عفواً السيد البرهان مهما كانت التبريرات ما حدث انقلاب كامل الاركان  بل قفزة في المجهول

                                                      أقلام متحدة

 تطورات مؤسفة ومخيبة للآمال ما أقدمت عليه القيادة العسكرية للجيش حيال التحول الديمقراطي في السودان ,وهو تصرف لا يصمد امام أي مبررات ,ومن العبث  بمكان محاولات التملّص والتلوين و التجميل، والحديث عن  مخاوف ارتفاع صوت الجهوية والمناطقية والفتنة هي ما دفعت الجيش إلى التحرك ومحاولات تغبيش وعي الناس , لكن المؤكد ان ما اقدم عليه  الفريق البرهان لا يوجد أي وصف له غير انه انقلاب كامل الدسم ومكتمل الأركان , وعلى الشعب وقواه الحية مناهضة الاجراء بكل السبل لإعادة الأمور الى نصابها  وامام البرهان وقادة الجيش الطامحين في السلطة فرصة بان يعيدوا النظر فيما تم من إجراءات ,ومن المؤكد ان ذات الجسارة التي ابداها شابات وشباب السودان وجماهير شعبنا الابي الحر المناضل والذي انجز اعظم ثورة عرفتها المنطقة والاقليم وهو شعب انجز قبل ذلك ثلاث ثورات عظيمة ضد الدكتاتورية والأنظمة الشمولية ,وبالتالي  تعتبر عودة الأمور الى نصابها وتصحيح مسار الثورة ديمقراطياً هو الطريق الأوحد للانتقال الذي ينشده كل حر في هذا الوطن وليس هناك كائن من كان يستطيع ترويض الثورة والثوار واي محاولات للردة سيجد المناهضة من كل شرائح الشعب وبجسارة.

 لا يختلف اثنان ان قوى الثورة خاصة الحاضنة المتناطحة ارتكبت أخطاء جسيمة في حق الثورة والثوار وتكالبت نحو السلطة ومغرياتها وابدلت تمكين البشير بتمكين جديد واقصاء قوى حية وجهات مدنية وسياسية ساهمت بشكل كبير في النضال التراكمي في مناهضة نظام البشير والذي تكلل بتضافر جماع جهود تلك القوى في ان يفضي الى التغيير الذي وضع فيه الشعب السوداني آمالا عراضاً في ان يخرج الوطن من وهدته وشبه تمزق ترابه الذي كان واضحا وجليا وامر حتمي الحدوث ان لم يحدث التغيير, ولكن ذلك كله لم يعط مبرراً لان يقدم السيد البرهان وسياسي الجيش بشل الوثيقة الدستورية بتعطيل مواد وبنود أساسية  فيه وتعتبر حجر الزاوية في الانتقال.

 ان المرحلة الانتقالية  هي تلك المرحلة التي  يجب ان يكون الهدف الرئيس فيه هو وضع أسس النظام الديمقراطي، هذه الأسس بالضرورة ان يتفق عليها بالحوار والتوافق وأن يحدد هدف المرحلة الانتقالية، فالمطلوب اليوم هو السعي بجد  وابتدار أدوات غير تقليدية لمعالجة هذا الواقع والكلمة المفتاحية في هذا الامر ان يعي الجميع ويتفق على اهداف التحول الديمقراطي وان يؤكد الجميع على ان التحول الديمقراطي وبناء دولة المؤسسات والهوية الجامعة تحقيقاً للدولة التي ينشدها كل احرار بلادي هو هدفه الاعلى ,وكما يقول خوان لينز والفرد ستيبان في التحول الديمقراطي على ضرورة توفر خمس قضايا رئيسة تعد شروطا جوهرية لأي تحول ديمقراطي ناجح : « إذا كانت النخب السياسية الصاعدة مقتنعة بأن الديمقراطية هو أقل الخيارات سوءا بسبب تجاربها السياسية الماضية، وأنها ملتزمة بحماية عملية التحول الديمقراطي – إذا شملت عملية بناء المؤسسات خلال الانتقال الديمقراطي جماع القوى السياسية، حيث لا تستنج او تشعر أي قوة سياسية مركزية أنها أقصيت، فيكون للجميع مصلحة في نجاح هذه العملية. – إذا منـح العسكر محفزات جدية تمكنهم من تقدير أن ثمن بقائهم في السلطة سيكون ممكنا أكثر من ثمن تركها. – إذا كانت المؤسسات السياسية التي أنشئت خلال عملية الانتقال الديمقراطي لا تجعل العملية حكرا على مجموعة، أو تحرم مجموعة بعينها من الحصول على الأغلبية، وإذا كانت توفر محضرات التسويات والتعاون بين الجماعات المتعارضة – إذا كان ثمة تاريخ من التفاوض ومد الجسور من القوى المعارضة، حيث يكون التزامهم واذا كان ثمة تاريخ من التفاوض ومد الجسور بين القوى المتعارضة، حيث يكون التزامهم المشترك العملية السياسية الانتقالية أعظم من الخلافات التي تفرقهم ,وجود مجتمع مدني حي؛ وجود مجتمع سياسي يتمتع بحد أدنى من الاستقلال الذاتي والاعتبار في المجتمع؛ وجود حكم القانون الذي يضمن حريات المواطنين وقدرتهم على الاتحاد؛ توافر جهاز دولة بيروقراطي يمكن للحكومة الديمقراطية الجديدة استخدامه؛ توافر مجتمع اقتصادي مؤسس» .

لا اعتقد ان تلك الشروط الواردة متوفرة على الأقل  تلك المتعلقة بنوايا الجيش والهدف المشترك المتوافق عليه بين جميع القوى السياسية والايمان بالانتقال السلس الذي يفضي لانتخابات حرة ,لذلك اصبحنا اليوم أمام واقع خطير ومعقد ومشهد التعاطي معه يتطلب درجة عالية  من التجرد والوعي ,معادلة قوامها قوى عسكرية طامحة للسلطة وقوى سياسية متشظية بعضها لا هث  خلف السلطة والتمكين واقصاء الاخرين وأخرى تناهض تسعى الى ان يتم الانتقال بشكل سلس يفضي الى انتخابات حرة ونزيهة وفق شروط ومتطلبات تهيء المسرح بشكل جيد من تعداد سكاني شفاف وعودة النازحين واللاجئين والبنية القانونية ومنها مفوضية و قانون الانتخابات وغيرها من الإجراءات الضرورية للعملية.

  ان أسوأ ما في هذا المشهد هو  تشظي قوى الكفاح المسلح خاصة الموقعين على  اتفاق جوبا لسلام السودان والذين بكل اسف لم يقرؤوا المشهد بشكل جيد في كلا المعسكرين في ضفتي قوى الحرية والتغيير المتناطحة , ببساطة شديدة هذا الاتفاق يواجه مشاكل عديدة ومتاريس تعترض التنفيذ كان يمكن التغلب عليها بوجود جميع الموقعين على صعيد واحد خاصة وان أعداء الاتفاق كثر حتى من بعض  القوى المدنية داخل الحرية والتغيير واليوم وجدت ضالتها وفرصتها .

لكن الرسالة المهمة التي يجب ان نرسلها لقادة قوى الكفاح المسلح خاصة مسار دارفور هي ان هناك مسؤولية أخلاقية وسياسية واجتماعية  تجاه من يقبعون في معسكرات الذل والشقاء والضحايا الذين ينتظرون القصاص وتسليم المطلوبين للجنائية الدولية وبالتالي أي مواقف تماهي او تراخي في هذا الامر ستضعكم امام مواجهة مباشرة مع أولئك ولسنا في حاجة بالتذكير بخطورة ذلك الامر.

لا يكفي استثناء الاتفاق من جريمة تمزيق الوثيقة الدستورية وهذا الاستثناء يعتبر عطية وممكن ان تؤخذ في أي لحظة ,لذلك الدفاع عن السلام والاتفاق يجب يقترن بالدعوة والدفاع عن كل بنود الوثيقة .

 

 

هناك سيناريوهات عديدة مرشح ان تنتهي الأوضاع في السودان اليها أولاها ان يقرأ الجنرال البرهان الشارع السوداني بوعي والا يرتهن لمن هم خلفه ويديرون المشهد في الخفاء وان يسعى الى إيجاد مساومة  ومقاربة ما وهذه المقاربة بالضرورة ان يكون العودة للوثيقة الدستورية والاحتكام اليها خاصة فيما يتعلق بالشراكة على ان تكون شراكة موسعة وشاملة لكل قوى الثورة السودانية ضمانا للتمثيل العادل للشعب, اما السناريو الاخر وهو مضي البرهان فيما ذهب اليه وهذا السناريو بالضرورة سيفضي الى مزيد من الدماء وعزلة دولية للسودان وتردي الأوضاع الاقتصادية وبالتالي انحدار البلد الى الفوضى وهذا ما تريده بعض  القوى التي لا تريد مصلحة السودان وترى في استقرار السودان تهديد لمصالحها وهي قوى إقليمية ودولية مستعدة لخلق فوضى في السودان , اما السناريو الثالث والذي أرى ان يعمل عليه الجميع وهو ان يستمر الضغط الشعبي والتظاهر السلمي متزامنا مع الضغط الدولي لان يعود الأمور الى نقطة الحوار والعودة الى منصة التأسيس برؤى مختلفة يستصحب كل هفوات واخطاء السنتين الماضيتين وان يشارك جميع قطاعات الشعب في صنع خارطة طريق الانتقال بشكل يجعل من الفترة محصنة من أي خطوات او نوايا قد يقدم عليها أي متهور من الطامحين في السلطة .

 

 

 

                                                                          حسن إبراهيم فضل

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *