*بقلم * عبدالرحمن الأمين
[email protected]
في الاسبوع الماضي ، والذي سبقه ، زفت الانباء تقصد جهاز الأمن لزميلين في ساحات الاعلام والرأي ،الصديق المحترف الأستاذ فيصل محمد صالح والزميلة الأستاذة نجلاء سيداحمد الشيخ . الزميل فيصل نقل عبر قناة الجزيرة تحليلا عقلانيا متزنا ضمنه مرئياته بشأن خطاب “الحشرة الشعبية” الرئاسي المنفعل. أيام وتم استدعاؤه لمباني الجهاز . ذهب اليوم الأول وطلبوا منه “الدوام ” عندهم بالحضور صباحا . امتثل وحضر فألزموه كرسيا الي نهاية اليوم .أسبوعان وهو يحضر ليذهب ليحضر ، رتابة مهينة . احسوا بتضجره فحذروه بالويل والثبور وعظائم الأمور ان تقاعس أو تأخر. رفض الاذلال واستطاب منزله فحضروا اليه وأخذوه معتقلا ! مايفرق الزميلة الجسورة نجلاء سيدأحمد الشيخ عن الاستاذ فيصل ، أنها تنسب نفسها الي تخصصها الاكاديمي (محاسبة) وتعترف بممارضتها لأوجاع الوطن عبر كاميراتها التي لا تعرف التثاؤب . ناشطة تتمدد علي الفضاءات الاسفيرية بتميز . تشتم رائحة المأسآة فتهب لتوثق ماجري صوتا وفيلما : حالة ظلم هنا ، انكسار هناك ، حسرة في جهة وحراك في أخري ، ثوان وكله مبذول بسخاء في فضاء الدنيا .
حذقت التدوين التوثيقي فأقبل المتسوقون علي بضاعتها ، وماخذلتهم . مثل فيصل ، طرق بابها من قدم لها أمرا بالحضور باكرا لمكاتب الجهاز بموقف شندي . ليومين كاملين دوامت عندهم باكرا وعادت لأطفالها مغربا .علي غير فيصل فان نجلاء وثقت تفاصيل التفاصيل في ذينيك اليومين .
في 21 مايو نشر موقع ” سودان سفاري ” وهو أحد عنكبوتيات جهاز الأمن، تقريرا سيئ المقاصد والصياغة معا . تحت ماوصف بأنها (أسرار) جاء خبر عنوانه ” حقيقة هذا الصحفي ” واندلق الكذب من الخبر الذي تعلق بالزميل فيصل دون تسميته .قالوا ” القصة الحقيقية التى ثبتت على نحو قاطع، وأصبحت بحق تثير الإشمئزاز والغثيان أن الصحفي المذكور إرتبط عبر صلات مؤسفة ومشبوهة بسفارات و جِهات غربية و أوربية.المؤلم فى القصة أن الرجل كان محسوباً على اليسار ولكنه الآن خلع ذلك الثوب وإرتضي إرتداء ثوب غربي رأسمالي بخيوط وألوان استخبارية مشينة) !
نعم، محاولة ساذجة لاغتيال قامة مهنية سامقة . ولولا ماأصابنا من كدر الترخص برمي الناس بمثل هذه الاباطيل الصبيانية ، لضحكنا عرض فمنا علي صياغة تقول ( المؤلم في القصة ) وكأن الكاتب المتحسر هو لينين بن ماركس !
الزميلة نجلاء حملتنا معها الي مبني موقف شندي بتفاصيل مدهشة فعشنا معها تنقلها من مكان لأخر بدقة تناطحت فيها الحيثيات بالوصف . عرفنا ، مثلا ، ان مكتب التحقيق كانت موجوداته طاولة وكرسين وسرير …..نعم ، سرير في مكتب للتحقيق تستضاف فيه شامخة من أخوات مهيرة ! أيضا ، علمنا ان سطوح المبني هو “كوشة ” للاثاث القديم أحصت منهم 13 كرسيا ….ولنا عودة لهذه الكراسي .
سألت نفسي ، هل الاحتياج لمعلومات عن دولتنا يستدعي التخابر مع دولة أجنبية ؟
محققو الجهاز يتهمون الزملاء فيصل ونجلاء بتملك معلومات ( خطيرة ) من مخبرين وعملاء وطابور خامس وبشر “مدغمسين” ، ماذا سيحدث ان سعينا علنا للتخابر وتجميع معلومات عن من يتجسس علينا، جهاز المخابرات والأمن الوطني؟
باختيارك قراءة هذا المقال ستكون ، شئت ام لم تشاء ، شريكا في ثلاثة مهمات استخباراتية فريدة نقوم فيها بالتخابر مع العدو لفضح هذا الجهاز الذي ماأنفك لايجد الكثير من منتسبيه متعة تضاهي البطش بنا وبزملائنا الصحافيين والشرفاء من الناشطين . وهم بهذه الافاعيل ينكرون علينا حقنا الاصيل في المعارضة والذي تنطق به أرقام الانتخابات التي اعدوها و”خجوها ” وأذاعوها. فقد قال مولانا ابل ألير رئيس مفوضية الانتخابات عند اعلانه النتائج في 26 ابريل 2010 أن الرئيس حصل على 6901690 مليون صوت، من أصل 10114310 مليون لناخبين مسجلين . هذا يعني وجود 3212620 نفس بشرية سودانية بالغة ورشيدة ، رفضت بمحض أختيارها منح ثقتها وصوتها للرئيس ويعارضون انتخابه.ذات هذه الانفس ، حسابيا أواحصائيا ، تماثل كتلتها نصف من انتخبوه تقريبا ! السؤال الشاخص هو : ان هم تنادوا بحقهم “المشروع ” في الفرح بفوزه ، مالهم يغمطون حق الآخرين “المشروع” في الحزن السلمي ، وهو التعبير والجهر بالرأي ؟ بل ، والأنكي ، أن يستتبعوا “اجراءات” فرحهم هذا بالتشفي اللئيم تنكيلا بالحزاني من الخصوم وملاحقتهم أعتقالا ، وقطع معايشهم توقيفا ، وحبسهم واذلالهم ورميهم بكل مفردات قاموس التخوين والعمالة و..و..؟؟
هيا …سنذهب أنا وانت لنتخابر مع سفارات كبراء الاستكبار . اختار فريقنا الاستخباري السفارتين الامريكية والكندية بالاضافة لعنصر أممي …تلزمك نظارة سوداء ولابأس ان احضرت معك الانتباهة أو أي من الاخريات المرفوع عنهم قلم الرقابة لزوم تغطية وجهك ، او اتقاء ضربات الشمس أو لافتراشهم للافطار ! سيشرفنا في الجولة الاستخباراتية عمالقة وحدة الجهاد الاليكتروني ، أرجو الا يكدرك وجودهم . فهؤلاء القوم الافتراضيون تفعل بهم الوثائق والحجج ماتفعله البسملة بالشيطان فضلا عن احتياجهم لنا ليقتاتوا خبزهم وقد أصبحوا الان يتقاضون يومياتهم “بالقطع ” التي يكتبونها وليس بالاجر الشهري جراء الانهيار المالي وافلاس خزينة الدولة النفطية المؤقتة . قليل من الرفق لايضر ، فليطعموا بطونهم وآهليهم بالبصبصة والتجسس مادام ليس لهم من سبيل مع العيش الشريف .
العملية الأولي : الاسم الكودي ( كان اتبرشنا مانتبرش) ..التخابر مع السفارة الامريكية بالخرطوم
عملية ( كان اتبرشنا مانتبرش) ننفذها كطابور خامس مناهض للنظام في عداد الثلاثة ملايين وربع.هدفها الحصول علي وثيقة سرية تبين بوضوح درجة انبطاح جهاز أمننا في تعامله مع الامريكان . نفذها رئيس فريقنا الاستطلاعي الاول واسمه الحركي ( خريج عاطل KHA)
تسلل وتخابر مع العميل الامريكي سرا عند مقهي
http://online.wsj.com/public/resourc…itmoletter.pdf
لنقرأ…..
الوثيقة 1 ورقتان . الاولي مرسلة من جهاز مخابراتنا للسفارة الامريكية والثانية خطاب علي ترويسة السفارة الأمريكية تشرح مضمون المرسل . يقول الخطاب الأمريكي المؤرخ في 28 يوليو 2010 والمعنون (الي من يهمه الأمر )
(المستند المرفق تم تسلمه من جهاز المخابرات الوطني والأمن القومي في الخرطوم –السودان. المستند يقدم تفاصيل حول كيف سيراقب جهاز المخابرات الوطني والأمن القومي المواطنين السودانيين الذين تم اطلاق سراحهم من خليج غوانتانامو واعيدو للسودان .
المخلصة
كيرين لاس
ضابط الامن الاقليمي
السفارة الامريكية –الخرطوم السودان)
وماذا أرسل لهم جهازنا …لنقرأ الصفحة 2 :
( قام جهاز المخابرات الوطني والأمن القومي السوداني بتطوير منهجية قياسية للأفراد المرسلين للسودان من الخارج عن طريق التسليم أو غيره من الوسائل .بالتنسيق مع بلد المغادرة ، فان الجهاز يقابل الشخص في المطار ويعتقله عند وصوله. ومن ثم يتم أخذهم الي جهة مؤمنة تابعة للجهاز حيث يخضعون لتقييم نفسي وتقييم طبي وتجري معهم الاستجوابات وفقا للجرائم التي تم اعتقالهم بسببها في البلد الذي أتوا منه . اذا ماتقرر ان الشخص يحتاج لعلاج نفسي أو طبي ، فان الجهاز سيوفر الرعاية المطلوبة في الجهة المناسبة وسيعمل الجهاز بشكل لصيق مع المهنيين هناك من اجل التحقق بأن الرعاية المطلوبة تم تقديمها وان الشخص في أمان طيلة فترة العلاج . السودان له دور متخصصة لتقديم الرعاية النفسية الشرعية في الاجلين الطويل والقصير بالاضافة لتقديم رعاية طبية مأمونة في الاجلين الطويل والقصير .
اذا أوضحت المقابلات ان الشخص يحمل افكارا متشددة ، فانه سيوضع في برنامج موجود أصلا للتأهيل يقدمه الجهاز . هذا البرنامج مشابه جدا للبرامج المستخدمة في عدد من بلدان الشرق الاوسط ويتضمن التعليم ، المهارات الوظيفية التدريب ونصائح الزواج ( بما فيها ايجاد الشريك الملائم )والنصح المضاد للتطرف ويقدمه أئمة وعلماء اسلاميون محترمون جدا . يشرك المخابرات الوطني والأمن القومي أسرة الشخص في هذا النهج واتضح ان مشاركة الوالدين والابناء لها أثر عميق جدا في تأهيل الفرد .
بمجرد اكمال الفرد بنجاح لبرنامج التأهيل ، ويقرر الجهاز انهم ماعادوا يتبعون ايديولوجية متشددة ، يطلق سراحهم وتتم مراقبتهم عن كثب . يقوم الجهاز بالحاقهم بوظيفة ويوجههم للعبادة في مساجد معتدلة مختارة ومجازة . يقوم الجهاز بتشكيل فريق استخباري لمراقبة الشخص ويستخدم ايضا مخبرين في مكان عمل الشخص والمسجد لتقييم تأهل الشخص حقا . يجري الجهاز مقابلات منتظمة مع الشخص وأسرته للتأكد من ان الشخص مستمر علي جادة الطريق الصحيح . بامكان الشخص ان يطلب لقاءات اضافية مع العلماء والائمة والاطباء النفسيين اذا ماأحس بأنها ضروية وسيرتب جهاز المخابرات الوطني والأمن القومي مثل هذه اللقاءات للشخص. يقوم الجهاز ايضا بمراقبة هاتف وايميل الشخص . اذا أجري الشخص اتصالا باحد المتشددين المعروفين أو شوهد يقرأ مؤلفات متطرفة أو ادلي بتصريحات متشددة فان الجهاز سيعتقلهم ومن ثم يبدأ برنامج التأهيل مجددا من البداية .
مؤخرا فان تقييم جهاز المخابرات الوطني والأمن القومي لبرنامجه التأهيلي أظهر انه فعال بما نسبته 85 % . هناك لجنة مشكلة من كبار ضباط الجهاز هدفها مراقبة البرنامج وتقييم الاليات الاجرائية بشكل مستمر . الضباط الجهاز المشاركون في البرنامج ملتزمون به جدا ويعكفون علي دراسات متقدمة في علم النفس ودور الاصلاح . يعمل الجهاز مع عدد من الشركاء المتخصصين في تبادل الاراء والافكار بهدف تحسين وتطوير البرنامج .)
انتهت الوثيقة ، لتبدأ أسئلة منطقية هامة ذات صلة ……
لماذا يتبرع جهازنا ويطلع الامريكيين علي كل هذه التفاصيل الدقيقة لمنهجية عمله ( بغض النظر عن صحتها ) ؟ أليس هو جهة رسمية سودانية ذات سيادة من حقها التعامل مع مواطنيها المحررين كما تشاء مادام انهم في وطنهم بعد 6 سنوات عجاف من الاسر؟ اذا كانت المعاملة بالمثل تستدعي اصدار مثل هذه الرسالة ، هل أطلعنا الامريكيون شيئا عن أسرانا ابان اعتقالهم والتهم الموجهة لهم؟ هل أشركونا معهم في ماتوفر لديهم من أدلة جنائية ضد مواطنينا الابرياء في غوانتاناموا ؟ بل ، لماذا ارتهنوهم في الاسر أصلا بلا محاكمات طيلة تلك السنوات ؟ لماذا لم يسمحوا لدبلوماسينا أو أمننا أو أقارب المسجونين بزيارة المعتقلين في تلك الجزيرة الموحشة ؟ ألم يرفضوا منح ذوي الاسري حتي مجرد تأشيرات دخول سياحية عادية لأمريكا رغم التوسلات المتكررة لوزارة خارجيتنا ؟ وبما ان اطلاق سراحهم كان قرارا أمريكيا صرفا ، لماذا اذن نشاركهم قرارنا في الكيفية التي سنعامل بها مواطنينا خاصة وانه لايوجد فيهم من حوكم أو سلم لنا بشرط استمرار حبسه لاستيفاء ماتبقي من محكوميته ؟ ثم ، مادام انه لا توجد بيننا وواشنطن اتفاقية تبادل للمجرمين والسجناء بل ولا حتي علاقات اقتصادية طبيعية ، لماذا نبتدر “سابقة ” اطلاعهم علي مالايخصهم مما يمهد ويشجعهم لاستجوابنا “مستقبلا” في الأمور المشابهة ، فنخسر المزيد من سيادتنا؟
ثم هذه الاسئلة التحليلية …..
لماذا أفرجت السفارة عن هذه الوثيقة بل وعنونتها (الي من يهمه الأمر) وتركتها علي قارعة الانترنت لكل من ملك حاسوبا ؟ أليس في هذا اشهار علني بان السفارة غير معنية بهذه التفاصيل بدليل أنها لم تتكرم بمنح الرسالة أي تصنيف دبلوماسي لائق من شاكلة (سري للغاية ، سري ، مصنف ، غير مصنف الي أخر القائمة )؟لماذا اختارت السفارة التوصيف الهلامي (الي من يهمه الأمر) ، فساوت قيمة مستند جهاز أمننا بأي ورقة من شاكلة شهادات التعريف التي تتشفع بها السيرة الذاتية للعاطلين الباحثين عن عمل ؟ اذا كانت السفارة الامريكية لا تهمها مثل هذه المراسلات عديمة القيمة ، وهو مايتبدي بجلاء، كيف يفشل جهاز (مخابرات وطني وأمن قومي ) في معرفة أمور بديهية من نوع ما يستحق أن يرسل وما لايرسل لضيوف بلادنا ، فيوفر كبرياؤه المهني والوقت المهدر في صياغة مثل هذه الاحاطة ؟
وننتقل لدرجة أعلي في سلم التحليل …..
هل يعتقد عباقرة الجهاز أن سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم مصابة بمتلازمة غباء التوحد الدماغي وانها لاتعرف (الكيفية) التي يتعامل بها الجهاز مع معتقليه ؟ أو أنهم يصدقون كل ما يرسل لهم ؟ الا يعلم الجهاز أن لهذه السفارة ،بالذات، عيونا وأياد مزروعة في الخرطوم حتي وان غاب التمثيل الدبلوماسي كما كان الحال في 1998. هل نسوا كيف تمكن مخبري السي آي ايه( رغم عدم وجود سفارة لهم بالخرطوم يومها ) من حشو جوالين بتراب من موقع مصنع الشفاء وارسالهما سرا للتحليل المختبري في واشنطن ، كما بينت المعلومات المتكشفة بواشنطن بعد قصف المصنع في اغسطس 1998 ؟
ثم نرتفع عتبة أخري ….
هل من دلالات في تاريخ المخاطبة الامريكية : 28 يوليو 2010 ؟
هل لهذا التاريخ وبعض المتلاحقات الخبرية ما يمكن من ارساء اطار تحليلي مواز ؟
في ليلة رأس العام الميلادي 2008 اغتالت جماعة من تنظيم ( انصار التوحيد ) جون غرانفيل الموظف بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وسائقه السوداني عبدالرحمن عباس ، رحمه الله ، بحي الرياض. بعد 5 أشهر وصل للخرطوم الزميل سامي الحاج ، مصور قناة الجزيرة (1 مايو 2008 ) وهو أحد المعنيين بالرسالة المذكورة .لكنه غادر للدوحة بنهاية الشهر ( 31 مايو ) للعمل والاقامة في موطنه البديل الذي “قطرنه”.
في 24 يونيو 2009 صدر الحكم باعدام الجناة الاربعة من جماعة انصار التوحيد . وبعد أقل من شهرين ، 13 اغسطس 2009 ، صدر قرار مفاجئ باقالة الفريق قوش من رئاسة الجهاز ، وهو خارج البلاد ، وتولي نائبه المهندس محمد عطا ادارة الجهاز .
السؤال هو: هل حملت رسالة الجهاز للسفارة ، والرد الامريكي عليها ، أي مغازي استلثية لا تري بالعين المجردة ؟ هل أراد الفريق عطا التخفيف من ردة الفعل الامريكي بعد الهروب “غير المقنع ” لقتلة غرانفيل من سجن كوبر في 12 يونيو 2010 نتيجة التلكؤ في تنفيذ حكم الاعدام ولعام كامل ؟ هل أراد أن يقول بأن الجهاز سيظل علي “تعاونه ” مع الامريكان ، كما الحال أيام قوش ؟ ألهذا جاء الرد الامريكي باردا ومماثلا لعبارة “شكر الله سعيكم “؟ هل كانت الرسالة محاولة من ادارة الجهاز الجديدة اختراع مناسبة تواصل مع السفارة ولو باثاره موضوع قديم ؟ فيومها كان الزميل سامي ورفاقه قد أكملوا عامين في أحضان أسرهم ! اذن ، ماقيمة الحديث عن الكيفية التي “سيتعامل “بها الجهاز مع الغوانتانامويين وهم في بيوتهم ومقار عملهم وقد دارت حياتهم زواجا وتكاثرا ؟
سنترك التحليل فامامنا مشوار تخابر آخر مع السفارة الكندية في شارع افريقيا سعيا للحصول علي قصة ظلم تحكي ظلم السوداني لأخيه السوداني عندما ينهض الشقر مستقويين بالجهاز ضد السودانيين فيقوم الجهاز بالمهمة بأكثر مما طلبوا ، لا يراعي في مواطنيه المسلمين الا ولا ذمة !
العملية الثانية: الاسم الكودي ( تنبطحون ) ..التخابر مع السفارة الكندية بالخرطوم
تحركت عنصرنا في الطابور الخامس ، واسمها الحركي (بت الجيعانين والمرضانين BJM)
وتخابرت مع العدو الكندي وحصلت علي وثيقة الظلم الصارخ في منتزه عائلي عنوانه
http://www.theglobeandmail.com/news/…icle680695.ece
دليلنا في (تنبطحون) تقريرا صحفيا بصحيفة ( قلوب أند ميل ) .توثيق مطول لمراسلها بول كورنيق بتاريخ 28 أبريل 2008 نشر بعنوان ( دعاوي الارهاب تعلق كنديا بالخرطوم ).
قصة مؤلمة بطلها مهاجر سوداني بكندا أسمه أبو سفيان عبدالرازق (50 عاما الان ) . أبو سفيان عمل ميكانيكيا وهاجر لكندا في 1990 . تزوج بكندية فرنسية فحصل علي الجنسية الكندية في 1994 وأقام بمونتريال . كان أبوسفيان رجلا متدينا وفي بحثه عن سبل لكسب العيش عمل لفترة هناك بالرقية الشرعية مترددا علي مسجد السنة النبوية الذي كان يؤمه كثيرون ، وفيهم من انتمي لتنظيم القاعدة. تثبت الوثائق انه لم يكن متشددا وان تعرف علي بعض المتشددين منهم أحمد رسام الذي خطط لتفجير مطار لوس انجلوس عام2000 .
علم أبوسفيان بمرض والدته بالسودان فحضر لزيارتها صيف 2003 مرافقا أسرته الصغيرة ، زوجته وطفلته . .عادت أسرته لكندا وبقي هو ملازما لأمه ، وليته لم يبق !
بعد أيام من مغادرة زوجته الخرطوم وفي ذات أغسطس 2003 ، اختطفه جهاز الأمن من شارع بالعاصمة ! لم يبلغوه بالسبب الا ان المكاتبات بين جهازي الاستخبارات الكندي والسوداني أوضحت انه سجن “بناء علي طلبنا ” كما قالت الوثيقة الكندية التي أطلعت عليها الصحيفة.
قال أبوسفيان أنه أودع سجن كوبر وتعرض للضرب والتعذيب ، كل هذا ولم توجه له تهمة محددة . قال بأنه أضرب عن الطعام بضعة مرات وكلما سأل عن سبب وجوده بسجن كوبر ابلغه جلادوه ان ( الكنديين هم من طلبوا سجنه ).
بعد 4 أشهر من السجن والتعذيب ومأسآة الأم المريضة ، والاسرة البعيدة ، زاره بالسجن محققون كنديون في ديسمبر 2003 وقامت السفارة الكندية بتخصيص زيارات قنصلية واستأجرت له محاميا ، لكن دون أن تقدم له تهمة .
قضي قرابة العام بسجن كوبر وأطلق سراحه ، لتبدأ مأساة جديدة وهي ان السفارة الكندية رفضت اصدار جواز سفر له ليلتحق بأسرته !
في يوليو 2004 ارسلت زوجته 3 ألف دولار قيمة تذكرة العودة جوا . الا ان المشكلة الجديدة هي رفض شركات لوفتهانزا وأير كندا حجز مقعدا له لمغادرة الخرطوم لأنه لا يحمل جواز سفر أو وثيقة سفر اضطرارية لرحلة العودة !
تم اعتقاله مجددا بالخرطوم في نوفمبر 2005 ، وقضي 7 أشهر بالسجن!! اعتقال ثان لمواطن سوداني بدون جرم أو تهمة !
في 2006 أصدرمجلس الامن الدولي بالأمم المتحدة قائمة باسماء ارهابيين من ضمنهم “ود بلدنا” وطالبوا بمصادرة املاكه وادرج ضمن قائمة المحظورين من السفر الجوي.
في الخرطوم ظلت اعين الاستخبارات تلاحقه يوميا في مشاويره ولو للسفارة الكندية للاستفسار عن الجديد بشأن جوازه أو لاستلام ال 100 دولار التي صرفتها له السفارة ليتعيش منها شهريا ، أو لاستخدام هاتفهم للاستفسار عن أسرته البعيدة .
منذ 1999 والمخابرات الكندية تظهراهتماما بالرجل لارتباطه ببعض ممن تحوم حولهم شبهات الانتماء للقاعدة . استجوب بضعة مرات ولم يثبتوا دليلا عليه . بل وانه متطوعا قام بالادلاء بشهادته في عام 2000 ضد أحمد رسام المتهم بالتخطيط لتفجيرات لوس أنجلوس. في الخرطوم أبلغه الدبلوماسيون الكنديون مرارا الا مشكلة ان اراد السفر ، لكن كيف ؟ فهو بلا جواز سفر وموضوع في قائمة حظر السفر الجوي وهم يرفضون اصدار جواز له ، حسب التوجيهات :حلقة مفرغة ظلت تدور.. وتدور .
بالرغم من ان الحكومة الكندية صرفت أكثر من 800 ألف دولار للدفاع عن قرارها بابقائه خارج كندا، الا المحكمة العليا هناك أصدرت حكما مفصليا لصالحه يوم 4 يونيو 2009 أكدت فيه انتهاك حقوقه كمواطن كندي وأمرت الحكومة فورا باستخراج جواز سفر له. وصل الي كندا يوم 27 يونيو 2009 ، بعد 6 سنوات من الظلم والتعذيب – وظلم ذوي القربي أشد مرارة !
في خريف 2009 رفع دعوي ضد الحكومة الكندية يطالب تعويضه 24 مليون دولارعما حاق به من تعذيب في السودان بالاضافة لدعوي 3 مليون أخري ضد وزير الخارجية لورنس كانون لرفضه اصدار جواز له. في 30 نوفمبر 2011 أسقط اسمه من قائمة مجلس الأمن للمحظورين من السفر جوا . هذا القرار أعطي دفعة قوية لمطالباته القضائية بالتعويض لأنه أثبت براءة الرجل من تهم الارهاب التي حاولت المخابرات الكندية الصاقها به . لا تزال هذه القضية الدستورية أمام القضاء الكندي .
لعلنا نختم مذكرين بالجزئية المتعلقة بجهاز أمننا ومشاركتة الفعالة في اهدار حقوق برئ ، بل وظلمه وسجنه وتعذيبه للتقرب زلفي لأهل الحل والعقد خلف المحيطات وأعالي البحار . هل من داع للتذكير بأن أبوسفيان “المظلوم” هو في الأساس مواطن سوداني وفوق هذا كله ، مسلم ناطق بالشهادتين ولولا تردده علي المسجد للعبادة لما سمعنا بمحنته اليوم ؟
هكذا كافأت الدولة الرسالية التي تخشي الله وعقابه واحدا من ابنائها ممن تجشم المشقة للبر بأمه ، فخرج من أرض مولده بعد 6 سنوات من التعذيب والتنكيل بحلق مفعم بالمرارات والعبرات الخانقة -وماأقسي مرارات البرئ المظلوم !
العملية الثالثة : الاسم الكودي ( أسد علينا ) …التخابر مع منظمة العفو الدولية
عنصرنا في عملية (أسد علينا ) وعدنا ، كطابور خامس معارض ، بفضح جرائم جهاز أمننا الوطني. اسمه الحركي (شهيد الصالح العام SSA) اتحفنا بوثيقة من العيار الثقيل. تخابر مع العدو بمطعم عنوانه
http://www.amnesty.org/en/library/as…40102010en.pdf
أتذكرون أفادة الزميلة المدونة نجلاء سيدأحمد ومشاهداتها في سطوح مبني ” اللارفق بالانسان” بموقف شندي وبقايا الكراسي الثلاثة عشر مما أحصت ؟ …..هنا سنعرف سر استهلاك موبليا المكاتب فلها أغراض أخر ليس من بينها الجلوس المتأدب.
الوثيقة هي تقرير من منظمة العفو الدولية (آمنستي انترناشيونال )صدر في 2010 بعنوان ( عملاء الخوف – جهاز الأمن الوطني في السودان ) يقع التقرير في 68 صفحة وتتصدره صورة لزنزانة بائسة في مدينة نيالا ، ان تأملتها أحسست بانقباض رئتيك وحاجتك لشهقة هواء ! يتقدم التقرير اهداء للناشط عبدالسلام حسن عبدالسلام الذي يوصف بانه ( الداعية المثابر لاصلاح أوضاع حقوق الانسان والقوانين بالسودان ) ، وطوبي به من تكريم .يورد التقرير ان المنظمة ظلت مبعدة عن السودان منذ عام 2006 وتقول فيما يشبه ابراء الذمة البحثية ( في مارس 2010 طلبت المنظمة اجتماعا مع سفير السودان بالمملكة المتحدة وكانت منظمة آمنستي تتمني التعرف علي امكانية الحصول علي اذن بزيارة السودان وبشكل أساسي لمناقشة نتائج هذا التقرير مع الاجهزة المختلفة ذات الصلة بالاضافة الي أخطار السفير بالتقرير ومحوره . الي يوم 30 يونيو ، وبالرغم من أن منظمة آمنستي اتصلت بالسفارة بشكل متكرر، الا ان طلبنا لذلك الاجتماع لم يلبي )
لا أدري كيف كان لمثل تلك المقابلة مع السفير ، أو حتي أولي الأمر من رؤسائه بالسودان ، أن تغير من هذا التقريرالصادم أو تؤثر علي محتوياته وقوة الافادات التي حفل بها أوالمقارنات البحثية المفجعة لقوانين الجهاز في 1998 وماتم تعديله بعد اتفاق السلام !
الناشطون الحقوقيون في العالم يصفون زلزلة تقارير آمنستي بما مفاده ( ان رأيت شعار الشمعة والاسلاك في تقرير عن بلد ، فان أيام نظامه السياسي لابد وان تبدأ عدا تنازليا قسريا ) .
بالرغم من صعوبة التخير في كثافة ونوعية المعلومات التي حفل بها التقرير، الا انني تسمرت عند الباب الرابع ويكفيك عنوانه ( التعذيب وغيره من الممارسات السيئة ) . في اولي صفحات هذا الباب يعرف مفهوم التعذيب (ص 30) وفي الصفحة التالية ( أساليب التعذيب التي يستخدمها جهاز المخابرلت الوطني والامن القومي )..وينعقد حاجبك وانت تستطرد في العناوين الفاضحة : العنف والتمييز ضد النساء ( ص 36)، النظام العام وجهاز المخابرات الوطني والأمن القومي ( ص 39)الموت رهن الاعتقال ( ص 43 )، مصيدة الموت -المحاكمات غير العادلة وتجريم حرية التعبير ( ص 49) !
تجد عبارة منسوبة لطبيب في بداية الباب الرابع يقول عن تجربته مع التعذيب ( انك تفقد انسانيتك سواء عشت أو مت ، فالامر ليس له علاقة بذلك ) ..الطبيب هو الناشط احمد علي محمد عثمان المعروف ب”أحمد سردوب”. اعتقله جهاز الأمن في20 مارس 2009. كان يساعد ضحايا الاغتصاب في دارفور التي ينتمي لها وأسهم في الكثير من المبادرات الخاصة . كتب سردوب مقالا في الموقع الرائد “سودانيزاونلاين ” في 2009 ينتقد قرار الحكومة طرد المنظمات الانسانية وطالب بمحاسبة المسؤولين عن جرائم دارفور. بعد نشر المقال تلقي تهديدات وبدأت عناصر الجهاز متابعته وفي 20 مارس عند الساعة 11 مساء وهو بالشارع خارج منزله، قفز رجال من سيارة تايوتا وتحت تهديد السلاح اختطفوه الي جهة مجهولة .قال أنه سمع امرأة تصرخ وتستغيث طالبة ان يتوقف التعذيب . بدأت وجبة التعذيب الشهية الخاصة به وعنها يتحدث (طلبوا مني الانحناء فوق كرسي وأمسكوا بيدي وقدمي بينما قام اخرون بضربي علي ظهري وارجلي ويدي مستخدمين ما يشبه سلك كهرباء.ضربوني بركبهم وبتكرار في اماكن حساسة بينما كانوا يتحدثون عن تقرير الاغتصاب في دارفور واتهموني بكتابته .اشاروا ايضا للمقال الذي نشرته في سودانيزأونلاين باسمي الحركي احمد سردوب.هددوني باحضار امي واغتصابها أمامي .قفز احد الرجال علي مفصل قدمي وركله بقوة ففصله .عندما أحسوا بأنني فقدت القدرة علي المقاومة ، بطحوني أرضا علي ظهري وحقنوني في دبري بسائل اخضر مستخدمين حقنة شرجية . لا ادري ماهو المحلول لكنه كان ساخنا كاللهب الحارق عندما تسرب الي داخل جسمي. طلبت منهم ورجوتهم أن يضربوني بدلا من حقني بذلك المحلول الاخضر .بعدما انتهوا مما ارادوه من حقن ، أعادوني للوضع الأول بالانحناء علي الكرسي . قام شخص بضربي علي رأسي ففقدت الوعي ). قال أحمد سردوب انه لايعرف المدة الزمنية التي قضاها فاقدا للوعي لكنه يتذكر استيقاظه علي صندوق خلفي لسيارة وسمع احد الرجال يقول ( لماذا قتلت الزنديق ؟ كنا نريد ان نعاقبه أكثر ومن ثم نقتله) بقية زملائه ذكروه أن تلك كانت هي الاوامر وسألوا زميلهم ان كان يريد عصيان الأوامر . في الصباح رمي سردوب أمام منزله غير قادر علي الحركة تماما . ويتذكر ان من مروا به كانوا خائفين من الاقتراب منه . فتح احمد سردوب بلاغا وتم فحصه بواسطة طبيب فأيد ماذكره من تعذيب . بعد أيام بدأ في تلقي محادثات هاتفية تهدده بالقتل (سوف نعثر عليك قريبا وسوف نقتلك ) هرب من السودان ويعيش الان بالمنفي!
وقصة أخري …
عبدالشكور هاشم ضرار ، محامي وعضو اتحاد محاميي دارفور . عبدالشكور هو صهر سليمان صندل حجار ، احد قادة العدل والمساواة . في 14 مايو 2008 تم اعتقاله بواسطة جهاز المخابرات والأمن الوطني من مكتبه بامدرمان . اقتاده 30 مسلحا في 3 سيارات . جره من مكتبه وسيطر عليه 10 أشخاص . عصبوا عينيه ورموه في احدي المركبات .تم احتجازه لأربعة أشهر ووصف انه كان يتم تعذيبه بشكل مستمر .قال بأنه أدخل في حبس انفرادي لفترات طويلة .كان باب زنزانته يفتح ليلا
ويدخل حراس ويوسعونه ضربا . في يوم اعتقاله الاول أمضي عبدالشكور قرابة الخمسة ساعات معصوب العينين مواجها لجدار ومن ثم اقتيد للتحقيق .سأله المحققون بعض الاسئلة ومن ثم أجبرونه علي خلع ثيابه . بدأ الضرب وكان الضرب بخراطيش مياه وأسلاك كهربائية .استمر التعذيب الي الساعة الخامسة فجر اليوم التالي .أغمي عليه 3 مرات وتم جره الي المرحاض وفتحت عليه صنابير الماء ليستفيق ..ويتواصل التعذيب . تم استجواب عبدالشكور بواسطة عدد من الضباط خلال فترة اعتقاله .كل الاسئلة تعلقت بخطط العدل والمساواة وعن الضباط الخونة العاملين بالجيش ممن لهم علاقة بالعدل والمساواة .وفي كل مرة ينفي فيها معرفته بشئ ، يعاد تعذيبه .
وصف عبدالشكور بضعة نماذج من التعذيب التي كان يتعرض لها خلال اليوم الواحد . في يوم 17 مايو 2008 ، وهو اليوم التالي للاستجواب الذي أنكر فيه علاقته بحركة العدل والمساواة ، حضر عناصر من الجهاز وباشروا ضربه .استمر الضرب لمدة ساعتين .كانوا 7 رجال ، خمسة منهم بزيهم العسكري واثنين باللباس المدني ، استخدموا ايديهم في ضربه وركلوه بأرجلهم فضلا عن ضربه بخراطيش الماء . في ظهيرة ذات اليوم اخذوه الي سطوح المبني وتركوه في الشمس اللافحة لمدة ساعة كاملة ، يداه مربوطتان خلفه . أحضروه الي غرفة ذات تكييف ساخن وبلا نوافذ .قال بأن الحرارة لم تكن محتملة ولم يكن بالامكان لأي بشر ان يطيقها . بقي في هذه الغرفة لساعات كانت كافية لاصابة بشرته بقشور . بعد ذلك تم أخذه الي غرفة أخري حيث قام بعض رجال الامن بصقعه كهربائيا بتمرير التيار من يديه وأرجله . تلقي 8 صفعات بدءا وكان يتم تحويله من غرفة الصاعق الكهربائي لغرفة الهواء الساخن بتكرار الي الساعة الخامسة مساءا ! عند الخامسة تم نقله الي مكان آخر وتم تجليسه مقابلا للحائط الي العاشرة مساء . في العاشرة مساءا اخذ الي جلسة استجواب . أطلق سراح عبدالشكور هاشم ضرارمن معتقل الامن يوم 3 سبتمبر 2008 . يعيش الان بالمنفي خارج السودان !
هل لاحظتم ان هؤلاء المعذبين كانوا أبرياء ، بدليل أطلاق سراحهم !
خلاصة لازمة :
من مأثورات ماقاله شاه ايران في حواره الشهير مع المحقق التلفزيوني المهاب (مايك والاس)عضو فريق مجلة “ستون دقيقة ” بشبكة سي .بي .اس الأمريكية قبل سقوط حكمه في 1979 اذ سأله والاس لماذا يحتاج لجهاز السافاك ، رد الشاه بسؤال أكثر ذكاءا ( حدثني عن دولة واحدة محترمة في هذا العالم ليس لها شرطة سرية أوجهاز مخابرات وسألغي جهاز السافاك غدا ) . هذا الحديث أكسب الشاة شهورا اضافية وجعل كارتر يصف نظامه بأنه جزيرة استقرار رغم ان الأرض كانت تغلي كالمرجل تحت قدميه .
صدق محمد رضا بهلوي ، فليس هناك من بلد ، غض النظر عن نظام حكمه ، لا يتوفر علي جهاز أمن ومخابرات يحرسه ويحميه .بيد انه يصح القول أيضا ان الانظمة الشمولية والديكتاتوريات الفردية الباطشة لايمكن تصنيفها ضمن منظومة ” المحترمة ” التي افترضها الامبراطور . فلو من سبب رئيس واحد هوي بنظامه وأوقد جذوة ثورة الخميني ، فهو سطوة جهاز السافاك ونشره لسحابة رعب سوداء في بلاد فارس لسنوات طويلة .فمن محاربة حزب “تودا” الشيوعي ، انتقل السافاك لمحاربة الشعب وتفنن في فظائع كسر ارادة الايرانيين والقذف بآدميتهم في البالوعات والمراحيض . تجبر النظام .. فطغي ..فبطش بالناس ودمر حيوات الملايين ، شأنه شأن الماثل أمامنا من الطغيان والجبروت واهلاك الزرع والنسل وكسر عظام الشعب . فالفرعون اما ان يحكم الناس أو يقتلهم ! بيد ان الشعوب المقهورة ، عبر التجارب الانسانية كلها ، تنهض دوما في النهاية فتقتلع الفرعون وماكينة بطشه وتهوي بهما في واد سحيق .اذا انفصل الحبل السري لجهاز الأمن في أي دولة عن أمرين صار نمرودا لعينا : جدية دور القضاء في انفاذ القوانين المتصلة بحقوق الناس وتظلماتهم ، وثانيهما شيوع ثقافة اكرام المواطن ومراعاة آدميته وقيمته البشرية – فأين نحن من هذا ؟
الآن ايها العميل الجديد المتخابر مع العدو : هل من داع لتهمة سخيفة كتلك يرعبونك بها فلا تتتصور نفسك الا جسدا متدليا من مقصلة سجن كوبر والوثائق، التي بسببها سيشنقونك ، ليست طوع بنانك فقط وانما بنان مليار نسمة من مستخدمي الانترنت ….وبنقرة واحدة علي لوحة الحاسوب ؟
درسونا أن اللوري دخل السودان في 1925 فتمرس الأميون علي قيادته وصيانته ، فأبدعوا في المعرفة التطبيقية وتعرفوا علي جزئيات الماكينة كلها وتشخيص واصلاح اعطابها …أما الانترنت، فشأنها آخر ! فهي وان دخلت السودان في أواخر التسعينيات الماضية ، غير انه لايزال في أجهزتنا الأمنية أدمغة حبيسة أميتها الباثولوجية والاعتقاد البالي أن محتويات الخزائن الحديدية معصومة من طوفان (قوقل) …….أو بشر افتراضيون من نسب (شهيد الصالح العام SSA) ،(بت الجيعانين والمرضانين BJM)و( خريج عاطل KHA )..فخلف هؤلاء شعب حقيقي جبلته الفطرة والمعرفة والتجارب علي النبوغ السياسي ، يتابع ويرصد وينتظر موعدا سيأزف قريبا !
[email protected]