السودانيون ليسوا فئران تجارب

     بقلم – بحرالدين كرامة 
 حكامنا يسرفون في الكذب الفاضح ليدرجوه في موسوعة الحقائق الدامغة وينشئون مراكز تمتهن فن ‏الكذب الصادق كي يكسروا إرادتنا ويشنون رهاب الخوف في نفوسنا إزاء فكرة الانعتاق من ‏عبودية البشر،  يكيفوننا على حقائق ترسمها عقولهم في مستقبلنا نحن ويفرضونها علينا دوسا ‏بالاقدام او حشوا في الرؤوس. ‏
وكفئران التجارب يمارسون على رؤوسنا إختراعاتهم ويلقنوننا مبادئهم كي نتلوها في ‏صلواتنا ثم يقلبون الامور على خياراتنا ويسجلون ردود الفعل العقيمة كي يثبتوا براءة اختراع ‏‏(السوداني الضعيف والاحمق) وجدوا اننا قوم مخلصون فإذا احببنا الفكرة عشقنا الموت من ‏اجلها فوهبونا الكثير من الافكار الزائفة فمات الآلاف منا دون ان يذوقوا حلاوتها.
ووجدوا ان فينا حلماً وصبراً يتخطى حدود العقل الراكد فمنحونا مئات الاختبارات يبتلوا هذا ‏الحلم الاعجازي واكتشفوا بدراية وذكاء ان السوداني الاصيل كل ما اشتد عليه البلاء اشتد به ‏الحلم والغباء (فإلى أي مدى يمكن ان يصل حلم الأحنف بن قيس وقد تحالم ‏كثيرا لرؤية جثمان ولده مجندلا بسلاح ابن العم الاحمق المغرور.الى متى يظل الحلم شعار ‏الحكماء والعقلاء والى متى يظل الاحنف رمزا للحلم المثقل بالاوجاع) وان كان ابن ‏العم الجاني او حتى الاخ الجار فلماذا لا يكون القصاص بندا اخر في حسابات الحكماء ( رميت ‏نفسك بسهمك وقتلت ابن عمك) هذا كان تصريح الاحنف الوحيد والحليم جدا.‏
‏ ما عاد فينا (ربيعة بن مكدم ) رغم جاهلية نعيشها رغما عن انوفنا قد تركنا خصال الجاهلية ‏فلا يجهلن احد علينا ويدعي حمية الدم او الشجاعة او النجدة او ما شابه من تلك الامور التي ‏اصبحت تدعى مؤخرا تهورا وقلة عقل نحن شعوب تحفظ عراقة ماضيها وتتغنى بأمجادها، ‏انما سقط منا سهوا دون قصد قصص خيالية للشجاعة والمروءة والنجدة وما عاد في سجل ‏مآثرنا سوى قصص الصبر على البلاء والحكمة عند المصائب والشقاء،  والصبر علامة ‏مميزة وراع دائم لكل مأسينا. (فإلى أي حد قد يصل صبر أيوب فينا.. و ها قد ذهب الحرث ‏وابيد النسل واثخن الجسد بالآلام.. والعلل نكابدها يوما بعد يوم وهل يكفي حمم الدم مغتسل ‏حارق وشواظ نتجرعه ليل نهار ) حتى يعود القلب سليما والجسد السوداني فتيا صحيحا يطرد ‏عوالق النظام الفاسد. ماذا يمكن للسوداني ان يغير من سمات جبل عليها وحفظها ‏القاصي والداني واصبحت حياته مسرحا لكل لاعب او ناهب يتوقع ردة الفعل وكيفية الرد ‏والعود من حيث البدء.‏
كان الشعب منقبضاً ومحاذراً ومتوجساً يتجنب الوقوع في شرك الآمال الخادعة كان قليل إلإيمان بما يمكن أن يتمخض عن هذا المسار المفخخ بالخيانات المؤسس على كثير من الأحلام والاندفاع العاطفي والحماسي المجرد.
كان يحتمي من الخيبة بقلة اليقين وقلة التفاؤل لكن الآن صار مؤمنا آملا بحق كثير التفاؤل فقد اُنجز الشعب جزءا أساسيا من مهمة كشف الهشاشة وقابليات الإنهيار والسقوط، الآن نرى كل ماكان يشوش الرؤية ويربك الخطو الآن يبصرالخديعة كاملة ويبدأ مسارالتحقق والانتصار.
الآن تبرز حاجته للأمل والثقة أكثر من قبل حين يدرك جيدا وعورة دربه وحقيقة المصاعب والتحديات التى تواجهه وتحتشد بكله في محيط يعرف تماما انه فيه وحده حاملا مشروع وطن ثار لكي يتحرر من كل الارتهانات والمواضعات المستبدة لحظتها يختبر معنى أن تكون موفورالثقة والرجاء وكثير الصبر والأمل وانه ليس فار تجارب  
 
‏بحرالدين كرامة 
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *