العودة الي نفس المربع

حسن اسحق
جولات اديس ابابا للوصول الي حل الازمات السودانية الدائرة بين الجبهة الثورية الممثلة للحركات الثورية الحاملة للسلاح في المنطقتين ودارفور،واحزاب المعارضة الرافضة للحوار مع حكومة المؤتمر الوطني،وبعض الاحزاب عاشقة جلوس الحوار التفاوضي معه،واعتباره اسلم الحلول المتاحة الان،تبدأ جلسات التفاوض مع الحركة الشعبية شمال حول المنطقتين،والتفاوض في نفس الوقت مع حركتي العدل والمساوة وتحرير السودان حول اتفاقية الدوحة القطرية،وهذا ماتريده الحكومة السودانية ان منبر الدوحة هو ملحق للحركات الثورية الدارفورية ولا بديل للدوحة القطرية الا الدوحة القطرية،لمن اراد سلاما في دارفور،واما الحركة الشعبية لتحرير السودان عليها ان تحصر تفاوضها حول المنطقتين جبال النوبة والنيل الازرق،ولاحديث عن القضايا الوطنية الكبري مثل الحل الشامل لازمات الحكم في السودان،والعمل علي الوصول الي تسوية حول كيفية حكم السودان،المعتقلة بالقضايا السياسية والامنية والاقتصادية،كل هذا تتهرب منه الحكومة السودانية في هذه الاوقات،هي تتبع نهج التجزئة في ايجاد الحلول للازمات،كلما تم تجزأت الحلول،كلما دامت سطوته وقدرته علي الاستمرارية في الحكم لسنوات جديدة،قد تنتهي بظهور مهدي جديد..
البشير رئيس المؤتمر الوطني،ورئيس الخمسية الانقاذية المقبلة في العام القادم، يقول ان وثيقة الدوحة القطرية التي انجبت اتفاق سلام السيسي السوداني هي السقف الاخير للتفاوض حول حل ازمة دارفور الانسانية في المقام الاول التي ليست لها علاقة بالعودة الي المناطق الاصلية،وكبح يد مليشيات الجنجويد والقوات الحكومية بقتل واغتصاب النساء في دارفور،واثناء التفاوض الدائر في اديس ابابا بين حركتي مني اركو مناوي وجبريل ابراهيم الحكومة تقتل المدنيين العزل في منطقة حمادة التابعة لولاية جنوب دارفور وقتل 15 فرد من الرجال والنساء منهم،وهذا تم اثناء التفاوض للوصول الي سلام نهائي،وهي صورة اخري من التكتيك الانقاذي تفاوض وشن حروب ابادة علي المدنيين،فالرئيس عمر البشير يريد الاتفاق علي وثيقة الدوحة حتي يضمن الدعم القطري ماليا،والحقائب الدولارية تتنقل من مطار الدوحة للخرطوم،وهي وثيقة ليست للسلام،انما وثيقة لضمان التدفق المالي القطري لصالح الحكومة والتجاني سيسي الموقع عليها،ولذا كل ممسك بهذا الملف يصر علي الدوحة القطرية البترودولارية لابديل لها الا هي،وكيف لاتكون قطر هي المزار المالي الجديد لحكومة افلست،وتتبع فقه(الشحدة) في كل مكان يطأه قادة نظامها..
ويستمر نفس السيناريو برفض الحكومة لكل من يتحالف مع الجبهة الثورية،سيواجه مصير رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي الذي وقع علي اعلان باريس مع الجبهة الثورية الذي وصفه رئيس المؤتمر الوطني عمر البشير ان من قام باعداد هذا الاعلان صهيوني السلوك،ولذا يواجه الصادق المهدي عقوبات من قبل الجهات الامنية السودانية،منها توقيع ميثاق مع جهات حاملة للسلاح ضد الدولة،والجهة الوحيدة التي يحق لها ذلك هي الحكومة (الكيزانية)،وايضا وجود عدد من قيادات المعارضة في اديس ابابا الاثيوبية هذه الايام،اراد البشير ان يقول لهم،ان من يحاول التحالف والتوقيع الجبهة الثورية،عليه ان يتعظ من رئيس حزب الامة القومي الذي بات متجولا من عاصمة الي اخري،وعودته تهددها المحاكمات بالقانوني الجنائي،وقبل اعتقل الصادق بعد توجيه انتقادات الي مليشيات الجنجويد التي تم اعادة تسميتها بقوات الدعم السريع،واطلق سراحه بعد ان بادر الصادق بقبول فكرة الحوار الوطني مع المؤتمر الوطني،وايضا اعتقل جهاز الامن القيادية في حزب الامة القومي مريم الصادق المهدي بعد اعلان باريس التي وقعت عليها،قد كافأ المؤتمر الوطني اقرب قيادات المعارضة المتقف معه حول الحوار بالاعتقال لفترات،وهذا ماجعل المعارضة تشكك في اول من نية الحوار التي يبتغيها المؤتمر الوطني من الوثبة الي الحوار الوطني،وثم المجتمعي،كلها حوار اطلق عليها كثيرون حوارات (جر الهوا) وتضييع للزمن وفي النهاية يأتي النظام مصرا علي اجراء الانتخابات في موعدها حتي قاطعتها المعارضة،لان عدم اجراء الانتخابات في ابريل من العام القادم سيحدث فراغا دستوريا،وهذا مايجهر به رئيس المفوضية القومية للانتخابات مختار الاصم،وكل مرة يمدد فيها فترة جديدة للتسجيل،وهذا تأكيد علي مقاطعة كاملة للانتخابات،وعدم رضي عن الاوضاع الانسانية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية في السودان،وما هذا التمديد الا دليل ان المواطن السودان تأكد له تماما،لا خير من هؤلاء القتلة…
والعمل الاعلامي الحكومي يحاول ان يتظاهر انه ساعي الي حل كل المشاكل في مناطق الحروب السودانية،والقبول والذهاب الي اديس ابابا بمنبرين منفصلين،الا ان الحلول الامنية،وهي ذات طابع عسكري،يتم عبرها مواصلة ذات الحرب في نفس المناطق الان،كما حدث في مناطق يابوس في النيل الازرق ودلامي وهيبان في جبال النوبة،ومنطقة حمادة في ولاية جنوب دارفور ،تفاوض جاري وشن حروب،وهل هناك من يثق في حكومة الرئيس عمر البشير مطلوب الجنائية الدولية،واصرار حزبه للترشح في الانتخابات القادمة،هو دليل علي خوفه من التضحية به،اذا لم يرشح ،وهذه حماية له من القبض،ومزيدا من سفك دماء الابرياء ،فالسنوات ال5 المقبلة ستكون اعواما جديدة لحصد الارواح…
الاصرار الحكومي علي المنابر المنفصلة حول التفاوض مع المعارضة المسلحة،وفرض عقوبات علي كل من يحاول ان يتفاوض مع الجبهة الثورية،ومن يريد الحوار عليه الالتزام بالحوار الوطني الذي انتجه خطاب الوثبة في يناير الماضي،فالحوار معها حصريا علي الحكومة،والموت حصريا علي المؤتمر الوطني،والاغتصاب حصريا علي المليشيات الحكومية فقط،وهي اشترت كل المنابر التفوضية،وتريد ان توزعها وتقسمها بالمقاس الذي يريده قادة النظام الحكم في الخرطوم،وان توحيد المنابر التفاوضية للجبهة الثورية والاحزاب المعارضة في الداخل يساهم بشكل كبير في تفويض القضايا الحتمية لعدم تفكك الدولة السودانية الي دول جديدة،وترفض الحكومة الحكم الذاتي للمنطقتين.الحكومة تعمل بكل جهدها علي تفريق المعارضة المسلحة والمعارضة في الخرطوم،والسعي الشديد الي توزيع الجميع حسب الافتراض الحكومي بين الاطراف،وحسب القوة التي تمثلها الاحزاب،والحكومة في كل مسعاعيها لا تهدف خطواتها الي للحرب فقط .
 [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *