المساواة السودانية هو أنها لسيت مستعدة للجلوس إلى طاولة مفاوضات يتعدد فيها أطراف المقاومة في مواجهة طرف موحّد من جانب النظام لأن ذلك أسهل السبل لهزيمة القضية و إضاعة حقوق الناس و بخاصة إذا كانت بعض هذه الأطراف ترتبط بالنظام بحبل سرّي و على استعداد للتوقيع على صحيفة بيضاء إرضاءً لها، كما ترفض الحركة أن تتعدد التوقيعات في الاتفاق من طرف المقاومة ليجد النظام ضالته في تمييع الاتفاق و التحلل منه لحظة توقيعه و اضاعة دمه بين القبائل الموقعة.

أما بشأن مشاركة المجتمع المدني، فحركة العدل و المساواة السودانية هي أول من ابتدر الفكرة و دعا إلى عقد اللقاءات الحاشدة في الجماهيرية الليبية التي اعترضها النظام و سعى لوضع المتاريس أمامها، كما استصحبت الحركة وفداً من المجتمع المدني و عدداً من المستشارين منهم طوال جولات أبوجا. فنحن في الحركة مع التشاور الكامل مع مجتمعنا المدني. و لكننا نرفض أن يستخدم المجتمع المدني لتحويل الصراع مع المركز إلى صراع بين أهل الهامش أنفسهم. كما لا نعلم عن نزاع مسلّح فاوض فيه مجتمع مدني. و لا ندري كيف ينتزع مجتمع مدني يعيش في كنف النظام و يسافر بإذن منه، حقوقاّ من ذات النظام  الذي يعلن رفض التفاوض مع من لا يحمل السلاح. 

الانتخابات العامة تبقى عليها أربعة أشهر , وبها سيتم تشكل خارطة سياسية جديدة , لستم من ضمنها ” اقله فى الوقت الحالى ” , ماهو تصوركم للمرحلة المقبلة , خصوصا وان العام الجديد حاسم بعد اجازة قانون الاستفتاء وتشكل واقع جديد فى الساحة السياسية ربما يفضى الى قيام دولتين ؟
نحن من حيث المبدأ مع التحوّل الديموقراطي عبر صندوق الانتخابات. كما أننا مع الوحدة الوطنية رغم إقرارنا بحق إخواننا في جنوب الوطن في تقرير مصيرهم. و لكننا لسنا مع انتخابات تقوم في ظل قوانين مقيدة للحريات، و تؤسس على نتائج إحصاء مزوّر، و تستثنى منها أجزاء عزيزة و كبيرة من الوطن في الجنوب و الشمال- بتعريفه التقليدي- بفعل غياب الأمن. فانتخابات محسومة النتائج لا بشعبية الحزب الحاكم و لكن بحاجته إلى البقاء في سدت الحكم لمواجهة المحكمة الجنائية الدولية، و بحكم سيطرته المطلقة على المال و الاعلام و على مفوّضية الانتخابات و لجانها و على القوات النظامية و الجهاز القضائي، لا يمكنها أن تفضي إلا إلى نتائج كارثية على الوحدة الوطنية و على مسار السلام و على التحوّل الديموقراطي. و بالتالي لا يمكن لحركة وطنية راشدة مثل حركة العدل و المساواة السودانية أن تقبل بانتخابات تقوم تحت الظروف آنفة الذكر أو أن تحرّض لها؛ و طبيعي أن ندعو إلى مقاطعة مثل هكذا انتخابات، و رفض نتائجها التي لا تعدو أن تكون تحصيل حاصل. و نذكّر القراء هنا أن الغرض الأساسي من إقرار الانتخابات في اتفاقية نيفاشا في منتصف الفترة الانتقالية- و هو اتاحة الفرصة للدكتور جون قرنق لقيادة البلاد حتى يصوّت أهل الجنوب لصالح الوحدة- قد انتفى تماماً بغياب الشخصية الكارزمية لجون قرنق و عزوف خلفه عن ترشيح نفسه لرئاسة الدولة، و الأهم من ذلك صدور مذكرة توقيف الرئيس البشير من المحكمة الجنائية الدولية مما جعل بقاءه في موقعه ضرورة للحؤولة دون تسليمه إلى المحكمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *