ترشيح علي محمود حسنين

ترشيح علي محمود حسنين
رأي : عادل عبده
الأستاذ علي محمود حسنين في الواجهة من جديد.. الأضواء لا تنحسر عن هذا السياسي الأسطوري، فهو صاحب جاذبية كبيرة وموهبة استثنائية دائماً في مقدمة الركب، يحرك المياه الساكنة ويتولى تفكيك الشفرات والألغاز بشحنات من التنوير ولهيب الوجدانيات.
لقد كان الأستاذ علي محمود خلال الأيام الفائتة على الخط الساخن وهو يخاطب من عاصمة الضباب جماهير الاتحادي الديمقراطي الأصل، بضاحية الحلة الجديدة التي ارتبطت بالقطب العريق محمد أحمد ود الجلال، وهو يستعد في غضون الفترة القادمة للالتقاء بالسودانيين على امتداد المهاجر في عدد من الدول الأوروبية، وقبل ذلك كان حسنين النجم الساطع في مؤتمر جوبا تلهث وراءه الفضائيات العالمية.
لقد سكب حسنين معيار النهج الديمقراطي كوسيلة إستراتيجية للتداول السلمي للسلطة، وظل على الدوام يناهض الخط الشمولي وأجندة الانقسام والجهوية السالبة، ويدعو لاقتلاع الفساد ومناخات التلوث وفتح الطرق لقيام مرحلة سياسية جديدة قائمة على تحقيق الرغبات الأساسية للشعب السوداني، وبالمقابل فإن أي عاقل ومراقب موضوعي لابد أن يدرك البعد المنطقي لإشارات الأستاذ حسنين في ظل المخاطر والمهددات التي تواجه البلاد، والمتمثلة في تطورات الأزمة الدارفورية والمحكمة الجنائية وتحول رأس الدولة إلى مطلوب، علاوة على التوترات المصاحبة لعملية تقرير المصير لأهل الجنوب والتدهور الملحوظ في مجالات الصحة والتعليم والبيئة.
ومن هنا يتبلور سؤال منطقي عن جدوى العملية الانتخابية بكل فصولها في إيقاف ناقوس الأزمة المستفحلة وإبدال الصورة القائمة الى أوضاع إيجابية، فالشاهد أن الانتخابات المرتقبة سواء كانت على مستوى رئاسة الجمهورية وحق تقرير المصير والتنافس على الصعيد الولائي وإلقائمة النسبية ومقاعد المرأة، تعتبر التزاماً باستكمال اتفاقية نيفاشا بخلاف أنها ربما تؤطر إلى ظهور صيغة متفاءلة في الساحة السودانية إذا ارتكزت على الشفافية والنزاهة والبعد عن التزوير والخداع!!
وإذا حاولنا التحديق على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية فإننا نجد المؤتمر الوطني قد حزم الأمر على ترشيح المشير البشير، وهي خطوة متوقعة ومرسومة بوصفه صاحب السلطة المركزية في التوليفة الحاكمة. وفي الاتجاه الموازي فإن قوى المعارضة على وجه الخصوص أمامها خياران، إما الانسحاب المشروط انطلاقاً من توصيات مؤتمر جوبا، أو إيجاد سيناريو محكم يقوم على منافسة البشير في انتخابات رئاسة الجمهورية في حالة توفر مستلزمات الرقابة الدولية المحايدة.
ومن هذا المنطلق فإن الإشارات والإرهاصات تتجه صوب الأستاذ علي محمود حسنين ليكون منافساً للبشير على الكرسي الرئاسي في حالة العدول عن المقاطعة.
فالشاهد أن علاقة حسنين الوثيقة بالمعارضة لا تحتاج إلى كبير عناء فقد كان يقوم بهذا الدور على الدوام بشغف أصيل متجاوزاً الإيماءات الرمادية في حزبه، ولا يستطيع المرء إنكار مساهمة حسنين في تكوين الجبهة التحالفية مع المهدي والترابي ونقد المعادية لسياسات الإنقاذ طول السنوات الثلاثة الماضية، وعلى ذات المنوال كانت مواقفه المشهودة في البرلمان التي انتهت باستقالته.
ويحلو للناخب السوداني أن يشاهد على طاولة التنافس مباراة ساخنة على الكرسي الرئاسي بين البشير وحسنين وكلاهما يمثل منهجاً مختلفاً عن الآخر، ومن هنا تكتسب المعركة مذاقاً وطعماً لا مثيل له على الإطلاق، فالبشير يعكس رؤية المؤتمر الوطني بكل جبروته وقوته وهالته السياسية وزحفه على الانفتاح وارتداء ثوب الوسطية، بينما يعبر حسنين بشكل صادق عن الخط الوطني للحركة الاتحادية بكل أمجادها ومستقبل كوادرها.
ومن المؤكد أن حسنين سيكون خصماً كفؤاً للبشير في الانتخابات الرئاسية، يعطي المنافسة السيادية ألقها ويغلي أوارها كالمرجل.. يدخل البشير المنافسة على الكرسي الرئاسي وإرهاصات فوزه تكاد تكون مضمونة ومقروءة على الشاشة، فهو قد دخل التاريخ في القائمة الأولى من زاوية عدد سنوات حكمه للبلاد، وقد تمكن من إقصاء الترابي وظل يتعامل مع الغرب بأسلوب المنازلة، وحقق إنجازات متروكة للاستقصاء من جانب المراقبين المحايدين.
أما حسنين فإن قدره أنه يحارب على جبهتين هما المؤتمر الوطني والعناصر الانتهازية والغواصات داخل حزبه، بل حتى الذين على قناعة بصحة أطروحات حسنين في الاتحادي الأصل يكتمون الشهادة لمصلحته!! والأنكى من ذلك أن كفاءة حسنين وقدرته السياسية الهائلة جلبت عليه الحسد والبغضاء من بعض بني جلدته، فقد تجسد المشهد الميلودرامي على الواقع عندما حاول البعض داخل حزبه التفكير في مساءلته جراء مشاركته في مؤتمر جوبا.. لكن بقية ذرة من خجل أصغر من رأس الدبوس حالت دون ذلك!!
طبقاً لإفادات القيادي الاتحادي المعز حضرة فإن الهدف من تلك المحاولة هو الإقدام على محو وتقليص النجومية والألق الذي حاز عليه حسنين في مؤتمر جوبا نتيجة لمرارة في نفوس أولئك. ومن هنا دفع الأستاذ طه علي البشير برسالة إلكترونية للأستاذ حسنين في لندن يتبرأ فيها من الواقعة المضحكة والمبكية.
لا ندعي أن الأستاذ حسنين ليس له أخطاء، فالمثل الإنجليزي يقول.. «من يعمل كثيراً يخطئ» لكن بعض شباب الاتحادي الديمقراطي يرون حسنين كأنه يحمل قميص يوسف.. والبديهية التي لا تقبل السجال أن علي محمود سيكون خصماً كفؤاً للبشير في منافسة الكرسي الرئاسي إذا ترشح على المقعد، وتلك حلاوة المنازلة!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *