المركز الافريقي لدراسات العدالة والسلام: الانتهاكات والاعتداءات على ممتلكات غير المسلمين في السودان في الفترة من 2010 الي 2017

المقدمة :
التاريخ السياسي و الإجتماعي للدولة السودانية حمل تسامحاً وتعايش ديني بين الطوائف الدينية المختلفة، فشهدت مدن السودان المختلفة المساجد والدير والكنائس والأضرحة والقبب وأماكن اخري للعبادة وفقاً لإعتقاد معتنقيها، حيث إنعكس ذلك في التعامل مع المرافق الدينية بإحترام نابع من إحترام حرية التدين والإعتقاد ليس بفعل القانون لكن بالوعي بالمواطنة والحريات، فقد تعايش السودانيون وغير السودانيين في فترات قبل وبعد الإستقلال جنباً إلي جنب، فإلي جانب المسلميين كانت هنالك ولا تزال الطوائف المسيحية المختلفة السودانية وغير السودانية واليهودية التي غادرت آخر أسرة منها السودان في العام —-1985 بالإضافة إلي الهندوس وأصحاب الديانات الأفريقية استقروا في مدن عديدة من سودانين قبل الإنفصال، يعملون في مهن مختلفة غلب عليها مهنتي التجارة والمحاسبة بل امتدت المصاهرات بين جميع مكونات الطوائف الدينية المختلفة في السودان حيث تم التزاوج بين المسيحين والسودانيات منذ وقت مبكر قبل أن يطل الراحل حسن الترابي عرّاب الإسلاميين بفتواه التي تُبيح زواج المسلمة من الكتابي، بل شكلت الكثير من الأحياء السودانية نموذجاً للمصاهرات التي تخطت حاجز الدين، حملت فترة الوحدة العربية أثراً ساهم في مغادرة واسعة النطاق لليهود للسودان كما حدث في بعض الدول العربية، – الإعلان عن قوانيين الشريعة الإسلامية في 1983 شكل تضييقاً علي المسيحيين من الأقباط أدى إلي مغادرة السودان نسبة منهم للتضيق الذي لازم الهوس الديني في في فترة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري، يالإستناد علي تطبيق قوانيين الشريعة الإسلامية وتنصيبه إماماً للملسمين مسنوداً بفتوي من رجال دين إسلاميين بأن مصادرة الأموال المتمثلة في الكحول لا يجوز التعويض عنها، الأحداث التي إقترنت بالمحاكمة الثانية لزعيم الجمهورين محمود محمد طه وإعدامه بتهمة الردة أثارت الخوف من إستخدام القوانيين الدينية للإنتقام والتضييق علي غير المسلمين، فغادر عددٌ كبيرٌ منهم السودان حفاظاً علي أرواحهم ـ بعد إستلام الإسلاميين السودانيين للسطة بدات موجة تضييق أخري تستهدف الطوائف المسيحية محمولة علي دوافع الترويج للدولة الدينية الإسلامية التي تلغي الآخر وتعتبر وجوده يتطلب دفع الجزية، ففي تلك الفترة بدات مصادرة أموال غير المسلمين بقرارٍ صادرٍ من مجلس تشريعي ولاية الخرطوم في العام 1996م، التضييق علي دور العبادة بالإقتحام امتد ليشمل المسلميين كمجموعة القرآنيين التي تُمارس شعائرها وفقاً لطريقة التدين التابعة لمجموعة القرآنيين المسلمة التي تنتشر بكثافة في إقليم غرب أفريقيا، التضييق علي المسيحيين السودانيين المنحدرة أصولهم من إقليمي جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق قد امتد بشكلٍ كبيرٍ في فترة ما بعد 1989م تحت ذرائع الإتهام بالإنتماء إلي الحركة الشعبية لتحرير السودان مما تعتبر فترة تحتاج لتقصي عن حالات الإختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء ،

منهج البحث
يعتمد منهج التقرير علي تناول الإنتهاكات المرتبطة بالمرافق الخاصة بالطوائف الدينية لغير المسلمين من هدم وإزالة والحرمان من التقنين القانوني والفساد القانوني الذي ظل يحول منفعتها لأغراض أخري، بالإضافة إلي التغيرات التي طرأت في الفترة الإنتقالية التي تحولت فيها إدارة المرافق الدينية من المسيحيين المنحدرة أصولهم من جنوب السودان إلي المسيحيين السودانيين بعد الإنفصال بين البلدين في العام 2011 علي ضوء إلتزامات السودان الدولية، الإقليمية والوطنية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى رصد الحالات التي تمت فيها الإنتهاكات شمل منهج التقرير التعامل مع مصادر أولية، ناشطين حقوقيين ومدنيين سودانيين بالإضافة إلي مستندات صادرة من جهات رسمية كالهيئة القضائية السودانية، كما إعتمد التقرير علي مصادر ثانوية كالصحف السودانية الورقية والإلكترونية .

الاطار القانوني
وفقا للدستور السوداني فان المادة 6 تعتبر قرارات الإزالة والمصادرة وإغلاق الكنائس إنتهاك للدستور السوداني الذي ينص على حرية الدين والمعتقد وإمتلاك دور ممارسة العبادة.
المادة 43 (2) من الدستور السوداني يمنع نزع الملكية إلا بموجب حكم قضائي بالقانون وللمصلحة العامة مقابل تعويض عادل وفوري .
• خلفية تاريخية
أرتبطت الإنتهاكات ضد ممتلكات غير المسلمين في السودان بتطبيق الأيدلوجية الدينية الإسلامية سواء في فترة حكم الرئيس جعفر محمد نميري 1996م الي 1985م التي شهدت فترة إعلان قوانين الشريعة الإسلامية ثم فترة الديمقراطية الثالثة 1985 الي 1989 والتي نسبة الي عدم تبني الأحزاب المسيطرة علي الأغلبية الحاكمة لسياسة معالجة الإنتهاكات التي طالت ممتلكات غير المسلمين في فترة حكم الرئيس الأسبق جعفر النميري، إتسع نطاق الإنتهاكات في ظل فترة حكم الإسلاميين السودانيين منذ 1989م إلي الراهن لإستنادها علي فلسفة أيدلوجية هدفت إلي تطبيق الدولة الدينية إستناداً علي مرجعية الإسلام السياسي ، مما سبق يُمكننا الإشارة إلي أن جميع الأسباب التي إستندت عليها الإنتهاكات تمثلت في إستخدام الدين الإسلامي كايدلوجية سياسية ويُمكن رصدها في :

• تأميم الممتلكات و المصادرة غير المسنودة بقرار قضائي
حظر جميع أنشطة غير المسلمين: المرافق الدينية لغير المسلمين شملت في الأساس الأندية التي تُمثل ملتقيات للطوائف ولا سيما المسيحيين حيث لم تعد هنالك دور عبادة لليهود بالسودان” ومن الآثار اليهودية الكنيس الذي كان قائما في المقر الحالي لوزارة الإعلام، لكن لا يعرف ميعاد هدمه على وجه الدقة” ، و بعد إعلان التأميم في عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري الذي حكم ما بين 1969 ـ 1985 تعرضت ممتلكات اليهود للتاميم ومن تم طي الأثر اليهودي بشكل شبه كامل . وكانت النقطة الفاصلة عندما طبق نميري قوانين الشريعة الإسلامية عام 1983، ما حمل اليهود الذين يعمل قسم كبير منهم في تجارة الخمور على هجرات جماعية. وما دفعهم إلى الهجرة أيضا قرارات التأميم التي اتخذها نميري بحق ممتلكات الأجانب عموما. وكان من أبرز المصادرات التي طالت أملاك اليهود :
• شركات أسرة الحاخام “سلمون ملكا” التي كانت تعرف بإسم “جلاتلي هانكي”.ولم يكتف نميري بتأميم شركة الحاخام، بل أمم بيته المطل على نهر النيل الأزرق في الخرطوم، ليكون مقراً لحزبه، تحول فيما بعد إلى مقر لوزارة الخارجية حتى الآن”
في العام 1969م وفي ظل العنفوان الهوسي لتطبيق الأيدلوجية الدينية الاسلامية التي عُرفت سياسياً بالمشروع الحضاري لحكومة الإسلاميين السودانيين بالخرطوم صدر قرار من المجلس التشريعي لولاية الخرطوم في العام 1996 بمصادرة:
• النادي الكاثلوكيي بالخرطوم بحجة إنتهاء مدة إيجارته التي نظم القانون طرق تجديدها، الأمر الذي جاء كرد فعل لقرار مجلس تشريعي الخرطوم في ذات العام علي خلفية الحرب الأهلية بجنوب السودان بأن أصدر قراراً قضي بحظر جميع أنشطة غير المسلميين مما انعكس في مصادرة النادي الكاثلويكي بالخرطوم والكائن بشارع المطار والذي بلغت مساحته 800 مترا مربعا والذي تحول لاحقاً لرئاسة دار الحزب الوطني الحاكم في مخالفة للقانون، فالحزب يجدر أن ينشيء داره بأموالٍ مملوكة له وليس من بالأموال التي تُصادر والتي تذهب في هذه الحالة إلي تصرف وزارة الإرشاد والأوقاف التي يحكمها قانون يبيح بنود التعامل مع الأموال تحت تصرفها ” هذا برغم الإنتهاك الذي صاحب الإجراءات التعسفية في المصادرة “، موقف وزارة الأوقاف والإرشاد آنذاك ظل يتسق مع السياسية الداعمة إلي تديين الحرب والتمييز بين المسلميين والمسيحيين رغم أن تفويضها يذهب إلي عكس ذلك حيث هنالك إدارة مخصصة لشئون الكنائس بوزارة الإرشاد والاوقاف مهامها :-
 متابعة وتنفيذ سياسة الدولة المتعلقة بالكنائس.
 – تسهيل تحركات المبشرين والقس الأجانب.
 – رعاية برامج التواصل الإسلامى المسيحى.
 رعاية حقوق الجاليات المسيحية التى كفلها لهم الإسلام.
• الإعتداء بالحرق علي الكنائس
التعبئة السياسية التي حملها الخطاب السياسي في الإعتداء علي ممتلكات المسيحيين في السودان إستندت علي تصريح رئيس الجمهورية في خطابه في عيد الحصاد بمدينة القضارف شرقي السودان في 2010 بأن بعد انفصال الجنوب لابد من تطبيق الشريعة الإسلامية بدون مراعاة لمشاعر غير المسلميين في إقصاءٍ للمسيحيين السودانيين، و بناء علي ذلك انتظمت سلسلة من الإنتهاكات .
• في15 نوفمبر 2010 تم حرق كنيسة بمنطقة كركوج شرق سنار ، بولاية سنار في ذات يوم بداية التسجيل لإستفتاء جنوب السودان المنصوص عليه في إتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في 2005 م.
• في 28 يونيو 2011، أحرق الإسلاميون المتطرفون مبنى كنيسة تابعة للكنيسة الإنجيلية اللوثرية بالسودان بأم درمان حيث تمت الإشارة إلي المنتهكين بالمجهولين حيث حطموا بعد دخولهم إلي الكنيسة الكاثلوكية بمدينة كوستي بولاية النيل الأبيض تمثال السيدة مريم العزراء وهى أحد الرموز المقدسة بالكنيسة بالإضافة إلي إختطاف إتنين من القساوسة و تعذيبهم إلي أن تم إطلاق سراحهم في 5 فبراير 2012 أفادة المصدر بأنه لم تفقد أى ممتلكات أخرى بالكنيسة وتم فتح بلاغ لدى الشرطة بواسطة المسئولين فى الكنيسة ولم يتم العثور على الفاعلين حتى الآن. هذا وقد وأوردت مصادر بالكنيسة بأن الحادث ليس بمعزلٍ عن حوادث أخرى مشابه فقد تم حرق كنيسة في منطقة ود النيل بالقرب من مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق .
• في 21 ابريل 2012 اعتدي متشددون إسلاميون بالحرق علي الكنيسة الإنجيلية بالجريف غرب وهدمها بواسطة بلدوزر ، وأشعلوا فيها الحرائق في حضور أعداد من الشرطة كانوا يتفرجون علي الإعتداء ظهر اليوم.” وكان العشرات من المتشددين يحملون العصي والسيخ قد فرضوا حصاراً علي الكنيسة، و سبق أن هددت المجموعة من قبل فترة بحرق الكنيسة قبل تنفيذه، وحسب شهود عيان بالرغم من حضور كثيف للشرطة ( 6) سيارات لكنها لم تفعل شيئاً،
• في 16 أكتوبر 2014 تم حرق الكنيسة اللوثرية في مدينة القضارف من قبل متشددين إسلاميين وتم فتح بلاغ ضد مجهول .

تدمير المقدسات الدينية
• في 23 أكتوبر 2012م تمكن مجهولون من الدخول إلى الكنيسة الكاثوليكية الكبيرة بكوستى وقاموا بتحطيم تمثال مريم العزراء بالكنيسة أحد الرموز المقدسة للكنيسة ولم تفقد الكنيسة أى شئ آخر من ممتلكاتها وتم فتح بلاغ لدى الشرطة بواسطة مسئوليين فى الكنيسة لكن لم تُسفر التحريات عن الوصول للجناه.
• و فى إعتداء آخر على كنيسة فى الثورة بأمدرمان هجمت مجموعة من الأشخاص على أحد الكنائس الكاثوليكية وقاموا بالإعتداء على القس فيها وطلبوا منه ألا يصلى بالجنوبيين مرة أخرى. وأكد نفس المصدر أنهم يتعرضون إلى مضايقات من دخول أشخاص إلى الكنيسة ومضايقة الموجودين فيها بحكم ان الكنيسة مفتوحة الاربعة وعشرين ساعة للصلوات وأن الأشخاص الذين قاموا بالإعتداء على التمثال بإمكانهم الإعتداء على الأشخاص وممتلكات الكنيسة حيث لم تقدم لهم السلطة أى نوع من الحماية والحراسة.
تبني سياسات تمييزية من قبل وزارة الإرشاد و الاوقاف تجاه غير المسلميين
الشروط الجديدة المرتبطة بإنشاء الكنائس تعتبر شروط تعسفية لأنها تفترض موافقة جميع سكان الحي أو “الضاحية “بالإضافة إلي موافقة اللجان الشعبية بالمنطقة المعنية وبالنظر إلي تركيبة تلك اللجان نجدها تمثل ذراع الأمن الشعبي للسلطة الحاكمة ويتم إختيارهم بما يتوافق وأيدلويجة السلطة الأمر الذي يعني أن الشرط تعجيزياً، فبدلاً من أن تُمارس السلطات المعنية دورها بنتظيم مرافق العبادة قصدت التحايل وإحالته إلي جهات أخري، بل هذا الشرط لا ينطبق علي المساجد للمسلميين مما يُشير إلي أن الشرط يُعتبر تمييزي ومخالف للدستور الذي تفرض علاقة المواطنة فيه تمتع الجميع بحقوقٍ متساوية سواء من ناحية المنح أو الممارسة أو تحمل الواجبات وإكتساب الحقوق، لكن رغم ذلك ظلت سياسية الحكومة ترفض بناء كنائس جديدة بالسودان حيث صرح وزير الإرشاد و الأوقاف تاج السر الفاتح في 17 ابريل 2013 قائلاً ” لن نسمح ببناء كنائس جديدة ” ، إزاء هذه الظاهرة فقد عمدت الطوائف المسيحية على إنشاء كنائس في الضواحي التي تقطنقها ولا سيما التي لم يطالها التخطيط العمراني بالإضافة إلي الكنائيس التي شيدت بمعسكرات النزوح حول المدن الكبيرة بالعاصمة والتي تم تشييدها بمواد محلية ومؤقته ظل المسيحيين يؤدون فيها شعائرهم لكنها تواجه مشكلة الإعتراف بها من وزارة الإرشاد والأوقاف والتصنيف غير القانوني من وزارة التخطيط العمراني التي ظلت ترفض لفترات طويلة تقنين ملكية تلك الأراضي التي شيدت فيها الكنائس دون مسوغ قانوني بما يرتقي للتمييز في التعامل، فعلي ذات النسق شيدت الطوائف المسلمة مساجد داخل المعسكرات لكنها لم تواجه بالمضايقات أو عدم الإعتراف، إزاء هذه السياسيات ظهر ما عُرف بالكنائس المنزلية وهي تجربة جديدة انتظمت في بعض معسكرات النازحين بإقليم دارفور والتي تدير نشاطها سراً خوفاً من القانون الذي قد يمتد ليلتف علي أفرادها بتهم الردة من القانون الجنائي السوداني.
• انفصال الجنوب واثره
التحولات السياسية التي قادت إلي انفصال جنوب السودان في العام 2011 إنعكس علي مؤسسات الدين المسيحية حيث ظلت غالبية المرافق الدينية تاريخياً تخضع لإدارة أشخاص إنحدرت أصولهم من جنوب السودان، بإكتمال الإنفصال آلت إدارة تلك المرافق للمسيحيين الذين إنحدر ت أصول غالبهم من جبال النوبة أو اقليم جنوب كردفان، لكن لم يتم الإنتباه إلي أن الفترة الإنتقالية بين ذهاب الإداريين و رجال الدين التاريخيين وقدوم الوافدين الجدد تتطلب إستراتجية واضحة لكي لا يتأثر الحال، لكن سرعان ما دب الخلاف الذي بدا بالكنيسية الإنجيلية بالخرطوم بحري بين فريقين يري كل منهما أحقيته في تولي شئون الكنيسة، في هذه المرحلة وجدت وزارة الإرشاد والأوقاف منفذاً للتدخل الحكومي وإصدار قرار عزّز من بقاء أحد الفريقين علي سدة إدارة الكنيسة. التقارب بين هذه المجموعة ووزارة الأوقاف والإرشاد قاد إلي فتح الباب علي مصرعية لظاهرة الفساد التي ارتبطت بالتصرف بالبيع والإيجارة في بعض مباني الكنيسة التي تقع في موقع مميز بوسط الخرطوم بحري، حيث تم تشييد محال تجارية عليها، واجه المعارضون لممارسات الفساد بلاغات جنائية كيدية وتهديديات من بعض الأجهزة الرسمية، ظاهرة الفساد التي إرتبطت بالتصرف غير المشروع في الأراضي مثل إمتدادا لسياسات السلطة الحاكمة التي تعمل علي إزالة مظاهر التدين المسيحي من وسط المدن بالإضافة إلى الإستحواز علي الأراضي التي تقع في مناطق إستراتجية داخل المدن و تمتاز بقيمة سعرية عالية في ظل إرتفاع قيمة الأرض في السودان نتيجة لإنهيار الثقة في النظام المصرفي فاتجه الجمهور إلي حفظ المال في شكل أرض سكنية.

نتيجة لذلك بدأت ظواهر الفساد تطفو إلي السطح حيث حدث إنقسام داخل الطائفة الإنجلية حول إدارة الموارد الدينية وقد شكل إنحياز وزارة الارشاد و الأوقاف أحد الأسباب في تعزيز ظاهرة الفساد التي تشكلت في التصرف في أراضي الكنيسة الإنجيلية التي تحظي بموقع مميز بالخرطوم بحري لبعض المستثمرين حيث تمت إزالة بعض مباني الكنيسة لصالح بعض المستثمرين الذين إمتلكوا مستندات قانونية بما في ذلك منزل القس، ساعد دور وزارة الإرشاد أحد الفريقين إلي تدخل السلطة و فتح بلاغات جنائية، امتد الأمر الي تدمير منزل القس و للكنيسة الإنجلية بالخرطوم بحري.

التعسف في إستخدام قوانيين تقنيين الأراضي
التعسف في إستخدام القانون عبر إستخدام قوانيين منح الأراضي لإثبات عدم ملكية بعض الكنائس لقطع الأرض المشيدة عليها من جانب و التعسف في إكمال إجرءات الترخيص للكنائس من سلطات الأراضي ظل الغرض منها الهدم والإزالة الأمر الذي قصد به هدف أيدلوجي هو نسف مظاهر الوجود غير المسلم وتعزيز سيادة ” مظاهر الدولة المسلمة” علي نسق الثقافة التي تسعي السلطة لفرضها أيدلوجياً لكي تضع الخرطوم ضمن منظومة الدول المسيطرة عليها الجماعات الإسلامية.
• في 2011 تم تدمير كنيسة أخري بمنطقة الحاج يوسف، شمالي الخرطوم،
• في19 يونيو 2012، تمت إزالة مباني الكنيسة الأسقفية بالحاج يوسف، التي تأسست في العام 1987م تمت الإزالة بأمر من المحلية الإدارية.
• في 30 يوليو 2014 تمت إزالة ، ، كنيسة بحي العزبة مربع 19 ، بمنطقة طيبة الأحامدة، شمالي الخرطوم.
• في ١٥يوليو ٢٠١٤م تمت إزالة كنيسة المسيح السودانية بواسطة السلطات السودانية التي أنشئت منذ العام 1983م بمنطقة طيبة الأحامدة بالخرطوم بحري، وحسب السلطات أن الإزالة تمت بحجة عدم التصديق، مع العلم أن الكنيسة لها أكثر من 34 سنة، وحسب إدارة الكنيسة أن الكنيسة تقدم خدمات لأكثر من إثنين ألف مسيحي في المناسبات الكبيرة جميعهم من النازحين من جبال النوبة.
• في 2015 تمت إزالة الكنيسة الأسقفية بام درمان 2015م في 21 إكتوبر 2016م أزالت السلطات السودانية مبنى الكنيسة الإنجيلية اللوثرية بأمدرمان الثورة الحارة29، وتأسست الكنيسة الإنجيلية اللوثرية منذ 1982م وتم تسجيلها في 1992م.
• 2017 تمت إزالة كنيسة طائفة المسيح بسوبا بالخرطوم.
• في 2017 تمت إزالة جزئية لكنيسة بالقادسية جبل أولياء جنوبي الخرطوم.
• في 2017م تمت إزالة كنيسة المسيح بالثورة الحارة 29 بأم درمان.
• في 11 فبراير 2018 تم هدم الكنيسة الإنجيلية بالسودان وصادرت كل ممتلكاتها.

اغلاق لهيكل و المنع من الصلاه
في 22 اكتوبر 2017 داهمت قوة شرطية كنيسة المسيح بمدينة الثورة الحارة 29 بامدرمان وأغلقت الهيكل وإعتقلت القس أيوب تليان رئيس مجمع كنيسة المسيح السودانية والقس علي الحاكم العام راعي كنيسة المسيح بالثورة الحارة ٢٩ والقس إمبراطور حمّاد والمبشر هابيل إبراهيم والشيخ عبدالباقي توتو عضو اللجنة التنفيذية لرئاسة مجمع كنيسة المسيح السودانية.
خطة لازالة الأثر المسيحي من الخارطة السكنية
تحت دعاوي عدم الحصول علي تصديق من سلطات الأراضي السودانية تكشف قرار من مصلحة أراضي ولاية الخرطوم – قضي بإستهداف ازالة 25 كنيسة بمدن الخرطوم حمل القرار الرقم 78-2015- و الآخر 214-2014 من مدير عام الأراضي بولاية الخرطوم بالإزالة ( لم يعلن للجمهور بعد) بغرض إزالة القرار جاء بإستخدام تعسفي فالكنائيس ظلت قائمة قبل أن يتم التخطيط للمناطق التي ظلت مشيدة فيها.
القصف الجوي للكنائس
• في مارس 2013 قصف سلاح الجو السوداني كنيسة أنجلو بمدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان .
• في 5 يوليو 2014 قصف سلاح الجو السوداني كنيسة –بجنوب كردفان.
• فى يوم 10 أكتوبر 2014 تم حرق كنيسة فى كادقلى تابولبو بقصف من سلاح الجو السوداني – بولاية جنوب كردفان.
الاعتداء بوضع اليد علي الممتلكات
في العام 2012 وعقب إنفصال الجنوب قامت محلية كرري بإستغلال” بوضع اليد إستناداً علي الإباحة التي حملها الخطاب السياسي الرسمي ” مباني مدرسة الحارة 56 بمدينة الثورة بأمدرمان والتي تتبع لمدارس كمبوني وبالرغم صدور قرار قضائي من المحكمة العليا ” دائرة الطعون الإدارية” بتسليم المدرسة إلي إدارة الكمبوني إلا أن المحلية ظلت تُماطل حتي العام 2015م في تنفيذ القرار، حيث نظم أساتذة وطلاب وأولياء الأمور في 8 يونيو 2015م وقفة إحتجاجية أمام مباني المدرسة إحتجاجاً علي تعنت إدارة تعليم محلية كركري بمدينة أمدرمان علي تنفيذ قرار الإخلاء، مما قاد الأمر إلي إعتقال جهاز الأمن والمخابرات الوطني لمدير المدرسة إسحق أندراوس وعدد من المعلمين من الوقفة الإحتجاجية. بالرغم من قرار المحكمة المختصة التي نصت علي تسوية يتم بموجبها إرجاع المدرسة لأصحابها عقب إنتهاء العام الدراسي 2012م-2013م والجدير بالإشارة أن الأمر تسبب في معاناة الطلاب البالغ عددهم 280 لمواصلة تعليمهم في مدرسة اخري بالحارة 47 والتي يحتاج الوصول اليها تكاليف اضافإة للمواصلات. الخلفية التاريخية للمدرسة تعود إلي العام 1985 حيث أسستها الكنيسة الكاثوليكية عقب إستيفائها كافة الإجراءات القانونية ليتم التصديق لها بقطعة الأرض التي حملت الرقم 606 مربع 56 أمدرمان بمساحة 3000 متر مربع محصنة بصفة (الملك حر) الذي اتخذ وضعاً قانونياً خاصاً يختلف من ملكية المنفعة التي تعتبر علاقة إيجارة بين المالك المنتفع وحكومة السودان ممثلة في سلطات الأراضي.
المصادرات غير القانونية لجهاز الأمن
بالرغم أن قانون الأمن والمخابرات الوطني 2010 يجيز حجز الممتلكات لكن لا يجيز المصادرة دون أمر قضائي.
• في 2012م تمت مصادرة ثلاثة مباني مصممة لتكون مخازناً بشارع العرضة بمدينة أمدرمان بالإضافة إلي 10 سيارات تتبع لمؤسسة أصلان.
• في 2013 تمت مصادرة، دون أمر قضائي، لكنيسة التبشير بالخرطوم 2 بوسط الخرطوم والبالغ مساحتها 4000 متر ، ويشغلها الآن القسم الإقتصادي التابع لجهاز الأمن والمخابرات الوطني.
• في 2014م تمت مصادرة عقار بشارع السيد عبدالرحمن بوسط الخرطوم دون أمر قضائي تبلغ مساحته 1000 متر مربع يشغله الآن جهاز الأمن والمخابرات الوطني.
• 2015 تمت مصادرة دون حكم قضائي لدار الأزهري التابعة لرابطة الطلاب الجنوبيين بمدينة الخرطوم والتي تبغ مساحتها 400 متر مربع.
إغلاق المراكز التعليمية والثقافية ومصادرة ممتلكاتها
• في 15 فبراير 2013 تمت مصادرة دون أمر قضائي مكتبة الطريق المسيحية و المركز الثقافي ومركز المعلوومات للكتاب المقدس تم إغلاقها ومصادرة نسخ الكتاب المقدس.
• في 15 يناير 2013 أغلق جهاز الأمن والمخابرات الوطني دون منح أسباب معهد “لايف” لتعليم اللغة العربية ، كما طلب من مالك ومدير المعهد المسيحي المصري الجنسية مغادرة السودان خلال 72ساعه و48 ساعه لمغادرة الطلاب مع مصادرة جميع أصول المعهد .
• في 16يناير 2013 اغلقت السلطات معهد “كريدو” لتعليم اللغة الإنجليزية وعلوم الكمبيوتر بضاحية الحاج يوسف بالخرطوم بحري.
• في24 فبراير 2013 قامت السلطات بإغلاق أكاديمية “نايل فالي” لتعليم الأساس .
• في 16 يناير 2013 تم إغلاق ومعهد “أصلان” لتعليم اللغة الإنجليزية وعلوم الكمبيوتر ويشغل الآن من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي اتهم المعهد بتدريس أنشطة تبشيرية رغم أن التبشير لا يُمثل مخالفة للقانون.
• في 2014 تم إغلاق مؤسسة هارموني الفنية.
• 18 فبراير 2013 جهاز الأمن أغلق المركز الثقافي الإنجيلي بالخرطوم 2013 وصادر الكتب والوثائق والأدوات الإعلامية.
• في 13 يناير2013 وأغلق جهاز الأمن مركز نينو للغات وعلوم الكمبيوتر.
• 13 يناير 2013 أغلق جهاز الأمن والمخابرات معهد كوكو بأم درمان .
مصادرة الممتلكات الخاصة بالمسيحيين
• الحالة الثانية : في 2012م قام جهاز الأمن والمخابرات الوطني بمصادرة دون أمر قضائي شركة سودمديا للتدريب والإنتاج المحدودة التي يملكها رفعت سمير مساعد الرئيس الشرعي لمجلس الجالية الإنجيلية بالإضافة إلي سيارته.
• في 28 يناير 2015 حرم جهاز الأمن والمخابرات الوطني السيد : أشرف سمير مساعد شقيق رفعت سمير مساعد، الرئيس الشرعي لمجلس الجالية الإنجيلية من مزرعته البالغة ثلاثة أفدنة، حرمانه من إستخدام ممتلكاته جعله يُغادر السودان فيما بقي جهاز الامن مسيطر علي مزرعته بالخرطوم.
التصرف في ممتلكات غير المسلمين في اطار الموارد الجديده
الظروف الأمنية و الإقتصادية التي ارتبطت بتاريخ السودان السياسي قادت إلي نزوح واسع مما شكل إستقرار حول المدن الكبيرة في تجمعات بدأت كمعسكرات ثم تحولت لتصبح إمتدادات للمدن، غياب الإعلان عن الخطط الإسكانية التي تشكل علاقة الدولة بالمواطن في الحصول علي السكن شكل ملمحاً أساسياً في تلك الأحزمة، فبدلاً من أن تنتهج السلطات مبدأ الحيازة لقرينة لنح السكن قامت بإنشاء إدارة عُرفت بإسم السكن العشوائي وذلك لحرمان المستقرين حول أحزمة المدن من إكتساب الملكية في مراحلها الأولي التي تبدأ بالحيازة الهادئة المستقرة بوصف حالة إستقرارهم بغير القانونية “العشوائية” في خضم هذه المدن يتم تشييد المرافق الدينية من مساجد وكنائس، حيث ظلت سلطات الأراضي تتعنت في منح التصديق للكنائس، لأسباب ارتبطت بعد العام 1993م بإتجاه الحكومة السودانية إلي إستغلال الأرض كمورد مالي لتعويض النقص الذي أحدثته العقوبات الإقتصادية الأمريكية المفروضة منذ 1997م تم تصنيف المناطق حسب قربها من وسط المدينة ليتم ترحيل قاطنيها قسراً وهدم مقرون بإستخدام العنف للكنائس، ظلت الأراضي محل الإزالة تخضع للبيع علي صيغة ما عُرف بالإستثمار التي تعني إرتفاع قيمتها السعرية العالية سواء للأجانب أو السودانيين في مفارقة حيث تفرض علاقة المواطنة التي تمنح الحق في السكن الحصول عليه بمبلغ رمزي لا يتعدي رسوم إدارية لمعاملات الدولة .
التوصيات
 علي سلطات الأراضي و جهاز الأمن الوطني والمخابرات و القوات المسلحة السودانية الوقف الفوري للإغلاق، الإزالة، المصادرة، الإحراق لممتلكات غير المسلمين.
 علي سلطات الأراضي وجهاز الأمن الوطني والمخابرات والقوات المسلحة السودانية إعادة الممتلكات، ـالتأهيل الفوري للتي دمرت ـ التعويض العادل علي الفترة التي حُرمت فيها الطوائف أو الأفراد من الأستخدام.
 علي وزارة العدل فتح تحقيق عادل ونزيه وشفاف حول تلك الإنتهاكات وتقديم المتورطين للمحاكمة العادلة.
 علي البرلمان السوداني الإشراف لضمان وجود دور العبادة، التعليم الثقافة لغير المسلمين ضمن خطة وزارة الشئون الهندسية – مصلحة الأراضي.
 علي البرلمان السوداني التدخل العاجل لإيقاف إزالة 25 كنيسة بولاية الخرطوم وفقاً لقرارٍ صادر من مصلحة الأراضي في 2017م.
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *