جهاد الجُهلاء.. والصفقات الأمنية القذرة.. متى يدرك هؤلاء قيمة العدل الربانية..؟!.

 
جهاد الجُهلاء.. والصفقات الأمنية القذرة.. متى يدرك هؤلاء قيمة العدل الربانية..؟!.
خالد ابواحمد
قبل أيام مضت بينما كنت أتصفح أحد المواقع السودانية إذ لفت نظري خبر بعنوان ” مقاتلو (الحركة الإسلامية) – السائحون- يجتمعون للتعبير عن أشواقهم وحنينهم للأحراش ومعالم مشروع الحركة الحضاري”..
وقفت كثيراً في هذا الخبر باندهاش شديد متأملاً في كل كلمة فيه.. مثل المرء الذي لا يصدق نفسه وهو في المكان المعين ويستبصر مكامن تواجده إن كان في حلم أو في يقظة..تقريباًُ هذا هو الشعور الذي انتابني خلال قراءتي لهذا الخبر المعني باجتماع كبير وقد حدث بالفعل بين من سموا أنفسهم (مقاتلون) يتبعون لجهة اسمها (الحركة الاسلامية) والتي كنت أحسبها قد ماتت وشعبت موتاً واو انتحت جانباً من الأحداث حياءً من الشعب السوداني الذي قتلت منه ما قتلت وأحرقت منه ما أحرق من بيوت وقرى، ونكلت منه ما نكلت من اعترض منهم على ما قامت به وقد لبست ثوباً اسمته (الانقاذ الوطني).
هؤلاء المقاتلون سامحهم الله كأني بهم وأصحاب الكهف الذين عاشوا أكثر من ثلاثمائة سنة ويزيدون لا يدرون ما يحدث خارج كهفهم، هؤلاء المقاتلون هداهم الله وأصبغ عليهم نعمة البصر والبصيرة لازالت لديهم الرغبة في الاجتماع على الشعب السوداني، ليقرروا في مصيرنا من جديد وإن بعضهم قد أعلن صراحةً كفره بالسياسة لكنه يعمل من أجل الحركة الاسلامية..!!.
..نعم زدت معرفةً والحمدلله بأن السودان فيه كهوف ضخمة وبداخلها بشر يُسمُون أنفسهم أبناء الحركة (الاسلامية) ويتحدثون عن مشروعها الحضاري، والأشواق والحنين للأحراش..!!.
لا أدري إن كانوا يتحدثون عن الأحراش التي عشت فيها بنفسي أم يتحدثون عن أحراش أخرى لا أعرفها ولا أعرف الذين كانوا فيها، لكن على العموم إن كانوا يتحدثون عن الأحراش التي أعرفها فهذه حدثت فيها تجاوزات لا تشبه بمن يتسمى بالإسلام ويلبس رداءه من شاكلة اجبار الأطفال على المشاركة في حرب ضروس وأعمارهم ما بين (8 -14)  أطفال في عمر الزهور لم نعرف الواحد منهم إن كان ذكراً أو أنثى..!، الأحراش التي أعرفها جيداً وشاهدت أفلامها (الخام ) كانت جنودها يقتلون الأسرى صغار السن، ويحرقون البيوت على من فيها مع صيحات التهليل والتكبير.
هذا فضلاً عن الكثير من التجاوزات التي ستخرج للناس مستقبلاً بالأدلة التي تكشف عن ما يجري في دهاليز دولة الأنبياء الكذبة هؤلاء الذين يريدون أضاعوا البلاد ونشروا فيها الفساد.
 
جهاد الجهلاء
بعد 23 عاماً يخرج علينا أهل الكهف ويتنادون ليعبروا عن أشواقهم وحنينهم للأحراش ومناقشة معالم مشروعهم الحضاري، أكثر من عشرون عاماً وآلة النظام العسكرية تدك القُرى والبيوت بأحداث الأسلحة وتقتل من تقتل.. ولا يرون أن حركتهم الاسلامية هذه قد ارتكبت جرماً في حق أهل السودان الأطايب الشرفاء الذين اشتهروا دون شعوب الأرض بالسماحة والتدين والاخلاق والأمانة، ولم تُساء سمعتهم إلا عندما جاء هؤلاء في ليلة ظلماء استغلوا فيهم حبهم للدين وارتباطهم به.
أن التعبير عن الأشواق للحرب والأحراش ولحظات القتال والتعبير عنها في اجتماع أو في متن خبر صحفي يحمل التهديد المبطن تؤكد جهل القوم بشرعية الجهاد ومفهوم القتال في الشريعة الاسلامية، وبهذا الفهم المغلوط للدين ولشريعته السمحاء تم قتل 300ألف مواطن سوداني في دارفور كلهم يشهدون بالشهادتين والكثير منهم يحفظ الكثير من القرآن الكريم، وليس بينهم يهودي ولا صليبي واحد، قتلوا لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة التي شرعتها الكتب السماوية و القوانين التي تنظيم حياة البشر،
جلدوا البنات على مرمى من الطرقات العامة ..جلد بلا رحمة ظهر فيه الحقد الدفين، أكثر من 40 ألف إمراة تم جلدهن في عام واحد، هؤلاء الذين يريدون توحيد الحركة (الاسلامية) اغتصبوا الرجال والنساء في المعتقلات، لم يتورعوا أبداً في تصفية من يخالفهم الرأي، وبكل أشكال التصفية الجسدية والمعنوية.
بالعنجهية والتّكبُر والعنصرية والجهل والعاطفة السلبية قتل النظام الكثير من السودانيين حتى الساحات التعليمية والجامعية والدينية لم تسلم من بطشهم، إذن  أن مقاتلوا الكذبة الاسلاموية يعيشون في الواق الواق..!!.
هؤلاء لا يقرؤن القرآن الكريم.. وإذا قروء لا يعقلون..لأنهم يٌكررون ذات المصير لأقوام قد سبقوهم من قبل.
(..وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِير)..
 
لعل هؤلاء الحركيين (الاسلاميين) وهُم يتحدثون عن توحيد الحركة (الاسلامية) يرون أن الدماء الطاهرة التي أريقت في الجنوب وفي دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وفي أمري وكجبار ما هي إلا ماء زلال، وأن حكومة المشروع الحضاري قد كرمت هؤلاء الملايين الذيت قتلتهم بأن أراحتهم وقد استبدلت لهم الحياة الدنيا بنعيم الجنة والفردوس وإن كان ذلك حقيقةً لأنهم ماتوا شهداء من أجل الأرض والعرف والشرف.
لكن ما بال هؤلاء المقاتلون يرون أن لهم حركة اسلامية ومشروع حضاري ينتظره أهل السودان..وما بالهم يعدوننا بالجنة والفدروس المقيم..يا بشرانا ويا نعيمنا ويا مستقبلنا المشرق..!!.
يعني أن ملايين أخرى في الطريق من الشعب السوداني الفضل ستموت واقفة..
وأن نساء كُثر سودانييات سيُغتصبن.
,ان قرى وبيوتاً كثيرة ستحرق، وأن بيوت الأشباح التي اعترف بها الرئيس وصلاح قوش ستبنى على طراز جديد يواكب عصر التقنية والمعلومات..!!.
جهاز الأمن (الاسلامي) والصفقات القذرة..!!.
أمس كتبت الطالبة والناشطة شموس الأمين على الفيس بوك بعد خروجها من المعتقل مباشره التي أعتقلت فى وقفة أسر المعتقلين امام جهاز الامن الأسبوع الماضي قالت للذين وقفوا معها لأطلاق سراحها من خلال الفيس بوك “والآن بعد التحايا والامتنان لكم/ن..اقول..تم اطلاق سراحي بعد صفقة قذرة مع عائلتي، تم اجبارهم علي توقيع تعهد لاطلاق سراحي مقابل سكوتي التام أو تشويه سمعتي عبر صور وفيديوهات مركبة إن واصلت نشاطي فيسبوكياً أو كنت حضوراً في أي تجمعات مستقبلية..غير القذارة التي يمارسونها معنا داخل المعتقلات يخضعوننا لضغوط اسرية هائلة,,هؤلاء حثالة البشر وازف اوانهم، وأنا ها هنا في الفيسبوك أو في أي تجمع وسأخرج وسأكتب وجميعنا في هذا الوطن لن نصمت علي انحطاطكم وارهابكم,,لانجونا ان نجوتم”.
وهذا الأسلوب ليس غريباً عليهم البتة وقد مُورس معي شخصياً بواسطة ضابط الأمن الالكتروني المدعو علاء الدين يوسف علي من مجموعة النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه الذين يقودوهم صلاح قوش رئيس المخابرات السابق عندما فضحت فسادهم وممارساتهم اللا إنسانية هددوني هاتفياً وبريدياً وكانوا يكيلوا ليّ السباب بأقبح الألفاظ، وعندما فشلوا في ايقافي عن الكتابة وتعريتهم دبلجوا ليّ شريطاً صوتياً فيه مقطع من صوتي والباقي تقليد وفبركة ونشروا الشريط الصوتي في اليوتيوب وتم تعميمه على الكثير من المواقع الالكترونية لقتلي معنوياً لكن انا لهم هذا..
لم يُمارس هذا الاسلوب مع شخصي فحسب، بل مع العديد من الناشطين ضدهم، وقبل أيام هددوا سودانية أكاديمية تحمل الدكتوراة إحدى كنداكات السودان تنافح عن قضايا الشعب السوداني من خلال عضويتها في موقع سودانيزأونلاين، وقبلها دبلجوا اتصال هاتفي مع الزميل الصحفي الطاهر ابوحريرة من صحفية السوداني وقاموا بتقليد صوت نائب رئيس الجمهورية د. الحاج آدم يوسف، كما ديلجوا أشرطة صوتية كثيرة منها لقيادي بحزب الامة، ولقيادي آخر بحركة العدل والمساواة بعد سقوط منطقة هجليج زعموا فيه أن حركة العدل والمساواة هي التي دخلت هجليج، ويستمر جهاز الامن السوداني في محاولاته اليائسة لاسكات الشرفاء ولحجب الحقيقة عن الناس لكن السماء أقرب إليهم..
 
وتتجدد الأسئلة المُلحة..!
 
برغم أنني أكتب كثيراً عن مفارقات القوم وقد تعايشت مع أخبار فسادهم وإفسادهم وقد عشت من قبل لكنني برغم ذلك أتساءل في نفسي بإلحاح شديد أن الذين يريدون التعبير عن أشواقهم وحنينهم للأحراش ومعالم مشروعهم (الحضاري) الذي شبع موتاً بل رمياً في مزبلة التاريخ…أليس بينهم رجل رشيد..؟؟؟!!.
وعلى شاكلة سؤال الفقيد الطيب صالح التاريخي من أين أتى هؤلاء..؟!!.
هل هولاء يُصّلون كمال نُصلي ويصوُمون كما نصوم..ويعبدون الله كما نعبد..؟؟!!.
هل مقاتلوا الكشرة الكشرية هذه.. يعيشون في الألفية الثالثة..أم في القرون الوسطى..؟!.
هل هؤلاء يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق مثلنا..؟!.
ويشاهدون القنوات الفضائية ويدخلون الفيس بوك ويستخدمون البريد الالكتروني..؟؟!!.
ويتلقون المعلومات الانسانية كما نتلقانا ونحزن ونتأسف ونتحسر على قتلى العراق وفلسطين وسوريا..؟.!.
نعم  أخبار السودان ممنوعة من البث التلفزيوني والصحف والاذاعات المحلية.. لكن ألا يسمعون من أبناء جبال النوبة والنيل الأزرق المتواجدين في الخرطوم عن موت أهلهم هناك بطائرات الحكومة، كما عرفنا نحن من أبناء الجبال الموجودين في البحرين عن قتل أهاليهم وحرق قراهم، وقد سافر البعض منهم للأطئمنان عليهم من فرط الجريمة التي اُرتكبت..!.
 
قيمة العدل..قيمة ربانية
 
أجتمعوا في قاعة كبيرة وجميلة ومكيفة وسط أجواء الأناشيد (الجهادية) ومشاهد عُرضت على شاشة كبيرة مجهزة لهذا الغرض مقاطع من حلقات سابقة لبرنامج (في ساحات الفداء) هلل القوم وكبروا وهتفوا وتذكروا زملائهم الذين غادروا محطة الحياة الدنيا في تلك الأحراش، وهم في قاعتهم تلك..المكيفة والجميلة تذكروا الحور العين فاشتاقوا للجنة.. لكنهم للأسف كانوا يحلمُون، يشتاقُون للجنة وينسون ويتجاهلون أن العدل قيمة ربانية وأن الظلم ظلمات يوم القيامة وأن السكوت على جبروت الظالم وقتله للأبرياء وحرق قراهم في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وغيرها مُحرم في الكتاب بصريح العبارة.
كيف يدخل هؤلاء الجنة  وبني جلدهم  قد تعرضوا لأبشع أنواع القتل والتنكيل…؟.
كيف يدخل هؤلاء الجنة وقياداتهم قد أمرت باغتصاب الحرائر في المعتقلات بل اغتصاب الرجال أيضاً..؟.
كيف يدخل هؤلاء الجنة وينالون الحُور العين وقد صمتوا ولا زالوا يصمتون على أبشع المجازر التي حدثت في الألفية الثالثة..
كيف يدخل هؤلاء الجنة وينعمُون بنعيمها، والمعتقلات العامة والسرية تكتظ بنساء السودان الشريفات العفيفات فضلاً عن الآلاف من المعتقلين من أبناء السودان الأشاوس الذين رفضوا الخنوع والاذلال الذي يمارسه المؤتمر (الوطني)..
بينما أبناء وبنات السودان على نطاق الكرة الأرضية مشغولون بالثورة وأخبار المعتقلين والمعتقلات نجد صفحات  مؤيدي النظام وأبناء الحركة (الاسلامية) على صفحات الفيس بوك بلا طعم  ولا لون ولا رائحة وآخر نرجسية وشوفونية والتعليقات المصطنعة والتغني بالشهداء والتباري في الكذب والمشاعر المتوهمة لأنهم يعيشون في أبراج عاجية منعزلين عن المجتمع السوداني الكبير.
حتى إذا حاكمناهم بما يدعون من اسلام فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول “من لم يهتم بأمرالمسلمين ليس منهم”..!!..
إما نحن مسلمون وهم في الصف الآخر.
أو العكس، لكن في كلا الحالات أن قيمة العدل قيمة ربانية وان العدل من أقوى وأكبر أركان الاسلام، فلا يعقل ألبتة تحكيم الاسلام بدون عدل، لأن الاسلام نفسه هو العدل، والعدل كذلك هو الإسلام فإن الرباط الوثيق بين القيمتين قوي لا يمكن الفكاك منه..لكن هؤلاء المجارمة لا يريدون أن يحكموا بالعدل بل عملوا على ترسيخ نقيضه تماماً ثم يتحدثون عن الاسلام وعن الشريعة..!!.
ومن المفارقات العجيبة أن هؤلاء الظلمة العتاة يصفون كل ما يجري من ثورة في البلاد على أنه عمل الشيوعيين والعلمانيين ويركز اعلامهم المهوس على ذلك بينما يضعون آياديهم مع الشيوعيين في الصين ويأخذون منهم القروض الربوية لتنفيذ مشروعات تنموية وقد ثبت لديهم وقد اعترفوا بأن الأموال ضاعت في البذخ السياسي ولم تدخل في مشروعات حقيقية تقيل عثرة السودانيين من الجوعوالمسغبة، فالسؤال البديهي لماذا تتعاون دولة المؤتمر (الوطني) مع الشيوعيين الصينين 20 عاماً بينماً تحارب الشيوعيين السودانيين في الداخل..!!.
 
ان الله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون..
21 يوليو 2012م
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *