باعـت القضـية واستـولت علي الامـوال
وتتعـارك تريـد المـزيد
وفي الشــرق أريافه تمـوت جوعا
د.ابومحــمد ابوامـــنة
بينما تتكاتف الاحزاب السياسية السودانية وتتباحث لايجاد حل سلمي للازمة التي تمر بها البلاد في اطار موقف استراتيجي جامع , وبينما تواجه الكيانات السياسية السلطة, وبينما يتعارك معها شريكها ويزعل حتي مناوي من وقت لاخر, التزمت مجموعة اسمرة الصمت المطبق. ما يدور في الساحة السياسية لا يحرك فيها قيد انملة, كأنها لا تنتمي لهذا الوطن الشاسع.
سلطة الانقاذ تتعرض هذه الايام لمحنة عنيفة, فقد توسعت صفوف المعارضة وزاد التصميم علي ازالة نظام الطغيان والجبروت. اصبح امر تغيير نظام الانقاذ فى الخرطوم في انتفاضة شعبية محمية ضرورة حتمية رغم تهديدات اجهزته الامنية, وها هي قوى المعارضة السودانية تواصل باصرار حملتها الإعلامية والقانونية والسياسية وتجري اتصالات مكثفة بكل السفارات الأجنبية بالسودان، ومنظمات المجتمع المدني في الداخل والخارج مناشدة بضرورة ممارسة أقسى أنواع الضغط على السلطة لاجبارها للمشاركة في ايجاد حل للازمة الحالية, واضعة اللجوء للشارع في اعلي اجندتها.ـ
كل الكيانات تتحاور وتتناقش لايجاد حل يخرج البلاد من محنتها. الا ان قيادة جبهة الشرق قررت اللجوء للصمت كعادتها, فلم نسمع عنها بانها فتحت فمها لتطالب بتحقيق اي من مطالب الشرق, او حتي مناشدة او قل استجداء للسلطة لتنفذ ما التزمت به في اتفاق اسمرة.
هي باعت القضية مقابل المنصب والجاه والمال. استولت علي كل الاموال التي ارسلت للتنظيم من جهات متعددة, منها دول صديقة, منظمات وهيئات متعاطفة. منها مئات الآلاف من الدولارات التي استلمها وسلمها السيد مبروك, وعندما سأل عنها انكرتها.
ان القيادة الاسمراوية تتشاجر وتتعارك فيما بينها, لا لايجاد حل للمشاكل والمعاناة التي يتعرض لها انسان الشرق, ولكن طمعا في المناصب والمال, هرولوا نحوها كما لم يهرول احد من قبل. قالت ان الانقاذ التزمت واوفت بما التزمت به, حينها تزيد الانقاذ من العطاء, وتملأ الحسابات بالدولار.
تناسوا بان بالشرق معاناة, فصحة البيئة انهارت والامراض تنتشر بشكل مخيف, وظهرت الحميات النزيفية في كثير من المدن, والايدز في تزايد مستمر الي جانب الملاريا والاسهال والسل وسوء التغذية, مما دفع لزيادة في الوفيات خاصة وسط الاطفال والنساء. مياه الشرب شحت في القضارف وبورتسودان وفي المدن الاخري, ويدوم انقطاع التيار الكهربائي فيها. ومن المدهش انه تحت هذه الظروف المآسوية ان الانقاذ تتباهي بمنجزاتها وقيادة اسمرة تقرع لها الطبول.
أهل الشرق يموتون جوعا.
يقول طه بامكار في مقاله الخير بسكناب “أن أطفالنا دون الخامسة يموتون بسبب سوء التغذية، وأمهاتهم يعجزن عن الرضاعة بسبب ضعف بنيتهن وجفاف ضروعهن من اللبن بسبب تلك اللعينة الفجوة الغذائية التي رفضت مبارحة أريافنا. النظر الي المشهد والصورة الكلية في الولاية مهم جدا للكتاب الذين يرغبون في تقييم الأوضاع بحيادٍ وبعيدا عن الجهوية والقبلية فالتاريخ لا يرحم. بورتسودان بكل منتزهاتها وكورنيشاتها وطرقها المسفلتة والمضاءة لا تعطي صورة كاملة للولاية. الولاية بها أرياف تموت جوعا.”
بالامس رمت الانقاذ لقيادة الجبهة بجوالات ذرة مدعية محاربة الفاقة, فتكالبوا عليها وتصارعوا, وتبادلوا التهم, ولولا تدخل الجهات الامنية لتصاعد الصراع, وانكشف المستور.
المثل يقول لو تخاصم اللصان لظهر المسروق.
نست القيادة معاناة النازحين واللاجئين وتسهيل عودتهم الطوعية وتأهيل قراهم وتعويضهم للاضرار التي لحقت بهم خلال الحرب, نست الالغام التي تفتك بالانسان والحيوان علي طول الحدود الشرقية, نست اسر الشهداء والمعاقين الذين دمرت الحرب مستقبلهم ومستقبل ابنائهم, بل نست فوق ذلك الغرض النبيل الذي استشهد من اجله الابطال وضحي من اجله المعاقون. المقاتلون رمت بهم الشارع.
ان الانقاذ خدعت اهل الشرق بتلك الاتفاقية المشؤومة, فلا مشاركة فعالة في السلطة تحققت, ولا الاقليم الواحد, ونهب خيرات الشرق لا زال يتواصل واجزاء كبيرة من الاقليم لا زالت ترضخ تحت الاحتلال الاجنبي, والسلطة تسكت مقابل مساندتها لفرض حكمها الارهابي علي المواطنين.
ان كنس سلطة الانقاذ ات لا شك, علي جماهير الشرق ان تتقدم الصفوف لدك نظام الجبروت والطغيان ولبناء سودان الديموقراطية والعدالة, السودان الفيدرالي الذي يحكم فيه ابناء الاقاليم انفسهم بانفسهم, والذي لا مكان فيه للاستعلاء والتكبر , سودان يتساوي فيه ابناؤه بصرف النظر عن الدين واللون والقبيلة, سودان المحبة والاخاء.